يلقى فنّ الخطّ العربي اهتماماً في المملكة العربية السعودية، فهو ركن من أركان الثقافة الإسلامية، والهوية الوطنية، ومع مبادرات من وزارة الثقافة السعودية مثل عام الخط العربي (2020-2021)، وإطلاق خطين هما: الأول والسعودي، مستوحيان من الخط العربي، تم تطويرهما بناءً على دراسات وبحوث علمية للنقوش القديمة والمصاحف من القرن الأول الهجري، للاستخدام في المناسبات الرسمية والأعمال الفنية (2025)، ودعم فناني الخط، تفرز الساحة مواهب جديرة بتسليط الضوء عليها. في مناسبة اليوم الوطني السعودي، قابلت "سيدتي" أحمد السليماني، وهو مهندس معماري ومخطط مدني شاب شغوف بالخط، اشتهر بجداريات ترجع إلى فن الكاليغرافيتي (هو فن بصري حديث يدمج فن الخط بفن الشارع المعروف بالجرافيتي، حيث يتم تحويل الحروف والكلمات إلى تراكيب فنية وجمالية على جدران المباني أو أي مساحة أخرى لتجاوز معناها الحرفي وإيصال رسالة أوسع أو مجرد خلق عمل فني)، وأسس ألف سين، علامة فنية سعودية مميزة متخصصة في فن الخط العربي الرائع، الذي يستخدمه في الرسم على وسائط مختلفة، من بينها جداريات في أماكن عامة، وأكسسوارات المنزل، ويبرز هوية معاصرة متأثرة بالإرث.
خط جميل في المدرسة

حدّث القراء والقارئات أكثر عن نفسك، والبدايات في عالم فن الخط؟
أنا شخص بسيط؛ في سنّ صغيرة، كنت الوحيد بين أخواني، الذي يستخدم يده اليسرى في أداء كل الأمور، وبذا لاحظت أنني مختلف. وفي المدرسة، كان الأساتذة يردّدون على مسمعي: من المفروض أن يكون خطك جميلاً لأنك أشول. تأكدت آنذاك أنني سأكون شخصاً مختلفاً بطريقة التفكير والاكتشاف، ومهما تطورت في الحياة أو الفن أو أي مجال أدخله، سأقوم بالأمور على طريقتي، بخلاف العموم. أنا من برج الجوزاء، وأحاول أن أعيش الحياة ببساطة وتواضع، حتى أغير كلام الناس عن سليلي هذا البرج ووصفهم بالغرور (يضحك)! تعلمتُ دروساً كثيرة في الحياة، على الرغم من صغر سني، وكافحت وطورت نفسي لأنني واثق أنني سأصل إلى مبتغاي في الوقت المناسب، وإذا لم يأتِ الوقت المناسب "سأخترع" وقتاً مناسباً. في إطار التحصيل الجامعي، كانت الهندسة المعمارية أقرب إلى شخصيتي، فالتخصص المذكور دافع للطالب كي يعمل على تطوير نفسه، معماريّاً وفنياً. وكان تأثير الخط العربي واضحاً في غالبية تصاميمي الجامعية، ومع الوقت، أصبحت التصاميم المذكورة تفوز في غالبية المناقشات والمسابقات، وتكتسب أكثر فأكثر صفة التناسق لنواحي التصميم والفن والخط العربي في لوحة معمارية واحدة.
قد يهمك الاطلاع أيضاً على: المصمّمة ميرنا حمادة: فنّ الخط العربي يواكب عالم المفروشات المعاصر
الهندسة المعمارية

هل أنت مُتفرّغ للفنّ أم تمتهن مهنةً أخرى؟
أنا مهندس معماري، وخارج وقت العمل كله خاصّ بعائلتي والخط العربي.
خط مبتكر

ما مميزات الخط السعودي الذي ابتكرته؟
لا يزال هذا الخط المبتكر، في طور التطوير، وسأتكلم عنه أكثر في الوقت المناسب.
قد يهمك الاطلاع أيضاً على: الثقافة السعودية تعلن إطلاق الخط الأول والخط السعودي وتطوير تطبيقاتهما الرقمية
فن الكاليغرافيتي

في أعمالك النزعة الحديثة واضحة، لكن الحرف عربي؛ كيف تصف أسلوبك؟
في البدايات، كانت اشتغالاتي في الخط العربي تقليدية وناتجة عن تشجيع الناس، الذين يردّدون أن خطي جميل بسبب الكتابة باليد اليسرى، ولكن مع التدرّب المستمر، وتحديداً في فترة الإغلاق جراء جائحة "كورونا"، والمكوث في المنزل، وجدت ملاذاً في الخط العربي، وعرفت أن العلاقة بهذا الفن الأصيل ليس مجرد هواية أو فضول بل علاقة ذات أبعاد مختلفة، إذ صرتُ أندمج بالخط العربي الذي أمسى مهربي ومهدئاً لنفسي وأفكاري، وصار موضوع تطوير فني أكثر أهمية من خلال استخدام الخط العربي في رسم جداريات (كاليغرافيتي) لا يفهمها أحد غيري. كل ما مرّ في حياتي، وطريقتي المختلفة في النظر إلى الأمور، جعلا الخط العربي شغفاً غير متناه. أصبحتُ أتعامل مع الخط العربي كأنه جزء مني.
أصبحتُ أتعامل مع الخط العربي كأنه جزء مني
دعم وزارة الثقافة السعودية

ما هي أحوال الخطاطين عموماً على الساحة الفنية السعودية؟
في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد عام الخط العربي (أعلنت وزارة الثقافة السعودية 2020 عام الخط العربي، ومددته إلى العام 2021، لتتعدد الفعاليات والنشاطات المتعلقة باحتفاء الوزارة برمزٍ من رموز هوية المملكة العربية السعودية، وبمصدر ألهم العديد من الفنانين والمعماريين محلياً وعالمياً)، عرفت الساحة السعودية العديد من الشباب والشابات الموهوبين في فن الخط، فقبل ذلك كانت موهبة الخط عندهم مدفونة، وبالتالي هم طوروا أنفسهم بعد جهود كبيرة من المملكة العربية السعودية في دعم الخط العربي وإرثه ودعم الخطاطين وإيصالهم إلى مستويات عالية. هناك منافسة حالياً في الساحة مع تنوع أساليب الخطاطين وأفكارهم الفنية المختلفة.
قد يهمك الاطلاع أيضاً على: لولوة الحمود: اهتمام رؤية 2030 بالخط العربي ترسيخ للهوية السعودية
ديكور المنزل
من الواضح اهتمام ملّاك المنازل حتى الشباب منهم بتزيين منازلهم، لا سيما الجلسات بلوحات الخط العربي؛ إلام ترجع هذا الإقبال؟
للخط العربي جمال لا يوصف فهو معبر عن تاريخ عريق من الفن والجمال والأصالة، وجهود المملكة العربية السعودية في دعم الخط العربي واضحة في المجال، فهي أوصلت هذا الفن العربي إلى كلّ متذوق للفن، ودعمت فناني الخط من كل الأعمار. أنا استفدت كثيراً من دعم المملكة العربية السعودية في تجسيد تاريخ الخط العربي من الماضي إلى الحاضر، مع التفكير في كيف سيكون مستقبل الخط العربي.
مواد وأسطح مختلفة لتجربة الخط العربي
إضافة إلى اللوحات؛ ما هي الوسائط الأخرى التي تكتب وترسم عليها؟
بدايتي كانت الكتابة على اليد، وبعدها انتقلت إلى الورق واللوحات، ثمّ انطلقت إلى مرحلة استكشاف مواد وأسطح مختلفة لتجربة الخط العربي عليها، ومنها الفساتين والعباءات والجداريات والفازات. وصمّمت أنني لن أدع واسطة إلا وأجرّب أن أكتب عليها، وأضيف لمسة الخط العربي وجماله على كل ماتراه عيناي.
عزنا بطبعنا
ما هي كلمتك لمناسبة اليوم الوطني السعودي؟ وهل من عمل خاص في المناسبة؟
في الثالث والعشرين من سبتمبر، تحتفي المملكة العربيّة السعوديّة بذكرى توحيدها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه. هو يوم اعتزاز بالوطن وتجديد للفخر بالهوية، واستحضار لمعاني الوحدة والنهضة. وكما يترك الخط العربي بصمته الخالدة في مسيرة الحضارة بجمال حرفه وانسيابه، يترك اليوم الوطني بصمته في قلوبنا، لنستشعر عظمة الانتماء، ونتذكر أن الوطن هو لوحة متجددة ترسمها أيادي أبنائه وبناته بروح الولاء والإبداع. "عزنا بطبعنا". لناحية العمل الخاص، عندي مشاركة مع وزارة الثقافة ومركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي في ألبانيا لعكس جمال الخط العربي خارج السعودية.