منذ أن ضرب فيروس كورونا العالم ومعاناة الملايين من كوفيد - 19 ولا يزال العلماء يبحثون ويتتبعون تبعات المرض، ولا سيما لدى المرأة الحامل. ومن بين الاحتمالات التي ذهبت إليها دراسات حديثة، هو أن إصابة الأم الحامل بـ"كوفيد- 19" ربما يرفع فرص إصابة المواليد بأطياف التوحد، ولا سيما الذكور منهم.
ولكن على الرغم من نتائج الدراسات؛ فإن العلماء أكدوا أن هذه النتائج لا تزال قيد الدراسة، من ثَم لا داعي للتوتر في حين يجب فقط توخي الحذر ورفع درجات الوقاية عند الحمل.
إعداد: إيمان محمد
العلاقة بين كوفيد- 19 والتوحد لدى المواليد
أجرى باحثون، من كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى ماساتشوستس العام، دراسةً واسعةً شملت أكثر من 18 ألف حالة ولادة خلال فترة جائحة كورونا، ونشرت النتائج في مجلة JAMA Network Open.
ركزت الدراسة على مدى تأثير إصابة الأمهات الحوامل بفيروس كورونا على حالة المواليد، وجاءت النتيجة التي أثارت الانتباه أن الأطفال الذكور المولودين لأمهات أُصبن بكوفيد-19 في أثناء الحمل، كانوا أكثر عرضة لتشخيص اضطرابات في النمو العصبي خلال عامهم الأول، مقارنة بالأطفال الذين لم تتعرض أمهاتهم للفيروس.
وبحسب الدراسة، فإن نحو 26 حالة من بين 883 طفلاً تعرضت أمهاتهم للعدوى، أُصيبوا بحالات اضطراب في النمو العصبي، وكان اللافت أن الذكور كانوا أكثر عرضة لاحتمال الإصابة مقارنة بالإناث.
وقالت الدكتورة أندريا إدلو، وهي من المشاركات في الدراسة: ”هذه النتائج تشير إلى أن الذكور أكثر حساسية لتأثيرات العدوى الفيروسية في أثناء الحمل، لكننا بحاجة إلى مزيد من الوقت والمتابعة لفهم الصورة الكاملة”.
وأكد الباحثون أن هذه النتيجة أولية، وأن النتيجة العلمية المثبتة بحاجة إلى دراسات أخرى قد تستمر سنوات قادمة لمعرفة هل كانت هذه الاضطرابات مؤقتة أو تستمر مع الطفل في مراحل لاحقة من النمو.
كيف يمكن أن تؤثر عدوى كوفيد- 19 في دماغ الجنين؟

أوضحت دراسة أخرى نُشرت في مجلة Frontiers in Immunology للطبيب بولنت كارا من جامعة أنقرة، مدى تأثير إصابة الأم الحامل بـ كوفيد- 19 في أدمغة الأجنة، وجاءت بالآتي:
رد فعل مناعي
الفرضية التي طرحها الباحث بسيطة في فكرتها لكنها معقدة في تفاصيلها، عندما تُصاب المرأة الحامل بفيروس مثل كوفيد-19، يبدأ جهازها المناعي في مقاومة العدوى بإطلاق كميات كبيرة من المواد الالتهابية التي تُعرف باسم السيتوكينات؛ هذه المواد تساعد في مقاومة الفيروس، لكنها أحياناً قد تؤثر في الدماغ النامي للجنين.
حساسية أدمغة الأجنة
إن خلايا الدماغ الجنينية تُسمى "الميكروغليا"، وهي حساسة جداً لهذه التغييرات، وإذا حدث نشاط التهابي زائد فقد يعوق تطور الاتصالات العصبية الطبيعية.
بشكل عام لا تُعَدُّ هذه النتائج جديدة، في حين في السابق ذهبت دراسات إلى أن العدوى الفيروسية في أثناء الحمل، مثل الإنفلونزا أو زيكا، ربما ترفع احتمال إصابة الجنين بالتوحد لاحقاً، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن أي عدوى فيروسية تحمل النتيجة عينها، أما الحالات الشديدة فقط فترتبط بمعدلات مرتفعة من الالتهابات.
هل إصابة الحامل بـ كوفيد-19 يعني أن طفلها سيعاني من التوحد؟
على الرغم من الدراسات السابقة؛ فإن الأمر ليس قاطعاً كما يتصور أو يروج البعض، بينما بعض الدراسات الحديثة لم يجد أي فارق في معدلات فحص التوحد بين الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم للفيروس في أثناء الحمل وأولئك الذين لم يتعرضن له، ومن ثَم العلم يتحدث عن احتمال وليس حتمية الإصابة.
العلماء يؤكدون أن عوامل كثيرة قد تتداخل، مثل السمنة، السكري، الولادة المبكرة، أو حتى الضغط النفسي في أثناء الحمل؛ وجميعها قد تؤثر في تطور الجنين.
كما أن عدد النساء اللواتي أُصبن بالفيروس خلال الحمل في الدراسات الحالية ما زال محدوداً، وفترة متابعة الأطفال قصيرة نسبياً، لذلك من الصعب إصدار حكم نهائي.
وتقول الدكتورة إدلو من جامعة هارفارد: “من المهم أن نكمل متابعة الأطفال الذين وُلدوا خلال الجائحة لسنوات قادمة، لأن بعض الاضطرابات لا تظهر إلا في مراحل لاحقة من النمو”.
اقرئي أيضاً: كيف تعرفين أنك مصابة بمتلازمة أسبرجر؟ إليكِ الإجابة بالتفصيل
معلومات مهمة
يمكن تلخيص نتائج الدراسات السابقة في التالي:
- على الرغم من قتامة نتائج الدراسات، غير أن الخبر الجيد هو أن معظم النساء الحوامل اللواتي أُصبن بكوفيد-19 خلال الحمل أنجبن أطفالاً أصحاء.
- الدراسات توصي بضرورة المتابعة الدقيقة خلال الحمل، سواء للأم أو الجنين، ولا سيما حال الإصابة بأي عدوى فيروسية، وهنا يجب على الطبيب متابعة نمو الطفل عن كثب من خلال الطبيب المختص.
- المتابعة يجب ألا تنتهي بعد الولادة، في حين تستمر حتى بعد الإنجاب، وعلى مدار العام الأول من عمره.
- ينصح الخبراء بضرورة الحصول على اللقاحات الموصى بها؛ لأن الدراسات تشير إلى أن التطعيم في أثناء الحمل لا يحمي الأم فقط، بل يساعد في نقل الأجسام المضادة إلى الجنين؛ ما يوفر له حماية إضافية بعد الولادة.
* ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، تجب استشارة طبيب مختص.





