mena-gmtdmp

اختراق علمي تاريخي لعلاج عقم النساء

امرأة تشعر بالحزن لعدم إيجابية اختبار الحمل
اختراق علمي تاريخي لعلاج عقم النساء- مصدر الصورة: Freepik

رغم التطور الكبير الذي شهدته علاجات العقم، إلا أنه لاتزال هناك نساء لا يمكنهن الإنجاب. وفي إنجاز علمي تاريخي، يبدو أن كثير منهن سوف يُعاد لهن الأمل في الإنجاب، وذلك بعد أن نجح فريقٌ من العلماء الأمريكيين في استخدام خلايا الجلد لتخليق بويضات بشرية مُهيّأة للتخصيب.
وأشار هذا الفريق العلمي إلى أن النساء اللواتي لا ينتجن بويضات مناسبة للإنجاب، بات بإمكانهن الآن تغيير هذا الواقع من خلال الإخصاب الصناعي، الذي ربما يغيّر مستقبل علاجات العقم لدى النساء.

إعداد: إيمان محمد

بويضات صناعية من خلايا الجلد

الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature Communications في نهاية سبتمبر 2025، جاءت بعد سنوات من العمل. كان قد انخرط فيها فريقٌ من جامعة أوريجون للعلوم والصحة بقيادة البروفيسور شخرات ميتاليبوف، وهو أحد أهم العلماء الضالعين في أبحاث الخلايا الجذعية والإخصاب.
وجاءت نتائج الدراسة مبشّرة؛ حيث ذهبت إلى إمكانية استخدام خلايا الجلد العادية لإنتاج بويضات مُهيّأة للتخصيب، وتحمل الصفات الوراثية للمرأة نفسها. وهو ما قد يُحدِث تحولاً جذرياً في فهم العقم وعلاجه خلال السنوات المقبلة.

ما الفرق بين الاستنساخ وتخليق البويضات؟

امرأة تُجري اختبار حمل- المصدر freepik

 

يمكن القول إن الاستنساخ كان بذرة الإنجاز العلمي لتخليق البويضات من خلايا الجلد، وتشير رويترز إلى أن الباحثين اعتمدوا في دراستهم على "نقل النواة الجسدية". التقنية نفسها التي اعتمد عليها العلماء في معهد "روزلين" بأسكتلندا عام 1996 عند استنساخ النعجة الشهيرة "دوللي". وتعتمد هذه التقنية على سحب خلايا جلدية من النساء الراغبات في الإنجاب، واستخراج ما يُعرف بـ"النواة" التي تحتوي على 46 كروموسوماً، تمثل الخريطة الجينية الكاملة للإنسان، ثم تتم زراعتها داخل بويضات بشرية منزوعة النواة. وبهذا الشكل، تمكّن العلماء من تخليق خلايا هجينة تحمل المادة الوراثية من خلايا الجلد- لكنها تعمل مثل البويضات الأنثوية تماماً.

معضلة الكروموسومات

رغم الإنجاز العلمي، إلا أن هناك معضلة واجهت العلماء، وهي عدد الكروموسومات؛ فالبويضة الطبيعية تحتوي فقط على 23 كروموسوماً؛ لتكمل النصف الآخر عند التخصيب بالحيوان المنوي. أما الخلايا الجلدية البشرية فتحتوي على 46 كروموسوماً، وهو ما يجعل أيّ تخصيب يَنتج عنه خلل وراثي قاتل.
لهذا السبب، طوّر العلماء عملية جديدة أطلقوا عليها اسم Mitomeiosis، وهي نوع مبتكَر من الانقسام الخلوي، يماثل الانقسام الطبيعي في البويضات.
وباستخدام هذه التقنية، تمكّن العلماء من تحفيز الخلايا المزروعة على التخلُّص من نصف الكروموسومات الزائدة بطريقة تشبه ما يحدث في جسم المرأة الطبيعي، وبحسب رويترز قال: "لقد حققنا ما كان يُعتقد أنه مستحيل. الطبيعة منحتنا طريقتين للانقسام الخلوي، ونحن أضفنا الثالثة".
اقرأي أيضاً رحلة أمل وشفاء: تجرِبتي في مواجهة سرطان الثدي

كيفية تخصيب البويضات الصناعية

بعد ذلك، قام العلماء بتخصيب هذه البويضات بالحيوانات المنوية داخل المختبر. وتم اختبار نحو 82 بويضة، نجحت بالفعل 9% منها ودخلت في مرحلة التخصيب، فيما توقفت البقية عن النموّ بسبب تشوُّهات كروموسومية.

هل عقم النساء انتهى؟

ما تم التوصل إليه لا يمكن اعتباره نهاية نهائية لحالات عقم النساء، بينما هو إنجاز علمي تمكّن من إثبات مفهوم علمي جديد، لكن لايزال الطريق طويلاً قبل أن يصبح هذا الأسلوب علاجاً فعلياً في عيادات الإخصاب.
وبحسب ما أفصح عنه ميتاليبوف؛ فإن الوصول للمرحلة النهائية والقاطعة، يحتاج إلى أكثر من 10 سنوات مقبلة من الأبحاث، قبل أن يصبح العلاج آمناً وفعالاً للتطبيق على البشر؛ حتى ولو سُمح بإجراء مثل هذه التجارِب قانونياً في الولايات المتحدة أو أوروبا.

أمل جديد لنساء فقدن خصوبتهن

بحسب تصريحات القائمين على الدراسة؛ فإن الفئة الكبرى التي قد تستفيد من هذه التقنية، هي النساء المتقدمات في السن، أو اللواتي خضعن للعلاج الكيميائي وفقدن بويضاتهن الطبيعية. لكن تبقى بعض المخاطر الصحية والأخلاقية.
صحيح أن ما تم التوصل إليه هو إنجاز علمي، لكنه لايزال محفوفاً بالمخاطر الصحية والأخلاقية، لاسيّما وأن غالبية البويضات المخلّقة لم يَنتج عن تخصيبها أجنّة طبيعية، بينما نسبة كبيرة تعرّضت لخلل كروموسومي.
وقال البروفيسور ريتشارد أندرسون من جامعة إدنبرة، إن التقنية تمثل "تقدماً هائلاً في حال إثبات سلامتها". مشيراً إلى أن الكثير من النساء يفقدن خصوبتهن بعد علاج السرطان. وأن إمكانية توليد بويضات جديدة لهن، ستكون قفزة علمية وإنسانية هائلة. لكنه في الوقت نفسه حذّر من اعتماد هذه التقنية قبل مراعاة ضمانات الشفافية والضمانات الأخلاقية.
لاتزال هناك الكثير من الأسئلة الأخلاقية والعلمية قائمة؛ حتى يُمكن تجاوُز العقبات المستقبلية لاسيّما المتعلقة بالطفرات الجينية، ثم سيصبح حُلم الإنجاب واقعاً.


* ملاحظة من «سيّدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، تجب استشارة طبيب مختص.