mena-gmtdmp

خطوات لتتعلم الإصغاء لنفسك أكثر من الآخرين

الإصغاء إلى الذات هو مهارة تُكتسب بالممارسة والوعي
الإصغاء إلى الذات هو مهارة تُكتسب بالممارسة والوعي

في عالم يزداد فيه الضجيج من حولنا من الآراء المتضاربة إلى النصائح غير المطلوبة، قد يبدو الإصغاء لصوتك الداخلي مهمة صعبة. لكن الحقيقة أن التعلم كيف تنصت لنفسك هو من أعظم المهارات التي يمكنك اكتسابها. إنه لا يعني تجاهل الآخرين، بل يعني أن تمنح نفسك مساحة لتفهم مشاعرك وأفكارك ورغباتك بعيدًا عن تأثيرات الخارج.

الإصغاء للنفس هو فن يعتمد على الهدوء، والوعي، والاحترام لذاتك. عندما تصغي لنفسك، تصبح أكثر وضوحًا في قراراتك، وأقل عرضة للتشويش الذي يسببه إرضاء الجميع.

وجهة نظر علم النفس

المعالجة النفسية جويل زعيتر

تبدأ مهارة الإصغاء للنفس بخطوات صغيرة، مثل تخصيص وقت يومي للتأمل أو الكتابة، أو حتى قول "لا" عندما تحتاج إلى حدود. في هذا الدرب، ستكتشف أن صوتك الداخلي غالبًا ما يحمل الإجابات التي كنت تفكر فيها. المعالجة النفسية جويل زعيتر تشرح لـ"سيدتي" خطوات الإصغاء للنفس وكيف يمكن تطويرها.

أولاً، أن يتعلم الإنسان أن يُصغي إلى نفسه أكثر من الاستماع للآخرين، هي مهارة يكتسبها مع الوقت، وتدلّ على نضوج داخلي. حينها يصبح قادراً على اتخاذ قرارات حاسمة دون أن يكون متأثراً بآراء الآخرين أو مرتبطاً بها خلال مسيرة حياته. وهذه المهارة لا تأتي من فراغ، بل من تجارب الحياة التي يمرّ بها. وهناك العديد من الخطوات التي يمكن الحديث عنها، والتي تساعد هذا الشخص على الوصول إلى هذا المستوى، ليُصبح قادراً على خوض الحياة بثقة واستقلالية.
ما رأيك متابعة خطواتٌ صغيرةٌ تُغير حياتكِ بشكلٍ كبير

أهم شيء هو أن لا يُكثر الإنسان من سؤال الناس، لأن الأمور أحيانًا تصبح واضحة من تلقاء نفسها. فمثلاً، في حالة خلاف بين شخص وحبيبته (أو العكس)، قد يلجأ إلى سؤال أمه، أو خالته، أو بنت خالته، أو صديقتها، وصديقة صديقتها، وحتى الجيران... فيبدأ بنقل القصة لكل واحد فقط ليأخذ رأيهم، وبهذا الشكل يشعر بأنه بالغ في الأمر.

الإكثار من طلب الآراء يؤدي إلى التشتت، خاصة أن الآراء لن تكون موحدة، وكل شخص سيعطي رأيًا مختلفًا، ما يجعل الإنسان أكثر حيرة وترددًا. لذا الأفضل أن يخفف من استشارة الجميع ويعتمد أكثر على حدسه وفهمه للموقف.

أسباب ضعف الإصغاء للذات

أسباب ضعف الإصغاء للذات

يُعاني العديد من الأشخاص من صعوبة في الاستماع إلى ذواتهم واتخاذ قراراتهم بناءً على قناعاتهم الشخصية، ويعود ذلك غالبًا إلى تجارب الطفولة التي تميزت بالنقد المستمر أو التقليل من قيمة آرائهم. هذا النمط من التربية يؤدي إلى ضعف الثقة بالنفس والاعتماد المفرط على آراء الآخرين لتحديد ما هو صواب أو مقبول.

  • النقد المستمر في الطفولة: عندما يتعرض الطفل للنقد المتكرر أو يُمنع من التعبير عن رأيه، يتكون لديه شعور بعدم الكفاءة ويبدأ في الشك بقدراته.
  • الاعتماد على الآخرين: نتيجة لضعف الثقة بالنفس، يعتمد الفرد على آراء الآخرين لتحديد قراراته، معتقدًا أن رضاهم يعكس قيمته الذاتية.
  • الإصغاء إلى الذات هو مهارة تُكتسب بالممارسة والوعي. من خلال تخصيص وقت للتأمل والكتابة وتحليل القرارات، يمكننا تعزيز ثقتنا بأنفسنا واتخاذ قرارات تعكس قيمنا الحقيقية.
  • من المهم أن يبدأ الإنسان بتجربة اتخاذ قرارات بسيطة بنفسه، وأن يتحمّل نتائج هذه القرارات، أياً كانت

خطوات لتعلّم الإصغاء إلى الذات

لماذا يصعب علينا أحيانًا الإصغاء لأنفسنا؟

غالبًا ما يعود ذلك إلى تجارب الطفولة. فالأشخاص الذين نشأوا في بيئة نقدية، حيث كان الأهل يقللون من شأن آرائهم أو يفرضون عليهم قراراتهم، قد يفتقرون إلى الثقة في قراراتهم الشخصية. هذا يؤدي إلى اعتمادهم المفرط على آراء الآخرين، بحثًا عن القبول والتقدير.

كيف يمكننا تطوير مهارة الإصغاء إلى الذات؟

  • الجلوس مع الذات يوميًا: خصص وقتًا يوميًا للجلوس مع نفسك دون مشتتات، مثل الهاتف أو التلفاز.
  • كتابة الأفكار والمشاعر: دوّن ما تشعر به وما تفكر فيه. الكتابة تساعد في توضيح الأفكار وتعزيز الوعي الذاتي.
  • تحليل القرارات: عند مواجهة قرار ما، قم بكتابة الإيجابيات والسلبيات بناءً على وجهة نظرك الخاصة، دون التأثر بآراء الآخرين.
  • ممارسة التأمل أو اليقظة الذهنية: هذه الممارسات تساعد في تهدئة العقل وتعزيز التركيز على اللحظة الحالية، مما يسهل الاستماع إلى الصوت الداخلي.
  • تحدي المعتقدات السلبية: كن واعيًا للمعتقدات التي تقلل من قيمتك الذاتية، واعمل على استبدالها بأفكار إيجابية تعزز من ثقتك بنفسك.

من الضروري أن يتروّى الإنسان ويفكر جيدًا قبل اتخاذ أي قرار، فليس من الضروري دائمًا أن تكون قراراتنا سريعة. كما أنه من المهم أن يتعلم الإنسان قول "لا"، لأن الرفض ليس أمرًا سهلًا، حتى في أبسط المواقف. يمكن البدء بخطوات صغيرة، كأن يرفض نوعًا معينًا من الطعام، فهذا يساعده على الشعور بأنه صاحب القرار، وأنه هو من يحدد ما يريد، وليس الآخرون. هذه الخطوات البسيطة تساهم تدريجيًا في بناء شخصية أكثر وعيًا واستقلالية.

التأكيد على أهمية تقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لأن الانشغال بمقارنة النفس بالآخرين يؤثر سلباً على الاستماع للذات.

الاستشارة ليست شيئاً خاطئاً، بل هي جزء طبيعي من الحياة، سواء مع مستشار نفسي أو شخص موثوق، ولكن المهم هو اختيار الأشخاص المناسبين للاستشارة وعدم كثرتها حتى لا تضيع الأفكار والقرارات.
يمكنك أيضاً الاطلاع على كيف تبني احترام الذات خطوة خطوة؟

أخيراً، يتم التشديد على أهمية التمسك بالقرار وعدم تغييره باستمرار إلا إذا كانت هناك أسباب حقيقية لذلك.