الرياضة أثناء الحمل: طريقٌ نحو ولادةٍ أسهل وصحةٍ أفضل للجنين/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%A9/1824520-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%B6%D8%A9-%D8%A3%D8%AB%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%84
الرياضة الخفيفة المنتظمة تسهل عملية الولادة
في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الصحية على المرأة الحامل، أصبح الحديث عن ممارسة الرياضة أثناء الحمل ليس رفاهية تقوم بها الحامل في أوقات الفراغ، بل ضرورة للحفاظ على سلامتها هي والجنين، خاصة أن نحو 15% من الحوامل حول العالم يُصبن بسكري الحمل سنوياً، كما تشير الأبحاث الطبية، وهو أحد أكثر المضاعفات شيوعاً للحمل، بينما أظهرت دراسات أخرى أن النساء اللواتي يمارسن التمارين الرياضية بانتظام خلال الحمل تقلّ احتمالية خضوعهنّ للولادة القيصرية بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بمن يعشن نمطاً خاملاً، سيدتي يمكن القول إن الحركة هي أول خطوة نحو ولادةٍ أسهل وأمومةٍ أكثر طمأنينة. والآن بحثاً عن السر وراء هذه العلاقة الوثيقة بين النشاط البدني ونتائج الولادة، وإلى أي مدى تُعتبر التمارين الخفيفة المعتدلة عاملاً حاسماً في رحلة الحمل الآمن، يدور التقرير التالي مع الدكتورة محاسن أحمد المرسي، أستاذة أمراض النساء والتوليد.
فهم العلاقة بين الحركة والحمل
حامل تتريض
كثيراً ما حذّرت الثقافات التقليدية الحوامل من الإفراط في الحركة، بدعوى أنّ الراحة التامة تحمي الجنين! لكن العلم الحديث قلب هذه الفكرة، مؤكداً أن الحركة المنتظمة تحت إشراف طبي، ووفق إرشادات مناسبة، أحد مفاتيح الحمل الصحي. خلال الحمل، يمرّ جسم المرأة بتغيرات فسيولوجية عميقة؛ زيادة في حجم الدم، تغير في مستوى الهرمونات، وتمدد بالأربطة العضلية. هذه التحولات تجعل النشاط البدني المتزن وسيلة فعّالة لمساعدة الجسم على التأقلم مع هذه التغيرات، وتحسين الدورة الدموية، وتعزيز وصول الأكسجين إلى الجنين.
فوائد صحية متعددة للأم
المشي يخفف من ثقل الحمل
التمارين المعتدلة مثل المشي، السباحة، وتمارين التمدد، تخفّض خطر الإصابة بعدة مضاعفات مرتبطة بالحمل، كما أجمعت الدراسات على ذلك.
المواظبة على النشاط البدني تساعد في تقليل خطر سكري الحمل؛ إذ تسهم التمارين في ضبط مستوى السكر في الدم وتحسين استجابة الجسم للأنسولين.
الحد من ارتفاع ضغط الدم وتسمم الحمل، وهي من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الولادات المبكرة أو القيصرية.
السيطرة على زيادة الوزن المفرطة، مما يقلل من خطر آلام الظهر، وصعوبات التنفس واضطرابات النوم.
تحسين المزاج والنوم؛ إذ تشير دراسات طبية إلى أن النشاط البدني المنتظم يقلل من أعراض القلق والاكتئاب خلال الحمل.
التمرين ليس مجرّد وسيلة لتحسين اللياقة، بل أداة علاجية وقائية تحفظ توازن الأم الجسدي والنفسي في آنٍ واحد.
الرياضة تجلب الأمان ولا تهدد سلامة الجنين
حامل تحمل أثقالاً خفيفة
هناك الكثير من النساء يتخوفن من تأثير الجهد البدني على الجنين أو زيادة خطر الولادة المبكرة، بينما الأدلة العلمية الحديثة تُفنّد هذه المخاوف. دراسات شملت آلاف الحوامل، أكدت أن ممارسة التمارين وفق الإرشادات الموصى بها، لا تزيد من خطر الإجهاض أو الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود. على العكس، فقد حافظن على نشاطهن المعتدل، وكانت ولاداتهنّ أسهل، ومعدل حاجاتهنّ للتدخلات الطبية أقل، لهذا توصي الإرشادات الصحية الحديثة النساء بممارسة النشاط البدني بمعدل 150 دقيقة أسبوعياً من التمارين متوسطة الشدة، يمكن تقسيمها على أيام الأسبوع بما يتناسب مع طاقة كل حامل. ومن أبرز الأنشطة الآمنة للحامل: المشي اليومي الخفيف، السباحة، تمارين اليوغا المخصصة للحمل، وتمارين الإطالة والتنفس العميق. أما التمارين عالية الشدة، أو التي تتطلب توازناً كبيراً أو خطر السقوط (كالتزلج أو ركوب الخيل)، فيُستحسن تجنّبها إلا تحت إشراف مختص.
تتنوّع التمارين المفيدة للحامل، بحسب مرحلة الحمل وحالة الحامل الصحية، ومن أبرزها: التمارين الهوائية (الكارديو): مثل المشي السريع أو الدراجة الثابتة، وهي تعزز صحة القلب والرئتين، وتحسّن تدفق الدم إلى المشيمة. تمارين المقاومة الخفيفة: باستخدام أوزان صغيرة أو أربطة مطاطية، تساعد في تقوية العضلات الداعمة للظهر والبطن. اليوغا وتمارين التمدد: تقلل التوتر وتزيد مرونة العضلات، وتُحضّر الجسم للولادة الطبيعية. تمارين قاع الحوض (كيغل): تقي من مشاكل السلس البولي بعد الولادة، وتسهّل عملية الدفع أثناء المخاض. وينصح الخبراء بأن تبدأ الحامل التمرين بعد استشارة الطبيب، خصوصاً إذا كانت تعاني من أي مشاكل في ضغط الدم أو القلب أو إذا كان حملها عالي الخطورة، كما يُفضّل ممارسة التمارين في أماكن جيدة التهوية، مع شرب كميات كافية من الماء، وتجنّب النشاطات في درجات حرارة مرتفعة.
للاستفادة القصوى من التمارين أثناء الحمل، توصي الإرشادات الصحية بما يلي: ابدئي تدريجياً: إذا لم تكوني معتادة على الرياضة، ابدئي بعشر دقائق يومياً، وزيدي المدة تدريجياً حتى تصلي إلى 30 دقيقة في اليوم. استمعي لجسدك: توقفي فوراً عند الشعور بالدوار أو الألم أو ضيق التنفس. احرصي على التغذية المتوازنة: فالنشاط البدني لا يُغني عن نظام غذائي غني بالبروتينات والفيتامينات والمعادن. احصلي على دعم أسري: مشاركة الزوج أو أحد أفراد العائلة في النشاط اليومي؛ يجعل الالتزام أسهل وأكثر متعة. استشيري طبيبك بانتظام: فكل حمل حالة فريدة، والطبيب هو المرجع الأول لتحديد حدود المجهود المناسب. الحركة بداية الحياة، والحمل ليس فترة "راحة تامة" كما يُعتقد، بل مرحلة تحتاج إلى توازن بين الراحة والنشاط، والمرأة التي تمارس الرياضة باعتدال لا تحمي نفسها فحسب، بل تمنح جنينها بدايةً صحية لحياته؛ فالتمارين المنتظمة تهيّئ الجسد للولادة الطبيعية، وتُخفّف من مضاعفات ما بعد الولادة. * ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.