أطفال اليمن.. وألعاب الموت

4 صور

فضولهم وشغفهم باكتشاف كل ما هو جديد وغريب وضع حداً لحياة بعضهم، وأوصل بعضهم إلى حافة الموت. مخلفات الحرب من متفجرات وألغام وقنابل ورصاص مخبوءة بين أكوام القمامة والأتربة، وبجوار المنازل، خصوصاً في الأحياء والمناطق التي شهدت مواجهات مسلحة، سواء في العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية.

ولم يتم تطهيرها كلياً من هذه المخلفات والألغام، التي كانت مصيدة للأطفال من دون علمهم أو إدراكهم لخطورتها، ظناً منهم بأنها ألعاب ثمينة، فيسارعون لالتقاطها للهو بها، فيقعون ضحايا لهذه المتفجرات.

قصص مأساوية
الطفلة نهى هادي «8 سنوات» من محافظة حجة، أصيبت بجروح خطيرة في وجهها وبطنها وظهرها، وذراعها اليسرى من جراء انفجار وقع بالقرب من منزل عائلتها؛ ما أدى أيضاً إلى مصرع أخويها الأكبر سناً، عندما كانت تلعب معهما بجوار كومة تراب، فشاهدوا أثناء لعبهم بالتراب لغماً لم ينفجر، وخُيِّل لهم أنه لعبة، فسارعوا لالتقاطها، وبعد أقل من دقيقة انفجرت بين أيديهما، وفارقا الحياة فيما أصيبت نهى بجروح بالغة.

عائشة «والدة نهى» ترى أن المسكنات التي تحصل عليها ابنتها خمس مرات في اليوم لم تعد فعالة، وما من علامات تشير إلى تعافيها، وأضافت أنها غير قادرة على الأكل والنوم؛ لأن معاناة ابنتها تزداد يوماً بعد آخر.
في منطقة الحصبة بالعاصمة صنعاء، التي شهدت مواجهات مسلحة أثناء الأزمة السياسية في اليمن العام الماضي، وعودة النازحين إلى بيوتهم وقع عدد من الأطفال ضحايا مخلفات الحرب.

سامي صالح ابن الأعوام العشرة خرج للعب بجوار المنزل فرحاً بعودته إلى بيت والده بعد غياب طويل، لكنه لم يكن يعلم أن القدر سيكون له بالمرصاد، فعندما كان يلعب مع أصحابه وجد شيئاً غريباً، وقام بالتقاطه، وهو يعتقد أنها لعبة. لم تكتمل فرحته؛ لأن اللعبة كانت قنبلة انفجرت به، وأصابته بجروح بالغة في قدميه ويديه ووجهه، ورغم شفائه إلا إنه لايزال مشوهاً.

جمع الرصاص
وفي منطقة الروضة بالقرب من مطار صنعاء الدولي، الرصاصات غطت أسقف المنازل والشوارع أثناء الأزمة الأخيرة، ليجد الأطفال مبتغاهم في البحث عن هذه الرصاصات وتجميعها؛ لكي يلعبوا بها، بل إنهم كانوا يتسابقون على جمع المزيد، وكل منهم يتباهى بجمع أكثر كمية.

محمد سالم الذي جمع الكثير من الرصاصات ليعلب بها لم يكن يعلم أن هذه الرصاصات التي أصبحت لعبته المفضلة ستخسره إحدى أصابع يده؛ فعندما كان منهمكاً في تفكيك ودق تلك الرصاصات خرج البارود من إحدى الطلقات، محدثاً انفجاراً أفقده إصبع يده اليمنى، فأغمي عليه في تلك اللحظة، وأسعف إلى المستشفى، وتم تدارك الحالة لكنه فقد إصبعه.

الطفلة إيناس «9 أعوام» أثناء لعبها بجوار برميل للقمامة عثرت على عبوة ناسفة، وظلت تتأملها، وقبل أن تهم بالاقتراب منها والتقاطها مر شخص بجوارها، فرأى اللغم مرمياً بجوار القمامة، فصاح في وجه الطفلة، وطلب منها الابتعاد قائلاً: «هذه عبوة ناسفة ستنفجر فيك وستموتين». هربت الطفلة إيناس وهي تصرخ خوفاً من الموت. وتم إبلاغ الجهات المعنية. وتم تفكيك تلك العبوة بعد إبعاد الناس الموجودين هناك.

مخاطر
وفي حجة، تسببت مخلفات الحرب من المتفجرات والألغام بمقتل وإصابة العشرات من الأطفال والكبار. يقول محمد راشد، أخصائي في حماية الطفل بمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل: «نظراً لعدم توفّر خرائط للألغام أو خبراء في إزالتها، سيتعرض المزيد من الأطفال لخطر كبير بعد عودة الأسر النازحة إلى ديارها.

ونخشى من احتمال تكرار القصص المأساوية حول ضحايا الألغام الأرضية من الأطفال في محافظة صعدة». كما تعرّض مخلفات الحرب من الألغام الأرضية والمتفجرات حياة المزارعين وأولادهم ورعاة الأغنام من الأطفال، وكذلك الحيوانات للخطر.

تجاهل
مئات الأرواح وآلاف المصابين بإعاقات مختلفة، بينهم عشرات الأطفال في مدينة صعدة المحاذية للسعودية. يقول عبدالعزيز حنش منسق شؤون ضحايا الألغام: «إن أكثر من ألفي شخص أصيبوا بإعاقات مختلفة في محافظة صعدة فقط؛ جراء الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب، ولكن «لا أحد يتحدث عن هؤلاء الضحايا... فكثير من الناس لم يفقدوا منازلهم أو أعمالهم أو أفراد أسرهم فحسب، بل فقدوا أيضاً أحد أطرافهم أو قدراتهم». ولاتزال كثير من المناطق مليئة بالألغام وغيرها من المتفجرات، وضحايا جدد يسقطون كل يوم، بينهم أطفال.

سياج
رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة أحمد القرشي، حذر من خطورة مخلفات الحرب، وخصوصاً على الأطفال. ودعا الجهات الحكومية إلى سرعة تطهير هذه الأماكن من المتفجرات؛ لحماية أطفالنا، وحفاظاً على صحتهم، وحمَّل تلك الجهات مسؤولية الإهمال واللامبالاة تجاه سلامة أطفالنا الذين يتعرضون للموت كل يوم.