mena-gmtdmp

لمحة عن 10 أيقونات إيطالية في عالمي التصميم والديكور

أعمال فنية خزفية لجيو بونتي
أعمال فنية خزفية معروضة ضمن معرض سيراميك جيو بونتي للمصمم الإيطالي جيو بونتي في متحف MIC الدولي للسيراميك (المصدر: Photo by Roberto Serra - Iguana Press/Getty Images)

أينما كانت قارئة هذه السطور، فهي إذا نظرت أمامها أو خلفها أو إلى يمينها أو إلى يسارها، ستجد أن التصميم بعوالمه المتشابكة يحيط بها شاملاً أشياء مثل اللابتوب أو الموبايل الذي تتصفح عبره المقالة، والكرسي أو الأريكة التي تجلس عليها، والطاولة التي تحمل فنجان قهوتها والحائط المطلي أو المزين بورق الجدران أو المعلقات والسقف الذي تنسدل منه وحدة الإنارة والنبتة الداخلية التي تزين المكان، وهذا الأخير مقهى كان أو منزلاً أو مكتباً مصمم بصورة تراعي المستخدمين. لا يمكن حصر الكلام عن التصميم، لكن من الصحيح القول أن إيطاليا كان لها تأثيرات كبيرة على هذا العالم لا سيما عندما دخل زمن الحداثة، إذ يسجل لبعض المصممين الإيطاليين أنهم كانوا أيقونات وأثروا في الحقبة الحديثة من التصميم من خلال الاشتغال بمواد وأشكال وعلى مشاريع أصبحت محفوظة في المتاحف ومهمة للاطلاع عليها من قبل هواة التصميم. في السطور الآتية، لمحة عن 10 أيقونات إيطالية في عالمي التصميم والديكور عملوا على إلغاء الحدود بين العمارة والديكور والأثاث والفن، بدون الإغفال عن الوظيفية.

جيو بونتي أبو الحداثة الإيطالية

أيقونة التصميم جيو بونتي
 المهندس المعماري جيو بونتي مع زوجته وابنته في الخلفية، في الشقة التي صممها في شارع جوزيبيه ديزا بميلانو (المصدر: Photo by David Lees/Getty Images)

جيو بونتي (1891-1979)، هو أحد المصممين الإيطاليين الأكثر شهرة، وتأثيراً، إذ يُعتبر على نطاق واسع أبا للحداثة الإيطالية في القرن العشرين، فهو كان معروفاً بأسلوبه البسيط والنيوكلاسيكي، وقد اتفق على تسمية تياره "العصر الإيطالي الجديد". بعد تخرج بونتي من "بوليتكنيكو دي ميلانو"، بشهادة في الهندسة المعمارية عام 1921، هو واصل مسيرته المهنية التي امتدت لستة عقود كمهندس معماري ومصمم أثاث. وفي عشرينيات القرن الماضي، بصفته المدير الفني لصانع الخزف التوسكاني ريتشارد جينوري، دمج بونتي بتناغم بين القديم والجديد من خلال أشكال خزفية معاصرة مزينة بزخارف من العصور الرومانية القديمة. وفي عام 1928، أسس بونتي "دوموس"، المجلة الرائدة والمبتكرة والمؤثرة في الفن والتصميم والهندسة المعمارية، وهي لا تزال تصدر حتى اليوم. 

أول ناطحة سحاب مبنية في إيطاليا
برج بيريللي، ناطحة سحاب تاريخية في ميلانو بارتفاع 127 مترًا بنيت في خمسينيات القرن الماضي كأول ناطحة سحاب في إيطاليا بتوقيع جيو بونتي (الصورة من unsplash)

خلال أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، صمّم بونتي قطع أثاث رائدة ركّزت على الوظيفة والأناقة والجماليات، منها على سبيل المثال لا الحصر: كرسي "سيديا دي بوكو سيديل"، وكرسي "أرمن 811"، وكرسي "ماريبوسا"، وكرسي "كونتينوم راتان" بذراعين، وطاولة جانبية "دي 5551". وتُعدّ هذه الأخيرة أساسيةً لفهم شاعرية بونتي في التصميم والهندسة المعمارية.
لا يزال إرث بونتي يُشكّل نظرتنا للعالم من حولنا: فرغم أنه لم يُصنّف نفسه "حداثياً" قط، إلا أن بونتي مسؤول عن دفع التصميم الإيطالي قدماً بوتيرة غير مسبوقة. تُعرض أعماله الآن في أنحاء العالم، بما في ذلك متحف مولتيني بإيطاليا.


قد يهمك الاطلاع أيضاً على "النيو كلاسيكية" في التصميم الداخلي... مزيج البساطة والفخامة

كارلو مولينو

كارلو مولينو شارك في تصميم سيارة سباق تجريبية أنيقة عام 1955 (المصدر: غيتي)

يُعرف كارلو مولينو (1905- 1973) بفنه وتصاميمه بقدر ما يُذكر بشغفه بالسيارات والطائرات والرياضات الشتوية، وهي تأثيرات واضحة في أعماله، ففي المنحنيات المتعرجة للإطارات الخشبية التي تدعم طاولاته، يُمكن للمرء أن يسترجع منحدرات التزلج المغطاة بالثلوج والمسارات التي اعتاد قيادة سياراته السريعة عليها. كما تُذكر الوصلات المعدنية التي تربط العديد من أعماله التصميمية بهندسة الطيران، وتُظهر عمارته الجبلية إطارات ترتفع إلى السماء.
بعد دراسة الهندسة المعمارية في "بوليتكنيكو دي تورينو" عام 1931، عمل مولينو مع والده الذي كان يدير شركة هندسية، ولكن بحلول أربعينيات القرن العشرين، كان يُبدع تصاميمه الفريدة للكراسي والطاولات وحتى السيارات، ففي عام 1955، شارك مع ماريو دامونتي وإنريكو ناردي في تصميم بيسيلورو دامولنار، وهي سيارة سباق تجريبية أنيقة بهيكلين مزدوجين لسباق 24 ساعة في لومان. من أشهر تصميماته كرسي فينيس (1959)، المصنوع من خشب القيقب الصلب، والذي يتميز بمسند ظهره المستوحى من التراث الشعبي والمكون من شريحتين عموديتين منحوتتين. ومن أعماله المميزة الأخرى مكتب كافور (1949) المصمم لمكتبه في تورينو: مزيج جريء من الزجاج، وأدراج عائمة، وساق خشبية منحنية تجمع بين شفرات المروحة ومنحدرات جبال الألب. في بحث مولينو الدائم عن الخفة والديناميكية، كان من المهندسين المعماريين القلائل الذين أدخلوا عناصر من الفن والثقافة السريالية في الحركة الحديثة: قال ذات مرة: "عندما لا يمكن تفسير العمل إلا من خلال ذاته، يمكننا القول إننا في حضرة الفن".
اليوم، يمكن زيارة متحف كازا مولينو في تورينو، وهو المشروع الأكثر غموضاً للمصمم؛ صُمم كازا مولينو في ستينيات القرن الماضي - ليس كمسكن، بل كنوع من ملاذ ميتافيزيقي - ولم يكن من المفترض أن يُسكن فيه قط. بإطلالة على نهر بو، كانت الشقة عملاً رمزياً خاصاً زاخراً بالتلميحات الغامضة: غرف مُغطاة بالمخمل، ولوحات مُذهّبة، وصور فوتوغرافية مثيرة، ومزيج دقيق من فخامة الباروك وهيمنة الحداثة. اختار مولينو بنفسه كل شيء، حتى المنسوجات وأدوات المائدة. لم يكن المكان مأهولاً خلال حياته ولم يُكشف عنه للجمهور إلا بعد عقود من وفاته، وهو يُشبه سيرة ذاتية ثلاثية الأبعاد، ويمكن زيارته من خلال جولة سياحية حصراً.

فرانكو ألبيني

قلّة من المصممين استطاعت إضفاء طابع معماري على الروطان، المعروف بالرتان، على صعيد العامة، أو تحويل رفّ كتب إلى تحفة هندسية. قام فرانكو ألبيني (1905-1977) بكلا الأمرين، مطبّقاً مبادئ العقلانية على مواد بسيطة في مشاريع متنوعة، من الكراسي بذراعين إلى محطات المترو. بعد دراسة الهندسة المعمارية في "بوليتكنيكو دي ميلانو"، تدرب ألبيني على يد جيو بونتي، وسرعان ما برز كشخصية محورية في الحركة العقلانية قبل الحرب العالمية الثانية. انجذب إلى التقنيات الإيطالية التقليدية، لكنه تعامل معها بنظرة حداثية، مجرّباً أسعاراً معقولة، وخفة وزن، وإمكانية التعديل. أدت تجاربه المبكرة مع القصب المنحني والروطان إلى ابتكار كرسيي مارغريتا (1950) وغالا، من إنتاج بوناسينا. لكن أشهر أعماله هو كرسي لويزا (1955)، الذي استغرق تصميمه 15 عاماً. خطوط الكرسي الحادة، ومفاصله المكشوفة، وظلاله البسيطة، كلها يجسّد فلسفة ألبيني المتمثلة في "أقصى تأثير بأقل استخدام للمواد". وقد نال بفضل ذلك جائزة "الكومباسو الذهبي". ولم يختلف تصميم رف الكتب "فيليرو" (1940) عن تصميمه الجريء من حيث البنية، فهو نظام معلق من كابلات الشد والأرفف الزجاجية يبدو وكأنه يطفو في الهواء.
تجاوزت مواهب ألبيني حدود الأثاث، فمع زميلته فرانكا هيلج، صمّم كل شيء بدءاً من المتاجر الكبرى (بما في ذلك ريناشينتي في روما) وصولاً إلى المكاتب (إينا في بارما)، وأعاد تصميم محطات مترو الخط الأول في ميلانو بتصميمات منطقية، وإرشادات واضحة، وتفاصيل معيارية لا تزال تُميّز جماليات المدينة. اليوم، لا يزال العديد من أعمال ألبيني قيد الإنتاج من خلال علامتي "كاسينا و"بوناسينا"، ولا يزال إرثه محفوظاً في مؤسسة فرانكو ألبيني في ميلانو.

كرسي لويزا
كرسي لويزا، الذي استغرق تصميمه 15 عاماً، يحمل توقيع فرانكو ألبيني


قد يهمك الاطلاع أيضاً على نبات الرتان.. من غابات آسيا وأفريقيا إلى زوايا منزلك

أوزفالدو بورساني

كرسي أيقوني من تصاميم الأثاث الإيطالي
كرسي الاسترخاء p40 للمصمم أوزفالدو بورساني يوصف بأنه آلة للاسترخاء 

جمع أوزفالدو بورساني (1911-1985) في أعماله التصميمية بين التقاليد الحرفية التي نشأ عليها ومتطلبات عالمٍ يشهد تطوراً متسارعاً. وُلد في فاريدو لعائلةٍ من صانعي الخزائن، وبدأ التدرب على يد والده غايتانو بورساني في ورشة فاريدو في سن المراهقة. مهّد هذا التدريب المبكر على الأثاث المصنوع بدقة والمُستوحى من فن الديكور الطريقَ لانتقاله لاحقاً نحو الحداثة. بعد حصول بورساني على شهادة الهندسة المعمارية في جامعة "بوليتكنيكو دي ميلانو"، ترك بورساني بصمته في معرض ميلانو الدولي للتصميم عام 1933 بمنزله النموذجي "كازا مينيما"، والأخير صغير المساحة، يجمع بين الأنظمة المعيارية والهندسة البسيطة مع مزيجٍ مبتكرٍ من المواد: الفولاذ الأنبوبي، وخشب النخيل، والرق الأبيض، والزجاج المُقسّى. عكس هذا التصميم الجمالية العقلانية الناشئة، ومنحه الميدالية الفضية في المعرض، والأهم من ذلك، أنه مثّل قطيعة مع الزخرفة، وأشار إلى مستقبل وظيفي جديد. تبلور هذا المستقبل عام 1953، عندما أسس بورساني شركة "تكنو" مع شقيقه التوأم فولجينزيو. كان هدفهما إضفاء طابع صناعي على التصميم دون التضحية بالأناقة. في "تكنو"، قدّم بورساني إحدى أشهر قطعه: كرسي الاسترخاء P40 (1955)، والأخير يتكئ على إطار معدني، مع مسند ظهر قابل للتعديل، ودعامة أرجل قابلة للطي، وأجنحة جانبية بأذرع مطاطية. وُصف الكرسي بأنه "آلة للجلوس"، ويمكن وضعه في 486 وضعية مختلفة، جامعاً بين الهندسة الدقيقة والراحة. ولا يزال هذا الكرسي أحد أكثر كراسي الاسترخاء مرونةً على الإطلاق. من بين أبرز القطع الأخرى من كتالوج "تكنو" المبكر، أريكة D70، بمقعدها ومسند ظهرها المنفصلين اللذين يُفتحان ككتاب، ونظام مكتب Graphis (1968)، وهو مفهوم لمساحات العمل المعيارية استبق بيئات المكاتب المرنة الحالية.
اليوم، تُعرض أعمال بورساني في مجموعات فنية رئيسية، بما في ذلك متحف تريينالي للتصميم في ميلانو، ومتحف الفن الحديث في نيويورك، ومركز بومبيدو في باريس.

أريكة من تصميم أوزفالدو بورساني
أريكة D70 مع مقعد ومسند ظهر منفصلين يُفتحان ككتاب

بييرو فورناسيتي

كان بييرو فورناسيتي (1913-1988) فناناً متعدد اللغات، يتنقل بسلاسة بين الرسم والتصوير والطباعة والتصميم. افتتح ورشة طباعة فنية خاصة به عام 1930، واضعاً بذلك حجر الأساس لما سيصبح لاحقاً عالم فورناسيتي الفريد. بالتعاون مع فنانين مثل فابريزيو كليريتشي وألبرتو سافينيو، أنتج كتباً ومطبوعات حجرية بطبعات محدودة قبل أن يتجه نحو الأثاث والتصميم الداخلي. أدى لقاءٌ محوري مع المهندس جيو بونتي عام 1940 إلى انطلاق تعاون طويل الأمد، ودفع فورناسيتي نحو تصميم أشياء الحياة اليومية. وبتشجيع من بونتي، بدأ في صناعة الأثاث والصواني والسيراميك والشاشات. كان عالمه مليئاً بالأوهام البصرية وخيالات الكلاسيكية الجديدة: شموس، وأقمار، وأوراق لعب، ووجه مغنية الأوبرا لينا كافالييري المُعاد تخيله بلا نهاية، والذي أصبحت صورته رمزاً مميزاً لأكثر من 350 عملاً فنياً.
في عام 1956، افتتح أول متجر لفورناسيتي في شارع مانزوني بميلانو، حيث وُصفت أعماله غالباً بأنها "جنون عملي". قال ذات مرة: "أنا أثاثي، والقطع هي سيرتي الذاتية. ما فعلته كان أكثر من مجرد ديكور - لقد كان دعوة للخيال". واليوم، يواصل مشغل "فورناسيتي" عمله تحت إشراف ابنه بارنابا، مُنتجاً إصدارات أرشيفية وأعمالاً جديدة تُخلّد إرث بييرو.

إيتوري سوتساس

قلّما ساهم المصممون في صياغة اللغة البصرية لتصميم أواخر القرن العشرين مثل إيتوري سوتساس (1917-2007)، فهو اشتهر بأسلوبه الجريء ورؤيته الجذرية، وساهم في تجاوز الحدود بين التصميم الراقي وثقافة البوب والحياة اليومية. بعد التخرج في الهندسة المعمارية في "بوليتكنيك تورينو" عام 1939، انتقل لفترة وجيزة إلى نيويورك عام 1956 للعمل تحت إشراف جورج نيلسون، الذي كان بمثابة احتكاك مبكر بالحداثة الأمريكية أثرى نظرته العالمية.
حقق سوتساس انطلاقته الفنية عام 1958، عندما عُيّن مستشاراً للتصميم لدى "أوليفيتي". وهناك، ابتكر كل شيء من الآلات الكاتبة إلى الحواسيب الكبيرة، بما في ذلك الآلة الكاتبة فالنتينا (1969)، وهي آلة محمولة حمراء زاهية اللون نال عنها جائزة "الكومباسو دورو". في أواخر الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، تعاون مع مجموعات تجريبية مثل سوبر ستوديو وأركيزوم، مستكشفاً فلسفة الوظيفية المناهضة والجماليات الجذرية قبل أن يؤسس استوديو خاصاً به في ميلانو.
"عندما كنت صغيراً، لم نسمع سوى عن الوظيفية، والوظيفية، والوظيفية. هذا لا يكفي. يجب أن يكون التصميم حسياً ومثيراً"، حسب كلماته، علماً أن هذه النزعة بلورها في عام 1981 عندما أسس مجموعة ممفيس، وهي مجموعة جريئة من المصممين الذين رفضوا البساطة مفضلين الألوان الصارخة وعدم التناسق والأسلوب الغريب. خلال هذه الفترة، صمم سوتساس أشهر قطعه: فاصل الغرفة كارلتون الرمزي، وخزانة كازابلانكا المتعرجة، ومصباح تاهيتي على شكل طائر. اليوم، تُعتبر جمالية ممفيس مثيرة للجدل بقدر ما هي مؤثرة (لقد حددت عملياً مظهر الثمانينيات وأوائل التسعينيات).

أكيلي كاستيغليوني

اتّبع أكيلي كاستيغليوني (1918- 2002) نهجاً يجمع بين الدقة والمرح في التصميم. تخرج في جامعة "بوليتكنيكو دي ميلانو"، وانضم إلى شقيقيه ليفيو وبيير جياكومو في تأسيس استوديو كاستيغليوني، حيث اشتهروا بتحويل الأغراض اليومية إلى تصاميم ذكية ودائمة - متجذرة دائماً في الفائدة، ولكن دون أن تخلو من لمسة فنية. قال أكيلي كاستيغليوني ذات مرة: "لا ينبغي أن يكون التصميم عصرياً. التصميم الجيد يجب أن يدوم مع مرور الوقت، حتى يبلى". تتجلى هذه الفلسفة في قطعه الأيقونية: مصباح أركو (1962)، بقاعدة رخامية وقوس كاسح من الفولاذ المقاوم للصدأ، ومقعد سيلا (1957)، المعلّق بمقعد دراجة، ومقعد ميزادرو (1957)، وهو مقعد جرار أُعيد تصميمه كمسند مرح. سواءً كان يصمم منفضة سجائر أو وحدة إضاءة، فقد غرس كاستيغليوني في كل قطعة روح الدعابة، ولكن ليس على حساب الرؤى الإنسانية. كان عضواً مؤسساً في جمعية التصميم الصناعي الإيطالية في خمسينيات القرن الماضي، وقضى ستة عقود في صياغة كيفية أداء التصميم في الحياة اليومية، بل وكيفية تطبيقه. ولا تزال أعماله تُعرض حتى اليوم، من خلال شركات "فلوس" و"زانوتا" و"أليسي".

فيكو ماجيستريتي

المصمم فيكو ماجيستريتي
المصمم الإيطالي فيكو ماجيستريتي

وُلد فيكو ماجيستريتي (1920-2006) لعائلة معمارية بارزة من ميلانو، وطوّر لغة تصميمية تجمع بين التجريب والرقي، مُجرّداً الأشكال من جوهرها دون أن يفقدها رونقها. خلال الحرب العالمية الثانية، هرب من الترحيل العسكري إلى سويسرا، حيث درس على يد المهندس المعماري الإنساني إرنستو ناثان روجرز، الذي أصبح له تأثيرٌ كبيرٌ عليه طوال حياته. في ستينيات القرن الماضي، بدأ ماجيستريتي بالتعاون مع علامات تجارية إيطالية رائدة مثل أرتيميد وأولوتشي وكاسينا، مُنتجاً سلسلةً من الأعمال الكلاسيكية الحديثة؛ مصباح إكليس (1965)، تصميم مرح وعملي في آنٍ واحد لأرتيميد، يتميز بجسم معدني مستدير وغطاء داخلي دوار يسمح للمستخدم بإخفاء المصباح، وتعديل الإضاءة - وهي فكرة نال من خلالها جائزة كومباسو دورو عام 1967. ومن بين الأعمال البارزة الأخرى كرسي سيلين البلاستيكي القابل للتكديس (1969) لصالح شركة "أرتيميد"، وأريكة مارالونجا النحتية (1973) لـ"كاسينا"، وهي قطعة فخمة عميقة مع مساند رأس قابلة للتعديل مخفية داخل كل وسادة ظهر - تُفعّل بسحب خفيف - للسماح للجالس بالانتقال بين وضعية الوقوف والاستلقاء المريح، ومصباح ليستر 220 (الصورة)، في عام 1987، وهو مصباح طاولة قابل للتعديل من إنتاج شركة "أولوسي"، يضم جميع الأجزاء الميكانيكية، بما في ذلك الدائرة الكهربائية، مما يخلق صورة أبسط. اليوم، يمكن للمهتمين بالتصميم والديكور رؤية أعمال فيكو ماجيستريتي معروضة في أماكن مثل متحف الفن الحديث في نيويورك ومتحف تريينالي للتصميم في ميلانو.


 

غايتانا أولنتي

أضفت غايتانا أو غاي أولنتي (1927-2012)، إحدى الشخصيات البارزة في مشهد التصميم الإيطالي في فترة ما بعد الحرب، لمسةً معماريةً واضحةً وشخصيةً مميزةً على كل شيء، من الأثاث إلى المساحات العامة الرئيسة. بعد تخرج أولنتي من جامعة "بوليتكنيك ميلانو"، انضمت إلى مجلة "كازابيلا" قبل أن تتجه إلى التصميم الصناعي في ستينيات القرن الماضي. قالت أولنتي ذات مرة: "أهدف إلى ابتكار أثاث يبدو في الغرفة كمبانٍ في أفق المدينة". حملت هذه الروح في منصبها كمديرة فنية في فونتانا آرت من عام 1979 إلى عام 1996، حيث ساهمت في دفع العلامة التجارية إلى مرحلة حداثية جديدة. وتحت إشرافها، صممت قطعاً خالدة مثل طاولة "تافولو كون روت" (طاولة زجاجية على عجلات صناعية)، وطاولة "تور" (بتصميمها المستوحى من عجلة دراجة هوائية كقاعدة)، ومصباح "بارولا" الذي صممته بالتعاون مع بييرو كاستيجليوني. في السنوات الأخيرة لحياة المصممة، أصدرت إكستيتا نسخة جديدة من مجموعتها "لوكوس سولوس" لعام 1964، التي صممتها في الأصل لبولترونوفا، وشكّلت نقلة نوعية عن الألوان الخافتة السائدة في ذلك الوقت: أثاث خارجي مصنوع من إطارات فولاذية أنبوبية زاهية بألوان برتقالية وصفراء جريئة، مقترنة بوسائد مطبوعة برسومات جرافيكية.

جايتانو بيشي

لم يُضفِ أحدٌ على الأثاث طابعاً حيوياً أو ثورياً أكثر من جايتانو بيشي (1939-2024)، فهو استخدم الراتنج كوسيلةٍ وأسلوب ثوري، فحوّل العمارة وتصميم المنتجات والفن إلى أشكالٍ أصيلةٍ للغاية، تتحدى التناسق والتقاليد. وُلد بيشي في لا سبيتسيا، ودرس العمارة في جامعة البندقية على يد كارلو سكاربا وإرنستو روجرز. وفي عام 1959، شارك في تأسيس مجموعة "ن"، وهي مجموعةٌ فنيةٌ تُركز على الفن الحركي، وتستند إلى مبادئ باوهاوس (مدرسة فنية ومعمارية ألمانية أنشأها المعماري والتر غروبيوس عام 1919 في مدينة فايمار، ثم انتقلت لاحقاً إلى ديسيلدورف وبرلين قبل أن يغلقها النازيون في 1933. كانت تهدف إلى توحيد الفن والتصميم والصناعة من خلال منهج تعليمي يركز على الوظيفة والبساطة والجمالية الحديثة. تميزت بأسلوب يعتمد على الخطوط النظيفة، والأشكال الهندسية، والألوان الأساسية، مع رفض الزخرفة الزائدة. كانت تؤمن بأن التصميم يجب أن يكون عملياً ومتجدداً، وساهمت بشكل كبير في تطور التصميم الحديث، وتصميم المنتجات، والعمارة، وتركت إرثاً عميقاً في عوالم الفن والتصميم حتى اليوم). وبحلول ستينيات القرن الماضي، برز جايتانو بيشي كشخصيةٍ بارزةٍ في حركة التصميم الراديكالي الإيطالية، مستخدماً مواد غير تقليدية وألواناً جريئةً لدفع التصميم إلى آفاقٍ سياسيةٍ وعاطفية.


قد يهمك الاطلاع أيضاً على مادة الإيبوكسي تزين منزلك وتزيد تصميمه الداخلي جاذبية

عمله الأشهر - كرسي "لا ماما" من إنتاج UP5 (1969) لشركة B&B إيطاليا - يجمع بين المرح والتحدي. استوحى هذا الكرسي الفخم من تماثيل الخصوبة القديمة، وقد صدر مغلفاً ومُفرّغاً من الهواء ومُوسّعاً عند إصداره، مُرفقاً بمسند قدم مُقيّد يُذكّر بكرة وسلسلة. كان تعليقاً واضحاً وجريئاً على القمع المنهجي للمرأة. في السنوات اللاحقة، قدّم أريكة روزيتا المعيارية (2021)، المستوحاة من خبز ميلانو الذي يحمل الاسم نفسه.
وسّع بيسكي هذه التجربة الجريئة لتشمل الهندسة المعمارية: يُعدّ المبنى العضوي المُغطّى بالنباتات في أوساكا وبيت الأطفال السريالي في بارك دو لا فيليت بباريس مثالين رئيسيين، وكذلك "إل بيشيترولو" في بوليا، الذي أعاد تصور منازل الترولي التقليدية بأشكال حيوية حالمة.
قال ذات مرة: "أسعى جاهداً للبحث عن مواد جديدة تنسجم مع منطق البناء، مع تقديم خدمات تلبي الاحتياجات الحقيقية". وهي فلسفة لم تُشكل مقتنياته فحسب، بل شكّلت أيضاً منهجه الذي استمر طوال حياته في التدريس في أكاديمية دوموس، وجامعة كوبر يونيون، وغيرهما. ولا تزال أعماله محفوظة في المجموعات الدائمة لمتحف الفن الحديث، ومتحف فيكتوريا وألبرت، ومركز بومبيدو.