تشخيص حساسية اللبن أو عدم تحمل اللاكتوز عند الرضع -رضاعة طبيعية أو صناعية- يعد من أصعب ما تواجهه الأم في الأيام الأولى بعد الولادة، خاصة إذا كانت أمّاً جديدة لا تمتلك خبرة في مراقبة الأعراض؛ حيث إن كثيراً من الأطفال يعانون من اضطرابات بعد الرضاعة، وتتساءل الأم: هل هي طبيعية؟ أم تدل على مشكلة حقيقية تحتاج إلى تدخل طبي سريع؟
الدكتورة وفاء الصاوي أستاذة طب النساء والولادة وضعت دليلاً كاملاً يساعد الأم على اكتشاف حساسية اللبن أو اللاكتوز من أول أسبوع، بطريقة علمية ونقاط بسيطة وعلامات واضحة، يسهل ملاحظتها.
أسباب حساسية اللبن عند الأطفال

تحدث حساسية اللبن لعدة أسباب قد تكون وراثية أو بيئية، أهمها وجود تاريخ مرضي للحساسية في العائلة مثل: حساسية الصدر أو حساسية الجلد.
ولادة الطفل بعملية قيصرية قد تزيد احتمال حدوث الحساسية بسبب عدم اكتمال نمو الجهاز المناعي بشكل طبيعي.
تناول الأم لألبان الأبقار أثناء فترة الرضاعة قد يسبب انتقال بروتينات اللبن إلى الطفل عبر الحليب، مما يؤدي إلى تفاعل مناعي.
علامات التحسس من الألبان وكيفية التعامل هل تودين معرفتها؟
الفرق بين حساسية اللبن وعدم تحمل اللاكتوز
حساسية اللبن هي رد فعل من جهاز المناعة تجاه أحد بروتينات اللبن، والجهاز المناعي يتعامل مع البروتين على أنه جسم غريب ويبدأ في مهاجمته، مما يؤدي إلى ظهور أعراض قوية وسريعة على الطفل، قد تكون خطيرة إذا لم يتم معالجتها بشكل صحيح.
أما عدم تحمل اللاكتوز فهو مشكلة في الجهاز الهضمي وليس المناعي؛ فالطفل في هذه الحالة لا يمتلك إنزيم اللاكتوز المسؤول عن هضم سكر اللبن، مما يؤدي إلى اضطرابات في الهضم بعد كل رضعة.
الفرق الأساسي أن الحساسية تظهر أعراضها مباشرة بعد تناول اللبن، بينما عدم تحمل اللاكتوز يظهر بعد دقائق أو ساعات مع أعراض أقل خطورة لكنها مزعجة ومستمرة.
علامات حساسية اللبن التي تظهر من أول أسبوع

طفح جلدي مفاجئ
ظهور بقع حمراء أو تورم حول الفم أو على الوجه أو الجسم بعد الرضاعة مباشرة، يعد من أخطر العلامات. هذا الطفح يحدث بسبب تفاعل جهاز المناعة مع بروتين اللبن، وقد يزيد بسرعة إذا استمر الطفل في تناول اللبن.
تورم الشفتين أو الجفون
من أخطر علامات الحساسية التي لا يجب إهمالها. تورم الوجه يدل على أن الجسم يبالغ في رد فعله تجاه اللبن، وقد تتطور الحالة إلى صعوبة في التنفس إذا لم يتم التدخل.
قيء شديد بعد الرضعة
القيء الطبيعي يحدث أحياناً نتيجة ابتلاع الهواء أو ارتجاع بسيط، لكن القيء القوي المتكرر مباشرة بعد الرضعة هو علامة تحذيرية. خصوصاً إذا صاحبه إسهال أو ضعف في نشاط الطفل.
بكاء متواصل بعد كل رضعة
البكاء المستمر بدون توقف مع شد الرجلين على البطن يدل على ألم حاد قد يكون ناتجاً عن التهابات في الجهاز الهضمي بسبب الحساسية. هذا الألم يكون متكرراً بعد كل رضعة، ولا يتحسن مع تغيير وضع الطفل.
إسهال مخاطي أو دموي
وجود مخاط أو خطوط دم في البراز من أهم العلامات التي تشير إلى التهابات شديدة في الأمعاء نتيجة حساسية اللبن، يجب مراجعة الطبيب فوراً عند ملاحظة هذه العلامة؛ لأنها لا تُعد طبيعية على الإطلاق.
علامات عدم تحمل اللاكتوز عند الرضع

هذه الحالة أقل خطورة من الحساسية، لكنها مزعجة للطفل ومرهقة للأم، وقد تجعل الرضاعة عملية صعبة للغاية. أشهر علاماتها ما يلي:
غازات وانتفاخ شديد
الغازات المتكررة والانتفاخ الكبير في بطن الرضيع بعد كل رضعة علامة أساسية على أن الجسم لا يهضم سكر اللاكتوز جيداً. الانتفاخ يجعل الطفل يبكي ويعجز عن النوم.
إسهال مائي متكرر
البراز في حالة عدم تحمل اللاكتوز يكون مائياً ورائحته قوية، وغالباً ما يحدث عدة مرات في اليوم. الطفل يخرج كمية كبيرة من السوائل، مما قد يؤدي إلى جفاف إذا لم تتم متابعته.
ألم بالبطن مع ثني القدمين للداخل
الألم الناتج عن تراكم الغازات يجعل الطفل يشد رجليه إلى بطنه باستمرار. هذه الحركة المميزة تلاحظها الأمهات فوراً؛ لأنها تكرر كثيراً كل يوم بعد الرضاعة.
قلة زيادة الوزن
الأطفال الذين لا يتحملون اللاكتوز لا يستفيدون جيداً من الرضاعة، وبالتالي لا يزيد وزنهم بالشكل المطلوب. إذا لاحظت الأم أن وزن طفلها ثابت رغم الرضاعة الجيدة يجب التفكير في هذه المشكلة.
أسباب عدم تحمل اللاكتوز
هناك ثلاثة أنواع من عدم تحمل اللاكتوز:
- عدم تحمل مؤقت يحدث بعد الإسهال أو عدوى في الجهاز الهضمي، ويستمر عدة أسابيع فقط.
- عدم تحمل وراثي نادر جداً يولد به الطفل، ويظهر من الأيام الأولى.
- عدم تحمل تدريجي يحدث مع تقدم العمر، ويظهر عادة بعد الشهور الأولى، ولكن الاستثناء هو الأطفال الذين يولدون بنقص شديد في إنزيم اللاكتوز فيظهر عليهم مبكراً.
كيف تفرّق الأم بين الحالتين بسهولة؟

هناك طريقة بسيطة لمعرفة الفرق من خلال ملاحظة توقيت ظهور الأعراض:
إذا ظهرت الأعراض خلال دقائق إلى ساعتين من الرضاعة، وكانت أعراضها قوية مثل التورم والطفح الجلدي والقيء الشديد، فغالباً تكون حساسية لبن.
أما إذا ظهرت الأعراض بعد ساعات وكانت في شكل انتفاخ وإسهال وغازات، فالسبب غالباً عدم تحمل اللاكتوز، كما أن الحساسية غالباً ما يصاحبها أعراض جلدية وتنفسية، بينما عدم تحمل اللاكتوز يكون هضمياً فقط.
هل تظهر حساسية اللبن في الرضاعة الطبيعية أم اللبن الصناعي فقط؟

يعتقد البعض أن الحساسية تحدث فقط مع اللبن الصناعي وهذا اعتقاد غير صحيح؛ حساسية اللبن يمكن أن تظهر حتى مع الرضاعة الطبيعية؛ إذا كانت الأم تتناول الحليب ومشتقاته بكثرة؛ لأن جزءاً من بروتين اللبن ينتقل إلى الطفل. لذلك قد يطلب الطبيب من الأم التوقف عن تناول منتجات الألبان لمدة أسبوعين ومراقبة تحسن حالة الرضيع.
أما اللبن الصناعي فيزيد احتمالية ظهور الحساسية؛ لأنه يحتوي على بروتينات ألبان الأبقار بشكل مباشر، مما يجعل الأعراض تظهر أسرع.
طرق تشخيص حساسية اللبن وعدم تحمل اللاكتوز
هناك عدة خطوات يعتمد عليها الطبيب لتأكيد التشخيص أهمها:
- الفحص السريري للطفل: الطبيب يفحص البطن والجلد والتنفس، ويتأكد من وجود علامات الالتهاب أو الجفاف أو الطفح الجلدي.
- اختبار الأجسام المضادة: هذا الاختبار يوضح وجود رد فعل مناعي تجاه بروتين اللبن، وبالتالي يحدد حساسية اللبن بدقة.
- اختبار توقف اللبن لمدة أسبوعين: في هذا الاختبار يتم إيقاف اللبن بكل أنواعه من غذاء الطفل؛ سواء كان حليباً طبيعياً أو صناعياً. إذا تحسنت الحالة فهذا دليل قوي على وجود حساسية.
- تحليل مستوى اللاكتوز: هذا التحليل يحدد كمية إنزيم اللاكتوز في الجهاز الهضمي، ويكشف عن عدم تحمل اللاكتوز.
ماذا تفعل الأم عند الاشتباه في حساسية اللبن؟
إذا ظهرت على الطفل أعراض قوية مثل القيء المتكرر أو الطفح الجلدي أو التورم، يجب التوقف فوراً عن إعطاء اللبن والذهاب للطبيب، ولا يُنصح بتغيير نوع اللبن بدون استشارة؛ لأن كل طفل يحتاج نوعاً محدداً حسب حالته.
الطبيب قد يصف لبناً خالياً من بروتينات الأبقار، أو لبناً مخصصاً للرضع الذين يعانون من الحساسية، أما إذا كانت الأم ترضع طبيعياً فسيطلب منها التوقف عن تناول منتجات الألبان لمدة أسبوعين؛ لمعرفة إذا كانت هي السبب.
العلاج يعتمد على السبب:
إذا كان الطفل يعاني من عدم تحمل مؤقت بعد الإسهال؛ فإن المشكلة تختفي بعد أسابيع قليلة، في هذه الفترة يمكن استخدام ألبان قليلة اللاكتوز. أما إذا كان الطفل لديه نقص وراثي في اللاكتوز، فغالباً سيحتاج إلى حليب خالٍ من اللاكتوز لفترة طويلة مع متابعة دقيقة للنمو.
هل يختفي المرض مع الوقت؟
نعم. حساسية اللبن قد تختفي في عمر ثلاث سنوات عند نسبة كبيرة من الأطفال. أما عدم تحمل اللاكتوز فقد يتحسن مع نمو الجهاز الهضمي. لذلك لا يجب اليأس فالكثير من الأطفال يتعافون تماماً مع الوقت.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.






