تمثل بداية الحياة المهنية مرحلة حاسمة في حياة الإنسان، حيث يواجه خلالها العديد من التحديات التي قد لا يكون مستعداً لها تماماً. من بين أبرز هذه التحديات الشعور بالإحباط، سواء نتيجة لصعوبة التأقلم مع بيئة العمل الجديدة، أو بسبب الفجوة بين التوقعات والواقع، أو حتى نتيجة عدم التقدير أو الفشل في تحقيق الأهداف المرجوة. الإحباط في هذه المرحلة ليس أمراً نادراً، بل هو شعور طبيعي يختبره كثيرون، لكنه قد يتحول إلى عقبة حقيقية إذا لم يُواجه بالوعي والمرونة. في هذا السياق، يصبح من الضروري تعلم كيفية التعامل مع الإحباط بطريقة إيجابية، تساعد الفرد على النمو والتطور، بدلاً من التراجع والاستسلام.
إيمانويل عوض، أستاذة جامعية وخبيرة في علم النفس، تشرح لـ"سيدتي" كيفية التعامل مع الانتكاسات المهنية، والإحباط الناتج عنها.
كيف نتخطّى الإحباط في الحياة المهنية؟

التعامل مع الإحباط في بداية الحياة المهنية لا يعني تجاهله أو إنكاره، بل فهم أسبابه، وتقبّله كجزء من التجربة، ثم البحث عن آليات للتأقلم، وتطوير الذات، واستعادة الحافز بشكل صحي. إن بناء مهنة ناجحة لا يتم بين ليلة وضحاها، بل يتطلب صبراً، ومرونة، وإصراراً، وقبل كل ذلك؛ قدرة على تجاوز لحظات الإحباط وتحويلها إلى دروس تُبنى عليها خطوات المستقبل.
في هذا السياق، يصبح من الضروري التعرّف إلى الأساليب الفعّالة التي يمكن من خلالها التعامل مع مشاعر الإحباط، وتطوير عقلية تساعد على الاستمرار في السعي والتقدم رغم الصعوبات، فالبدايات ليست سهلة، ولكن طريقة التعامل معها تصنع كل الفرق.
هذه الانتكاسات تُرهق الكثير من الأشخاص، وخصوصاً أولئك الذين يتأثرون بها أكثر من غيرهم. هناك أشخاص يتعرضون لهذه الانتكاسات، ويُصابون بإحباط شديد، وهذا أمر طبيعي.
ما رأيك بمتابعة: كيف تزرع التفاؤل في نفسك ونفوس الآخرين
بالتأكيد، نحن بحاجة إلى دعم:
- دعم اجتماعي.
- دعم من أشخاص يعملون في المجال نفسه.
- دعم من العائلة.
- دعم من الأصدقاء.
المهم أن نتشجّع ونتحدّث، لأننا غالباً ما نمنع أنفسنا من مشاركة مشاعرنا، أو من الحديث عن الفشل الذي نتعرض له. والحقيقة أن الجميع يمرّ بالفشل، لكن بعض الأشخاص يعرفون كيف يستفيدون من هذه التجارب أكثر من غيرهم.
أحياناً نشعر بالخجل أو بالخوف من أن نُخبر الآخرين بما حصل معنا، وهذا ما يزيد من الإحباط. لكن من الضروري أن نُدرك أن هذه تجارب طبيعية ومشتركة.
من المهم أن نتكلّم، أن نُشارك مشاعرنا مع من نثق بهم. هذا وحده يُساعدنا على الشعور بالتحسّن، وعلى تخطي ما نمرّ به، لذلك من المهم أن نتذكر أن الفشل تجربة مشتركة وليست فردية. عندما نتحدث عنها مع الآخرين؛ نشعر بتحسن، ونستعيد جزءاً من قوتنا وثقتنا بأنفسنا.
خطوات تساعد على التعافي من إحباط الشباب المهني

لتجاوز مشاعر الإحباط بعد الفشل، من المهم اتباع مجموعة من الخطوات العملية والنفسية التي تساعد على التعافي واستعادة التوازن. إليك بعض النصائح:
تقبّل المشاعر والتعامل معها بوعي
من الطبيعي أن تشعر بالحزن أو الإحباط بعد الفشل. لا تحاول إنكار هذه المشاعر أو قمعها، بل اسمح لنفسك بعيشها والتعبير عنها. التعاطف مع الذات يمكن أن يقلل من الشعور بالخجل والقلق بعد الانتكاسات، ويساعد على التعافي بشكل أسرع.
تحليل التجربة واستخلاص الدروس
بعد أن تهدأ المشاعر الأولية، حاول أن تنظر إلى التجربة بشكل موضوعي. اسأل نفسك: ما الذي تعلمته؟ ما الذي يمكن تحسينه في المستقبل؟ هذا التحليل يساعدك على تحويل الفشل إلى فرصة للنمو والتطور.
الحفاظ على الروتين اليومي والنشاط البدني
ممارسة التمارين الرياضية -أو حتى المشي- يمكن أن تساعد في تخفيف أعراض التوتر والضغط النفسي. النشاط البدني يفرز مواد كيميائية في الجسم؛ مثل الإندورفين، التي تعزز الشعور بالراحة والسعادة.
التواصل مع الآخرين وطلب الدعم
لا تعزل نفسك. التحدث مع الأصدقاء أو العائلة عن مشاعرك وتجاربك يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير. الدعم الاجتماعي يلعب دوراً مهماً في التعافي من الصدمات النفسية
ممارسة تقنيات الاسترخاء والتأمل
تقنيات مثل التنفس العميق، التأمل، أو اليوغا، يمكن أن تساعد في تهدئة العقل وتخفيف التوتر. هذه الممارسات تعزز التركيز على اللحظة الحاضرة، وتقلل من التفكير المستمر في الماضي أو المستقبل.
الاستفادة من الموارد المتاحة
إذا استمرت مشاعر الإحباط لفترة طويلة، أو أثرت على حياتك اليومية، فقد يكون من المفيد استشارة مختص نفسي. المساعدة المهنية يمكن أن تقدم إستراتيجيات فعّالة للتعامل مع الفشل والضغوط النفسية.
قد يهمك الاطلاع على كيف تمنع الآخرين من مقاطعة حديثك؟
تذكر أن الفشل ليس نهاية الطريق، بل هو جزء من رحلة التعلم والنمو. بالتعامل الصحيح مع هذه التجارب؛ يمكنك بناء مرونة نفسية أقوى، والاستعداد بشكل أفضل للتحديات المستقبلية.