«حب الذات الإيجابي».. هل يساعد الشباب على النجاح؟

«حب الذات الإيجابي».. هل يساعد الشباب على النجاح؟
«حب الذات الإيجابي».. هل يساعد الشباب على النجاح؟

«ما يحدث في أعماق نفسك يستحق حبك الكامل».. مقولة للشاعر النمساوي المشهور راينر ماريا ريلكه، قد تلخص أهمية حب الذات للانطلاق نحو الحب الأعم والأشمل، وتحقيق النجاح في مختلف المجالات، ولعل حب الذات هو المنطلق الحقيقي لحب الآخرين واحترامهم. فكيف يمكن لحب الذات أن يدفع شباب اليوم لبدء مشوارهم في الحياة بثقة؟.. في تحقيقنا الآتي طرحنا على عدد من الشابات والشبان سؤالاً مفاده: ما الأمور والسلوكات التي مارستها، والتي تدخل في سياق «حب الذات»، وأسهمت في تقدم مستوى مسيرتك الدراسية أو المهنية؟



جدة | فاطمة باخشوين Fatima Bakhashween - تونس | منية كواش Monia Kaouach
بيروت | عفت شهاب الدين Ifate Shehabdine - الرباط | سميرة مغداد Samira Maghdad
القاهرة | أيمن خطاب Ayman Khattab


عروض الأزياء

منال محمد

منال محمد: مكنني حب الذات من اكتشاف الطرق التي يمكنني خوضها بشكل واع

 

استناداً إلى تجربتها في مجال عرض الأزياء، رأت منال محمد، أنَّ «حب الذات الحقيقي، هو أن يعرف الشخص الأمور التي تلائم جسده، وشخصيته، وهواياته، ونفسيته، والأمور التي تضرُّه أيضاً، فكلما تعرَّف الشخص إلى نفسه أكثر، استطاع مرافقة ذاته، وانعكس ذلك إيجاباً على نجاحه المهني والصحي، ونجح في علاقاته مع الآخرين».
وعن تجربتها الشخصية، قالت: «مكَّنني حب الذات من اكتشاف المجالات التي أحبها، والطرق التي يمكنني خوضها بشكلٍ واعٍ، كما أسهم في تقوية شخصيتي، وعدم تأثري بالتعليقات السلبية».
وتضيف: «استطعت عبر تطبيق مفهوم حب الذات الظهور في مواقع التواصل الاجتماعي، خاصةً تيك توك، والاستمرار والتخطيط فيها، والوصول إلى أرقامٍ قياسيةٍ في أشهرٍ قليلةٍ؛ ما أسهم في تقديم عديدٍ من العروض المهنية لي في مجال الأزياء».

 


النجاح الإعلامي

وجدان زعوري

وجدان زعوري: قادني حب الذات إلى النجاح في مجال الإعلام

 

وجدان زعوري، صانعة محتوى وصحافية وحاصلة على شهادة الماجستير في تخصُّص صناعة الإعلام من جامعة RMIT، شدَّدت على أن «رحلة حب الذات رحلةٌ طويلةٌ جداً ومتعبة»، وقالت: «مَن تجربتي الشخصية، اكتشفتُ أن حب الذات يتلخَّص في فكرةٍ واحدةٍ، وهي بالعامية: «اشترِ نفسك دائماً». بمعنى أن تهتمَّ بسعادتك وراحتك النفسية والجسدية، وأن تكون مستعداً بصدقٍ لمواجهة هذا الأمر، وكمثالٍ بسيطٍ على ذلك: ما القرار الذي سيتخذه المحب لذاته إذا كان أمامه طعامٌ لذيذٌ غير صحي، وطعامٌ آخر صحي لكنه غير لذيذ؟ بالتأكيد سيختار الطعام الصحي؛ لأنه يهتمُّ بنفسه، ويحافظ على جسده خالياً من الأمراض».
وحول تأثير حب الذات في حياتها العملية، ذكرت وجدان: «قادني حب الذات إلى النجاح في حياتي المهنية بوصفي مهتمةً بالمجال الإعلامي؛ إذ تمكَّنت من تحقيق ذاتي ونشر تقارير مميزة في مجالات عدة، منها موضوعات في تمكين المرأة السعودية، إضافةً إلى التوعية تجاه عديدٍ من المبادئ، مثل العطف على الأيتام والفقراء، والالتحاق بحملاتٍ تطوعيةٍ دولية، والإسهام في التوعية ببعض الجوانب الصحية النسائية التي تخشى الكثيرات التطرُّق إليها، وكنت سبَّاقةً في هذا الجانب، لا سيما بعد أن أصبت بمرضٍ نسائي، وهو بطانة الرحم المهاجرة، لذا حرصت على توعية الفتيات بأمراضٍ عدة، وكيفية التعامل معها عبر منصَّات التواصل الاجتماعي، ولأنني أحبُّ ذاتي لم أهرب من هذا الأمر، بل واجهته بقوة، ففي اعتقادي احترامُ الجسد وما يمرُّ به من فترات ألمٍ من أسمى مراحل حب المرء لنفسه».
إقرئي المزيد عن الشُّهْرَةُ لو تَحَقَّقَتْ..كيفَ يستغّلها الشباب لخدمة المجتمع؟

 


التّخلّص من الاكتئاب

ياسمين لعويني

ياسمين لعويني: حبي لذاتي كان بلسماً لجراحي

 

فقدت ياسمين لعويني (20 عاماً)، طالبة من تونس، والدها، فعاشت وجعاً وحزناً أدّى بها إلى حالة اكتئاب، أثّرت في نتائجها الدّراسيّة، وبمرور الوقت بدأت تنتبه إلى نفسها، وقرّرت التّخلّص من اكتئابها، فشرعت في البحث عن علاج من دون أدوية، وانطلقت في مطالعة كتب علم النّفس، وفي الاستماع لنصائح مدرّبي الحياة على اليوتيوب، فاستنتجت أن خلاصها لن يتمّ إلّا إذا أحبّت ذاتها ودلّلتها.
تقول ياسمين: «لأحقّق حبّي لذاتي، التزمت بسلوكات عديدة، فدخلت أوّلاً في مرحلة تأمّل واسترخاء، وقمت بمراجعات سمحت لي بصفاء ذهنيّ، وقرّرت أن أتخلّص من الأفكار السّلبيّة، وآليت على نفسي أن أكون عمليّة وناشطة.
شرعت في أسلوب حياة جديد، وعزمت على أن أدلّل نفسي وأمنحها الحبّ والاحترام والرّعاية اللّازمة والوقت الكافي والرّفاهية المطلوبة من نوم هادئ وتغذية سليمة وترفيه، مستمتعة من حين إلى آخر بموسيقى عذبة ومردّدة أغانيّ المفضّلة».

 


إثبات ذاتي

تبيّن ياسمين: «سخّرت نفسي عن طواعية للعمل الإنساني بحثاً عن إثبات ذاتي والارتقاء بنفسي، فانخرطت في الهلال الأحمر التّونسيّ، وأسهمت في أنشطة خيريّة لجمع التبرّعات، وشاركت أيضاً في حملات توعويّة لتعريف المواطن بأهميّة المحافظة على البيئة. فاكتشفت من خلال هذه الإسهامات قدراتي وطاقاتي المخفيّة داخلي. منحني العمل التطوّعي أيضاً منافع معنويّة عديدة، ومكّنني من الاندماج في المجتمع، وأكسبني مهارات المبادرة والتّواصل، وفتح عينيّ على فوائد التّنظيم والتّخطيط وتقسيم الوقت، وعوّدني على العمل ضمن فريق متنوّع، وأكسبني جرأة وعزيمة وثقة في النّفس، وغمرني بسعادة انتقلت إليّ من إسعادي لغيري».


أفكار إيجابية

أصبحت ياسمين تتابع كلّ ما ينشر عن حبّ الذّات على الشبكة العنكبوتية، وجعلت من صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي مكاناً تروّج منه للأفكار الإيجابية وللتّحفيز على حبّ الذّات للنّجاح في الحياة، حتّى تتشبّع بهذه الأفكار، ولتحسّس أصدقائها بأنّ حبّ الذّات هو مفتاح النّجاح. تصرّح ياسمين: «إن التّوجّه الذي سلكته للارتقاء بذاتي لم يكن خاطئاً، فقد خلّصني من كآبتي ومن خمولي وركودي، وغذّى مؤهّلاتي الذّهنيّة والثّقافيّة، فتحسّن مردودي الدّراسي، وها أنا سأجتاز البكالوريوس السّنة المقبلة، وسأتخصّص في الفلسفة».


طاقة إيجابية

راما ملحم

راما ملحم: يؤدي حب الذات إلى تحقيق الاستقرار النفسي والرضا والنجاح

 

تعدّ اللبنانية راما ملحم (20 عاماً)، طالبة لغة إنجليزية، أن «حب الذات هو الخطوة الأولى للنجاح وتحقيق الصحة النفسية، وإقامة علاقات اجتماعية متوازنة مع الآخرين، وتحقيق الأهداف المرجوة، فإذا لم تحب ذاتك لن تجد أحداً في الكون يستطيع أن يمنحك هذا الحب».
تقول راما: «لحب الذات أهمية كبرى، وتأثير إيجابي في الشباب؛ إذ يؤدي إلى تحقيق الاستقرار النفسي، والرضا والنجاح. وهو يحصل من خلال تقبّل الإنسان مميّزاته وعيوبه، فهو ليس ملاكاً؛ أي إن لديه مميّزات تميّزه عن الآخرين، ولديه عيوب في الوقت نفسه يعمل على إصلاحها في سبيل الوصول إلى الأفضل».
وتضيف راما قائلة: «منحني حب الذات طاقة إيجابية تساعدني على مواجهة تحديات الحياة، وزاد من ثقتي بنفسي وشعوري بقيمتي الحقيقية؛ ما انعكس إيجابياً على الحياة العملية والاجتماعية، وقد جعلني ناجحة سواء في عملي أو محيطي الاجتماعي»، مبينة أن الدائرة الاجتماعية المحيطة مؤثّرة بشكل مباشر في درجة حب المرء لذاته، سواء سلبياً بتدني قيمته، أو إيجابياً بدعمه نفسياً والثناء عليه؛ حيث تظل محبة المرء لذاته شيئاً ضرورياً يؤثّر ويتأثر بالمحيط الاجتماعي.

 


التركيز على الأهداف

عمار بحكاني

عمار بحكاني: من واجبي أن أقدر ما لدي بالفعل وأخطط للغد

 

عمار بحكاني، شاب هولندي ناجح من أصول مغربية، يعمل خبيراً مسؤولاً في الحكمة والسلوك والثقافة بالبنك المركزي الهولندي بأمستردام. يتحدث عن أهمية حب الذات، فيقول: «الاشتغال على نفسك يبدأ بحب الذات وتقديرها للتركيز على طاقتك وأهدافك.. هو الثقة والتركيز لتحقيق للوصول إلى النسخة الأجود لحياتك على جميع المستويات، يبدأ ذلك بوضع أهدافك والانضباط الكافي للاشتغال على تحسين مهاراتك الذهنية والبدنية، لذا نظمت نفسي جيداً منذ أكثر من 6 سنوات، وبرمجت نفسي على ممارسة الرياضة بانتظام والتزام، مع مواصلة طموحاتي العلمية، والحصول على شهادات مميزة تؤهلني لسوق العمل بيسر. خصصت أوقاتاً من زمني للسفر لاكتشاف العالم والثقافات؛ لتوسيع رؤيتي للعالم، والابتعاد عن التزمت الفكري، والانطلاق نحو جميع الآفاق. من الصعب أحياناً أن أرتقي إلى الصورة المثالية التي أرسمها في ذهني لحياتي ومسيرتي المهنية، وخطط سفري، وصحتي وجميع أهداف الحياة المهمة الأخرى هذه. أدركت أنني ربما لن أحقق هذا الكمال أبداً؛ لأن «عالمي» يتغير دائماً، والأهم من ذلك، أشك في وجود الكمال الحقيقي».
يتابع: «أحياناً يكون تقدير الأشخاص من حولي، والأشياء التي أملكها والوظيفة التي أقوم بها، أمراً في غاية الأهمية ويجعلني أفكر: هل يمكن أن يكون أفضل من هذا؟ ربما نعم، ربما لا، الله وحده يعلم. ولكن من واجبي أن أقدر ما لدي بالفعل. أخطط للغد، لكن الغد لا يَعِد أبداً. لذا أقدر كل شيء لدي بالفعل، من دون الركود والاستسلام؛ إذ هذا لا يعني أنني أخطط اليوم للتوقف والتحديق في الحياة».
ويضيف: «على العكس، أحاول تحسين نفسي، والعمل بجدية أكبر كل يوم. حافزي هو التوازن بين الحب والحب القاسي. أُظهر الحب والتقدير للمكانة التي أتمتع بها في الحياة، فهناك الكثير من الأشخاص الذين يمرون في هذه اللحظة بمصاعب في جميع أنحاء العالم (في الحرب والفقر وما إلى ذلك)، أعدّ نفسي محظوظاً لوجودي حيث أكون. لكن إظهار الحب لنفسي، يعني أيضاً إظهار الحب القاسي عن طريق العمل بجدية أكبر، أحاول أن أكون شخصاً أفضل، وأن أطور نفسي أكثر، وفي الوقت نفسه أحافظ على توازني».
اقرئي أيضاً شبان وشابات يجيبون.. هل يعكس المظهر الخارجي الشخصية؟

 


تحمل التحديات ومواجهتها

محمد مجدي

محمد مجدي: ثقتي بنفسي دفعتني لتعلم مهارات جديدة وتطويرها


محمد مجدي، مهندس ميكانيك مصري حديث التخرج، يعترف أن حب الذات قاده إلى النجاح في الدراسة والعمل، ويوضح قائلاً: «حب الذات هو الاحترام والتقدير والاهتمام الإيجابي بالنفس. يتضمن حب الذات مجموعة من الأمور والسلوكات التي تساعد على تعزيز الشعور بالرضا والسعادة الشخصية، ومنها: الاهتمام بالنظام الغذائي الصحي، وممارسة التمارين الرياضية، والحصول على قسط كافٍ من النوم والراحة، والتعامل مع النفس بلطف، وتجنب النقد اللاحق والانتقاد العنيف، وقبول نقاط الضعف والقوة الخاصة بك، وعدم المقارنة بالآخرين، ووضع أهداف واقعية وملموسة، والعمل على تحقيقها، إضافة إلى الاحتفال بالتقدم المنجر، وتطوير المهارات الشخصية، والسعي إلى التعلم والنمو المستمر، والتعامل باحترام مع الآخرين، فضلاً عن بناء علاقات صحية ومحفزة، والاهتمام بالمظهر الشخصي والملابس، والعناية بنظافة الجسم، والتعبير عن الذات بصراحة، وتحديد حدود صحية مع الآخرين».
ويستطرد: «أرى أن الاهتمام بحب الذات عملية مستمرة ومستدامة؛ حيث يتطلب الأمر العمل والتفاني الدائم لتحقيق التوازن والسعادة الشخصية». يوضح محمد أن سلوكات حب الذات أدت دوراً مهماً في تقدم المسيرة الدراسية والمهنية، فأنت عندما تعتني بنفسك بشكل جيد وتهتم بتحقيق أهدافك وتطوير مهاراتك، فبالتأكيد سوف يكتب لك النجاح.
ويتابع: «هذا حدث لي أثناء الدراسة، فثقتي بنفسي جعلتني أحقق نجاحات أكبر في الدراسة، خاصة أن دراستي كانت تتطلب إقامة دائمة في الجامعة ببيوت الطلاب؛ ما أكسبني جرأة أكثر في تحمل التحديات ومواجهتها. كما جعلتني مستعداً لتعلم وتطوير مهارات جديدة، والسعي إلى النمو والتطور في مجالات الدراسة، وهو ما فتح أمامي فرص عمل خلال السنة النهائية جعلتني ألتحق بها عقب التخرج مباشرة، وكان هذا أول قرار اتخذته عقب التخرج عندما عرض عليّ والد صديق لي العمل في المشروع الذي أقامه وأعجب بمشروع العمل الذي قدمته بالمشاركة مع ابنه، فقد كان مشروع التخرج أحد التحديات التي واجهتها، وقد منحني القوة الداخلية والإيجابية لمواجهة التحديات والصعاب في الدراسة والعمل. وبشكل عام، يسهم حب الذات في تعزيز الثقة والمرونة العقلية والاندفاع، وهذه الصفات يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي في مسيرتك الدراسية والمهنية».
يمكنك الاطلاع على بعد أن توسّعت دائرة المؤثرين فيها التربية الحديثة في عيون الشباب