قد يمُر أيّ موظف في بيئة العمل بموقف يترك في نفسه شعوراً بالانزعاج أو الجرح: كلمة جارحة، سلوك متعمّد، أو حتى تلميح غير مريح. هنا يتولّد السؤال الكبير: هل الأفضل أن أتجاهل، أم أواجه؟ الحقيقة أنه لا إجابة واحدة تناسب كلّ المواقف. الأمر يعتمد على أسلوبك، وشخصية مَن أمامك، وطبيعة الموقف نفسه. لكن الخبر الجيد هو أن هناك إستراتيجيات عملية تساعدك على التعامُل بذكاء مع الإساءة. إليك 7 إستراتيجيات عملية ستساعدك على إدارة الموقف بوعي وذكاء، وفق الخبير في مجال تطوير الذات، المهندس سامي العثمان.
ردود ذكية تحفظ للموظف كرامته في بيئة العمل:
تقييم الموقف بهدوء
أول خطوة عند مواجهة أيّة كلمة أو تصرُّف مسيء، هي أن تمنح نفسك مساحة صغيرة للتفكير بدلاً عن الرد التلقائي. تذكّر أن بعض الكلمات قد تبدو جارحة لكنها خرجت بلا قصد، وربما مجرد سوء تعبير أو لحظة انفعال عابرة. التفكير الهادئ قبل اتخاذ موقف، يحميك من قرارات متسرعة، ويجعلك قادراً على اختيار رد متزن يعكس شخصيتك المهنية الناضجة. بهذه الطريقة تتحكم في الموقف بدلاً عن أن يتحكم فيك.
تعرّف إلى 8 مواقف مكتبية قد تدمر أعصابك: كيف تسيطر عليها بذكاء وبلا خسائر؟
التجاهُل الذكي
ليست كلّ إساءة تستحق الرد، وأحياناً التجاهل هو أقوى سلاح يثبت ثقتك بنفسك. عندما تواجه تعليقاً استفزازياً أو كلمة سطحية، يكفي أن تواصل عملك بهدوء، أو أن تبتسم بثبات. هذا التجاهُل يرسل رسالة واضحة بأنك أكبر من الدخول في جدال غير مُجدٍ، ويمنحك صورة الشخص الواثق الذي لا يزعزعه الكلام العابر. تجاهُلك هنا يحرم المسيء من هدفه الأساسي، وهو إثارة غضبك أو زعزعة استقرارك.
الرد الهادئ والمهذب
هناك مواقف يكون فيها التجاهُل غير كافٍ؛ خصوصاً حين تتجاوز الإساءة حدود المقبول. في هذه اللحظة، الرد الهادئ يصبح الحل الأنسب. لا حاجة للصوت المرتفع أو الانفعال؛ بل يكفي أن ترد بجملة قصيرة تعبّر عن رفضك الواضح وبأسلوب راقٍ. الرد بهذه الطريقة يرسم حدوداً ثابتة أمام الآخرين، ويُظهر أنك شخص يحترم نفسه ويحترم مَن حوله، لكنه في الوقت نفسه لا يسمح بتجاوُز تلك الحدود. الرد المهذب يجعلك تبدو حازماً ومحترفاً في آن واحد.
تحويل الإساءة إلى دعابة
في بعض المواقف البسيطة، يمكنك أن تحوّل الإساءة إلى فرصة لإظهار خفة ظلك. استخدام دعابة ذكية أو تعليق ساخر خفيف، قد يغيّر أجواء التوتر ويجعل الجميع يضحك بدلاً عن التصعيد. هذا الأسلوب يعكس مرونتك النفسية وقدرتك على التعامل مع المواقف الصعبة بروح إيجابية. لكن الأهم هو أن تبقى الدعابة لطيفة وغير جارحة؛ بحيث لا تثير صراعاً جديداً؛ بل تذيب حدة الموقف وتحوّله إلى ذكرى عابرة يتذكرها زملاؤك بابتسامة.
طلب التوضيح المباشر
أحياناً لا تحتاج إلى رد هجومي أو دفاعي؛ بل يكفي أن تسأل الطرف الآخر عن قصده. عندما تقول له بهدوء: ماذا تعني بكلامك؟ تضعه في موقف يجعله يعيد التفكير في عباراته. هذا السؤال البسيط يكشف، إن كان يقصد الإساءة فعلاً، أم أن الأمر مجرد لبس أو تعبير غير موفَّق. بهذه الطريقة، ترد بشكل راقٍ، وتفرض أسلوب حوار محترم، وتُجبر الطرف الآخر على الحذر أكثر في المرات القادمة.
التحدث مع الإدارة أو الموارد البشرية
إذا تجاوزت الإساءة حدودها لتصبح تنمُّراً أو سلوكاً متكرراً؛ فالصمت هنا ليس حلاً. من حقك أن تطلب حماية بيئة عملك عبْر التوجه إلى الإدارة أو قسم الموارد البشرية. هذه الخطوة لا تقلل من مكانتك؛ بل تعكس وعيك بحقوقك وحرصك على بيئة عمل صحية للجميع. المهم أن تعرض الموقف بموضوعية وهدوء، وتذكُر الحقائق كما هي من دون مبالغة. بهذه الطريقة، تصبح جزءاً من الحل، وتساعد على خلق أجواء مهنية قائمة على الاحترام.
حماية صحتك النفسية
بعد كلّ ذلك، الأهم هو أن تحافظ على نفسك من الداخل. لا تدع كلمات الآخرين تتحوّل إلى عبء ثقيل يلاحقك خارج المكتب. تحدّث مع صديق تثق به، أو مارسْ هواية تُخرجك من دائرة التوتر، أو حتى دوّن مشاعرك لتفريغ ما يثقل عليك. الموظف الناجح يعرف أن نجاحه لا يُقاس فقط بإنجازاته العملية؛ بل أيضاً بقدرته على حماية سلامه النفسي. تذكّر أن الإساءة في النهاية تعكس ضعف المسيء لا ضعفك، وأن سلامك الداخلي هو سلاحك الحقيقي في الاستمرار والتألق.
استكشف: 6 مهارات شخصية يجب على أصحاب العمل تقديرها في المتقدمين للوظيفة