mena-gmtdmp

المصممة السعودية تيما عابد: في مرآتي أجد حشداً من الأفكار يسكنني

عرض المصممة ديما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)
عرض المصممة ديما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)

«فاطمة... أيتها الطفلةُ المتمرِّدةُ في داخلي.. أنَّى لكِ هذا الإصرارُ؟ أنَّى لكِ هذا الثباتُ؟ لم تهدئي، ولم تهنئي حتى باتت قصقوصةُ الورقِ التي تركتها تحت وسادتكِ قاموسَ إبداعٍ وإنجازاتٍ! شكراً لكِ يا فاطمة.. أنا هنا اليوم لأنكِ جوهري، ومصدرُ إلهامي.. لأنكِ عقلي، وقلبي، ونواةُ أحلامي.»

بهذه الرسالةِ توجّهت المصمّمةُ السعوديةُ فاطمة عابد الثقفي، المعروفة باسمِ تيما عابد، لنفسِها، كطفلةٍ حالمةٍ، ثابرَت إلى أن حقّقَت ما طمحَت إليه. تخبرُنا تيما في هذا الحوارِ عن رحلةٍ مليئةٍ بالتحدّياتِ، ترصّعت بالجوائزِ والتكريماتِ.
 

إعداد : عبير بو حمدان 
 

بين القوة والرقة..

تيما عابد -نصوير : سعد الدوسري Saad Al Dosary

حدِّثينا عن رسائلكِ التي تُخفيها الأقمشةُ، والألوانُ، والزخارف؟

الأقمشةُ، الألوانُ، الزخارفُ. إنها ليست مجرَّد عناصرَ جماليَّةٍ بالنسبة لي، بل هي لغةٌ. عندما أختارُ خامةً ما، أنا لا أبحثُ فقط عن الجودةِ، أو اللمسة، بل وأيضاً عن الإحساسِ الذي ستنقله تلك الخامةُ بأن تشعرَ مَن ترتدي القطعةَ بالقوَّةِ، والثقةِ، والدفء.

«كوكو شانيل الشرقِ الأوسط»، هذا ما يُلقِّبونكِ به؛ برأيك، في أي الجوانبِ تُشبهينها؟

أُصمِّمُ للمرأةِ التي تعرفُ مَن تكون، التي تريدُ أن تُعبِّر عن هويَّتها دون أن تتنازلَ عنها، أو تخضعَ لتوقُّعاتِ الآخرين. أبحثُ دائماً عن التوازنِ بين القوَّةِ والرقَّة، بين الجذورِ والابتكار، تماماً كما فعلت هذه المرأة في سياقها. أُحاولُ أن أكون جسراً بين الماضي والمستقبل، وأن أقدِّمَ تصاميمَ، تحترمُ التراث، لكنَّها تتحدَّثُ أيضاً بلغةِ اليوم.

ما بين الأزياءِ الراقيةِ Couture، وDemi-Couture، وفساتينِ الزفاف، عوالمُ تتلاقى في الحِرفيَّةِ والإبداع، كيف ترسَّخَ لديكِ هذا الخطُّ؟

منذ بدايتنا في عالمِ الأزياءِ الراقية أكثرُ ما يُميِّز تصاميمنا الحرصُ على النوعيَّةِ سواء في الخاماتِ المستخدمة، أو التصاميمِ المقدَّمة، أو الدقَّةِ العاليةِ التنفيذ. بوصفي مصمِّمةً، توجَّهتُ إلى الكوتور بسبب هذه المواصفاتِ التي يبحثُ عنها عملاؤنا.

هذا الجانبُ من الأزياء، يزخرُ بمنافسةٍ شديدةٍ محلياً، وعلى مستوى العالم، ما الذي يجعلُ تيما عابد تحافظُ على تقدُّمها على الرغمِ من ذلك؟

علامتنا حريصةً منذ البدايةِ على بناءِ هويَّةٍ سعوديّةٍ واضحةٍ، ومستقرَّةٍ، وهذا ما جعلها مميَّزةً في صفوفِ التنافس. هذا إلى جانبِ بناءِ أهدافٍ مستمرَّةٍ، والعملُ على الوصولِ إليها، وبالطبع مع الحفاظِ على كلِّ ما سبق من مواكبةٍ للموضة، ودقَّةٍ في العمل، والتزامٍ بما يُثري هذه التصاميم.

عندما تقفين أمامَ مرآتك، ماذا تقولين لنفسك؟

أولاً، هذا توفيقٌ من الله، وثانياً الكثيرُ من المواقفِ الجميلةِ والحزينة. عندما أنظرُ الى المرآةِ، أجدُ أنني مزدحمةٌ جداً، فتيما ليست واحدةً، تيما حشودٌ تسكنها، وأفكارٌ تتسابقُ أمامَ عينيها. تقفُ عند منتصفِ الطريق حيث جهةٌ منه تُوثِّق البداياتِ الشاقَّة، وفي الأخرى أفقٌ، لا ترى له نهايةً.

ومن عالم الأزياء أيضأً اخترنا لك اللقاء مع المؤثرة ومستشارةَ المظهرٍ نهى سندي

عرض المصممة تيما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)

 

«اللون الأسود في الأزياء يمتاز بالفخامة والقوة، وفيه صمت يدوّي ويملأ الكون»


صمت يدوّي ويملأ الكون

عرض المصممة تيما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)


جوائزُ كثيرةٌ، نلتها في مسيرتكِ، التي تتخطَّى 22 عاماً. ومؤخراً تمّ تكريمُك بوصفكِ مبدعةً في عالمِ الأزياءِ في EmiGala. ما الذي تعنيه لكِ هذه الجائزة؟

هذه الجائزةُ، تعني لي الكثير، لأنها جاءت على أرضِ الإمارات العربيَّة المتَّحدة. أشعرني ذلك فعلاً بعمقِ الترابطِ الخليجي.

حضرتِ أخيراً في حفلِ جوائزِ الأزياءِ السعوديَّةِ بنسخته الثانية، ونذكرُ أنكِ في الأولى، حصلتِ على «جائزةِ مصمِّم العام»، كيف رأيتِ النتائجَ الأخيرة، وهل أحزنكِ إلغاءُ هذه الفئةِ بالتحديد في 2025؟

كلا، لم أحزن فذلك يعني أنني الوحيدةُ التي حصلت عليه. في الحقيقةِ، القائمون على هيئةِ الأزياءِ، يُبهروننا أكثر في كلِّ عامٍ، وقد كانت ليلةً رائعةً، والجميلُ أننا في كلِّ مرَّةٍ، نرى مصمِّمين جدداً، يتميَّزون بروحِ الإبداع. بالنسبةِ للنتائج، كلُّ مصمِّمٍ ومصمِّمةٍ فخرٌ لهذا البلد، وأتمنَّى أن نكون دائماً في صفٍّ واحدٍ.

الأسودُ يليقُ بكِ. علاقةٌ وطيدةٌ، وشبه دائمةٍ مع هذا اللونِ في تصاميمكِ، وإطلالاتكِ الشخصيَّة، كما اخترتِه في إطلالتكِ الراقيةِ خلال الحدثِ، أخبرينا عن ذلك؟

إطلالتي كانت من تصميمِ تيما، وبالفعلِ باللونِ المفضَّلِ لدي، الأسود. هذا اللونُ، أراه وكأنَّه الليلُ الذي دائماً ما يأتي من بعده النورُ. علاقتي بالأسودِ علاقةٌ طويلةٌ، وهو يرافقني وكأنَّه جزءٌ من شخصيَّتي، ليس فقط بوصفه لوناً أختاره، بل وإحساساً أيضاً، أرتاحُ له. هو لونٌ، يمتازُ بالفخامةِ، والقوَّةِ، وفيه صمتٌ، يُدوِّي، ويملأ الكون.

من البر إلى البحر

من عرضٍ لأوَّلِ أسبوعٍ للأزياءِ في الرياض إلى افتتاحِ أسبوعِ البحرِ الأحمر للأزياء، خطواتٌ جريئةٌ في تجاربَ جديدةٍ على السعوديَّة، ما الفارقُ بين التجربتَين؟

كلُّ عرضٍ كانت له نكهتُه الخاصَّة. تجربةُ البحرِ الأحمر، هي تجربةٌ جديدةٌ، لأنها ترتبطُ بالبحر، ولطالما كنت على وفاقٍ دائمٍ مع البحر، لذا اختلطتُ فيه بالماءِ والرمالِ والحريَّة. أمَّا أسبوعُ الأزياءِ في الرياض، فشكَّل خطوةً أولى جريئةً، ومملوءةً بالحماسِ والتحدِّي. من خلال هذه الخطواتِ، نواكبُ العالميَّة، ونضعُ إبداعاتنا على مائدةِ العالمِ بشكلٍ يليقُ بنا.

ما الذي شعرتِ به عندما رأيتِ تصاميمكِ، تُعرَضُ بأوَّلِ عرضِ أزياءٍ رسمي في الرياض؟

مع أنني نظَّمتُ سابقاً عروضَ أزياءٍ في باريس، وفي أسبوعِ الموضةِ للتصاميمِ الراقية، لكنْ أوَّلُ عرضٍ لي في الرياض، يعني لي الكثير، فهو على أرضِ الوطنِ الغالي، وكأنَّه ليلةُ زفافٍ، أقيمها في بيتي.

جلتم العالمَ بتصاميمكم المبتكرةِ، وحضرتم في أكبرِ المحافلِ الخاصَّةِ بالأزياء، ما الأصداءُ التي لمستموها عن المصمِّمين السعوديين؟

الإبداعاتُ كانت تنتظرُ اللحظةَ التي يُسلَّط عليها الضوءُ، لتقفَ شامخةً أمامَ العالم.
من عالم الإبداع والتصميم إليك هذا اللقاء مع المصممة السعودية فداء القعود

عرض المصممة تيما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)

«نواكب العالمية، ونضع إبداعاتنا على مائدةِ العالم بشكل يليق بنا»

عرض المصممة تيما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)

من أرض السعودية إلى عنان السماء

عرض المصممة تيما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)

التراثُ، والتاريخُ، يشدَّانكِ دوماً نحوهما على الرغمِ من نظرتكِ العصريَّة، واعتزازكِ بالتحوُّلِ الذي أبهرَ العالم، هذا التناقضُ الجميلُ، كيف تصفينه لنا؟

التراثُ بالنسبةِ لتيما، هو ليس تاريخاً مضى، إنه كائنٌ حي، يتطوَّرُ، ويستمرُّ لأجيالٍ.

هل يحدثُ أن يفقدَ المصمِّمُ إلهامَه أحياناً، وما الذي يفعلُه في هذه الحالةِ؟

المصمِّمُ في النهايةِ، هو إنسانٌ، يتأثَّرُ بمعطياتِ الحياةِ من فرحٍ، وحزنٍ، لكنْ هذا لا يعني أنه يفقدُ إلهامَه، وإنما تهدأ داخله عواصفُ الإلهام. الهدوءُ، لا يعني انطفاءَ الإلهام. إنه فترةُ صمتٍ داخلي، يعيدُ فيها ترتيبَ مشاعره، وأفكاره.

الأنوثة والثقة بالنفس

عرض المصممة تيما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)


هل هناك شخصيَّةٌ في العالم، تتمنِّين لو أنكِ تُصمِّمين لها فستانا خاصاً، وما الفستانُ الذي ستنفِّذينه؟

الشخصيَّةُ التي أحلمُ بأن أصمِّمَ لها دوماً، هي هي امرأةٌ تعرفُ قيمتَها، وتفاصيلَ نفسها، والتي تأتي إليَّ لأُلبسها ثقتَها الكامنةَ داخلها، وأنوثتها، وجمالها المتفرِّد. هذا ما يجعلها تأتي إلي.

عروسُ صيفِ 2025، كيف تخالينها، وما الذي تُجهِّزينه لها من التصاميم؟

كلُّ عروسٍ، تختارُ دارَ تيما، أحبُّ أن أُظهِرها بشكلٍ كلاسيكي vintage، فالقديمُ لا يَقدَم، والعروسُ في ليلةِ زفافها، وضعها مختلفٌ تماماً عن أي مناسبةٍ أخرى في حياتها. هذه صورٌ تؤرَّخ، لذا أراعي في تصميمي دائماً أن يكون مناسباً لكلِّ الأزمنة، وليس هناك أكثر من الكلاسيكي الذي يدومُ عمراً، ويراه الأبناءُ والأحفاد.

هل سنجدُ ألواناً وقصَّاتٍ جديدةً، تحملُ توقيعكِ هذا الصيف؟

بالتأكيد، فكما ذكرتُ لكم، تيما مزدحمةٌ بأفكارٍ كثيرةٍ، وهناك كثيرٌ من الشغفِ في تصاميمي، وهناك ربما كثيرٌ من التضادِ في شخصيَّتي أيضاً، وأنا أعكسه في تصميمي لكلِّ مجموعةٍ.

يمكنك متابعة الموضوع على نسخة سيدتي الديجيتال من خلال هذا الرابط

عرض المصممة تيما عابد في أسبوع الأزياء في الرياض(مصدر الصورة : INDIGITAL.TV/Getty Images for Riyadh Fashion Week)