«الأنيميا» تصيب الإناث ضعف الرجال

تعرف «الأنيميا» Anemia أو فقر الدم بانخفاض نسبة «الهيموغلوبين» في كريات الدم الحمراء. وقد أظهرت الدراسات الطبية الحديثة أن معدّل إصابة الإناث بـ «الأنيميا» يبلغ ضعف معدّل إصابة الذكور في جميع الفئات العمرية. وفي هذا الإطار، أظهرت النتائج أن الرجل يعتبر مصاباً بفقر الدم إذا قلّ عدد كريات الدم الحمراء عنده عن 4.5 ملايين كرة حمراء لكل مم3 من الدم أو قلّت عنده كمية «الهيموغلوبين» عن 13.5 غرامات لكل 100 سم3 من الدم. وبالمقابل، تعدّ الأنثى مصابة إذا قلّ عدد كرات الدم الحمراء عندها عن 3.9 ملايين كرة حمراء لكل مم3 من الدم أو قلت كمية «الهيموغلوبين» في دمها عن 11.5 غرامات لكل 100 سم3. ووفقاً للإحصائيات الحديثة، لوحظ ازدياد معدلات الإصابة عالمياً خلال السنوات الخمس الماضية، إذ ارتفعت في الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا من 2% إلى 15% أي بما يعادل شخصاً واحداً لكل 24 نسمة من السكان.

«سيدتي» اطلعت من رئيس قسم الأسرة في مجموعة مستشفيات السعودي الألماني ومدير عام التدريب وعضو هيئة التدريس بكلية البترجي الدكتور أحمد عبد المنعم عبد المجيد على أهمّ أنواع «الأنيميا» وأسباب الإصابة وأهمّ طرق العلاج.

تنقسم «الأنيميا» حسب مسبّباتها إلى نوعين رئيسيين، هما:

 

1 الأنيميا بسبب نقص إنتاج خلايا الدم، والتي تنتج بدورها إما عن:

-  فشل في النخاع العظمي وضعف قدرته على إنتاج جميع الخلايا من نخاع العظام بسبب وجود أورام فيه أو الإصابة بفقر الدم اللاتكوني Aplastic Anemia أو خلل في التنسّج النقوي، وهي حال تعرف بوجود بعض الاضطرابات في بعض الخلايا المكوّنة للدم أثناء مراحل نضوجها.

- نقص في هرمون «الإيريثروبويتين» Erythropoietin الذي يحفّز إنتاج كريات الدم الحمراء، نتيجة الإصابة بأمراض الكبد والكلى أو اضطراب بالغدد الصمّاء.

- نقص في بعض العناصر الغذائية بالجسم كالحديد وفيتاميني «بي 12» و«بي 6» و«حمض الفوليك».

 

2 فقر الدم الناتج عن زيادة فقد خلايا الدم الحمراء الناتج إمّا عن نزيف دموي أو تكسّر خلايا الدم كما في حالات فقر الدم الانحلالي Hemolytic anemia.

 

أعراضها: وتتمثّل أعراض «الأنيميا» بصورة عامّة، في: ضعف عام بالجسم ونقص في الطاقة وشعور بالتعب ونقص في التركيز وشحوب، خصوصاً في الأغشية المخاطية للشفاه والملتحمة وكفّ اليد وضيق في التنفس وزيادة في ضربات القلب وألم في الصدر وشعور بالدوار وزغللة في العين وتنميل ووخز وصداع. وقد يتعرّض المصاب، في بعض الحالات، للإغماء وفقدان للشهية والإمساك، فضلاً عن اضطرابات بالطمث لدى الإناث وضعف في القدرة الزوجية لدى الذكور.

 

 

أنواع «الأنيميا» الأكثر شيوعاً

1 «أنيميا نقص الحديد» Iron Deficiency anemia: بيّنت الدراسات الحديثة أن 20% من السيدات في مرحلة الخصوبة يعانين من «أنيميا نقص الحديد» و50% منهن يعانين منها أثناء الحمل. ويعزو الباحثون أسباب ارتفاع معدلات إصابة السيدات عن الرجال إلى تعرّضهن لفقد الدم شهرياً أثناء الطمث. وتجدر الإشارة إلى أنّ جسم الإنسان يحتاج إلى إمداد مستمر بكميّات كافية من عنصر الحديد، فبدون هذا الأخير لا يستطيع الدم حمل الأكسجين اللازم لخلايا الجسم، كما يعتبر الحديد العنصر الأكثر أهمية في تكوين «الهيموغلوبين».

وينتج نقص الحديد في الجسم عن افتقار الطعام الذي يتناوله الشخص يومياً لهذا العنصر، وعدم تعويضه بمكمّلات غذائية. وقد أشار الأطباء إلى انتشار ظاهرة نقص الحديد لدى الرضّع والأطفال بشكل كبير إذا ما كان غذاؤهم يرتكز على الحليب البقري، كما تظهر هذه الحال لدى التقدّم في العمر.

من جهة ثانية، تصيب «أنيميا نقص الحديد» المرء نتيجة سوء امتصاص الحديد في الجسم، كما في حالات Achlorhydria وهي نقص حمض «الهيدروكلوريك» من عصارة المعدة ما يؤثر علي درجة الحموضة بها وتقليل امتصاص الحديد في الجسم أو في حالات سوء الهضم بشكل عام أو أمراض الجهاز الهضمي. وقد تنتج هذه «الأنيميا» عن زيادة فقد الحديد من الجسم، كما في حالات نزيف دوالي المريء أو نزيف الأنف أو وجود دم بالبول أو غزارة الطمث لدى السيدات أو الإصابة بأنواع معينة من الديدان خصوصاً الخطافية.

وبصورة عامّة، قد يزداد احتياج الجسم للحديد بالشكل الذي لا يتناسب مع الإمداد الطبيعي له، في الحمل والبلوغ ومرحلة التعافي بعد المرض.

ويمرّ المصاب بـ «أنيميا نقص الحديد» بمراحل ثلاث أساسية، هي:

 

- استنفاد الحديد Iron Depletion: يقوم الجسم باستهلاك مخزونه من الحديد والمعروف طبياً بـ «الفيريتين» Ferritin ما يؤدي إلى تناقص مستواه وانخفاض نسبته في الدم. ويؤكد الباحثون أن المصاب بهذه المرحلة لا يعاني من فقر الدم.

 

- نقص الحديد Iron Deficiency: يعجز مخزون الحديد في هذه المرحلة عن تعويض النقص في الحديد الموجود في الدم ما يؤدي إلى انخفاض عام في معدّل الحديد في الدم وارتفاع نسبة الإصابة بـ «أنيميا الدم».

 

- أنيميا نقص الحديد Iron Deficiency Anemia:

في هذه المرحلة، تبدأ أعراض فقر الدم في الظهور، كما يلاحظ وجود تغيّر في شكل الكريات الحمراء عند قيام الطبيب بإجراء صورة الدم للمصاب إذ تظهر صغيرة الحجم وناقصة العدد.

 

أعراضها: إلى جانب أعراض «الأنيميا» السالف ذكرها، تمتاز «أنيميا نقص الحديد» بوجود بعض التغيّرات، أبرزها: إصابة الأظافر بضعف عام فيها فتصبح هشّة وجافّة ومسطّحة وتفقد لمعانها الطبيعي، جفاف الشعر وتكسّره وتساقطه، ضمور الحليمات اللسانية Lingual Papillae ما يجعله أملس، التهاب عند زاويتي الفم وحدوث تشقّقات بالشفاه، بالإضافة إلى بعض الأعراض العصبية والنفسية كالصداع والزغللة والتنميل والعصبية وزيادة درجة الانفعالات وزيادة الشهية تجاه تناول بعض المواد غير المألوفة PICA كالرغبة في تناول الطين والمعروف بـ Geophagia أو الثلج Pagophagia.

وثمة أعراض نادرة الحدوث في بعض الحالات، كتضخم الطحال أو حدوث ضعف في الجهاز المناعة في الجسم.

 

 

العلاج: وتشمل خطوات العلاج، الاستهلال في علاج الأسباب العضوية المؤدية للإصابة بـ «أنيميا نقص الحديد» ك «الديدان الخطافية» أو تناول مكمّلات الحديد التي تؤخذ عبر الفم لمدة تتراوح من 3 إلى 6 أشهر، علماً أن لهذه المكمّلات آثاراً جانبية، تشمل: الألم في البطن والانتفاخ والإمساك وتغيّر لون البراز إلى داكن. أمّا العلاج بالحقن Parenteral iron فيستخدم في بعض الحالات، أبرزها: سوء الهضم، اضطرابات الجهاز الهضمي، الحساسية المفرطة للحديد، احتياج المريض إلى تعويضما فقده من الحديد بصورة عاجلة أو إذا كان غير متعاون في تطبيق برنامجه العلاجي، الإصابة بفقر الدم المزمن أو عدم استجابة المريض للجرعة المأخوذة عبر الفم. وتشمل الآثار الجانبية للعلاج بالحقن: الشعور بالألم، تكوّن تقيّحات صديدية مكان الحقن، ارتفاع في درجة الحرارة، رعشه وحساسية شديدة في مختلف أنحاء الجسم. وقد يحتاج المريض إلى نقل كريات حمراء Packed red blood cells (PRBCs) في الحالات الآتية:

 

- الإصابة الشديدة التي تصل فيها نسبة «الهيموغلوبين» إلى أقل من 6 غرامات لكل 100سم3 من الدم.

- ضيق شديد في التنفس يصل إلى حدّ الاختناق.

- فشل في وظائف عضلة القلب.

 

ومن جهة ثانية، ينصح بتناول اللحوم الحمراء والدجاج والأسماك والكبدة والعسل الأسود والفاكهة والخضر بأنواعها والأطعمة الغنية بفيتامين «سي» التي تزيد من امتصاص الحديد كالبرتقال والغوافة والبندورة، مع تجنّب استهلاك الشاي والقهوة عقب الطعام لاحتوائهما على حمض «التانيك» المثبط لامتصاص الحديد.

 

 

2 «الأنيميا الخبيثة» Pernicious Anemia: أحد أمراض المناعة الذاتية الناتجة عن نقص فيتامين «بي 12» و«حمض الفوليك» في الجسم، علماً أنّ البالغ يحتاج إلى ميكروغرام واحد يومياً من هذا الفيتامين وأقل من ملليغرام واحد من «حمض الفوليك» يومياً. ويتعرّض المصاب لمهاجمة بعض الأجسام المضادة التي تؤثر على «البروتين» الذي تنتجه خلايا المعدة والمسؤول عن نقل فيتامين «بي 12» عبر خلايا الأمعاء إلى الدم، ثم إلى الخلايا ليقوم بوظيفته التي تتمثل في المشاركة في تكوين الحمض النووي للخلايا DNA.

وقد توصّلت الأبحاث الحديثة إلى أن المصابين بـ«الأنيميا الخبيثة» هم أكثر عرضة لسرطان المعدة بسبب مهاجمة الأجسام المضادة خلايا المعدة، ما يؤدي إلى نقص إفراز «حمض الهيدروكلوريك» فيها وحدوث ضمور في جدارها.

وتصيب «الأنيميا الخبيثة» الإناث بنسبة 1 إلى 1.6، وتزداد معدلات حدوثها في سن 60 عاماً، كما أنها شائعة الانتشار بين سكان شمال أوروبا، وتتنقل وراثياً.

 

أعراضها: وتشمل أعراض «الأنيميا الخبيثة»:

- ضعف المناعة: قد يصاحب الإصابة بـ «الأنيميا الخبيثة» ظهور بعض أمراض المناعة الذاتية الأخرى كـ «البهاق» و«الوذمة المخاطية» المصاحبة لنقص إفراز الغدة الدرقية و«التسمّم الدرقي» و«داء أديسون».

- كبر حجم كريات الدم الحمراء نظراً إلى نقص تكوّن الحمض النووي وتأخّر في حدوث الانقسام الخلوي. ويبدو هذا الأمر عند فحص صورة الدم للمصاب.

- نقص في كلّ خلايا الدم، إلى جانب النقص في عدد الكريات الحمراء والبيضاء ومعدّل الصفائح الدموية، ما يجعل المريض عرضة لسهولة انتقال العدوى وتجلّط الدم.

- تغييرات في الجهاز الهضمي، تشمل: التهاب اللسان وضمور في الحليمات اللسانية والتهاب جدار المعدة الضموري والتهاب الاثني عشر ما يؤدي إلى سوء الهضم والرغبة الشديدة في القيء وألم في البطن وتضخم في الكبد والطحال.

- التعرّض للجلطة القلبية وأمراض الشرايين.

- حدوث اضطرابات عصبية شديدة كـ«الذهان» واعتلال عصبي طرفي وفقدان الإحساس العميق وتلف خطير بالأعصاب.

- حدوث اضطرابات نفسية.

- عند تعرّض الحامل لنقص «حمض الفوليك»، فإن الجنين يصبح عرضة لما يعرف بـ «عيوب الأنبوب العصبي»، ما يستوجب تناول جرعات من «حمض الفوليك» بانتظام خلال الشهور الثلاثة الأولى.

 

العلاج: ينصح بتعويض النقص في فيتامين «بي 12» و«حمض الفوليك»، مع الإشارة إلى استجابة المريض السريعة للعلاج. كما ينصح بتناول الأغذية الغنية بفيتامين «بي 12»، المذكورة آنفاً.