هل شعرت يومًا أن أسابيع العمل الطويلة تبتلع طاقتك وتستنزف حماسك؟ دراسة حديثة تم إجراؤها في جامعة أكسفورد كشفت أن التحول إلى أسبوع عمل من أربعة أيام فقط يمكن أن يكون بمثابة نقطة تحوّل حقيقية لموظفي اليوم. ليس فقط لتخفيف الضغوط، بل ليمنحك مساحة أكبر للتوازن بين حياتك الشخصية والعملية، ويجعل أيامك المهنية أكثر إنتاجية وسعادة، ويعيد لك شعور السيطرة على وقتك وحياتك.
أربعة أيام عمل فقط: هل هذا ممكن؟
تعودنا منذ صغرنا على جدول مزدحم؛ أيام دراسية طويلة تمتد لخمسة أو ستة أيام أسبوعيًا، مع يوم عطلة واحد ننتظره بفارغ الصبر. ومع انتقالنا لسوق العمل، لم يتغير الكثير، حيث غالبًا ما نحصل على يومين عطلة فقط، خاصة في الوظائف الرسمية. لكن ماذا لو تخيلت نظامًا عمليًا يقتصر على أربعة أيام فقط في الأسبوع؟ هذا التغيير قد يبدو غير مألوف، لكنه يفتح الباب أمام تجربة عمل أكثر توازنًا وإنتاجية أفضل.
هل تعرف: ما الوظائف الـ6 التي لا تنتهي حتى بعد انتهاء الدوام؟!
تجربة الأيام الأربعة: هل يمكن أن تغيّر حياتك العملية؟
كشفت شركة مايكروسوفت عن تجربة مثيرة في فروعها باليابان، حيث منح الموظفون يوم عطلة إضافي ليعملوا أربعة أيام فقط أسبوعيًا، وظهرت النتائج مذهلة: زيادة في الإنتاجية بنسبة تصل إلى أربعين في المئة، انخفاض حجم الورق المستخدم بنحو ستين في المئة، وتراجع مصروفات الكهرباء بما يقارب ثلاثة وعشرين في المئة. الهدف كان اختبار نموذج عمل جديد يوازن بين حياة الموظف وعمله، ويمنحه وقتًا أكبر للراحة والأنشطة الشخصية ضمن برنامج Work-Life Choice Challenge.
وليس مايكروسوفت وحدها من جرب هذه التجربة، فقد طُرحت فكرة "أربعة أيام عمل أسبوعيًا" منذ عقود في العديد من المؤسسات العلمية والإدارية، بهدف: خفض تكاليف التشغيل من كهرباء ومواصلات وغيرها، وفي الوقت نفسه منح الموظفين وقتًا أكبر لمتابعة هواياتهم، وقضاء وقت مع العائلة، والحصول على نوم كافٍ، ما يعزز الروح المعنوية والإنتاجية بشكل غير مباشر.
في نيوزيلندا، نفذ رائد الأعمال أندرو بارنز تجربة ناجحة لمدة ستة أسابيع على 240 موظفًا في شركته، مع استمرار حصولهم على الراتب نفسه، ولاحظ أن الإنتاجية لم تتأثر بل تحسنت حياة الموظفين الشخصية. ومع استمرار التجربة، أصبح نظام الأربعة أيام عمل دائمًا، مما عزز التوازن بين الحياة والعمل وقلّل من الإرهاق، وزاد من رضا الموظفين وجذب المزيد من العملاء.
حتى في غرب إفريقيا، طبق الرئيس يحيى جامع نظام العمل من الاثنين إلى الخميس في غامبيا عام 2013، قبل أن يُعاد تغييره لاحقًا، في حين أظهرت دراسات متعددة منذ السبعينيات أن تقليل أيام العمل يجعل الموظفين أكثر رضاً عن حياتهم وعملهم، بغض النظر عن العرق أو الجنس أو الراتب، ما يشير إلى علاقة قوية بين رضا الإنسان وإنتاجيته عند تقليل أيام العمل.
وفي دراسة شملت 500 موظف في جامعتي فلوريدا وكاليفورنيا، فضل ثلاثة أرباعهم نظام الأربعة أيام بسبب زيادة وقت الفراغ، بينما أشار البعض إلى تحديات محتملة مثل ضغوط الحياة الأسرية أو صعوبة التوافق بين ساعات العمل المختلفة. وأظهرت دراسات تعليمية في جامعات جورجيا ومونتانا تحسن أداء الطلاب بعد اعتماد أسبوع دراسة من أربعة أيام، ما يعزز الفكرة أن تقليص الأيام قد يكون مفيدًا على عدة مستويات.
لكن الخبراء يحذرون من تعميم هذا النظام على الجميع دون دراسة دقيقة، إذ تختلف ظروف العمل والشخصيات، ويظل من المهم استكشاف جدواه خصوصًا مع ارتفاع نسب الإرهاق النفسي والجسدي بين الموظفين. اليوم، ومع إدراكنا لضرر العمل لساعات طويلة على الصحة والإنتاجية، يبدو أن نظام أربعة أيام عمل أسبوعيًا لم يعد فكرة خيالية، بل خطوة حقيقية نحو بيئة عمل أكثر إنسانية وتوازنًا.
4 فوائد لنظام العمل لأربعة أيام أسبوعيًا:
- زيادة الإنتاجية
العمل لأربعة أيام لا يعني تقليل الإنجاز، بل غالبًا يزيد التركيز والكفاءة. الموظف الذي يحصل على وقت إضافي للراحة يعود للعمل بطاقة أكبر، قادرًا على إنجاز المهام بسرعة ودقة أعلى، ما يعزز النتائج العامة للشركة ويقلل الأخطاء الناجمة عن الإرهاق. هذا يعني أنك ستنجز المزيد في وقت أقل، وتشعر بالرضا الداخلي عن كل مهمة تكملها، مما يحفزك على تقديم أفضل ما لديك باستمرار.
- تحسين التوازن بين الحياة والعمل
تقليل أيام العمل يمنحك فرصة أكبر لقضاء وقت مع العائلة، متابعة الهوايات، وممارسة الرياضة. هذا التوازن النفسي والعاطفي يقلل من التوتر ويزيد رضاك الشخصي، مما ينعكس إيجابًا على التزامك ومزاجك أثناء ساعات العمل. ستلاحظ أنك أكثر هدوءًا وتركيزًا أثناء العمل، وأكثر حيوية في حياتك اليومية، مما يحسن نوعية كل جانب من جوانب حياتك.
- خفض التكاليف التشغيلية
العمل لأربعة أيام يقلل من استهلاك الكهرباء، المواد المكتبية، والمواصلات، سواء بالنسبة للشركة أو الموظف. هذا التوفير المالي يمكن أن يُستثمر في تحسين بيئة العمل أو منح الموظفين مزايا إضافية، مما يخلق دائرة إيجابية من الإنتاجية والرضا الوظيفي. ستشعر أيضًا بأثر مباشر على ميزانيتك الشخصية من حيث تقليل تكاليف المواصلات والطعام، ما يمنحك شعورًا بالاستقرار والراحة المالية.
- تعزيز الصحة النفسية والجسدية
قلة الضغط اليومي والساعات الطويلة تمنح الجسم والعقل فرصة للتعافي. هذا يقلل من مخاطر الإرهاق والاكتئاب ويحسن النوم والتركيز، ويخلق موظفًا أكثر نشاطًا وحيوية قادرًا على مواجهة تحديات العمل دون شعور بالانهاك المستمر. ستشعر بالتحسن في طاقتك اليومية، وستجد نفسك أكثر استعدادًا للتعلم والتطور، مع شعور عام بالسعادة والراحة الذهنية التي تعزز أداءك في كل يوم عمل.
عيوب نظام العمل لأربعة أيام أسبوعيًا:
- ضغط الساعات الطويلة
رغم تقليل أيام العمل، غالبًا ما تُمدد ساعات كل يوم لتعويض الوقت الضائع. هذا يمكن أن يحوّل اليوم إلى جدول طويل من المهام المستمرة، مما يرهق الجسم والعقل على حد سواء. الموظف قد يشعر بالإجهاد الذهني والبدني، ويقل تركيزه تدريجيًا، ما يؤدي إلى احتمالية ارتكاب أخطاء أكثر. كما أن ساعات العمل الطويلة تقلل من قدرة الفرد على الاستمتاع بالوقت الإضافي خارج المكتب، مما يقلل من الاستفادة النفسية المرجوة من تقليص الأيام.
- صعوبة التنسيق بين الفرق
تباين جداول العمل بين الموظفين الذين يعملون أربعة أيام وأولئك الذين يعملون خمسة أيام قد يخلق تحديات كبيرة في التواصل وإتمام المشاريع المشتركة. الاجتماعات قد تتأخر أو تتكرر، وتظهر فجوات في سير العمل، مما يضع بعض الموظفين تحت ضغط إضافي لتغطية هذه الفجوات. هذا الشعور بعدم الانسجام يمكن أن ينعكس سلبًا على الروح المعنوية للفريق ويؤثر على كفاءة التعاون.
- مخاطر اجتماعية وعائلية
وجود الموظف في المنزل لفترات أطول قد يبدو ميزة من ناحية الوقت الإضافي، لكنه يحمل تحديات اجتماعية. التنظيم غير الجيد للمهام العائلية ومسؤوليات المنزل قد يؤدي إلى توترات بين أفراد الأسرة. كذلك، تقليل التفاعل المباشر مع الزملاء يقلل من الدعم الاجتماعي والعلاقات المهنية التي غالبًا ما تكون مصدرًا مهمًا للتحفيز وتبادل الخبرات، مما قد يشعر الموظف بالانعزال المهني أحيانًا.
تجنب: أسوأ عادات العمل التي قد تعيق تقدمك في 2025





