الزواج هو أحد التحوّلات الكبرى في حياة الإنسان، وتحديداً للمرأة؛ إذ تنقلها التجربة من عالم العائلة والاعتياد إلى عالم الشراكة والمسؤولية والتكيّف مع حياة جديدة تماماً.
وفي خضمّ التحضيرات المادية من فستان الزفاف، وضيوف، وتنظيم، غالباً ما يُهمل الجانب النفسي للعروس والذي يُعدّ جوهراً في إنجاح هذا الانتقال، فكيف تتحضّر العروس نفسياً لاستقبال حياتها الزوجية بثبات ووعي وطمأنينة؟... سؤال حملته "سيّدتي" إلى الاختصاصية في علم النفس أنزيف بولاطيان، وعادت بالإجابة الآتية.

الاعتراف بالمشاعر الطبيعية وعدم قمعها
من الطبيعي أن تشعر العروس بمزيج من المشاعر: الفرح، الحماسة، القلق والحزن أحياناً لفكرة مغادرة منزل الأهل؛ هذه المشاعر ليست علامة ضعف، بل دليل على وعي داخلي بأن المرحلة القادمة مصيرية.
على العروس أن تسمح لنفسها بعيش هذه المشاعر دون مقاومة، لأنّ الاعتراف بها هو الخطوة الأولى نحو التوازن النفسي.
التحرر من الكماليات والتركيز على الجوهر
في فترة التحضيرات، قد تقع العروس في فخ المثالية: "يجب أن يكون كل شيء مثالياً"، مما يخلق ضغطاً نفسياً وتوتراً غير مبرر.
التذكير الدائم بأن الزواج لا يبدأ من يوم الزفاف، بل من العلاقة التي تُبنى بعده، يساعدها على إعادة التركيز إلى ما هو أهم: الراحة النفسية والاستعداد للحياة المشتركة.
قد يهمك الإطلاع على العلاج بالطاقة يسرّع الشفاء الذاتي للجسم من الأمراض المختلفة.. اختصاصية تشرح
الحوار مع الذات: من أنا الآن، ومن سأصبح؟
الزواج هو تغيير في الهوية النفسية والاجتماعية، لذلك ننصح العروس بأن تفتح حواراً صادقاً مع نفسها:
- ما هي مخاوفي؟
- ما هي توقعاتي من الشريك؟
- ما الذي أحتاج أن أتعلمه أو أتحرر منه؟
هذه الأسئلة تساعد على النضج العاطفي واستقبال المرحلة الجديدة بوعي، لا بوهم.
جلسات تحضيرية نفسية أو استشارية

العديد من الاختصاصيين اليوم يقدمون جلسات "التحضير النفسي للزواج"، وهي جلسات توجيهية تساعد العروس على:
- فهم طبيعة العلاقة الزوجية.
- كيفية التعامل مع الضغوط العاطفية.
- إدارة الخلافات بطريقة ناضجة.
- تقوية مفهوم الذات والدور الجديد كزوجة.
هذه الجلسات ليست دليلاً على وجود مشكلة، بل على وعي صحي ووقائي.
ترتيب العلاقة مع الأهل قبل الانتقال
من المهم جداً أن تعيش العروس لحظة "الوداع" من منزل الأهل بسلام داخلي، وأن ترتب علاقتها بهم بطريقة ناضجة. ليس على العروس أن تقطع جذورها، بل أن تعي أنها بدأت فصلاً جديداً مع حفاظها على امتنانها ومحبتها لبيئتها الأولى.
الاتفاق المسبق مع الشريك حول القيم الأساسية
في فترة ما قبل الزواج، يُفضّل أن تتحدث العروس مع شريكها عن مفاهيم جوهرية، مثل:
- الحرية الشخصية.
- الحدود.
- الخصوصية.
- كيفية اتخاذ القرارات.
- إدارة الميزانية.
الاتفاق على هذه المبادئ يُشعر العروس بالأمان ويقلل من المفاجآت التي قد تسبّب لها اضطراباً نفسياً لاحقاً.
الاهتمام بالجسد كمرآة للنفس
التحضير النفسي لا ينفصل عن العناية بالجسد، من هنا ضرورة:
- النوم الكافي.
- التغذية السليمة.
- مزاولة الرياضة الخفيفة.
- ممارسات تقنيات الاسترخاء كالتنفس أو التأمل.
كلّ ذلك يعزز استقرار المزاج ويخفف من التوتر.
التصالح مع الماضي العاطفي إن وُجد
من الضروري أن تدخل العروس زواجها الجديد من دون ترسّبات أو جروح عاطفية لم تُشفَ.
إن كان هنالك ماضٍ ثقيل أو مشاعر غير منتهية، من الأفضل العمل عليها مسبقاً من خلال جلسات نفسية، حتى لا تنتقل هذه المشاعر إلى العلاقة الجديدة.
رؤية الزواج كفرصة للنمو، لا نهاية للحلم
الزواج ليس خاتمة الحكاية الرومانسية، بل بدايتها.
على العروس أن تغيّر المفهوم المثالي الذي تربّت عليه وتفهم أن الزواج الحقيقي يقوم على الشراكة، التفاهم، والمجهود المتبادل، لا على القصص الحالمة فقط.
أهمية تحضير العروس نفسياً
تحضير العروس نفسياً هو استثمار في نجاح العلاقة الزوجية من اليوم الأول، هو قرار أن تعيش التجربة بجمالها ومسؤوليتها، وأن تُقبل عليها بكامل وعيها، لا فقط بفستانها الأبيض.
وهنا أوجّه نصيحة لكل عروس: لا تؤجّلي مشاعرك، احترميها، افهميها، واختاري الدخول إلى الحياة الجديدة من مكان داخلي هادئ ومحب.
*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.