يُقصد بالصيام لغةً الإمساك عن الشيء، حيث يمتنع الشخص الصائم عن الأكل والأعمال السيئة والشراب والكلام البذيء والشهوات، ويُقصد به اصطلاحاً حسب الشريعة الإسلامية الامتناع عن الشراب والأكل، وكل ما يُعد من المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، وحكمه فريضة على كافة المسلمين، فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[البقرة: 183].
ويقول الدكتور محمود الصاوي وكيل كلية الدعوة الاسلامية جامعة الأزهر: يتميَّز شهر رمضان عن غيره من الأشهر بالمميزات الآتية
-
فرض الله فيه الصيام، والصيام هو الركن الثالث من أركان الإسلام التي فرضها الله -سبحانه وتعالى- على المسلم، فإن المسلم حتى يكون إسلامه كاملاً تاماً؛ يجب أن يؤدي تلك الفريضة في وقتها الذي شُرع صيامها فيه.
-
وللصيام عند الله مكانة مميَّزة، حيث جعل أجر الصيام دون غيره من الأعمال راجعاً إليه سبحانه وتعالى، حيث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنَّ الله سبحانه وتعالى يقول: (كلُّ حسنةٍ يعمَلُها ابنُ آدَمَ بعشْرِ حسناتٍ إلى سبعِمئةِ ضِعفٍ، يقولُ اللهُ: إلَّا الصَّومَ فهو لي وأنا أجزي به يدَعُ الطَّعامَ مِن أجلي والشَّرابَ مِن أجلي وشهوتَه مِن أجلي وأنا أجزي به.
-
وللصَّائمِ فرحتانِ: فرحةٌ حينَ يُفطِرُ وفرحةٌ حينَ يلقى ربَّه ولَخُلوفُ فمِ الصَّائمِ حينَ يخلُفُ مِن الطَّعامِ أطيبُ عندَ اللهِ مِن ريحِ المِسكِ).
أنواع مبطلات الصيام
1- نوع يُبطله ويُوجب الإثم والقضاء والكفارة وهو الجماع لا غير. وعلى الزوجة كفارة مثل الرجل طالما كانت مختارة مطاوعة، وبعض العلماء لا يرى كفارة عليها، والجمهور على أن الكفارة على الترتيب، أي العتق، فإن عجز فصيام ستين يوماً، فإن عجز فإطعام ستين مسكيناً. وذهب بعض العلماء – ابن حزم وغيره- إلى أن الكفارة فقط هي الواجبة هنا دون القضاء وهو الراجح.
2- ونوع يُبطله ويُوجب القضاء فقط، ولا يوجب إثماً ولا كفارة، وهو الحيض والنفاس حتى لو أصيبت المرأة بهما قبل الغروب بلحظة.
3- ونوع يُبطله، ويوجب القضاء والإثم دون الكفارة، وهو الأكل والشرب عمداً، والتدخين، وتناول المخدرات شرباً ومضغاً واستنشاقاً وحقناً، وإنزال المني بالمباشرة أو الاستمناء.
4- ونوع يُبطله، ويُوجب القضاء فقط دون إثم أو كفارة، وهو الأدوية التي تتناول بالفم شرباً أو امتصاصاً أو ابتلاعاً، ومثله المكياج الذي يوضع بالشفتين إذا تحلل منه شيء ووصل إلى المعدة.
أما منْ أكل أو شرب ناسياً فقد أطعمه الله وسقاه، ولا إثم عليه ولا قضاء ولا كفارة سواء أكان صوم نافلة أو فريضة.
ومن ظن أن الشمس غربت فأفطر فبان خطؤه فالجمهور على أن عليه القضاء، والراجح أنه لا قضاء عليه. كما أن الراجح أن من تسحر وهو يظن أن الفجر لم يطلع فبان خطؤه أنه لا قضاء عليه، وإن كان الجمهور يوجبون القضاء في الحالتين. ولا فرق بين من أكل ناسياً أو جامع ناسياً.
وللمسلم أن يأكل حتى يتيقن من طلوع الفجر، فإذا كان يشك هل طلع الفجر أم لا فيجوز له أن يأكل حتى يتيقن، فقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عباس قال ”أحلّ الله لك الأكل والشرب ما شككت”. وهو مذهب الجمهور، ورجحه شيخ الإسلام، وجاءت آثار عن الصحابة تفيد ما هو فوق ذلك.
ومن تعاطى مفسداً من مفسدات الصيام جاهلاً فلا يفسد صيامه إذا كان قريب عهد بالإسلام، وأما غيره فلا.
ومن أكره على تعاطي ما يفطر فالراجح أنه لا يفطر خلافاً للجمهور.
والدم الخارج من اللثة لا يفطر الصائم ما لم يتعمد ابتلاعه – وهو بعيد- ورجوع بعض الدم إلى الحلق غلبة (أي دون قصد) لا يُفسد الصيام.
المعاصي والصيام
الصيام دون صلاة حسنة مع سيئة كبرى، والسيئة لا تمحو الحسنة، وأما منْ رأى أن ترك الصلاة كفر فلا يثاب تارك الصلاة عنده إن صام؛ لأنه يلقى الله كافراً، والترجية هنا أولى من التيئيس.
وذهب بعض السلف إلى أن معصية اللسان – مثل الغيبة- ومعصية الأذن – مثل استماع الغيبة –ومعصية العين – مثل النظرة المحرمة- ومعصية اليد والرجل… كل ذلك من مفسدات الصيام، والجمهور على أنه لا يفطر شيء من ذلك غير أن الجميع متفق على أن المعاصي تذهب بثواب الصيام، وكفى تخويفاً في هذا قوله صلى الله عليه وسلم: “منْ لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”. رواه البخاري من حديث أبي هريرة.