في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها الأطفال في عالم سريع التغير، وبالتبعية تُشكل قلقاً وإزعاجاً للآباء، يبرز الذكاء العاطفي بوصفه أحد أهم المهارات الحياتية التي يجب تنميتها منذ الطفولة؛ فالذكاء العاطفي لا يُعَدُّ ترفاً تربوياً، بل هو أداة أساسية تساعد الطفل على فهم ذاته، وبناء علاقات صحية مع من حوله، والتعامل مع مشاعره بطريقة متزنة.
سيدتي الأم، تطوير الذكاء العاطفي ليس مجرد مهمة تعليمية، بل هو أساس للصحة النفسية والاجتماعية للطفل، تتم من خلال مزج الألعاب الرقمية والأنشطة التفاعلية مع بيئة داعمة ومربية؛ ما يصنع فرقاً حقيقياً في حياة الطفل، ويُعِدُّه لمستقبل أكثر توازناً ونجاحاً.
لهذا التقينا الدكتورة ميرفت حمزاوي أستاذة التربية والصحة النفسية، التي توضح أفضل الألعاب لتطوير الذكاء العاطفي لدى الأطفال؛ ليصبحوا أكثر وعياً وتعاطفاً مع كل ما يقولون ويفعلون ويفكرون.
المكونات الأساسية للذكاء العاطفي لدى الأطفال:

أن يمتلك الوعي بمشاعره ويعرف أسبابها
بمعنى أن يمتلك الطفل القدرة على التعبير عن مشاعره والتعرف إلى أسبابها، ويُعَدُّ الأساس الذي يُبنى عليه الفهم العاطفي لاحقاً. عندما يتعلم الطفل تسمية مشاعره بوضوح، يصبح أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الصعبة بثقة.
يبدأ ذلك من خلال أسئلة بسيطة يوجهها الآباء لطفلهم: مثل: "كيف تشعر الآن؟"، بجانب إشراكه في تمارين يومية؛ لتحديد ما يعزز إدراكه الداخلي ويقوي شخصيته.
خطوات لتشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بصراحة هل تودين التعرف إليها؟
أن يجيد إدارة مشاعره السلبية!
بمعنى أن يتعلم الطفل كيفية إدارة مشاعره، خاصة السلبية منها، بطرق صحية مثل التنفس العميق أو التحدث مع شخص موثوق.
ويتضمن هذا أيضاً تعليم الطفل كيفية تأجيل ردود الفعل الاندفاعية والتحكم في انفعالاته، وهو ما يسهم في بناء شخصيته المتزنة والهادئة.
تدريبه على تقنيات مثل: العد العكسي أو استخدام بطاقات التهدئة؛ ما قد يساعد بشكل فعَّال.
يتعاطف ويتجاوب مع الآخرين
بمعنى فهم مشاعر الآخرين والتجاوب معها؛ ما يعزز التفاعل الاجتماعي الإيجابي، ويقلل من السلوكيات العدوانية، وهي مهارة تُكتسب بالممارسة، ويمكن تقويتها من خلال قراءة القصص التي تحتوي على مواقف إنسانية، أو عن طرق طرح أسئلة مثل: "لماذا قال الطفل هذه الكلمة؟"،"ما الذي يشعر به؟". الأطفال المتعاطفون غالباً ما يكونون أكثر تعاوناً وتفهماً لأقرانهم.
يمتلك الكثير من المهارات الاجتماعية
بمعنى أن يمتلك الطفل القدرة على بناء علاقات إيجابية مع الآخرين من خلال التعاون، والمشاركة، وحل النزاعات.
هذه المهارات تبني بيئة صحية في الصفوف الدراسية والمجتمعات الصغيرة، وتقلل من حالات العزلة أو العدوان.
يمكن للآباء دعم هذه المهارات من خلال دفع الأطفال للعب الجماعي وتوجيههم لكيفية حل المشكلات الاجتماعية بطريقة سلمية.
لديه دافعية ذاتية لتحقيق أهدافه
بمعنى أن الطفل يستخدم مشاعره الإيجابية بوصفها حافزاً لتحقيق أهدافه؛ ما يعزز من ثقته بنفسه واستقلاليته.
الدافعية الذاتية تشير إلى قدرة الطفل على تحديد أهدافه، والعمل على تحقيقها من دون انتظار التحفيز الخارجي المستمر.
عندما يشعر الطفل بالنجاح والإنجاز من خلال جهوده الذاتية، يزداد التزامه واستقراره العاطفي.
ألعاب إلكترونية لتطوير الذكاء العاطفي

تلعب الألعاب الإلكترونية التعليمية دوراً متزايد الأهمية في دعم وتطور الذكاء العاطفي لدى الأطفال، خصوصاً حين تكون مصممة بذكاء لتعكس مشاعر وتجارب واقعية.
- Peppy Pals : هي لعبة قصصية تعتمد على شخصيات حيوانية تمر بمواقف اجتماعية وعاطفية من دون استخدام الكلمات؛ ما يساعد الأطفال على تطوير التعاطف والوعي العاطفي من خلال السرد البصري والإشارات غير اللفظية.
- Daniel Tiger’s Grr-ific Feelings : المستوحاة من برنامج الأطفال الشهير، واللعبة تستخدم الأغاني والرسم والألعاب التفاعلية لتعليم الأطفال الذكاء العاطفي والتعرف إلى مشاعرهم وتسميتها والتعبير عنها؛ ما يعزز من مفرداتهم العاطفية وقدرتهم على التعبير الذاتي.
- Breathe, Think, Do with Sesame: تقدم وحشاً محبوباً يواجه تحديات يومية، وتوجه الطفل عبر تقنيات التهدئة وخطوات حل المشكلات؛ ما يبني لدى الطفل قدرة على التنظيم العاطفي والصبر والمرونة.
- AlifBee Kids: تطبيق تعليمي باللغة العربية، يتضمن لعبة المشاعر التي تُعرف الأطفال إلى مشاعر مثل "سعيد" و"غاضب" و"حزين" عبر وجوه معبرة وسرد صوتي ومحفزات تفاعلية. تساهم هذه اللعبة في تعزيز الوعي العاطفي والتعبير اللفظي عن المشاعر باللغة العربية؛ ما يجعلها أداة قوية للأطفال الناطقين بالعربية أو ثنائيي اللغة.
ألعاب وأنشطة غير رقمية لكنها عائلية

الأنشطة العائلية والمدرسية البسيطة قد تكون بفاعلية التطبيقات الإلكترونية نفسها، بل تزيد من الترابط بين الطفل ومحيطه.
- لعبة تقمص المشاعر: يقوم الأطفال بتمثيل مشاعر مختلفة، بينما يحاول الآخرون تخمينها، تساعد هذه اللعبة على بناء المفردات العاطفية وتعزيز التعاطف.
- لعبة عجلة المشاعر: وتتم باستخدام عجلة تحتوي على مشاعر متعددة، يدير الطفل السهم ثم يشارك بسرد تجربة شعر فيها بذلك الشعور، تعزز هذه اللعبة الوعي الذاتي والقدرة على التعبير.
- قراءة القصص مع بطاقات المشاعر: حيث يتوقف القارئ في أثناء القصة ليسأل الطفل عن شعور الشخصيات في مواقف معينة، تشجع هذه الطريقة على التفكير من منظور الآخرين.
- زجاجات التهدئة: وهي تحتوي على ماء وغليتر؛ و تُستخدم لتهدئة الطفل عند الانفعال، تساعد على تعليم تقنيات التحكم في النفس.
- بطاقات مطابقة المشاعر: بأن يقوم الطفل بربط الوجوه التعبيرية بكلمات المشاعر المناسبة، ما يعزز للطفل فهم الإشارات غير اللفظية.
نصائح للآباء والمربين

- كونوا قدوة في الذكاء العاطفي: تحدثوا عن مشاعركم أمام الأطفال، ووضحوا كيفية التعامل معها. أرجوك: لا تخفْ من إظهار مشاعرك أمام طفلك؛ فهذا يعلمه أن العواطف ليست ضعفاً بل جزءاً طبيعياً من الحياة.
- استخدموا القصص والكتب لمناقشة المشاعر: واجعلوا من القصص فرصة لفتح النقاش حول المواقف العاطفية، اسألوا أسئلة مفتوحة حول الشخصيات وما تمر به؛ ما يعزز مهارات التفكير النقدي والعاطفي للطفل معاً.
- شجعوا الحوار المفتوح: اسألوا الأطفال عن مشاعرهم بانتظام واستمعوا إليهم من دون حكم، تذكروا أن الطفل قد لا يجد الكلمات المناسبة دائماً؛ فساعدوه على التعبير بلغة يفهمها.
- امدحوا السلوكيات العاطفية الإيجابية: امدحوا الطفل عندما يُظهر تعاطفاً أو قدرة على التنظيم العاطفي، لا تكتفوا بالمدح العام، بل كونوا محددين مثل: "أعجبني موقفك؛ حين شاركت لعبك مع أختك عندما كانت حزينة".
- خصصوا وقتاً يومياً للحديث عن المشاعر: يمكن أن يكون ذلك قبل النوم أو في أثناء تناول الطعام، اجعلوا من التعبير عن المشاعر جزءاً طبيعياً من روتين العائلة.
- تجنبوا التقليل من مشاعر الطفل أو السخرية منها: بل اعترفوا بها وساعدوه على تسميتها وفهمها.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.