تمر عثرات تربية الأطفال وهي تأتي فجأةً، وعندما تنتهي، يشعر الآباء والأمهات أنهم أسوأ مربين في العالم، يمكن أن يحظى به طفل. وأنتِ كأمّ قد تفكرين، من غيظك، إعطاء أطفالك لشخصٍ غريبٍ في الشارع، فقد يكون أداؤه أفضل منك في تربيتهم، لكن اعلمي أنك لست وحدك من تعانين من مشاكل إحراجات الأطفال، ويتبادر إلى ذهنك أفكار غير عقلانية، فأغلب الأمهات يمررن بها، ومع ذلك سيبذلن جهداً أفضل في تدارك هذه المواقف، وفيما يلي بعض الأمثلة البارزة على مواقف محرجة من الأطفال.
نسيت أن أقول "يوم ميلاد سعيد!"

لقد خططت لحفل مثالي. كل شيء مُجهز. وُزِّعت الدعوات. واشتريت كعكة بأبهى تزيين، وكل شيء مُطابق لما ترغب به طفلتي ذات الـ 7 سنوات، لكنني عندما أيقظتها، في صباح صيفي، وأرسلتها إلى المسبح، لم أتذكر أبداً أهمية هذا اليوم. رغم أنني أمضيت أياماً في التخطيط لهذا الاحتفال، ودعوت أصدقاءها الذين يقارب عددهم الـ 220 بالتأكيد مع أمهاتهم، ببساطة لم أقل لها: "يوم ميلاد سعيد!". إنها تفاصيل صغيرة، لكنها ذات أهمية في عقل الطفل، فبعد الظهيرة لاحظت الحزن في عينيها، وقالت لي: يبدو أنك لا تخططين لحفل يوم ميلادي اليوم"؟
عاقبت طفلي ظلماً
"بما أن طفلي الشقي الذي يبلغ من العمر 6 سنوات، متعود على إثارة المشاكل والتسبب بها، فكان في نظري متهماً بكل الأحوال، وفي كل مرة ألجأ لمعاقبته، وذات مرة كسرت المزهرية في البيت، كانت تعني لي الكثير، فقد أهدتها لي أختي عندما سافرت إلى دولة غربية، وعلى الفور اتهمت ابني بكسرها، لأنني أكثر من مرة حذرته من رمي الكرة في غرفة المعيشة، لكنه نفى ذلك، كنت أعلم أنه يكذب، ويخفي شيئاً، وكنت أميل إلى معاقبته بشدة، لكنه أصرّ على أنه غير مذنب، مع ذلك فقد أثارني لمعان عينيه، وتلك الابتسامة الساخرة، عاقبته أشد عقوبة، لأكتشف بعد أيام أنني كنت مخطئة، وشعرت بالحرج لدرجة أنني رغبت في تجريدي من لقب "أم". كان ذلك عندما اعترف لي أخوه الأكبر أنه من كسر المزهرية".
أعطيته وجبات خفيفة سكرية لإبقائه مستيقظاً

لقد فاتت ابني فرصة القيلولة وأصبح الوقت غير مناسب للنوم، ولكنني رأيت التعب في عيني طفلي، لذا أعطيته بعض الوجبات الخفيفة السكرية ليظل نشطاً حتى موعد النوم، وهذا ما أشعرني بالخجل من نفسي؛ لأن طفلي صار يطلب تكرار الوجبة كل يوم في هذا الوقت.
ابني ضرب صديقه
بدأت جارتي تكلمني عن سوء تصرف ابني، وكيف أن ابني ضرب صديقه، مع أنهما يلعبان معاً، وراحت أم الصديق تسهب في مدح ابنها، وأخلاقه، وكيف يتصرف بعطاء مع ابني، فبدأت بالشعور بأنني أفقد شيئاً، وبأن بساط التربية يسحب من تحت قدمي، وما كان مني إلا بدأت باختلاق أشياء لم يفعلها في الواقع، وفي الحقيقة عندما تكونين مع مجموعة من الآباء الذين يمتدحون فضائل أبنائهم ويشاركون في مسابقة تنافس مفتوح، فإنك تقومين بتزوير السيرة الذاتية لطفلك وتقرير أدائه وأنشطته اللامنهجية لتتناسب معهم!
شعرت بالحرج بيني وبين نفسي، لأن طفلي الذي لم يتجاوز السنوات العشر كان يسمعني، وترك كلامي في نفسه انطباعاً بأنه ليس الطفل الذي أريده!
تجسست على ابنتي

أوقعت نفسي في موقف محرج جداً، وتسبب في تشويش الثقة بيني وبين ابنتي، ذات الاثنتي عشرة سنة، حيث قمت بالتجسس على مذكراتها، وأشيائها الخاصة، والمشكلة هي أنني بمجرد أن اكتشفت شيئاً ما، بقي أمامي خياران؛ إما تجاهله، أو مواجهة ابنتي وهدم ثقتها تماماً!
وما كان مني إلا أن تصرفت برعونة، فعندما اتصل أحدهم وطلب التحدث مع ابنتي العزيزة، كذبت وأخبرته بأنها ليست في المنزل، بينما هي في الحقيقة تنتظر مكالمته. لا أعرف كيف تصرفت كذلك، ولم أستطع التبرير عندما واجهتني ابنتي بالأمر، شعرت بالإحراج فقط.
أخذت من حصالة طفلي
قد أجد نفسي أحياناً أعاني من نقص لسداد الفواتير أو أحتاج إلى مال لسد ثمن جالون من الحليب، أحضره عامل التوصيل على الباب، فما كان مني إلا أن سرقت من حصالة طفلي سراً، وتعهدت في نفسي برد المال، ولكنني نسيت الأمر حتى اللحظة التي اكتشف فيها ابني أن هناك نقوداً مفقودة، وقد فاجأني بأنه يعرف تماماً ما بداخل الحصالة، وأن لديه قائمة يسجل فيها كل ريال يدخره، وردة الفعل التي أصابته، أنه غيّر مكان الحصالة، وأخفاها في مكان يعصى عليَّ إيجادها فيه.
قمت بواجبات ابني عنه

قمت بتركيب بعض قطع البازل، وطفلي بجانبي، الذي ادعى أنه فعلها، ووافقته على ذلك، ثم رسمت رسمة، وقال مباشرة إنه قد رسمها، ووافقته أيضاً على ذلك، ثم أعطيته بعض الإجابات عن واجباته المدرسية التي ألحقته بها في الصيف، والأكثر من ذلك، أنني تدخلت لأكمل الفراغات وأمتحن معلومات الطفل، من دون أن أسمح له أبداً بتحسين مستواه التعليمي. وأقنعت نفسي بأنني فعلت ذلك لتجنيبه الإحراج أو الألم، لكنني في أعماقي أؤمن بأن إخفاقاته هي انعكاس لأسلوب تربيتي. وهذا ما يشعرني بالحرج، خصوصاً عندما أتبجح أمام الآخرين بأن طفلي فعل كذا وكذا.
أطعمت ابنتي الجبن القريش
أثناء سفري بالطائرة مع ابنتي الرضيعة، أطعمتها الجبن القريش بالملعقة قبل صعودنا مباشرة. وبينما كانت الطائرة تستعد للإقلاع، أرضعتها زجاجة حليب، فجأةً، ابتعدت عني وتقيأت بشدة على مقعدي، وتقيأت على رجل أعمال يرتدي بدلة أنيقة. استدار ساخراً وسأل: "ماذا علق في بدلتي، حليب بقر أم حليب صويا؟ أم حليب صناعي؟" (تخيلوا رائحة جبن القريش الدافئ على متن طائرة). إحراج ما بعده إحراج. وأنا أشاهد المضيفة تحاول تنظيف بدلة رجل الأعمال، التي فاحت منها رائحة الجبن القريش طوال الرحلة.
ألم يرزقك الله بأطفال؟!

التقيتُ بصديقة قديمة (ليس لديها أطفال) أحبها كثيراً، لكنني كنتُ أشعر ببعض الخجل من مظهرها المرتب، مقارنةً بشعري المجعد والمبعثر، وبدأت تنهال عليَّ بنصائح جمالية، وكيف أن عليَّ ألا أهمل نفسي، حتى أنها راحت تعطيني نصائح عن تربية الأطفال، وأنا مذهولة من كلامها وتفاصيله، وفجأة من دون تفكير مني، أحرجتها بسؤال: "ألم تنجبي أطفالاً؟"، لا حظت تغير لون بشرتها، وقالت لي: الله لم يأذن بعد، وأنهت حديثها وتابعت طريقها، صحيح أنني كنت أريد أن أوقفها عن الكلام، لكنني فكرت في أن نصائحها كانت صحيحة، وأن عليَّ الاعتناء بنفسي أكثر، وأنا أعرف أن أسلوب التربية الذي أتبعه غير مثالي، ولم يكن عليَّ أن أصدمها بهذا السؤال، لقد أُحرجت كثيراً من نفسي".
نصفي العلوي
عادة لا أجهز نفسي للخروج من السيارة، عندما أوصل أطفالي إلى أنشطتهم، وأكتفي بتسريح شعري، من دون أن أولي أهمية لبنطلوني أو حذائي، كنت أوصل طفلتي إلى دروس الباليه، وكنت أبدو بمظهرٍ رائع من الخصر إلى الأعلى. كنت على وشك توديعها عندما أعلنت طفلتي أنها سترقص منفردة في درس الباليه للبنات اليوم، لأنها قد تتأهل لمسابقة أعدها المعهد، بعد 15 دقيقة من التفكير نزلت من سيارتي، وأنا محتارة بين أداء دوري كوالدة حنونة، وبين إظهار سروال بيجامتي وحذائي الرياضي مع باديكير قديم يُبرز قدميّ العشوائيتين، لقد كان موقفاً محرجاً أخذت منه درساً ألا أخرج من البيت من دون ترتيب نفسي، من رأسي حتى أخمص قدمي".
القط فليكس

خلال صيفٍ حارٍّ في الرياض، جهّزتُ حقيبتي لرحلةٍ إلى منتجع في أبها، بينما كانت قطتنا تُعاني من الإسهال، وكان منزلنا في المراحل الأخيرة من التجديد، وكان العمال في كل مكان. جهّزتُ حقيبة طفليَّ بكلّ ما يُفضّلانه؛ أجهزة الآيباد، وسماعات الرأس، ووسائد السيارة، والعلكة، وحلوى النعناع. عندما وصلنا إلى أبها الباردة ليلاً حتى في أغسطس، أدركتُ أنني لم أحزم سوى الصنادل لنفسي. مُتمسّكةً بأسلوبي الصارم كأمّ غرضها أن تكون مرتاحة أثناء السير، ارتديتُ جوارب ابنتي الطفولية، مع صندلي في شوارع أبها، مُخبرةً نفسي بأنني أشبه بـ"القط فليكس".
فوضى سيارتي
عندما كانت ابنتاي صغيرتين، كان المقعد الخلفي لسيارتي متسخاً جداً في أغلب الأحيان. بين مقعدي السيارة، كانت أقلام التلوين، ودفاتر التلوين، والألعاب، وأوراق ما قبل المدرسة، ولسوء الحظ، كانت علبة وجبة من قطع الدجاج أحياناً.
ذات يوم، كنت أقود سيارتي لأذهب مع بناتي إلى طبيب الأطفال لإجراء فحص صحي لهنّ، عندما قالت ابنتي الكبرى: "ماما، هانا تأكل قطع الدجاج".
"ماذا؟!" قلتُ وأنا أُوقف السيارة في موقف سيارات قريب. نادراً ما كنا نتناول الطعام في مطاعم الأكلات السريعة، وقد مرّت أسابيع عديدة منذ أن ذهبنا إلى هناك. بعد أن ركنّا السيارة بأمان، نظرتُ للخلف لأجد ابنتي ذات العامين تلتهم بسعادة قطعة دجاج ناجتس كانت في سيارتي لمدة أسبوعين على الأقل في منتصف الصيف. وبينما كنتُ أُسرع في أخذها منها، أخبرتني أختها بأن هذه هي القطعة الثانية التي تتناولها.
دارت في رأسي أفكار التسمم الغذائي والبوتومين والسالمونيلا وأنا أسرع إلى عيادة طبيب الأطفال. كنا قد وصلنا مبكراً للموعد. هرعت إلى قسم الاستقبال وقلتُ بخجل إن ابنتي بحاجة إلى فحص في أسرع وقت ممكن؛ لأنها أكلت للتوّ قطع دجاج قديمة، وربما كانت تعاني من تسمم غذائي حاد. سجّلنا بهدوء وأخبرتنا الموظفة بأنه علينا الانتظار قليلاً.
احتضنتُ ابنتي بين ذراعيّ، والدموع تملأ عينيّ. لاحظت ابنتي الكبرى قلقي، فربتت برفق على رأس أختها. شعرتُ بالخزي لأن كسلي في تنظيف سيارتي كاد يُسبب لها إعياءً شديداً. شعرتُ وكأن جميع الآباء في غرفة الانتظار ينظرون إليَّ بنظرات ناقدة.
عندما جاء دورنا، شرحتُ كل شيء للطبيب بخجل شديد. استمع إليَّ بهدوء وأخبرني بأن هانا ستكون على الأرجح بخير؛ نظراً للكمية العالية من المواد الحافظة في قطع دجاج ماكدونالدز. طلب مني مراقبتها وإعادتها إذا ظهرت عليها أي أعراض، كالقيء أو الإسهال عند الأطفال. ثم فاجأني بقوله إنها ليست الحالة الأولى التي صادفها لأطفال يتناولون "طعام السيارات القديم"، وإن أحداً منهم لم يُصَب بأي أعراض جانبية.
طوال تلك الليلة، كنتُ أراقب ابنتي بشغف وهي تضحك وتلعب كطفلة عادية في الثانية من عمرها. نمتُ نوماً متقطعاً تلك الليلة، متوقعة أن أستيقظ على أصوات قيء، لكن ابنتي نامت نوماً عميقاً.
بعد هذه الحادثة، اعتدتُ أنا وبناتي على إحضار كل شيء من المقعد الخلفي بعد كل رحلة بالسيارة. لم أعد أعاني من فوضى السيارات!
5 مواقف محرجة تواجهينها عند زيارة صديقتك مع أطفالك