للموظف: أنت تعمل ساعاتٍ طويلة، وتظن أنك تبني مستقبلك، لكن هل توقفت لحظة لتسأل نفسك: هل ما أفعله ما زال شغفاً صحياً أم أصبح هوساً يلتهمني؟ إدمان العمل لا يبدأ بضجيج، بل بخطوات صغيرة تكاد لا تلاحظها، حتى تجد نفسك عالقاً في دوامة لا نهاية لها. هذه العلامات الخمس هي مرآة تضع أمامك الحقيقة؛ لتقرر إن كان وقت التغيير قد حان. الخبير في مجال تنمية الذات، "المهندس أحمد آتشك جوز" يطرق الأبواب نحو مفهوم مختلف للعمل.
علامات الإنذار المبكر لإدمان العمل:
اضطراب النوم
حين يتسلل العمل إلى وسادتك، يصبح النوم معركة يومية. تبدأ الليلة بالتقلب من جانب إلى آخر، تفكر في مواعيد التسليم أو الرسائل التي لم تُجب عنها. حتى إن نمت، يظل عقلك مستيقظاً في حالة تأهب دائم. هذا الحرمان المتكرر من النوم لا يسبب التعب فحسب، بل يُضعف جهاز المناعة، يزيد من مخاطر أمراض القلب، ويجعلك أكثر عرضة للانفعال والتوتر في أبسط المواقف.
ما رأيك: قبول أي عرض وظيفي أم الانتظار للفرصة المثالية: ما الأفضل لمسيرتك؟
تراجع العلاقات
العلاقات الإنسانية هي وقود الروح، لكن مدمن العمل غالباً ما يدير ظهره لها دون وعي. يعتذر عن حضور المناسبات، يتجاهل اتصالات الأصدقاء، أو يجلس بجسد حاضر لكن ذهنه في مكان آخر. بمرور الوقت، يشعر المحيطون به أنه لم يعد متاحاً، فيبتعدون. النتيجة: عزلة صامتة تضعف الدعم النفسي والاجتماعي، وتجعلك أكثر عرضة للاكتئاب والاحتراق الداخلي.
إهمال الجسد
الجسد يملك لغة خاصة يرسلها على شكل إشارات: صداع متكرر، جفاف في العينين، شد عضلي، أو تعب لا يزول بالقليل من الراحة. مدمن العمل يختار تجاهل هذه الرسائل، ظناً أن "الإنجاز" يبرر التضحية. لكن الحقيقة أن الإهمال المستمر يفتح الباب لمشكلات مزمنة مثل السكري، ارتفاع الضغط، أو حتى الانهيار الجسدي المفاجئ. الجسد حين ينهار، لا يعطي إنذاراً مسبقاً طويل المدى.
انطفاء الشغف
الحماس هو ما يجعل العمل متعة وليس عبئاً. لكن مع إدمان العمل، يتحول الشغف إلى شعلة تخبو ببطء. لم تعد تفرح بالإنجازات، ولا تجد طعماً للنجاح الذي كنت تطمح له. تصبح كل مهمة مجرد "واجب ثقيل" تسعى لإنهائه دون متعة. هذا الانطفاء لا يضر إنتاجيتك فحسب، بل يسرق منك متعة الحياة نفسها، ويقود إلى احتراق وظيفي يجعلك غريباً عن ذاتك الحقيقية.
تضخم القلق
القلق الطبيعي يحفزنا أحياناً، لكن مع إدمان العمل يتحول القلق إلى وحش يلاحقك. حتى في عطلتك أو أثناء جلوسك مع عائلتك، تفكر: "هل أنجزت ما يكفي؟ هل سيتأثر مستقبلي إن توقفت للحظة؟"، هذا الشعور الدائم بالذنب يرهق الجهاز العصبي، يرفع ضغط الدم، ويجعلك أسير حلقة مفرغة من الخوف المستمر. ومع الوقت، قد يتحول القلق إلى حالة مرضية تحتاج إلى علاج نفسي متخصص.
4 نصائح للتخلص من إدمان العمل:
-
تنظيم الوقت
يشير الخبير إلى أن السيطرة على الوقت هي السلاح الأول ضد إدمان العمل. فالكثير من الموظفين يغرقون في دوامة المهام؛ لأنهم لا يضعون حدوداً واضحة لبداية ونهاية عملهم. عندما تضع جدولاً يومياً يتضمن ساعات للعمل وأخرى للراحة والأنشطة الشخصية، فأنت تحمي نفسك من الاستنزاف. كما أن تحديد الأولويات يساعدك على التركيز على ما هو مهم حقاً، بدلاً من تشتيت طاقتك في تفاصيل صغيرة. ومع الوقت، ستكتشف أن الإنجاز لا يقاس بعدد الساعات، بل بمدى جودة ما تقدمه.
-
فصل الحياة الشخصية
يوضح الخبير أن العمل إذا تسلل إلى كل تفاصيل حياتك؛ فإنه يحرمك من أبسط لحظات السعادة والراحة. لذلك، الفصل بين العمل والحياة الخاصة ضرورة وليست رفاهية. تخصيص وقت ثابت للجلوس مع العائلة أو ممارسة هواية مثل القراءة أو الرياضة، يخلق جداراً نفسياً يحميك من الاستنزاف. هذا الفصل ليس خسارة للعمل، بل هو استثمار حقيقي في طاقتك الداخلية؛ لأن الموظف الذي يعيش حياة متوازنة يكون أكثر إبداعاً وقدرة على حل المشكلات بطرق مبتكرة.
-
الاهتمام بالصحة
يؤكد الخبير أن الجسد والعقل هما الوقود الحقيقي لأي إنجاز، فإذا أهملتهما سيتوقف كل شيء. إدمان العمل عادة ما يدفع الشخص إلى تقليل ساعات النوم، تجاهل التمارين، أو حتى إهمال الغذاء الصحي، مما يؤدي إلى إنهاك طويل الأمد. البدء بخطوات صغيرة مثل شرب الماء بانتظام، المشي لفترات قصيرة خلال اليوم، أو أخذ خمس دقائق للتنفس العميق، يمكن أن يصنع فارقاً كبيراً. ومع الاستمرارية، ستلاحظ كيف تتحول هذه العادات إلى قوة تحافظ على صحتك وتعيد التوازن لعقلك.
-
تعلم قول لا
يشدد الخبير على أن إدمان العمل يتغذى على الرغبة في إرضاء الجميع. كثيرون يقعون في الفخ عندما يقولون نعم لكل طلب أو مهمة، حتى لو كانت خارج قدراتهم أو وقتهم. تعلم قول لا.. يعني أن تضع حدوداً صحية تحمي بها وقتك وطموحك. لا ترفض بعنف، بل بلطف ووضوح، موضحاً أولوياتك الحالية. ومع مرور الوقت، سيصبح الآخرون أكثر احتراماً لحدودك، وستجد أنك تنجز ما يهمك حقاً دون أن تغرق في التزامات مرهقة.
هل تعلم السبب: لماذا تبقى في مكانك بينما الآخرون يتقدمون؟ 5 عادات تعيق تطورك المهني