بدأ الاحتفال بيوم الأب منذ عام 1909م؛ أي في مطلع القرن العشرين، و جاءت الفكرة من فتاة أمريكية اسمها "سونورا لويس سمارت"، التي اقترحت أن يتم الاحتفال بالأب؛ لأن والدها هو من قام بتربيتها مع باقي إخوتها بعد وفاة أمها، وقد كان إخوتها ستة، وذلك في عام 1898م، وقدمت تلك الفتاة عريضة توصي بتخصيص يوم للاحتفال بالأب، ورغم أنها لم تحصل على موافقة الجميع؛ إلا إنه تم تخصيص يوم للأب بناءً على ذلك فيما بعد، وقد احتفلت مدينة سبوكين بأول يوم أب في 19 من يونيو عام 1910م فعلياً، وانتشرت هذه العادة فيما بعد في دول أخرى.
في التقرير التالي وبمناسبة الأحتفال بيوم الأب لهذا العام، نتعرف من الدكتور جعفر المصري أستاذ طب النفس ومحاضر التنمية البشرية إلى: أهمية وجود الأب في السنوات الأولى من عمر الطفل، اعتماداً على عدة أبحاث ودراسات طويلة المدى، خاصة وأن الأطفال يعيشون اليوم عالماً تتسارع فيه التغيرات الاجتماعية والأسرية، بشكل أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى.
أفكار تعرفي إليها عند الاحتفال بيوم الأب

يبدو أن التصاق الطفل بأمه في مرحلة الطفولة، جعله غالباً لا يهتم بالاحتفال بيوم الأب، من هنا كانت الضرورة لأن نبين للطفل أسباب وأهمية الاحتفال بيوم الأب؛ لإظهار التقدير والعرفان بالجميل، وتقديم الهدايا وبطاقات التحية لهم أشبه بما يحدث للأمهات، واظهري لطفلك أن هذا اليوم من الأيام التي يجب أن تجتمع فيها الأسرة.
وجود الأب النشط في السنوات الأولى من حياة الطفل يزيد من فرص تفوقه الدراسي بنسبة 39%، بل وقد يُنقذ حياة طفل من بين كل ثلاثة أطفال في بعض المجتمعات، كما أكدت الدراسات
كثيراً ما يرتبط دور الأب بوظيفة الممول والمسؤول الأول عن توفير الاحتياجات المادية للأسرة، خاصة في المجتمعات العربية، غير أن الدراسات الحديثة تؤكد أن دور الأب العاطفي والتربوي لا يقل أهمية عن دوره الاقتصادي.
خمسة محاور رئيسية للتعرف إلى أهمية وجود الأب:
لغة الأب المبكرة مع الطفل تزيد من مهاراته اللغوية والإدراكية

يبدأ العقل منذ اللحظات الأولى لولادة الطفل، في امتصاص كل ما حوله، من هنا يبرز دور الأب كمصدر متفرد في تحفيز القدرات اللغوية والإدراكية للطفل؛ حيث تشير الأبحاث إلى أن الآباء يستخدمون تنوعاً لغوياً أكثر تعقيداً وتفاعلاً أثناء الحديث مع أطفالهم مقارنة بالأمهات، ما يسهم في تطوير المهارات اللغوية والاستيعابية لدى الطفل بشكل أسرع.
بالإضافة إلى ذلك، يميل الآباء إلى الانخراط في أنشطة جسدية ولعب نشط مع الطفل، مثل الرمي والقفز، وهي أنشطة تحفز الدماغ على معالجة التوازن والتنسيق، كما أظهرت الدراسات الحديثة أن الأطفال الذين ينخرط آباؤهم في أنشطة اللعب والتعليم المبكر معهم، يظهرون أداءً أفضل عند دخولهم رياض الأطفال والمدارس الابتدائية.
الأب الحاضر يزيد من تواصل الطفل الاجتماعي والعاطفي

الأطفال الذين يحظون بآباء حاضرين ومتفاعلين، يتمتعون بمهارات في التواصل أعلى؛ لأن مشاركة الأب في التربية تُنمّي عند الطفل قيم الانضباط الذاتي، والتعاطف مع الآخرين، والقدرة على العمل ضمن فريق .
كما أظهرت دراسات طويلة المدى؛ أن الأطفال الذين نشأوا مع آباء نشطين ، قلّت لديهم مشاكل السلوك بنسبة كبيرة، وشهدوا تطوراً إيجابياً في القدرة على إدارة مشاعرهم في مواجهة التحديات.
في النهاية أن الأب الذي يوجد في السنوات الأولى من حياة الطفل، يمثل للطفل نموذجاً حيوياً للتفاعل مع العالم الخارجي، بما يحمله من صلابة واحتواء في آنٍ واحد.
وجود الأب يُحدث فرقاً في الصحة الجسدية والنمائية للطفل

نعم إنه أمر حقيقي؛ فوجود الأب يؤثر على وزن الطفل عند الولادة؛ إذ أظهرت بيانات صحية أن مشاركة الأب في رعاية الأم خلال الحمل، ومرافقته لها في الزيارات الطبية، تسهم في تقليل احتمالية الولادة المبكرة أو انخفاض وزن الطفل عند الولادة.
والأمر لا يتوقف عند مرحلة الحمل والولادة؛ فإن الأطفال الذين يعيشون مع الأب بشكل مستمر وفعّال بالمنزل، يتمتعون بمعدلات نوم أفضل، واستجابة أقل للتوتر، ونمو بدني أكثر توازناً، خاصة في سنواتهم الأولى. كل هذه التأثيرات الفيزيولوجية تعود جزئياً إلى شعور الطفل بالأمان والاستقرار، الذي يوفره وجود الوالدين معاً.
العوامل التي تؤثر على وزن الرضيع.. وهل للعوامل النفسية دخل؟
احتضان الأب للطفل يمده بالأمان والتعلق العاطفي المُستقر
من قبل ركزت الدراسات النفسية على علاقة الأم بالطفل كمصدر أساسي للتعلق الآمن، بينما الأبحاث الحديثة بدأت تسلط الضوء على دور الأب في هذا المجال؛ حيث اتضح بأن الأطفال الذين يقيمون روابط آمنة مع آبائهم يُظهرون قدرة أكبر على التفاعل الاجتماعي، ومهارات عالية في التحكم بالعواطف، بجانب مرونة نفسية أعلى في مواجهة المواقف الصعبة.
الأب شريك حتى في الصحة النفسية للأم

عادة ما تُهمل هذه الزاوية عند الحديث عن الأبوة، ويقصد بها تأثير الأب والزوج العميق على صحة الأم النفسية؛ فعندما يشارك الأب فعلياً في رعاية الطفل، تشعر الأم بدعم أكبر، ما يخفف من احتمالية الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة بنسبة تصل إلى 50%.
كما أن مشاركة الأب في المهام اليومية، مثل تحميم الطفل أو تهدئته ليلاً، تمنح الأم وقتاً لاستعادة طاقتها، وتقلل من مستويات التوتر في المنزل، وفي حالات الحمل، يزيد تواجد الأب من التزام الأم بزيارات الطبيب ويقلل من السلوكيات الضارة مثل تواجد الأم في أماكن التدخين.
وجود الأب في حياة الطفل "سيدتي"، ليس إضافة حسنة ومفيدة فقط، بل هو ركيزة أساسية لنمو مهارات الطفل التي تبقى معه لمدى طويل، والآباء ليسوا ممولين أو ضيوفاً عابرين في المشهد العائلي، بل هم مشاركون لذكريات الطفل، والمؤثرون الأوائل لوجدانه، والداعمون الأوائل للنمو النفسي والجسدي المتكامل للطفل.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
