لقد بات الذكاء الاصطناعي ركيزة أساسية للعديد من القطاعات الطبية وسواها. للتعرّف إلى كيفية دمج التكنولوجيا مع الخبرة الطبية لتحقيق نتائج تجميلية فعّالة وآمنة، وللاطلاع على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الجمال، وتأثير العلاجات الجديدة، وأهمية العناية المخصصة للصحة الجلدية، حاورت "سيّدتي" عضوة في جمعية الإمارات للأمراض الجلدية، الدكتورة ميلينا المنصوري، على النحو الآتي:
كيف يتم استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التجميل، خاصة في العلاجات الأكثر تعقيداً؟
يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل قطاع التجميل بلمسة هادئة، فلا يعتبر كبديل للأطباء، بل كمساعد بارع يمتاز بذاكرة استثنائية ونظرة ثاقبة. تستطيع منصات الذكاء الاصطناعي اليوم تحليل البشرة بدقة متناهية، واكتشاف التصبغات والتغييرات في الملمس والعلامات المبكرة للشيخوخة التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة. كما تقوم هذه التقنيات برسم هيكل الوجه بتقنية ثلاثية الأبعاد، ومحاكاة النتائج المحتملة، مما يساعد المختصين في تصميم علاجات دقيقة ومتناسقة بهدف تحقيق التوازن المثالي.
نتناول الابتكار دائماً من خلال دمج الخبرة الطبية مع الخصوصية والتفرد. من أبرز الأدوات التي نستخدمها هو نظام "جاينس برو" (Janus Pro)، وهو نظام تشخيصي متقدم يدمج التحليل المدعوم بالذكاء الاصطناعي مع "التصوير متعدد الوسائط" (Multimodal imaging). ورغم أنه ليس "ذكاءً اصطناعياً" بالمعنى الأكاديمي الدقيق، إلا أن قدراته التشخيصية تعد ثورية، فهو يمكّن المتخصصين لدينا من تفسير بيانات الوجه بدقة غير مسبوقة، وتحديد التغييرات الدقيقة في جودة البشرة والتصبغات وهيكل الجلد قبل أن تصبح مرئية. تشكّل هذه المعطيات الأساس لبناء خطط علاجية مخصصة، لا سيّما في الحالات المعقدة.
قد تهمك مطالعة نصائح طبيب لحماية الصحة الجلدية والوقاية من سرطان الجلد
هل أصبح الأطباء وخبراء التجميل قادرين على الاستفادة من هذا النوع من الذكاء الاصطناعي؟
أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى. بالنسبة للاختصاصيين، يعد الذكاء الاصطناعي شريكاً موثوقاً؛ إذ يقدم تحليلات موضوعية ويسهل عملية التوثيق السريري، ويوفر وصولاً فورياً إلى الخبرات العالمية. فتخيلي أن يكون لديك مساعد رقمي لا ينسى أي تفصيل ويقوم بتحديث معرفته باستمرار.
لكن في المقابل، يعتمد الذكاء الاصطناعي على توحيد المعايير، بينما يعتمد الطب التجميلي على التفرد والخصوصية. فكل وجه له تفاصيله الخاصة وقصته المميزة. لهذا السبب، تبقى رؤية الطبيب وخبرته أساسية ولا يمكن الاستغناء عنها. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز التخطيط والدقة، لكنه لا يستطيع حتى الآن محاكاة الفهم البشري العميق للجمال. ربما في المستقبل، ستتمكن التكنولوجيا من سد هذه الفجوة، لكن هذا ليس ممكناً اليوم.
ما هي الخطوات التي يمكن اتخاذها لتجنب التغييرات في ملامح الوجه بعد علاجات التنحيف، لا سيما بالنظر إلى الانتشار المتزايد للحقن المستخدمة في حالات مثل مقدمات السكري؟

لقد أحدثت علاجات التنحيف الطبية، وبالأخص الحقن مثل نظائر "الببتيد الشبيه بالجلوكاجون -1" (GLP-1)، تحولاً ملحوظاً في منحنيات الجسم، إلا أنها غالباً ما تعرّض الوجه لفقدان سريع في الحجم وتؤدي إلى ترهل الجلد. وبالتالي، إن التخطيط المسبق أمر بالغ الأهمية.
من المهم أن يضع الفريق الطبي خططاً وقائية ترافق المريض في كل مرحلة من مراحل الرحلة العلاجية:
- دراسة ملامح الوجه لتوقع التغييرات المستقبلية.
- تعزيز البشرة باستخدام الأجهزة المعتمدة على الطاقة؛ للحفاظ على دعم الكولاجين مع تراجع الحجم.
- استعادة الحجم تدريجياً، مع التركيز على التحفيز البيولوجي المعتدل بدلاً من الإفراط في استخدام الحشوات.
- تعزيز أسلوب الحياة من خلال التغذية الغنية بالبروتين والترطيب الجيد.
يحافظ هذا النهج الذكي على الملامح الطبيعية للوجه ويسمح له بالتطور بتناسق مع تغيرات الجسم.
الجميع يتحدث عن علاجات "إن إيه دي بلس" (+NAD)، ما مدى أهميتها؟
يلقى "إن إيه دي بلس" رواجاً ضخماً في مجال العلاجات المتعلقة بالصحة والاستدامة العمرية، ولا عجب في ذلك. هذا المركّب الحيوي يعزز طاقة الخلايا، ويُسهم في إصلاح الحمض النووي، وهما عنصران أساسيان لبشرة صحية ومشرقة. تدّعي الحقن الوريدية والمكملات الغذائية أنها تسهم في استعادة طاقة الجسم، وتشير البيانات الأولية إلى فوائد مذهلة قد تؤدي إلى تعزيز الحيوية وتسريع عملية التعافي.
نستخدم بروتوكولات "إن إيه دي بلس" كإضافة تكمل العلاجات التجميلية الطبية، من دون أن تكون بديلاً لها. إنها تساعد في التعافي وتعزز الطاقة وتحسن النتائج بشكل عام. ورغم أن الأبحاث العلمية تعد واعدة، إلا أن الدراسات الجمالية واسعة النطاق لا تزال في مراحلها الأولى، لذا نحن نتبع نهجاً متوازناً ومدعوماً بالأدلة.
هل تعتقدين أنه من الضروري اختبار نوع البشرة قبل اللجوء إلى علاج منزلي لتحقيق فوائد عالية في الصحة الجلدية؟
نعم، بلا شك. أصبحت العناية بالبشرة اليوم أكثر تخصصاً، ولم يعد هناك مكان للتخمين في روتين العناية المتقدم. يكشف الاختبار الاحترافي ما لا تظهره المرآة، مثل ضعف الحاجز الجلدي والحساسية الخفية والالتهابات الطفيفة.
استناداً إلى هذه النتائج، يضع الأطباء بروتوكولات دقيقة للعناية المنزلية باستخدام مستحضرات تجميل علاجية، تُوظَّف بعناية لتحقيق أعلى فعالية من دون هدر في المنتجات أو التسبب بحساسية للبشرة. وهنا يكمن الفارق بين مجرّد اتباع الاتجاهات العامة وبين تبنّي إستراتيجية مدروسة بعناية؛ تؤدي إلى نتائج ملموسة ومستدامة.
* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب مختص.