mena-gmtdmp

زراعة الكبد من متبرع حيّ: طبيبان يتحدثان لـ"سيّدتي" عن نجاح العملية

زراعة الكبد عملية دقيقة للغاية
زراعة الكبد عملية دقيقة للغاية

في حين ينتظر مئات من المرضى حول العالم الحصول على كبد من مُتوفَّى، لإجراء جراحة زرع كبد؛ بات من الممكن الحصول على قطعة من كبد متبرع حيّ لإنقاذ المريض.
وفي خلال المؤتمر الذي أُعلن فيه عن شراكة إستراتيجية بين مستشفى CHU مونبلييه الجامعي والمستشفى اللبناني الفرنسي (المشرق)، تم الكشف عن تفاصيل جراحة زرع للكبد ناجحة من متبرع حيّ (الأب لابنه).
"سيّدتي" كانت حاضرة، واغتنمت الفرصة؛ لتطّلع على أدق التفاصيل؛ من خلال محاورة الطبيبيْن اللذيْن نفّذا الجراحة؛ وهما الدكتور علي شكر الاختصاصي في زراعة الأعضاء، والدكتور عباس الترشيشي الاختصاصي في الشرايين وزراعة الكبد والكلى.

د. عباس الترشيشي ود. علي شكر

أسباب فشل الكبد

قد يكون من المفيد التعرّف بداية إلى أسباب فشل الكبد، التي تتنوع بين العوامل المتعلقة بنمط الحياة؛ مثل السمنة والسكري وغيرهما، والالتهابات الفيروسية؛ مثل التهاب الكبد B و C، والإفراط في تناول الأدوية؛ مثل الباراسيتامول أو بعض المضادات الحيوية. كذلك التعرض للمواد السامة، والأمراض الوراثية أو المناعية؛ مثل داء ويلسون أو التهاب الكبد المناعي الذاتي، وحالات أخرى؛ مثل مرض الكبد الدهني NAFLD.

جراحة زرع الكبد دقيقة للغاية

خلال عرضه لتقنيات الجراحة الرائدة، التي قام بها الفريقان الفرنسي واللبناني، أعلن الدكتور فرنسيس نفارو، الطبيب الفرنسي الاختصاصي في زراعة الأعضاء وجراحة الجهاز الهضمي، أن "زراعة الأعضاء تعتبر من أصعب المجالات الجراحية، وتتطلب تقنيات عالية ومهارات إنسانية كبيرة؛ كونها تجمع بين الواهب الذي قد يكون حياً والمتلقي المريض، كما هي الحال في العملية التي تمت في لبنان. هذا الاختصاص يتطلب إطاراً قانونياً وأخلاقياً واضحاً يجب العمل على صياغته.
عادة ما يتم وهب الكبد من متبرع مُتوفَّى دماغياً، حيث يُنقل كاملاً إلى المتلقي، ويتم استبدال الكبد المريض بأكمله. أما في حال كان الواهب حياً؛ فيتم استئصال جزء من كبده، وزرعه في جسد المتلقي؛ بعد إزالة الكبد المريض بالكامل".
قد تهمك متابعة أفضل المكملات الغذائية لتقوية الجسم وفق طبيبة تغذية


زراعة الكبد من أب حيّ لابنه

زراعة كبد ناجحة


في تفاصيل العملية، أنه تم أخد قطعة من كبد الواهب الحي، وهو والد المريض الشاب، وزرعها في المتلقي؛ الذي أزيل جزء فقط من كبده المريض، وتم الإبقاء على الجزء الباقي. هذه النقطة بالذات تعتبر باباً علمياً جديداً في جراحة زرع الأعضاء، حيث تتيح للكبد المزروع أن ينمو ويكبر في الجسم حتى حدود 30% من حجمه الأصلي، مع مراقبة المريض بشكل دائم؛ للتأكد من كون الجسم لا يرفض الكبد المزروع.
وحين تستقر حالة المريض، ويكون الكبد المزروع قد بدأ يعمل بشكل طبيعي، تتم إزالة الجزء المتبقي من الكبد المريض بعد ثلاثة أسابيع.
حال وقع المحظور ورفض الجسم الجزء المزروع من الكبد، يكون لدى المريض الجزء المتبقي من كبده، فيتمكن من البقاء حياً بانتظار علاجات جديدة، أو الحصول على كبد من واهب مُتوفَّى.

تقنية حديثة تعتمد على استئصال جزئي للكبد

تتطلب هذه التقنية الجديدة المعروفة باسم R.A.P.I.D؛ أي استئصال جزئي للكبد، ساعات طويلة من الجراحة، ودقة كبيرة بالعمل، ومراقبة حثيثة لحالة المتلقي. ومن المرجح أن تتطور ويتم اعتمادها بشكل كبير في أوروبا، حيث لا يمكن تلبية كل طلبات زرع الكبد من واهب مُتوفَّى، وكذلك في لبنان؛ حيث إن وهب الأعضاء لا يزال غير شائعاً.
وتم التأكيد على أن عدد المرضى اللبنانيين الذين ينتظرون زرع كبد كبير نسبياً، ويُؤمل بواسطة هذه التقنية؛ أن يتمكن الجسم الطبي في لبنان من تلبية هذا الطلب، والتخفيف من آلام المرضى، لا سيَّما أن معظمهم في سن المراهقة والشباب.
في شرح أكثر تفصيلاً، أكد الدكتور علي شكر، الاختصاصي في زراعة الأعضاء، أنه في العمليات التقليدية التي يتم فيها استئصال الكبد المريض كاملاً؛ هناك خطر بأن يتوفى المريض بعد الحصول على كبد من متبرع حي؛ نتيجة رفض الجسم للكبد المزروع، أو بسبب تعقيدات صحية، وقد حصلت هذه التعقيدات سابقاً في لبنان، حيث كانت المشكلة عدم وجود أعداد كافية من المتبرعين المُتوفّين. مع التقنية الجديدة التي تُبقي جزءاً من الكبد القديم؛ تزداد احتمالية عدم خسارة المريض في حال لم يعمل الكبد المزروع، وتزداد فرصه في النجاة؛ في انتظار الحصول على كبد آخر من واهب مُتوفَّى وهو الحل الأنسب. فالحصول على كبد من شخص حي؛ لا شك أنه يعرّض الواهب لجراحة كبيرة قد ينتج عنها مضاعفات صحية. ومفهوم المتبرع الحيّ ولد في المنطقة الشرقية من الكرة الأرضية، حيث إن الناس غير معتادين على ثقافة التبرع بالأعضاء، من هنا نشأت ضرورة البحث عن حلول؛ من خلال متبرعين أحياء، ولكنه ليس الحل الأفضل.
قد تودين الإطلاع على كيف تعتنين بصحة الكبد لديكِ؟ من النظام الغذائي إلى ممارسة الرياضة والأطعمة الصحية

خطوات زراعة الكبد

تحدث الدكتور عباس الترشيشي، الاختصاصي في الشرايين وزراعة الكبد والكلى، عمّا يحيط بعملية الزرع من صعوبات تقنية وصحية، شارحاً أن المريض الذي تلقى الكبد؛ ينبغي أن يبدأ بعلاج مناعي يُعطى أثناء الجراحة ويستمر بعدها، ولكن يبقى هناك خطر أن يرفض الجسم العضو المزروع؛ لعدة أسباب، منها: العلاج المناعي وحالة العضو المزروع أو التقنية المستعملة.
وبوتيرة يومية، يجب أن يخضع المريض لصور وفحوص للدم والشرايين والكبد، وإذا شعر الطبيب بوجود مشكلة معينة؛ عليه أن يعمل على متابعتها بدقة وسرعة، وأحياناً يتوجب الأمر إجراء تدخل جراحي لمعالجة المشكلة، أو أخذ خزعة من الكبد المزروع؛ لمعرفة سبب رفض الجسم له في حال حصول ذلك.
أما بالنسبة للمتبرع الحي، إذا سار كل شيء على ما يرام؛ يمكن له العودة إلى بيته بعد يومين على إجراء الجراحة، ولكن قد تحدث بعض المضاعفات؛ مثل تسريب من الأقنية الصفراوية في الكبد أو التهابات معينة. ويبقى الأهم احتساب مقاس الكبد الذي ينبغي استئصاله بدقة؛ حتى لا يصبح الكبد المتبقي غير كافٍ لاحتياجات جسمه، ما قد يعرّض حياته للخطر.

ما هي الشروط التي يجب أن تتوافر في الواهب الحيّ للكبد؟

بالنسبة لزرع الكبد، فإن الشروط ليست معقدة مثل زراعة الكلية؛ إذ يكفي أن تكون فئة الدم متطابقة، ولكن لا بد من إجراء صور متطورة؛ لمعرفة حال الشرايين والأوردة، والتأكد من عدم وجود تشوه في الكبد الموهوب. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الواهب يجب أن يكون ما بين الـ18 والـ50 عاماً من عمره، وصولاً إلى الستين، شرط أن يكون صحيح الجسم وكبده سليماً. ويمكن أخذ خزعة من كبد الواهب لفحصها، والتأكد أن الكبد سليم، ومن ثَمَّ قياس حجمه عبر التصوير المقطعي؛ لاحتساب الحجم الذي يمكن إزالته، ودراسة وزن المتلقي؛ لمعرفة الحجم المطلوب له؛ حتى لا يكون أقل من 0.7 من وزنه.
لا شك أن عملية زرع الكبد عملية معقدة جداً، ومتابعة المريض بعد العملية هي من أكبر التحديات التي يواجهها الفريق الطبي.


* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب مختص.