السمنة عند الأطفال هي حالة مزمنة معقدة (طويلة الأمد) تحدث عندما يكون وزن طفلك أعلى من الوزن الصحي لعمره وطوله سواء وفي حال كان ذكراً أو أنثى، كما أن التعريف الطبي للسمنة لدى الأطفال هو وجود مؤشر كتلة الجسم (BMI) عند أو أعلى من النسبة المئوية 95 للعمر والنوع لدى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 سنة وما فوق.
تختلف عوامل مؤشر كتلة الجسم لدى الأطفال عن البالغين. بالنسبة للأطفال، يرتبط مؤشر كتلة الجسم بالعمر وفي حال كان الطفل ذكراً أم أنثى، لأن تركيب أجسامهم يتغير بشكل طبيعي مع تقدمهم في السن. يستخدم مقدمو الرعاية الصحية مخططات نمو خاصة لتقييم مؤشر كتلة الجسم الصحي.

د. أسماء ديب، استشاري ورئيس قسم طب الغدد الصماء لدى الأطفال، في مدينة شخبوط الطبية، تكشف للقارئات، عن أهم مشاكل السمنة عند الأطفال.
عوامل تسبب السمنة

ما العوامل التي تتسبب بالسمنة عند الأطفال؟
يمكن للعوامل الوراثية أن تزيد من احتمالية إصابة طفلك بالسمنة. فالأطفال الذين يعاني آباؤهم أو أشقاؤهم من السمنة قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بها. تشير الدراسات إلى أن جينات مختلفة قد تساهم في زيادة الوزن. ولكن ليس كل الأطفال الذين لديهم تاريخ عائلي للسمنة سيصابون بها.
علم الوراثة فوق الجينية هو دراسة كيفية تأثير سلوكياتك وبيئتك على طريقة عمل جيناتك. قد يُصاب الأشخاص، بمن فيهم الأطفال، الذين يتعرضون لشدائد - كالصدمات أو العنف - بتغيرات في جيناتهم تؤثر على جهازهم المناعي وعملية الأيض لديهم .وقد تزيد هذه التغيرات من خطر إصابة طفلك بالسمنة بسبب طريقة استخدام جسمه للطاقة. وتشمل العوامل الوراثية الأخرى التي قد تزيد من خطر إصابة طفلك بالسمنة ما يلي:
- السمنة قبل الحمل لدى أحد الوالدين البيولوجيين أو كليهما.
- سكري الحمل .
- زيادة الوزن المفرطة أثناء الحمل.
- عوامل البيئة العائلية والمنزلية
- حيث يمكن أن تساهم سلوكيات الأسرة المشتركة وعوامل البيئة المنزلية في الإصابة بالسمنة لدى الأطفال، بما في ذلك:
- نوع الطعام الذي يقدمه الآباء ومقدمو الرعاية لأطفالهم ومدى تكرار ذلك.
- تناول المشروبات المحلاة بالسكر.
- تناول كميات أكبر من الطعام. فتناول كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات السكرية يُعد عاملاً مباشراً في زيادة الوزن
- زيادة سلوك تناول الوجبات الخفيفة التي تحتوي على أطعمة مصنعة بدرجة كبيرة.
- تناول الطعام خارج المنزل بدلاً من طهيه في المنزل.
- زيادة وقت الشاشة للأطفال.
- قلة النشاط البدني ( السلوك المستقر ). فانعدام النشاط البدني، وفترات الجلوس الطويلة أمام الشاشات تُعد من الأسباب المعروفة للسمنة.
- عدم الحصول على نوم جيد.
- التعرض للتدخين السلبي .
- التجارب السلبية في مرحلة الطفولة (ACEs
كيف تحمين طفلك من السمنة في سن مبكرة؟
ما هي مضاعفات السمنة عند الأطفال؟
الأطفال الذين يعانون من السمنة أكثر عرضة للإصابة بمشاكل صحية مختلفة. تشمل المضاعفات الأكثر شيوعًا ما يلي:
ضغط دم مرتفع .
ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم (خلل شحميات الدم).
مقاومة الأنسولين، ما قبل السكري، ومرض السكري من النوع الثاني عند الأطفال .
مرض الكبد الدهني
الإصابة بالربو .
انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم .
متلازمة تكيس المبايض (PCOS) .
الاكتئاب .
آلام المفاصل .
مرض بلونت .
أمراض القلب.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الأطفال الذين يعانون من السمنة معرضون لخطر أكبر للإصابة بما يلي:
التنمر .
العزل الاجتماعي.
احترام الذات المتدني.
كما أن الأطفال الذين يعانون من السمنة هم أكثر عرضة لانتقال هذه الحالة إلى مرحلة البلوغ. وسيوصي طبيب الأطفال الخاص بطفلك بإجراء اختبارات للكشف عن هذه المضاعفات وسيقدم خططًا علاجية في حالة ظهور أي منها.
تشخيص السمنة

كيف يجري تشخيص أسباب السمنة عند الأطفال والمراهقين؟ وما الفحوصات الأساسية؟
يتم تشخيص السمنة لدى الأطفال بناءً على مؤشر كتلة الجسم، الذي يُحسب من خلال قسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر (بعد تحويل الطول من السنتيمتر إلى المتر). (الوزن (كغ)/الطول²(م)). توجد منحنيات قياسية لمؤشر كتلة الجسم للأطفال حتى عمر 18 عاماً لكلٍّ من الأولاد والبنات. يُشخص الطفل بـزيادة في الوزن إذا كان مؤشر كتلة الجسم المئوي يقع بين الـ 85 والـ 95، ويُشخص بـالسمنة إذا تجاوز الـ 95 مئوية.
ما العلاجات المتاحة اليوم؟ ومتى نلجأ لكل خيار؟
الخطوة الأولى في علاج سمنة الأطفال هي دائماً تعديل نمط الحياة واتباع روتين حياة صحي عند الطفل. ويعتمد ذلك أساساً على ممارسة النشاط البدني وتناول نظام غذائي صحي ومتوازن. في بعض الحالات، قد تكون هناك حاجة إلى خيارات داعمة لتعديل نمط الحياة، مثل الأدوية المضادة للسمنة، أو الحلول الرقمية لمتابعة إدارة الوزن، أو جراحات السمنة. ويجب أن يكون العلاج مخصصاً لكل حالة بناءً على حالة المريض واحتياجاته. فكلما ارتفع مؤشر كتلة الجسم وظهرت مضاعفات أكثر، زادت الحاجة إلى استخدام هذه الوسائل إلى جانب تعديل نمط الحياة.
علامات السمنة
ما العلامات المبكرة التي تستدعي تقييمًا طبيًا؟
أول علامة مبكرة تستدعي الانتباه الطبي هي الزيادة السريعة في وزن الطفل، خصوصاً إذا لم تترافق مع زيادة طبيعية في الطول. ومن العلامات المقلقة الأخرى ظهور تصبغات داكنة على الرقبة أو تحت الإبطين، والتي ترتبط بمقاومة الإنسولين، وهي حالة قد تتطور لاحقاً إلى النوع الثاني من السكري. كما يُعد الشخير أو انقطاع التنفس أثناء النوم عند الأطفال مؤشراً على انسداد في مجرى الهواء بسبب تراكم الدهون، ويجب التعامل معه مبكراً لتجنب المضاعفات. كذلك، فإن زيادة محيط الخصر تدل على مقاومة الإنسولين وقابلية الإصابة بالسكري، ما يستدعي مراجعة الطبيب فوراً.
ما الإطار الآمن لخسارة الوزن عند اليافعين بدون التأثير على النمو؟
يجب أن تتم إدارة الوزن (وليس فقط إنقاصه) تحت إشراف مختصين في الرعاية الصحية قادرين على تقديم التوجيه المناسب بشأن معدل خفض الوزن، والحفاظ على الوزن بعد خفضه، واتباع نمط حياة صحي خلال هذه العملية. فاتباع أنظمة حرمان قاسية أو تجنب الطعام بشكل مفرط يؤدي إلى استعادة الوزن مجدداً. كما أن توفير الفيتامينات والمعادن الأساسية ضروري لتجنب نقص المغذيات الدقيقة الذي قد يسبب آثاراً ضارة على الصحة.
إجراء جراحة السمنة

متى تُطرح جراحة السمنة؟ وما المعايير الطبية لذلك؟
يمكن النظر في إجراء جراحة السمنة لبعض الحالات المختارة من الأطفال الأكبر سناً والمراهقين. وهناك بروتوكولات وإرشادات دولية تحدد المعايير الخاصة بالجراحة لهذه الفئة العمرية. ويقوم المبدأ الأساسي على النظر في الجراحة عند ارتفاع مؤشر كتلة الجسم بشكل مفرط، ووجود مضاعفات خطيرة مثل انقطاع التنفس أثناء النوم، أو الإصابة بالنوع الثاني من السكري، أو اضطرابات نفسية حادة مرتبطة بالسمنة، أو أمراض أيضية تشمل الكبد الدهني. كما أن فشل اتباع نمط حياة صحي بمفرده في السيطرة على السمنة ومضاعفاتها قد يدفع إلى النظر في الجراحة كخيار علاجي.
هل هناك حميات “قاسية” ممنوعة للأطفال؟ ولماذا؟
لا يمكن تطبيق جميع الأنظمة الغذائية القاسية على الأطفال؛ لأنهم في مرحلة نمو وتطور مستمرة، بخلاف البالغين. فالامتناع التام عن فئة غذائية معينة مثل الكربوهيدرات أو الدهون مثلاً قد يؤثر سلباً على النمو أو التطور. لذلك، ينبغي أن يتولى فريق متخصص من خبراء التغذية والاختصاصيين الصحيين وضع الإرشادات المتعلقة بالسعرات الحرارية المسموح بها وتحديد كميات الحصص المناسبة من كل مجموعة غذائية.
الأكل العاطفي

كيف نتعامل مع الأكل العاطفي والتنمر وتأثيرهما على الوزن؟
يُعد التنمر أمراً شائعاً جداً بين الأطفال الذين يعانون من السمنة، وغالباً ما يعاني هؤلاء من ضعف الثقة بالنفس، واضطراب صورة الجسد، وتراجع في جودة الحياة. ومن المهم جداً التعرف إلى هذه المضاعفات مبكراً لضمان الصحة النفسية السليمة، وتجنب تطور الحالة إلى أمراض نفسية خطيرة أو اضطرابات في الشخصية.
ما هي نصيحتكِ للفئات الأكثر عرضة (الأطفال/الحوامل/كبار السن/مرضى مزمنون) ؟
إلى جانب الأطفال والمراهقين، هناك فئات أخرى أكثر عرضة للسمنة وتتطلب اهتماماً خاصاً عند إدارة الوزن، مثل النساء الحوامل، وكبار السن، والمصابين بأمراض مزمنة. ويُعد تطبيق مفهوم الطب الدقيق الخيار الأمثل، بحيث يتم تخصيص العلاج لكل شخص بناءً على حالته الصحية واحتياجاته الفردية.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص






