الصداقة جزء أساسي من الحياة الاجتماعية، وتكوين الصداقات ليست أمراً بسيطاً كما يظن البعض، فالإنسان كائن معقد، والأفكار والمشاعر التي يحملها في داخله تحتاج وقتاً لفهمها وفك شفراتها، والأمر ذاته ينطبق على صداقاتنا المختلفة وعلاقاتنا بالآخرين.
والصداقة بالنسبة للفتيات ليست مجرد لقاءات عابرة أو محادثات يومية، بل هي مساحة أمان ودفء تُخفّف ضغوط الحياة وتمنح شعوراً بالانتماء، ومع ذلك، ليست كل علاقة تُسمى صداقة فعلاً، فكثير من العلاقات تنهار بسبب سوء الفهم أو غياب التواصل أو عدم وضوح الحدود.
وفي عالم سريع الإيقاع مليء بالضغوط والدراسة والعمل والتغيّرات الاجتماعية، يصبح السؤال الملح: كيف يمكن للفتاة أن تبني صداقات صحية تدوم طويلاً، وتمنحها الدعم بدلاً من الاستنزاف؟ وهناك عدة عوامل أساسية يمكن أن تكون بمثابة خريطة طريق، نقدّمها لكِ في السطور التالية.
إعداد: هاجر حاتم
حدّدي هوية وطبيعة علاقاتك بوضوح

من أكثر أسباب الخلافات شيوعاً أن كل طرف يرى العلاقة بطريقة مختلفة. قد تعتبرين شخصاً ما "صديقة مقرّبة" بينما يراكِ أنتِ مجرد "معرفة لطيفة". هذه الفجوة في التوقعات تولّد صدمات وإحباطات مع الوقت.
التحديد هنا لا يعني أن العلاقة تصبح رسمية أو مقيّدة، بل هو وضوح صحي، فعندما تعرفين موقعك في حياة الطرف الآخر، يقل الالتباس وتصبح العلاقة أكثر صدقاً وراحة، والأهم أن هذا الوضوح يحميك من أن ترفعي شخصاً إلى مكانة لا يضعك هو فيها، فتتجنّبي خيبة الأمل الطويلة، بحسب buildtobloom.
التواصل الفعّال أساس الاستمرار
التواصل هو العمود الفقري لأي صداقة ناجحة. من السهل جداً تجاهل المواقف الصغيرة التي تجرحنا، لكن هذه التفاصيل إذا تراكمت تصبح فجوة يصعب سدّها.
إذا جرحتك صديقتك أو قصرت في موقف ما، صارحيها مباشرة بدلاً من الحديث عنها للآخرين، فالصراحة تفتح المجال لفهم أعمق، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار أن الطرف الآخر قد يكون يمر بظروف صعبة لم نكن نعلمها.
وفي المقابل، التواصل الفعّال لا يعني المواجهة الدائمة، بل هو مزيج من الصراحة واللطف والوعي بمشاعر الطرف الآخر، وهذا قد يعزز مكانتك لدى صديقاتك، ويزيد من احترامهم لك، وتضاف المحبة.
تعلّم فن التجاوز
ليست كل كلمة أو تصرف يحتاج إلى نقاش مطوّل، فأحياناً، أفضل ما يمكنك فعله هو أن تتغاضي، خصوصاً وأن الصداقة الصحيّة تحتاج قلباً رحيماً يعرف متى يتجاهل الزلات الصغيرة.
والتجاوز لا يعني تجاهل المواقف الكبيرة أو الاستهانة بمشاعرك، لكنه يجنّب العلاقة أن تُثقل بخلافات لا تنتهي على تفاصيل بسيطة.
بذل الجهد والنية الصافية
الصداقات، مثل أي علاقة أخرى، تحتاج إلى بذل جهد مستمر، ولا يمكنك أن تتوقعي من الآخرين أن يكونوا دائماً حاضرين من أجلك بينما لا تقدّمين لهم الاهتمام نفسه.
فمجرد رسالة صباحية أو مكالمة سريعة قد تكون كافية لإشعار صديقتك أنك تفكرين فيها، والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة مثل السؤال عن امتحانها أو الاحتفال بإنجازاتها، يبني أساساً قوياً لعلاقة متوازنة.
وضع الحدود بوعي
الحدود ليست قيوداً، بل هي خطوط أمان تحمي العلاقة من التآكل، وعندما توضّحين ما يزعجك أو ما ترينه خطاً أحمر، وتُظهر صديقتك احترامها لذلك، فهذا يقوّي الثقة بينكما، ويخلق بينكما المزيد من مساحة الأمان، كي تعبّري عن مشاعركِ بصدق واحترام من دون الخوف من أن يفهمكِ الطرف الآخر بشكل خاطئ.
لذا فإن الحدود مهمة خصوصاً إذا كانت هناك اختلافات في أسلوب الحياة أو طريقة التعبير، ووجودها يمنع الاستنزاف العاطفي ويجعل العلاقة أكثر راحة للطرفين.
تابعي أيضاً كيف يتجنب الشباب أخطاء السنة الجامعية الأولى؟
الوعي الذاتي: كوني صديقة جيدة أولاً

أحياناً نركز كثيراً على فكرة الحصول على أصدقاء أوفياء من دون أن نلتفت إلى أنفسنا ودورنا في المعادلة، فقبل البحث عن الصديقة المثالية، اسألي نفسك بصدق: هل أنا صديقة جيدة؟
وقد يكون السبب المشترك وراء تجاربك السلبية مع الآخرين هو بعض السلوكيات أو التوقعات غير الواقعية التي لم تنتبهي لها، وربما تتوقعين من صديقتك أن تكون موجودة دائماً بينما لا تبذلين نفس الجهد، أو قد تكونين سريعة الغضب والتأويل، لهذا فمراجعة الذات هنا لا تعني جلد النفس، بل تعني وعياً أكبر بما نقدمه للآخرين.
وتذكري جيداً أن الصداقة مثل المرآة، تعكس شخصيتك وطريقتك في التعامل، فإذا كنتِ متسامحة، حنونة، وتقدّرين التفاصيل الصغيرة، ستجذبين هذا النوع من العلاقات، أما إذا كنتِ متطلبة أو لا تمنحين وقتاً أو دعماً، فمن الطبيعي أن تنهار العلاقات سريعاً. لذلك، البداية دائماً تكون منكِ: كوني أنتِ نموذج الصديقة التي تتمنين وجودها في حياتك.
قد يعجبكِ متابعة عبارات ملهمة تدل على قوة الشخصية
الصبر والزمن هما المفتاح

الصداقات المتينة لا تُبنى في بضعة أشهر فقط، بل تحتاج إلى وقت، ومواقف مشتركة، وأحداث تُختبر فيها قوة العلاقة، وقد تمرّين مع صديقتك بلحظات فرح كبيرة أو تحديات صعبة، وهذه التجارب هي التي تنسج روابط يصعب كسرها.
من الطبيعي أن تفقدي بعض الصداقات مع مرور الوقت، فالحياة تتغير، والظروف والمسؤوليات قد تبعد البعض عن بعض، ولكن الصداقات التي تستمر رغم هذه التحديات غالباً تكون الأعمق والأصدق، والسر هنا هو الصبر، إذ عليكِ أن تتقبلي أن لكل علاقة مراحل، وأن هناك فترات قد تقل فيها اللقاءات أو يضعف التواصل، وهذا لا يعني أن الصداقة انتهت.
والصبر يمنح العلاقة فرصة للنضج، والزمن يكشف لكِ من يستحق البقاء فعلاً، فالصديقة الحقيقية لا تختفي عند أول خلاف أو انشغال، بل تعود دائماً لتذكرك أن وجودها في حياتك ثابت مثل البيت الآمن.
قد تهتمين بمتابعة كيف تعيش الفتاة حياة متوازنة بين التكنولوجيا والواقع؟