أنواع الروايات
أنواع الروايات

تظل الرواية الأدبية كجنس أدبي متفرد لها تميز لافت؛ لما يعتلج بداخلها من تجلي فكري، وإبداع شعوري بلاغي، ووميض ذهني مذهل، فما تقدمه من رسائل ضمنية أو ظاهرية يفك طلاسم الحياة وتعقيداتها، وتصرفات البشر بغرائبيتها، ويفتح الباب على مصراعيه للقارئ لولوج أماكن وأزمنة قد يستحيل عليه ولوجها أو حتى الاقتراب منها... "سيدتي" التقت الكاتب والأديب والشاعر الكبير أحمد فضل شبلول، الحاصل على العديد من الجوائز العربية والدولية، آخرها جائزة الدولة للتفوق في الآداب بمصر عام 2019، للحديث حول الرواية العربية وأنواعها. 

الرواية العربية: ماهيتها ونشأتها 

أنواع الروايات - من موقع unsplash
أنواع الروايات

يقول شبلول: الرواية هي شكل من أشكال الكتابة الأدبية، التي تتنوع وتتعدد فيها الشخصيات والأمكنة والأزمنة والدوافع النفسية والتصرفات البشرية، وربما غير البشرية، والتي غالباً ما تعكس الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وربما السياسية في مجتمع ما، سواء في الماضي أو الحاضر، أو التوقع المستقبلي لهذا المجتمع، فالرواية قد تلجأ إلى تصوير البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها أبطال الرواية، لتقدم لنا في النهاية شريحة من شرائح المجتمع؛ يتفاعل معها القارئ ويزداد خبرة، ويرى ما قد لا يراه في واقعه اليومي.  

الشكل الحديث للرواية

أنواع الروايات من موقع unsplash
أنواع الروايات

يقول شبلول:على الرغم من وجود الحكي في تراثنا العربي، عبر حكايات ألف ليلة وليلة، وغيرها، فإن الشكل الحديث للرواية هو شكل قادم من الآداب الأوروبية، بدأ لدينا بالتقليد والترجمة، فمثلاً مصطفى لطفي المنفلوطي كان يقرأ الروايات الفرنسية ويعيد صياغتها بلغة عربية فصيحة، ومهارة أدبية عالية، على أنها من تأليفه، هكذا قرأنا له الفضيلة، وماجدولين، وفي سبيل التاج، وغيرها. ثم جاءت روايات مؤلفة مثل "زينب" للدكتور محمد حسين هيكل؛ يصور فيها الريف المصري على غرار الريف الأوروبي. والذى مهد لشكل أدبي جديد ارتاده بعد ذلك كبار الأدباء؛ ليعبروا عن البيئة المحلية والقضايا التي تشغل الإنسان المصري أو العربي. 

أشكال ومضامين الروايات

 

  • الرواية التاريخية

وهي التي لجأ إليها نجيب محفوظ في بداياته، كما رأينا جورجي زيدان يخوض غمارها، فيكتب لنا: عذراء قريش، وفتاة غسان، وفتح الأندلس، وشجرة الدر، وغيرها.  

  • الروايات الواقعية أو الاجتماعية

مثل ما قدمه لنا نجيب محفوظ في زقاق المدق، والقاهرة الجديدة، والثلاثية (بين القصرين وقصر الشوق والسكرية) وغيرها.  

  • الروايات النفسية

مثل الشحاذ، والسراب، عند محفوظ. 

  • روايات الخيال العلمي

هي قليلة في أدبنا العربي، وكان من روادها الكاتب نهاد شريف، ورؤوف وصفي.

  • روايات الرعب

  مثل روايات أحمد مراد، وأحمد خالد توفيق. 

  • روايات الفانتازيا

مثل أرض زيكولا لعمرو عبد الحميد، وفرسان وكهنة، وقطز لمنذر القبانى. 

  • روايات الواقعية السحرية

  مثل روايات خيري عبد الجواد؛ كيد النسا، وقرن غزال، وسلك شائك.

  • روايات تيار الوعي

وكانت بدايتها مع نجيب محفوظ عبر الواقعية التقليدية، التي تمثلت في القاهرة الجديدة، والثلاثية الشهيرة، والتي بنى عليها تيار الوعي لدى جمال الغيطاني، وصنع االله إبراهيم، وإدوارد الخراطة، وبهاء طاهر، وغيرهم. 

 

الرواية العربية بين العصر القديم والحديث 

بالتأكيد هناك اختلافات كبيرة في تقنيات كتابة الرواية المعاصرة، عما كان سائداً في الماضي: 

فالرواية أصبحت منفتحة على كل الأنواع الأدبية الأخرى، فمن الممكن أن تستضيف الشعر والقصة القصيرة والمشهد المسرحي واللوحة التشكيلية والمقطوعة الغنائية والقصاصة الصحفية، وغيرها، فيما يعرف بتداخل الأنواع الأدبية في النص الروائي. 

وهناك ظاهرة تعدد الأصوات في الرواية الواحدة، وهناك رواية المونولوج الطويل، أو رواية تيار الوعي. 

كما أن المونتاج وظاهرة التقطيع يلجأ إليها بعض الروائيين، لكسر الملل، وإعطاء الفرصة لأكثر من صوت أو مشهد يتداخل مع صوت المتكلم الرئيسي، ولنقل المشهد إلى واجهة أخرى. 

أحمد فضل شبلول
الكاتب والأديب والشاعر أحمد فضل شبلول

لماذا قل إقبال الأدباء على الإبداع في مجال الرواية؟  

وهل نجحت القصة القصيرة والقصة القصيرة جداً فى إزاحة الرواية العربية جانباً؟ 

يقول شبلول: على العكس.. أرى أن كتابة الرواية هي المتسيدة الآن، والكثير من شباب الأدباء يبدأون حياتهم الأدبية بكتابة الرواية، على عكس العقود السابقة.. 

فالجوائز الكبرى للرواية العربية والعالمية شجعت الأدباء على الإبداع الروائي. 

الفرصة متاحة لتحويل الأعمال الروائية إلى أعمال درامية، سواء تلفزيونية أو سينمائية. 

الرواية تحمل وجهة نظر في الحياة، وتعطي فرصة واسعة للكتابة والبحث والتعبير والبوح، أكثر من غيرها من الأشكال الأدبية الأخرى. 

أما الأقصوصة أو القصة القصيرة جداً، أجدها مجرد دفقة سريعة تعبر عن فكرة ما، وليست مشروعاً أدبياً كبيراً مثل الرواية، أيًّا كان عدد صفحاتها، لذا فإن موضة القصة القصيرة جداً لن تستمر طويلاً.