أجمل ما قرأت: 5 قصص تحفز طفلك على التواصل مع الأجداد/%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%AA%D9%8A-%D9%88%D8%B7%D9%81%D9%84%D9%83/%D8%A3%D8%B7%D9%81%D8%A7%D9%84-%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%82%D9%88%D9%86/1825026-%D8%A3%D8%AC%D9%85%D9%84-%D9%85%D8%A7-%D9%82%D8%B1%D8%A3%D8%AA
قصص تحكي عن تأثير الأجداد على حياة الأحفاد
"الأجداد هم الدفء والحكمة" عادة ما تُقال الجملة على سبيل النصيحة، وفي الحقيقة هي تلخّص كنزًا إنسانيًا كاملاً يتمثل في وجود الأجداد بيننا؛ فالكبير ليس مجرد عمرٍ طويل، بل هو ذاكرة بيت، وكتاب خبرات، ويد دافئة تُمسك بيد الحفيد ليخطو أولى خطواته في الحياة بأمان. مع نمط حياة مزدحم بالعمل والمدارس والالتزامات، يتراجع أحيانًا حضور الأجداد في تفاصيل الحياة اليومية، لكن القرب منهم حتى لو كان في لقاءات صغيرة يكون أشبه بنافذة تُفتح للضوء، منها يتعلّم الطفل معنى الصبر، والاحترام، والامتنان، وقيمة الشعور بالانتماء العميق للجذور. تقرير اليوم يضم خمس قصص مستوحاة من مواقف يومية بسيطة، وفي مضمونها تحمل رسالة كبيرة عن تعليم الأطفال التواصل مع الأجداد، وكيف يعيشون معهم تفاصيل جميلة صغيرة دافئة لا تُنسى.
كتبت خيرية هنداوي
القصة الأولى: الجدة فخرية وأحفادها ال22
جدة تحكي قصة لحفيدتها
يقول أحمد الحفيد الأكبر: عشتُ طفولة سعيدة، وبدأت أشعر بتفاصيل جمالها بمجرد أن أدركت معنى الفرحة وحلاوة انتظارها يومًا من بعد يوم؛ لحظة كنت أعد على أصابعي الصغيرة الأيام حتى أصل ليوم الخميس؛ يوم التجمع العائلي في بيت جدتي، يوم اللقاء بأبناء الخالة وأولاد العمة، يوم الوليمة التي تعدها جدتي وفيها كل ما يشتهي أبناؤها وأحفادها وربما كانت تعد ما كنا نطلبه منها! وكما كانت تكررها أمي: "يوم الخميس هو من ساعدني في تربية أطفالي"، في اللقاء تتلاقى الإخوة والأخوات عمات كن أو خالات وفي الصدارة يجلس جدي وبجانبه جدتي.. كلهم يتحاكون عن نجاحات واخفاقات أطفالهم، ومن السؤال والجواب تأتي الحلول والتوجيهات. منهم من تحكي عن ولدها الذي اشترك بفريق السباحة، ومن قدمت لطفلها بمدرسة الكاراتيه، من تتساءل بوضوح عن سر خطأ قام به طفلها وماذا تفعل؟ والأخرى التي تحكي كيف استطاعت توجيه طفلها عندما وقع في مشكلة مع صديقه بالمدرسة! ووقتها كانت تتسارع الأجوبة حصيلة تجارب حقيقية فتُحل المشكلة. في هذا الوقت كنا وأولاد وبنات العمة والخالة أو الخال نلعب ونمرح، داخل غرفة اللعب الكبيرة -كما نطلق عليها- أو خارج المنزل، بفناء واسع أمام المنزل، وكأن أحجاره رُصفت من أجلنا.. نحن أحفاد جدتي فخرية، ولا زلت أتذكر بعضاً من أقاربي الصغار الذين فكروا للحظة وقاموا بتصرفات غبية توحي بالتكبر أو السخرية، ما يشعر أحدنا صغيراً أو كبيرًا بالضيق والمهانة، هنا كنا نذهب به لغرفة اللعب لنلقنه درسًا تعليميًا - بطريقتنا- بعدها نجده يتوقف عن فعل ما كان يسبب لنا الضيق، تصحيحًا لأفعاله أو خوفًا من عقابنا نحن العزوة! وهكذا كانت تمر فترة المساء في بيت جدتي، فترجع أمي سعيدة بوصل رحمها والتواصل مع جدتي وأخواتها، ونرجع نحن الإخوة والأخوات مفعمين بالحب والعطاء الذي شاهدناه وتعلمناه، ومستمتعين بالدفء الذي عشناه بالصحبة الآمنة تحت مظلة رعاية جدتنا. العبرة: التواصل بين الأحفاد والأجداد واجب أخلاقي إنساني يترك أثرًا كبيرًا على شخصية الطفل؛ يمده بالثقة بالنفس والتعرف على مفهوم تواصل الأجيال، وكيف يترجم إلى كلمات وسلوكيات متبادلة.
في صباح صيفي هادئ، زار الطفل سالم جدته في القرية، كان يحمل في قلبه سؤالًا يدوّي مثل طبلة صغيرة: جَدتي.. لماذا نحتاج إلى الصبر؟ ابتسمت الجدة، ومسحت على شعره، ثم قادته إلى الشرفة المطلة على بستان الليمون، وقالت له بصوت خفيف: يا سالم، كنت في عمرك عندما حلمت أن أتعلم الخياطة، كنت أرى النساء في القرية والفتيات يصنعن أجمل الثياب، لكنني لم أكن أعرف من أين أبدأ؟ سألها سالم بدهشة: وماذا فعلتِ؟ قالت الجدة: انتظرت وتعلمت وخطوت خطوة صغيرة كل يوم؛ وحكت كيف كانت تجلس بجانب أمها ساعات طويلة لتتعلم غرزة واحدة فقط، وكيف احتاجت شهورًا لتتمكن من صنع أول فستان صغير لنفسها. ثم قالت له: يا بُني، النجاح مثل شجرة الليمون هذه، لا تكبر في يوم، لكن حين تكبر تُعطي عطرًا لا يُنسى. شعر سالم لأول مرة أن الصبر ليس شيئًا مُملًا كما يراه، بل رحلة مليئة بالأمل. وعندما غادر ذلك المساء، قال للجدة: سأصبر يا جدتي..حتى تنضج أحلامي مثل ليمونتك. العبرة: الصبر من الصفات الإنسانية المكتسبة التي يتعلمها الطفل وفقاً لأسلوب تربيته، ومعها يتعلم التدرج والتمهل حتى يصل لمبتغاه، والقوة على تحمل العقبات ومشاكل الحياة الاعتيادية، ومع الصبر تنضج الأحلام الصغيرة وتكبر.
القصة الثالثة: فعلٌُ صغيرٌٌ يصنع ألف فرحة
جد يصلح كراسي وأبواب الجيران
كانت ليلى تحب زيارة جدها، لكنها لم تكن تعرف لماذا يحتفظ بكل تلك الأدوات القديمة في صندوق خشبي كبير، وكان الصندوق يلمع مثل سرٍّ عتيق ينتظر من يفتحه، و في أحد الأيام، قررت مساعدته في ترتيب الصندوق، وعندما فتحت الغطاء، تناثرت أمامها أدوات حديدية، ومطرقة صغيرة، ومفكات، ومسطرة خشبية. سألت جدها: ماذا كنت تفعل بهذه الأشياء؟ ضحك الجد وقال لها: يا ليلى، قبل أن تُباع كل الأشياء جاهزة، كنا نصنعها بأيدينا، كنت أصلح أبواب الجيران، وأصنع المقاعد، وأعيد الحياة لما يظنه الناس تالفًا. بدأت ليلى تساعده في ترتيب الأدوات، لكن شيئًا عجيبًا حدث؛ كل أداة كانت تحمل قصة، وكل قصة كانت تشعل في قلبها احترامًا أكبر. فهمت - مثلاً- أن جدها لم يكن مجرد رجل مسن يجلس في الشرفة، بل كان رجلاً بَنَى حياتَه بيديه، وترك أثره في بيوت كثيرة. وقبل أن تغادر، صنعت له لوحة صغيرة كتبت عليها: شكراً لأنك صنعت الكثير..وما زلت تصنع الفرح، وعندما رآها الجد، امتلأت عيناه بالدموع، ربما لأنها كانت أول مرة يترجم فيها أحدهم احترامه إلى فعل بسيط لكنه عميق. العبرة: لا نقاش في أن تبادل الشكر والامتنان بعد تقديم هدية لك، أو حين توجه لك كلمة ثناء من صديق.. فهو خلق جميل، بينما مشاعر التقدير إن وُجهت للكبار- الأجداد- لأفعال صغيرة قاموا بها من قبل واكتشفتها - أنت- لاحقاً، فهي تعني المزيد من الحب والاحترام للأجداد.. فلا تبخل بها!
القصة الرابعة: بعيدٌٌ عن الشاشة..حضن جدتي بيتي الثاني
جدة تحتضن حفيدتيها
كان تميم يشعر بالوحدة في المدينة، المباني العالية، الطريق السريع، الأجهزة الإلكترونية كل شيء يلمع لكنه بارد وفي عطلة نهاية الأسبوع، قررت والدته اصطحابه لزيارة جدته في الريف. منذ أن دخل البيت القديم، شعر تميم بأن شيئًا دافئًا يلفه مثل بطانية ناعمة، رائحة الخبز تفوح في التنور، زقزقة العصافير، وضحكة الجدة التي تحتضنه بقوة لا تشبه أي حضن آخر. أخذته الجدة إلى ساحة الدار، حيث كشفت له ألعابًا لم يرها في حياته؛ بدأ يلعب ويضحك، وهنا اكتشف تميم أنه لا يحتاج شاشة ليفرح، بل يحتاج إلى وقت ومكان ويد تُمسكه بحب، وفي تلك الليلة، نام على صوت حكاية قديمة ترويها الجدة عن طفولتها في الريف. فهم تميم شيئًا لم يكن يدركه من قبل؛ زيارته لجدته ليست مجرد مجاملة بل هي دواء للقلب، وعندما عاد للمدينة، لم يشعر بالوحدة كما قبل؛ كان معه بيت ثانٍ يسكن في الذاكرة. العبرة: زيارة الأحفاد للأجداد والسؤال عنهم على فترات قصيرة وليست متباعدة، ليست ترفًا أو مجرد واجب عائلي على الحفيد القيام به، بل إنها تترك دفئًا إنسانيًا محببًا في القلب، وتُعلم ضرورة احترام الآخرين بجانب الكبير وحقه في الاستمتاع بصحبة الأحفاد.
القصة الخامسة: رامي يُعلّم جده التكنولوجيا
الحفيد والجد والتكنولوجيا
كان رامي يجلس بجانب جده الذي يحاول فتح هاتفه الذكي للمرة الخامسة ويفشل، هنا ضحك رامي وقال: جدي..أنت لا تحتاج إلى كل هذا التعقيد فقط اضغط هنا. رد الجد مبتسمًا وفعلها، ولما انتهى قال: أنت لا تعرف أنني كتبتُ أول رسالة في حياتي بقلم حبر وليس بهاتف إليكتروني! جلس الاثنان معًا على الأريكة، بدأ رامي يشرح لجدّه كيف يعمل الهاتف، وكيف يمكنه إرسال الصور، وتسجيل الصوت، ومشاهدة أحفاده عبر الفيديو، وفي المقابل، بدأ الجد يحكي له، كيف كانوا يتبادلون الرسائل الورقية، وكيف كان ينتظر أسبوعين ليرد عليه صديق من مدينة أخرى. ضحكا كثيرًا..ففهم رامي أن التكنولوجيا تُقرب المسافات، لكن الحنين للورق يجعل القلوب أكثر دفئًا، وفي نهاية الجلسة، قال له الجد: تعلمتُ اليوم شيئًا لم أكن أعرفه وأنت تعلّمت شيئًا من زمن مضى هكذا تمشي الحياة بيننا. العبرة: الحياة تبادل للخبرات، والطفل والشاب عليه أن يعلم أن القديم هو الأساس الذي يُبنى عليه الجديد، ومنه تتكون الحضارات التي تمجد الشعوب، وهكذا يتعلم الطفل قيمة التواصل ومعنى الاحترام. لماذا نحتاج الأجداد دائمًا؟
جد يمرح مع حفيدته
الأجداد ليسوا أجزاء من الماضي ولا مجرد ذكريات جميلة، إنهم جسر بين زمنين، وصوت الحكمة الذي لا يشيخ، والدفء الذي لا ينطفئ. في القصص عرفنا كيف يمكن لموقف بسيط؛ سؤال، زيارة، مساعدة، أو ضحكة أن يتحول إلى درس يبقى في قلب الطفل لسنوات طويلة. فالطفل يتعلم من الجد والجدة: أن الصبر قوة، وأن الاحترام فعل، وأن العائلة بيت يتسع للجميع، وأن المعرفة متبادلة بين الأجيال. وهكذا، تصبح كل زيارة، وكل كلمة، وكل لحظة صغيرة جزءًا من ذاكرة كبيرة تشكّل شخصية الطفل وتثري حياته، الأجداد لا يطلبون الكثير، مجرد زيارة، مكالمة، أو قبلة على جبينهم تكفي ليشعروا أن العمر الطويل الذي عاشوه كان يستحق كل لحظة.