اكتشفوا تحدي الثلاثين يوماً في رمضان

للعبادات أثر كبير في نفوس الشباب والفتيات وتهذيبها؛ فمن محاسن ديننا الحنيف أنه شامل لجميع نواحي الحياة الاجتماعية والأخلاقية، والتي تؤثر على النفس وتسير بها إلى طريق الصالحات والتربية الحسنة؛ فلا انفصال بين العبادة والسلوك، وإن صلح الأول قوّم الثاني، ومن أفضل العبادات التي تؤدي إلى تهذيب النفس وتقويمها، الصوم في شهر رمضان الفضيل، بتزكية النفس وتطهيرها خلال ثلاثين يوماً؛ للخروج منه بنفس إيمانية حسنة تنبض بالصدق والسلوك الحسن، وهذا ما يحتاجه شبابنا من الجنسين في الوقت الحالي، بتجديد سلوكياتهم وتهذيبها وأن نستبدل بها الأفضل.
في هذا الإطار، يقدم الشيخ والإمام والخطيب، عضو التوجيه والإرشاد بالحرس الوطني، عبدالكريم بن محمد الشلوي، فيما يلي النصائح اللازمة ليتمكن الشباب من تقوية النفس وتهذيبها من خلال تحدي الثلاثين يوماً لضبط النفس وتقويمها في هذا الشهر الفضيل.

بدايةً يقول الإمام عبدالكريم الشلوي: لا بد للفتيات والشباب ولكل مسلم أن يعلموا أن الله خلقهم لعبادته وليس للهو والعيش دون هدف، والانصياع إلى أوامر الله واتباع الطاعات والسلوك والأخلاق القويمة، حيث قال تعالى: «وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ»، وهناك مواسم عظيمة يسرع فيها المؤمن الصادق ويتسابق لعمل الطاعات والعبادات، وذلك مصداقاً لقوله تعالى: «وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ»، ومن هذه المواسم العظيمة، شهر رمضان الفضيل والمبارك، وهذا الموسم جعل الله فيه الأعمال الصالحة مبنية على الأجور العظيمة؛ فلا يفرّط فيها سوى إنسان قدّم شهوات نفسه على الأجر العظيم.

رمضان فرصة لتهذيب النفس
يجب على الفتيات والشباب أن يعلموا أن لديهم فرصة كبيرة لتهذيب النفس وتزكيتها وإعادة إصلاح الأخلاق وتوجيهها من خلال الالتزام في شهر رمضان المبارك، والسيطرة على الشهوات، والتخلص من العادات السيئة، وتحسين السلوك الظاهري والباطني، وبذلك يتمكنون من التغلب من خلال الصيام والشهر الفضيل المليء بالعبادات الحسنة، على الشهوات والسير في طريق الإصلاح والتغيير الذي يبدأ منذ اليوم الأول في شهر رمضان الكريم؛ فالثلاثون يوماً لا تهدف فقط إلى الامتناع عن الطعام بقدر ما تلزم بالتقيد بما يتبعها لاكتمال الصوم الصحيح، ومن خلالها يتم زرع عادات وأخلاق وسلوكيات وقيم دينية في النفوس لتزدهر في رمضان وتنمو مع الشباب خلال حياتهم.


تحدي الثلاثين يوماً في رمضان
هناك عدة طرق ووسائل تعين على استقبال هذا الضيف الكريم بعد توفيق الله، ويجب استغلالها لتهذيب النفس والرقي بها خلال الثلاثين يوماً المباركة في هذا الشهر الفضيل، وذلك بتحدي المسلم نفسه من خلال اتباعها لتقوية الإرادة والتغلب على الشهوات والتقرب من الله والتوبة النصوح من الذنوب، وتتمثل فيما يلي:

1- يعتبر استقبال الشهر من الخطوات الهامة التمهيدية التي تقوي من النفس وتهيئها للاستعداد لاتباع السلوك الحسن؛ لذا على كل مسلمة ومسلم أن يدعو الله أن يبقيهم لاستقبال هذا الشهر العظيم؛ ففي الأثر أن السلف، رحمهم الله، كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يتقبله منهم، وروي عنه، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلِّغنا رمضان».


2- إذا بلغ المؤمن هذا الشهر، فعليه أن يحمد الله كثيراً، وأن يكثر من الشكر والثناء، وأن يستبشر بقدوم هذا الفضل، وأن يتذكر أن رمضان شهر تفتح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران وتصفد فيه الشياطين؛ فيحمد الله على هذا الفضل العظيم، ويجتهد في الطاعات، ويترك المعاصي والمنكرات.


3- أن يخطط تخطيطاً دقيقاً؛ حيث يستغل ساعاته ودقائقه ولحظاته؛ لأنه قد لا يعود ويدرك هذه اللحظات والساعات مرة أخرى؛ لذا يجب أن يجعل ختم القرآن الكريم عدة مرات، وأن يحرص كل الحرص بالنسبة للرجال والشباب على أداء الصلوات جميعها في المسجد، كذلك تحرص النساء على الالتزام بالصلاة في مواعيدها بالمنازل، وأن يحرص كلا الجنسين على أداء صلاة التراويح مع جماعة المسجد، وكذلك القيام، وتخصيص وقت لقراءة القرآن بالتفسير للتمعن في كلمات رب العالمين والفهم الكامل لها.


4- التفقه في الدين في رمضان يعد أفضل مناسبة للبحث ونهل المعرفة للتفقه في آداب وأخلاق تعاليم ديننا الحنيف لتهذيب النفس عليها، وتعديل السلوكيات الخاطئة بالنفوس، كذلك القراءة في أحكام الصيام والحياة الدينية بكل تفاصيلها للتعلم منها.


5- إزالة الشحناء والبغضاء من القلوب، سامح عزيزي القارئ وابنتي الفاضلة كل من أخطأ في حقك؛ فيرى الله صنيعك ويكرمك ويعفو عنك.


6- استقبل رمضان وأنت عازم على ترك الآثام والسيئات، وقرر التوبة النصوح وعدم العودة إلى أخطائك والإقلاع عنها، والأهم من ذلك الصدق في التوبة؛ لقوله تعالى: «وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».


7- طريق الإصلاح والتغيير يبدأ بالنفس؛ حيث قال تعالى: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ»، ويكون ذلك بالاجتهاد دون استسلام، بالامتثال لأوامر الله والابتعاد عن المنكرات والابتعاد عن السلوكيات البغيضة، كالعصبية والكذب وعدم البر بالآباء وعدم التواصل مع الأرحام، والتكبر والغرور وغيرها من السلوكيات التي تحمل في طياتها عواقب، نهى عنها الشرع وأمرنا باجتنابها، والصيام يعين المسلم على تجنب تلك الأمور وأن نستبدل بها ما هو أفضل منها والإصلاح منها.


8- العمل على تقوية الصفات الحسنة واستغلالها في كسب الثواب في الشهر الفضيل، بالإضافة إلى تهذيب النفس من خلال الرفق بالمساكين وحسن الكلمة والصدقة وتعويد النفس على فعل المكارم الحميدة، لتكون الثلاثون يوماً بمثابة تدريب متدرج للنفس على كسب الصفات الحسنة.