mena-gmtdmp

طرق فعّالة تساعد الشباب في التغلب على الإحباط

الاحباط عند الشباب
الإحباط هو شعور نفسي ينتج عن عدم تحقيق هدف

في رحلة الحياة، لا تخلو الطرق من العثرات، ولا تسلم القلوب من لحظات الانكسار. قد نخطط، نحلم، ونسعى، ثم نصطدم بجدار الواقع الذي لا يرحم، فنشعر بالإحباط يتسلل إلى أعماقنا، يثقل خطواتنا، ويعكر صفو أرواحنا. الإحباط ليس ضعفاً، بل هو رد فعل طبيعي حين تتباعد المسافة بين ما نريد وما نملك، بين ما نحلم به وما نعيشه.

لكن، هل يعني ذلك أن نستسلم؟ أن نترك أنفسنا رهينة لمشاعر اليأس؟ بالطبع لا. فكما أن الليل مهما طال لا يمنع شروق الشمس، فإن الإحباط مهما اشتد لا يستطيع أن يطفئ نور الأمل فينا، مادمنا نملك الإرادة والرغبة في التغيير.

التغلب على الإحباط لا يأتي من تجاهله، بل من مواجهته بوعي، وفهم أسبابه، ثم اتخاذ خطوات عملية تعيد التوازن إلى حياتنا. هناك طرق فعّالة، مجرّبة، يمكن لكل شخص أن يتبناها ليعيد بناء نفسه من جديد، ويحول لحظات الانكسار إلى فرص للنمو والتطور.

في هذا الموضوع، سنغوص في أبرز الوسائل التي تساعد الشباب على تجاوز الإحباط، بدءاً من فهم مشاعر، وصولاً إلى تبني عادات يومية تعزز من القوة النفسية مع جون حجار، ماجستير في العلاج النفسي المعرفي السلوكي.

ما هو الإحباط؟

الإحباط ليس علامة ضعف

الإحباط هو شعور نفسي ينتج عن عدم تحقيق هدف أو رغبة، ويصاحبه توتر، قلق، أو حتى فقدان الأمل. وهو أمر طبيعي يمر به الجميع، لكن الاستسلام له قد يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة النفسية والجسدية.

برأي حجار "الإحباط، ذلك الشعور الثقيل الذي يزحف إلينا بصمت، حين لا تسير الأمور كما نأمل، أو حين نُقابل بالسكون بعد سعيٍ طويل. لا أحد منّا في مأمنٍ منه، مهما بدا قوياً أو ناجحاً في ظاهر الأمور. لكن الجميل في النفس البشرية هو قدرتها على الترميم، والتعافي، والعودة من جديد.

فكيف يمكننا أن نتعامل مع الإحباط، لا كمشكلة، بل كإشارة ناعمة من الداخل تخبرنا أن شيئاً ما يحتاج إلى انتباه"؟.
يمكنك أيضاً الاطلاع على متى يجب أن تطلبي المساعدة النفسية؟ علامات لا تتجاهلينها وفق علم النفس

اعطِ مشاعرك حقّها.. لا تتجاهلها

  • الإحباط ليس علامة ضعف، بل هو انعكاس طبيعي لاحتياجات لم تُلبَّ، أو توقعات لم تتحقّق. تجاهله أو قمعه قد يمنحه مساحة أكبر للنمو في الداخل.
  • كن صادقاً مع نفسك. "أنا محبط، نعم. وهذا لا ينتقص من قوتي شيئاً."
  • عندما تُسمّي الشعور، كما يُنصح في العلاج المعرفي السلوكي (CBT)، تُخرجه من الظل إلى النور، فتبدأ أول خطوة نحو التحرّر منه.

تذكّر أن ما تمرّ به مؤقّت

  • عندما نشعر بالإحباط، تميل عقولنا إلى "التهويل المعرفي"، فنعتقد أن ما نشعر به الآن سيستمر إلى الأبد. لكن الحقيقة النفسية أن العواطف موجات، لها قمّة، ولها انحسار.
  • ذكّر نفسك دائماً: "هذا الشعور سيمرّ، كما مرّت مشاعر كثيرة قبله."

قلّل الضجيج وارجع إلى ذاتك

  • أحياناً لا يكون الإحباط نابعاً منّا، بل من الأصوات المحيطة: المقارنات، التوقّعات، ضغط المجتمع. في العلاج الجدلي السلوكي، نُشجّع على مهارات "الذهن الحاضر".
  • خذ لحظة. تنفّس بعمق. اسأل نفسك: "ماذا أحتاج أنا؟ لا الآخرون".

لا تعزل نفسك.. اختر من يفهمك

الإحباط يحبّ العزلة، لكن العزلة تطيل عمره. ليس عليك أن تشرح كل شيء، لكن كلمة من شخص يشعر بك قد تكون كل ما تحتاجه. ابحث عن دوائرك الآمنة: صديق، معالج نفسي، أو حتى دفترك الخاص.

حوّل الإحباط إلى دافع

  • قد يبدو هذا صعباً حين نكون في عمق المشاعر، لكن بعض من أعظم التحوّلات في الحياة بدأت بلحظة إحباط. جرّب أن تسأل نفسك:
  • ما الذي يمكن أن أتعلمه من هذا الموقف؟ ماذا سأفعل بشكل مختلف؟
  • هذا التحوّل من عقلية "الضحية" إلى عقلية "المتعلّم" هو من أقوى الأدوات في علم النفس الإيجابي.

اهتم بجسدك.. فالنفس تسكن فيه

النوم الكافي، الحركة اليومية، والطعام المتوازن ليست رفاهية. الجسد والعقل روح واحدة في جسدين. الإهمال الجسدي يزيد من الإحباط، والعكس صحيح.

ويختم حجار، "الإحباط لا يعني أنك على الطريق الخطأ، بل أحياناً يكون مجرّد استراحة قصيرة لتُعيد ترتيب خطاك. كن رحيماً بنفسك، وتذكّر:لست وحدك، وكل شعور مهما اشتد، يحمل بداخله بذرة شفاء".

طرق فعّالة للتغلب على الإحباط

جون حجار ماجستير في العلاج النفسي المعرفي السلوكي

التعبير عن المشاعر

  • لا تكبت مشاعرك، بل تحدث عنها مع شخص تثق به.
  • الكتابة اليومية أو التدوين تساعد على تفريغ المشاعر السلبية.

إعادة تقييم الموقف

  • اسأل نفسك: هل المشكلة فعلاً كبيرة كما أتصورها؟
  • حاول أن ترى الأمور من زاوية مختلفة، فقد تكتشف فرصاً وسط التحديات.

وضع أهداف واقعية

  • قسم أهدافك الكبيرة إلى خطوات صغيرة قابلة للتحقيق.
  • احتفل بكل إنجاز صغير، فهو خطوة نحو النجاح.

ممارسة الرياضة

  • النشاط البدني يحفّز إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين.
  • حتى المشي لمدة 20 دقيقة يومياً يمكن أن يُحدث فرقاً كبيراً.

الاهتمام بالنوم والتغذية

  • قلة النوم وسوء التغذية يزيدان من التوتر والإحباط.
  • احرص على نظام غذائي متوازن ونوم كافٍ.

الابتعاد عن مصادر التوتر

  • قلّل من التفاعل مع الأشخاص السلبيين أو المواقف المحبطة.
  • خصص وقتاً للراحة والأنشطة التي تحبها.

التأمل وممارسة اليقظة الذهنية

  • تمارين التنفس والتأمل تساعد على تهدئة العقل.
  • جرّب تطبيقات التأمل أو استمع إلى موسيقى هادئة.

ما رأيك متابعة علامات تخبرك أنك مصاب بالتفكير المفرط

طلب المساعدة المهنية

  • لا تتردد في استشارة مختص نفسي إذا استمر الإحباط لفترة طويلة.
  • العلاج النفسي يمكن أن يكون وسيلة فعالة لفهم الذات وتجاوز الأزمات.