mena-gmtdmp

هل تتغيّر شخصية الشباب بعد دخول الجامعة؟ ومتى يبدأ الفرق؟

تغير شخصية الشباب في الجامعة
تغير شخصية الشباب في الجامعة

يُنظر إلى مرحلة الجامعة باعتبارها نقطة تحوّل مهمة في حياة الشباب، ليس فقط على المستوى التعليمي، بل على مستوى الشخصية والنضج وتكوين الهوية. فالكثير يتساءلون: هل تتغير شخصية الشباب بعد دخوله الجامعة؟ وإن كان الجواب نعم، فمتى يبدأ هذا التغيّر بالظهور؟

الجامعة.. مساحة جديدة لاكتشاف الذات

مجرد دخول الطالب الجامعة يجد نفسه في مساحة مختلفة

يدخل طلاب الجامعة بعد سنوات طويلة من الدراسة في بيئة تُحدَّد له فيها مسؤولياته، وتُراقَب خطواته، ويُعرّف فيها غالباً من خلال موقعه داخل الأسرة والمدرسة.
يمكنك أيضاً متابعة أسرار بناء علاقات ناجحة مع الزملاء وأساتذة الجامعة

لكن بمجرد دخوله الجامعة، يجد نفسه في مساحة مختلفة تماماً:

لا أحد يسأل عن تاريخه السابق.. بل عن خياراته الحالية.

هنا يتعرّف الإنسان إلى نفسه من جديد، بعيداً عن الأدوار التي كانت مرسومة له طوال سنوات.

هل تتغيّر شخصية الطالب فعلاً في الجامعة؟

الإجابة الأقرب للواقع هي: نعم، غالباً تتغيّر.

لكن هذا التغيّر لا يحدث تلقائياً، ولا يصيب جميع الطلاب بالطريقة نفسها. فالجامعة لا “تصنع” شخصية جديدة، لكنها تخلق الظروف التي تسمح للطالب بأن يطوّر شخصيته أو يعيد تشكيلها.

يتغيّر الطالب عندما:

  • يختار أين يذهب وماذا يفعل بدون رقابة مباشرة.
  • يتحمّل نتيجة قراراته الدراسية والاجتماعية.
  • يتفاعل مع بيئات وثقافات متعددة.
  • يكتشف نقاط قوته وضعفه من خلال التجربة وليس النظريات.

متى يبدأ الفرق بشخصية طالب الجامعة بالظهور؟

لا يبدأ التغيّر في اليوم الأول من السنة الجامعية، ولا مع أول محاضرة.

في الحقيقة، يبدأ عندما يواجه الطالب أول موقف يحتاج فيه لاتخاذ قرار بنفسه. هنا يبدأ الفرق.

قد تكون هذه اللحظة:

  • أول مرة يتغيب فيها ويشعر بتأثير ذلك على دراسته.
  • أول مرة يقرر فيها أن يدرس من أجل الفهم، لا من أجل الامتحان فقط.
  • أول مجموعة أصدقاء يختارها بإرادته، لا لأنهم معه في الصف.
  • أول فشل دراسي أو اجتماعي يمرّ به، وكيف يقف بعده.
  • أول نجاح صغير يشعر أنه حققه بجهده الخاص.

من هذه التفاصيل الصغيرة يبدأ التغيّر الهادئ الذي يظهر لاحقاً في طريقة التفكير، والقدرة على تحمل المسؤولية، والنضج في التعامل مع الآخرين.

الحرية والمسؤولية.. مفتاحا التحوّل في شخصية طالب الجامعة

الجامعة أول مساحة يعيش فيها الطالب حرّاً دون وصاية مباشرة. هذه الحرية قد تكون فرصة ذهبية.. وقد تكون فخاً. فالطالب الذي يفهم معنى الحرية ويقرنها بالمسؤولية ينضج أسرع، ويتغيّر بعمق.

أما الذي يفهمها باعتبارها “غياباً للقيود”، فقد يجد نفسه تائهاً أو عاجزاً عن توجيه ذاته.

الجامعة.. بوابة اكتشاف الذات وتشكيل الهوية

الحياة الجامعية
                                     مجموعة طلاب داخل الجامعة

خبيرة دمج التكنولوجيا والتعليم هبة حمادة تشرح لـ"سيدتي" حول هذا الموضوع. وتقول بأنها "في أول أسبوع جامعي، جلستُ في مقهى داخل الحرم، أراقب مجموعة طلاب يضحكون بصوت عالٍ حول طاولة مكتظة. قربهم بثلاث كراسي، جلس طالب وحيد، هادئ، يكتب ملاحظاته في دفتر صغير. كان المشهد عادياً، لكن حين خرج الطلاب من المقهى واحداً تلو الآخر، بقي ذلك الشاب في مكانه، يراجع خطته لدروسه، يكتب أهدافه، ثم غادر بهدوء وكأن لا حاجة لأن يراه أحد. في تلك اللحظة أدركت الفارق: الجامعة لا تغيّر الجميع بالطريقة نفسها؛ فبعضهم يبقى جمهوراً يتأثر، وبعضهم يبدأ ليؤثّر."

الجامعة.. المرآة التي تعكس صورتك الحقيقية

لا أحد يدخل الجامعة ويبقى الشخص نفسه. ليس لأن الجامعة تصنع هويّة جديدة، بل لأنها تمنح الطالب فرصة ليقف أمام مرآة مختلفة عن تلك التي عرفها طوال سنوات المدرسة والأهل والبيئة.

فجأة، يكتشف الطالب أنه لم يعد "طالب الصف"، ولا "ابن العائلة"، ولا الشخص الذي يعرفه الآخرون. في الجامعة، يبدأ الإنسان بالتعريف عن نفسه بقراراته واختياراته الصغيرة التي لم يكن يشعر بثقل أثرها سابقاً.

الحرية.. بداية التحوّل الحقيقي

التغيير لا يحدث في اليوم الأول، ولا مع أول محاضرة. يبدأ عندما يُدرك الطالب أنه حرّ للمرة الأولى:

  • هل يحضر أم يتغيب؟
  • هل يدرس ليعرف، أم لينجح فقط؟
  • هل يصادق أي شخص، أم يبحث عمّن يشبه قيمه؟
  • هل يخطئ ويتعلم، أم يكرر ما يقوله الآخرون ليكون مقبولاً؟

الجامعة ليست مبنى ومحاضرات فقط؛ هي أوّل مساحة يختبر فيها الإنسان مفهوم الحرية بلا وصاية. وبقدر ما تبدو هذه الحرية جميلة، فإنها أيضاً من أخطر المراحل التربوية في حياة الشباب. قد تصنع شخصاً واعياً، وقد تترك آخر يضيع في فكرة أنه “حر” دون وعي أو مسؤولية.

المسؤولية.. النقطة التي تتغيّر عندها الشخصية

الشخصية تبدأ بالتغيّر عندما يدفع الإنسان ثمن اختياراته، ويرى الفرق بين "الاختيار الصحيح" و"الاختيار السهل".

عندها يتشكّل الوعي الحقيقي، ليس من المحاضرات وحدها، بل من الاحتكاك بالناس، التجارب، الأفكار، النجاح، والفشل أيضاً.

لذلك، نعم، شخصية الإنسان تتغيّر في الجامعة.

  • لكنها تتغيّر لأنها مرحلة اختبار للذات، لا لأنها مرحلة دراسية فقط.
  • تتغيّر عندما يتوقف الطالب عن البحث عمّن يقوده.. ويبدأ هو بقيادة نفسه.

نصيحة ختامية

لا تنتظر من الجامعة أن تعطيك شخصيتك، ولا تجعلها تصنعك كما صنعت المدرسة أجيالاً متشابهة.

في الجامعة، أنت المسؤول عن بنيانك.

اسأل نفسك بصدق:

هل أريد أن أكون مجرد واحد من الحشد.. أم الشخص الذي يصنع طريقه؟
ما رأيك الاطلاع على التعليم الذاتي وأهميته في تطوير الشباب بحسب مختصة

  • فالجامعة تمنح الفرص، لكنها لا تمنح الهوية.
  • الهوية يصنعها مَن قرر أن يعيشها، لا مَن ينتظر أن يجدها.