mena-gmtdmp

كيف يتواصل الرضّع بطريقة غير مرئية؟ وهل تُفهم لغتهم بالقلب وحده؟

صورة لطفل رضيع
طفل رضيع يتواصل بالنظرات مع أمه
يولد الطفل كائنًا صغيرًا لا يستطيع الكلام أو شرح ما يريد أو يشعر به، ورغم هذا الصمت الظاهر، فإن كل أم وكل أب يعرفان في أعماق قلبيهما أن صغيرهما يتكلم لغة تواصل خفية، غير مرئية لا تُسمع بالأذن بل تُفهم بالنظر وبالقلب، وتظل لفترة قوية وفاعلة، إنها اللغة التي تصنع الثقة، والطمأنينة، والشعور بالأمان.
في هذا التقرير تأخذنا الدكتورة أمل عبد العظيم أستاذة طب نفس الطفل في رحلة داخل عالم التواصل غير المرئي لدى الأطفال الرضع، وتكشف كيف يتواصل الرضع بطريقة غير مرئية ليعبروا عن مشاعرهم ورغباتهم بطرق قد لا ننتبه لها، لكنها موجودة وتعمل طوال الوقت.

لغة لا تُرى ولكن تُحس

طفل يتشبث بحضن أمه
الكلام هو الوسيلة الأساسية للتواصل، بينما يثبت الرضيع شكلاً آخر من اللغة لا تحتاج إلى كلمات، ولا إلى جمل طويلة.
يتحدث لغة تنبع من الفطرة، من الشعور، من الروابط العاطفية التي تنمو بين الأم وطفلها لحظة بلحظة.
الرضيع لا يحتاج أن يقول أحبك يا أمي بالكلمات، بل يقولها بعينيه، بصوته، بجسده، وبالطمأنينة التي يشعر بها بين يديك.

لغة العيون.. التواصل من النظرة الأولى

لحظات من التواصل البصري يومياً
منذ الأيام الأولى بعد الولادة، يبدأ الرضيع التواصل البصري من النظرة الأولى، نجده يستخدم عينيه للتواصل، وقد تظنين أن نظرته عشوائية أو بلا معنى، لكن الدراسات السلوكية تؤكد أن نظرات الطفل هي أول جسر يربطه بأمه وبالعالم من حوله.
الرضيع يتتبّع وجه أمه كما لو أنه يقرأ ملامحها كلمة، عندما تنظر إليه الأم خلال الرضاعة أو أثناء حمله، وهذا التواصل البصري يرسل للرضيع رسالة عميقة: أنا معك، وأنت بأمان.
  • الطفل يحدّق بشدة عندما يكون مهتماً.
  • يشيح بنظره عندما يشعر بالإرهاق أو التحفيز الزائد.
  • يرمش بسرعة عندما يكون متوتراً.
  • إنه يُخبرك بمنتهى الوضوح- دون كلمات- كيف يشعر؟

أصوات الرضع حديث بلا كلام

قبل أن يقول الطفل كلمة "ماما"، يكون قد قال الكثير بوسائل أخرى، الأصوات التي يصدرها الرضيع ليست عشوائية، بل هي شكل من أشكال التواصل الحقيقي.
البكاء لغة الرضع الأولى
البكاء هو وسيلة الرضيع الأساسية لإخبارك أنه يحتاج شيئاً كالجوع، ومع الوقت تبدأ الأم في التمييز بين أنواع البكاء المختلفة، وكأنها لغة كاملة تتعلم مفرداتها تدريجياً.
صوت الهدهدة
عادة يبدأ هذا الصوت في الأسابيع الأولى، وهو أول شكل من أشكال المحادثة مع الأم، عندما يهدل الطفل ويصدر أصواتاً خفيفة كأنها أغنيات صغيرة، فإنه يقول: أنا سعيد. أنا مرتاح. أريد أن أتواصل.
المناغاة
عندما يبدأ الطفل بالمناغاة بابا.. ماما.. غاغا، فهو لا يحاول تقليد الكلمات فقط، بل يبني عضلات الكلام والتواصل، ويكتشف موسيقى صوته الخاص، الأصوات في حياة الرضيع ليست مجرّد ضجيج صغير لطيف، بل هي حجر الأساس في بناء ذكائه اللغوي والتواصلي.

لغة الجسد رسائل تقول الكثير

طفل مرتاح آمن تحمله أمه
الرضيع يتكلم بجسده أيضاً قبل لسانه، الإيماءات الصغيرة التي قد تبدو بسيطة تحمل معاني كبيرة.
حركة اليدين
  • عندما يمد الطفل يديه نحوك، فهو يريدك.
  • عندما يقبض أصابعه بشدة، فهو متوتر.
  • عندما تتحرك يداه بحرية، فهو مرتاح وآمن.
حركة الرجلين
  • ركل القدمين بعنف قد يشير للإثارة أو الانزعاج.
  • الرجلان المسترخيتان تعنيان شعوراً بالاطمئنان.
تعابير الوجه
  • الابتسامة الأولى تأت دون وعي من الرضيع، ثم تتطور لاحقاً إلى ابتسامة اجتماعية، تعد واحدة من أهم الإشارات في التواصل.
  • العبوس، رفع الحاجبين، أو شد الوجه كلها طرق للتعبير عن الفضول، الضيق، أو الملل، علامات يظهرها الرضيع لا تحتاج قاموساً، ومن أكثر الوسائل وضوحاً لفهم عالمه الداخلي.

اللمس لغة الحب الأولى

  • اللمس هو أول وأعمق شكل من أشكال التواصل بين الأم وطفلها؛ فالرضيع يعرف العالم من خلال جلده، من خلال دفء حضنك، ومن خلال إحساسه بأناملك وهي تمر على رأسه أو ظهره.
  • الاحتضان، حين تحتضنين طفلك، أنتِ لا تمنحيه الدفء فقط، بل تنظمين نبض قلبه، وتنعمين تنفسه، وتهدئين جهازه العصبي.
  • الملامسة اللطيفة هي لمسات صغيرة على يديه أو قدميه أو وجهه تجعله يشعر بأنه مرئي ومحبوب، هذه اللمسات تساعده على فهم أن العالم ليس مخيفاً، وأن هناك من يحميه ويرعاه.
  • الاسترخاء والتهدئة؛ عندما يبكي الطفل ويهدأ فور حمله، فهذا ليس مجرد صدفة بل إنها لغة الجسد العاطفية في أجمل صورها.

لغة الإشارات المبكرة قبل الكلام

بلغة الاشارة: رضيع يطلب أن تحمله أمه
في السنوات الأخيرة، أصبح الكثير من الآباء يعتمدون ما يُعرف بـلغة الإشارة للرضّع، وهي إشارات بسيطة يتعلم الطفل استخدامها قبل أن يتمكن من النطق. هذه الطريقة تساعده على التعبير عن احتياجاته: الحليب. الماء. النعاس. الانتهاء من الطعام. الألم.
يتعلم الطفل هذه الإشارات، لأنه قادر على التحكم في يديه قبل قدرته على التحكم في النطق، وهذا يقلل من إحباطه ويبني جسراً واضحاً للتواصل بينه وبين أسرته.

أهمية فهم لغة التواصل غير المرئية عند الرضع

لأنها ليست مهارة فطرية عند الأهل، بل مهارة تُكتسب، وعندما يفهم الوالدان هذه اللغة، تحدث أمور جميلة مثل :
  1. يقل بكاء الطفل لأنه يشعر أنه مفهوم.
  2. تتعزز علاقة الأم بطفلها وتصبح أقوى.
  3. يشعر الطفل بالأمان والطمأنينة.
  4. يصبح نمو الرضيع العاطفي أكثر صحة.
  5. ويصبح الوالدان أكثر ثقة في رعايته.
  6. فهم لغة الرضيع حجر الأساس لبداية صحيّة ومستقرة.

كيف يمكن للأم أن تتقن الإنصات لطفلها؟

أصوات وكلمات غير مرئية

راقبي عينيه وتعابير وجهه.
استمعي لأصواته وكأنها كلمات صغيرة.
اتركي له مساحة للتفاعل، ولا تفرطي في التحفيز.
استخدمي لمسات هادئة وحانية.
تحدثي معه حتى لو لم يفهم الكلمات، فهو يفهم الصوت والنبرة.
استجيبي بسرعة قدر الإمكان لإشاراته.
تذكري أن الصغير لا يبكي ليزعجك بل ليخبرك.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تقديم هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.