mena-gmtdmp

خبيرة الشاي الإماراتية فاطمة الموسوي: اجعلوا الشاي طقساً يومياً للتأمّل لا للعادة فقط 

خبيرة الشاي الإماراتية فاطمة الموسوي
خبيرة الشاي الإماراتية فاطمة الموسوي

بدأت حكايتُها من بيتٍ إماراتي، يعبقُ فيه مجلسُ العائلةِ برائحةِ الشاي في كلِّ صباحٍ. كان والدها يمتلكُ شغفاً كبيراً بمزجِ النكهات، وتجريبِ الأعشابِ منذ ستينيَّاتِ القرنِ الماضي حتى إنه خلطَ تسعَ نكهاتٍ مختلفة، وأصبح لها طابعٌ مميَّزٌ في البيت، عُرِفَ لاحقاً باسم «خلطة أحمد والزعفران»، و«خلطة محمد».

هي فاطمة الموسوي، إماراتيَّةٌ بدرجةِ خبيرةٍ دوليَّةٍ في الشاي، إذ كبرت على هذا الإرثِ، ومع دراستها في مجالِ البيئةِ والاستدامة، وجدت نفسها ترغبُ في إعادةِ إحياءِ هذه الحكايةِ بطريقةٍ معاصرةٍ، تجمعُ بين الإرثِ العائلي، والابتكار العلمي. بهذه الطريقةِ، وُلِدَ مشروعُ Chai by Ygnd ElRas عامَ 2017 مع رؤيةٍ بأن يكون أوَّلَ مشروعٍ إماراتي، يجعلُ من الشاي رسالةً في الهويَّةِ والاستدامة. استضافتها «سيدتي»، فسلَّطت الضوءَ على الخلطةِ «السريَّة» التي ورثتها من والدها، كما تحدَّثت عن علامتها الإماراتيَّةِ الأولى في الشاي.
 

إعداد : لينا الحوراني 
تصوير | محمد فوزي 
موقع التصوير | كافيه 1988 في نادي الإمارات للجولف


خبيرة الشاي الإماراتية فاطمة الموسوي

خبيرة الشاي فاطمة الموسوي

 


شاي «يقند الراس»

ارتدت فاطمة أثناءَ التصويرِ اللباسَ التقليدي الإماراتي، وقد شرحت لنا الأمرَ بأن مَن يعدُّون الشاي، يلتزمون باللباسِ التقليدي لبلدانهم، فالصيني يرتدي اللباسَ الشعبي الصيني، بينما الياباني، الذي يمتهنُ تحضيرَ الشاي، يرتدي اللباسَ الياباني التقليدي، والهندي كذلك. وتمزجُ الموسوي في نكهاتها بين ثقافاتِ دولٍ عدة، لكنَّ الشاي الذي تعدُّه، يختلفُ عن غيره. عن ذلك تقولُ: «أولاً، أختارُ أسماءً، تتناسبُ مع البيئةِ الإماراتيَّة، وقد أطلقتُ على أحدِ الأنواعِ اسم: يقند الراس. هذا الشاي، هو فخرٌ إماراتي «برأسٍ مرفوعٍ»، وما يُميِّزه أنه إماراتي الهويَّة، عالمي الحضور». تضيفُ: «كلُّ خلطةٍ، تحملُ بصمةً تراثيَّةً ممزوجةً بلمسةٍ عصريَّةٍ، مثلاً شاي محمد، يجمعُ بين نكهاتِ الخليجِ العتيقة، أمَّا Jasmine Dragon Tears فمستوحى من الفخامةِ الآسيويَّةِ برؤيةٍ إماراتيَّةٍ. الخلطاتُ، تُحضَّر يدوياً بأعلى معاييرِ الجودة، وتُعبِّر عن رحلةٍ ذوقيَّةٍ بين الشرقِ والغرب، وتحملُ دفءَ المجالسِ الإماراتيَّة، وأناقةَ التقديمِ العالميَّة».


سر الخلطة الأصلية

 

خبيرة الشاي فاطمة الموسوي

 


صمَّمت فاطمة الشاي الإماراتي بناءً على تجاربِ الذائقةِ المحليَّةِ التي تميلُ إلى النكهاتِ الدافئةِ، والغنيَّةِ بالتوابلِ والعطور، وأبرزُ النكهاتِ التي تعتمد عليها، هي الزعفران، والهيلُ، والقرفةُ، والقرنفلُ، والوردُ، والنعناعُ، والزنجبيلُ، والمسكُ، واليانسون، وكلُّ خلطةٍ، تُحاكي طقساً من طقوسِ الحياةِ الإماراتيَّةِ من الصباحاتِ في الصحراءِ إلى جلساتِ العائلةِ في المساء. تُعلِّقُ: «إنتاجُ نكهةٍ جديدةٍ قد يستغرقُ من شهرٍ إلى ثلاثةِ أشهرٍ من البحثِ، والتجربةِ الدقيقة، فكلُّ نكهةٍ بالنسبةِ لي، تحملُ حكايةً وشخصاً وذكرى. أكثر تجربةٍ، أثَّرت بي، هي خلطةُ محمد، إذ أطلقتها تخليداً لذكرى عمي محمد، رحمه الله. لم أكن أعرفُ سرَّ الخلطةِ الأصليَّةِ التي كان يعدُّها، لكنَّني حاولت من قلبي أن أقتربَ من نكهته المفضَّلة، واستطعتُ الوصول إلى 96% من المذاقِ الذي كان يُحبُّه. كانت تجربةً مؤثِّرةً جداً، لأنها جعلتني أشعرُ وكأنني أُعيد جزءاً من روحه عبر فنجانِ شاي».

 

منتجاتي مستدامة

تستمدُّ فاطمة أفكارَها من طموحِ الإمارات، ورؤيةِ قادتها. تتحدَّثُ عن ذلك: «الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قال يوماً: أنا وشعبي لا نرضى إلا بالمركزِ الأوَّل. هذه الجملةُ بالنسبةِ لي، هي بوصلةٌ دائمةٌ. كلُّ فكرةٍ جديدةٍ في Chai by Ygnd ElRas، تنطلقُ من هذا الإيمان، أي بأننا قادرون على تحويلِ الإرثِ إلى ابتكارٍ، وأن التميُّز، ليس خياراً، وإنما هويَّةٌ إماراتيَّةٌ متجذِّرةٌ فينا، ثم إن منتجاتي مستدامةٌ وصديقةٌ للبيئةِ أيضاً، فالاستدامةُ، هي روحُ المشروع، ومنذ البدايةِ، قرَّرتُ ألَّا تكون خلطاتُ الشاي مجرَّد مُنتَجٍ تجاري، وإنما وسيلةٌ لحمايةِ البيئة».

وتعملُ خبيرةُ الشاي الموسوي على إعادةِ استخدامِ مخلَّفاتِ الشاي، وتحويلها إلى سمادٍ عضوي بالتعاونِ مع شركاتٍ محليَّةٍ، كما طوَّرت بمساعدةِ باحثين حلولاً مبتكرةً لتحويلِ الشاي المُستَهلك إلى حبرٍ طبيعي، ومحلولٍ لتنقيةِ المياه، وقد حصلت على براءةِ اختراعٍ عن ذلك. تُعلِّق: «حتى عبواتنا مصنوعةٌ من زجاجٍ مزدوجٍ، وبامبو طبيعي لضمانِ إعادةِ الاستخدام، وتقليلِ الأثر الكربوني».

ومن عالم الطبخ أيضاً اخترنا لك الشيف سمية عبيد

 

أحتفظ دائمًا بطقوسي الإماراتية الأصيلة؛ فالشاي عندنا ليس مجرد مشروب، بل مجلس، ودفء، وكرم ضيافة

 

 


تفاصيل التذوق الاحترافي

خبيرة الشاي فاطمة الموسوي

 


حصلت فاطمة على شهادةِ Tea Master من رابطةِ خبراءِ الشاي الدوليَّة، وهي تجدها محطَّةً استثنائيَّةً في مسيرتها بأن تكون أوَّلَ خبيرةِ شاي إماراتيَّةٍ معتمدةٍ من جمعيَّةِ International Tea Masters Association في أمريكا. توضحُ: «هذه الشهادةُ، لم تكن مجرَّد لقبٍ، إنها مسؤوليَّةٌ، لأمثِّلَ الإمارات في صناعةٍ، لا تزالُ جديدةً على منطقتنا. التدريبُ منحني فهماً عميقاً لتاريخِ الشاي، وأصوله، وتفاصيلِ التذوُّقِ الاحترافي، ما ساعدني في رفعِ جودةِ منتجاتي، وبناءِ ثقةٍ عالميَّةٍ بعلامةِ Chai by Ygnd ElRas». وعن طقسِ البلدِ الذي أثَّر في ذائقتها بشرب الشاي، تقولُ: «أكثر ما أثَّر فيّ، هو الطقسُ الياباني في تقديمِ الشاي حيث يتحوَّلُ الفعلُ البسيطُ إلى لحظةِ تأمُّلٍ وجمالٍ، لكنني أحتفظُ دائماً بطقوسي الإماراتيَّةِ الأصيلة. الشاي عندنا، ليس مشروباً عادياً، إنه مجلسٌ، ودفءٌ، وكرمُ ضيافةٍ. في أحدِ المعارضِ العالميَّة، كنت أشرحُ لمجموعةٍ من الحضورِ عن شاي يقند الراس، فظنَّ شخصٌ أن الاسمَ يعني Headache Tea، وبدأ يسألُ إن كان يعالجُ الصداع! فشرحتُ له أن الاسمَ، بالعكس، يعني Tea that lifts the head high، أي فخرٌ إماراتي برأسٍ مرفوعٍ، وضحكنا جميعاً».

 

أبرز العقبات

أكبرُ العقباتِ التي واجهت خبيرةَ الشاي الموسوي، كانت التمويلَ، والبدايةَ من الصفر، تستدركُ قائلةً: «بدأت المشروعَ بأقلَّ من 500 دولارٍ دون دعمٍ خارجي، لكنْ التحدِّياتُ صنعت قوَّتي. تعلَّمتُ التصميمَ، والتسويقَ، والتغليفَ، وإدارةَ العمليَّاتِ بنفسي. أمَّا اليوم، وبعد ثمانيةِ أعوامٍ من العمل، فقد أصبح المشروعُ مستداماً ومربحاً، ويمدُّ سبعةَ متاجرَ في البلادِ بالشاي الإماراتي الأصيل». وأطيبُ شاي برأي فاطمة، وتُحبُّ تقديمه إلى القرَّاء والقارئات، والأقربُ إلى قلبها، هو شاي خلطة أحمد، لأنه يحملُ اسمَ والدها، وقد ابتكره بنفسه قبل عقودٍ، فهو ليس مجرَّد شاي بالنسبةِ لها، وإنما رمزٌ لعائلتها، والبدايةُ التي انطلقت منها الرحلةُ كلّها. تتابعُ: «أمَّا عن تمييزِ النكهات، فهو يأتي من الخبرةِ الطويلةِ في المذاقِ والرائحة حيث أتعاملُ مع كلِّ مكوِّنٍ وكأنَّه آلةٌ موسيقيَّةٌ في سيمفونيَّةٍ واحدةٍ، إن انسجمَ اللحنُ، اكتملت النكهة».

ما رأيك بالتعرف على الشيف سعاد شمّا «السيدة ملعقة»

استهلكوه باعتدال

 

خبيرة الشاي فاطمة الموسوي

 


تجدُ فاطمة أنه من الممكنِ اختبارُ زراعةِ الشاي في الإمارات بشرطِ تهيئةِ الظروفِ المناخيَّةِ المناسبةِ عبر الزراعةِ الذكيَّة، أو الزراعةِ المائيَّة، خاصَّةً في المناطقِ الجبليَّةِ الشماليَّة، إذ يحتاج الأمرُ دعماً بحثياً وتجريبياً، وهي تعملُ حالياً مع جهاتٍ مهتمَّةٍ في هذا الاتِّجاه. تستطردُ: «الكثيرون يظنُّون أن الشاي الأسودَ مضرٌّ دائماً، وهذا غير صحيحٍ، فكلُّ نوعٍ له فوائده، إن استُهلِكَ باعتدالٍ. المشكلةُ ليست في الشاي، بل في السكَّرِ الزائد، والطريقةِ الخاطئةِ في التحضير».

نصائحها في شرب الشاي

تُقدِّم الموسوي لعشَّاقِ الشاي نصائحَ حول طريقةِ شربه لتجنُّبِ أثره السلبي على الحديد، وهي:
اشربوا الشاي بعد الأكلِ بساعتَين لتجنُّبِ تأثيره على امتصاصِ الحديد.
جرِّبوا أنواعاً مختلفةً من الشاي الأخضرِ، والأبيضِ، والأعشابِ لتوسيعِ الذائقة.
اجعلوا الشاي طقساً يومياً للتأمُّل لا للعادةِ فقط.

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط