في السنوات الأخيرة عاد الحديث عن الطب البديل وقدرته على الشفاء ربما دون آثار جانبية، غير أن هذه العودة صاحبها سجال مع العلماء والأطباء الذين يعتبرون أن لا "طب" سوى الحديث الذي يعتمد على البراهين العلمية والتجربة المنظمة.
في حين اعتبر أنصار الطب الحديث أن أي سبيل علاجي يعتمد على الممارسات وأسلوب الحياة لا يعد "علاجاً"، بينما طريقة إضافية لتعزيز الشفاء ليس إلا، وبين فريقي الطب البديل والطب الحديث، يمكن أن نوضح الفروقات الأساسية، الإيجابيات والمخاطر، وكيف يمكن أن يتعاون النوعان في إطار متكامل لخدمة المرضى.
إعداد: إيمان محمد
ما هو الطب الحديث؟
الطب الحديث، أو ما يُعرف بالطب التقليدي هو ذلك المسار التشخيصي والعلاجي القائم على الأبحاث العلمية، والتجارب السريرية، ويخضع هذا المجال إلى معايير سلامة صارمة. حسب تعريف ورد في Medical News Today، عندما يذهب المريض إلى الطب الحديث لتحديد مرضه وكيفية علاجه، فإن الرحلة تبدأ من الطبيب الذي يشخّص الحالة بناءً على المفاهيم الطبية المعتمدة، المختبرات، التصوير، وغيرها من الوسائل التشخيصية المتقدمة، ثم تأتي خطوة العلاج وهي ركيزة الاختلاف بين الطب الحديث والطب البديل، ففي هذه الحالة يتنوع العلاج بين الأدوية، الجراحة، أو أجهزة طبية لتحقيق الشفاء أو السيطرة على المرض.
أيضاً، الطب الحديث يخضع للرقابة من قبل هيئات دولية على شاكلة هيئات مثل إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة (FDA) أو نظيراتها في الدول الأخرى، التي تفرض شروطاً على السلامة والفعالية قبل السماح باستخدام دواء أو طرح علاج جديد.
ما هو الطب البديل؟

يعرف الطب البديل أيضاً باسم الطب التكميلي، وبحسب MSD Manuals فإنه يعتمد على طرق علاجية أو ممارسات لا تُستخدم عادة في المنظومة الطبية التقليدية.
وعادة ما يلجأ المريض للطب البديل في حالة رفض المريض العلاج الدوائي أو لم يأتِ بفعالية في حالته، هنا يمكن استبداله بعلاج طبيعي أو عشبي قد لا يكون مدعوماً بالدرجة العلمية نفسها، بينما التجارب الإنسانية أثبتت فعاليتها.
هناك حالات عديدة يستخدم فيها الطب البديل بجانب الطب الحديث، للمساعدة في تخفيف الأعراض، تحسين جودة الحياة، أو دعم المريض من الناحية النفسية أو الجسدية، مثل استخدام التأمل، اليوغا، التدليك، أو الأعشاب إلى جانب العلاج الطبي التقليدي.
جدير بالذكر في هذا الصدد، أن كثيراً من طرق الطب البديل تعود إلى جذور تاريخية وربما دينية أيضاً، ولذلك تحظى بسمعة طيبة لأنها استخدمت منذ قرون قبل ظهور الطب الحديث.
الفروقات الأساسية بين الطب البديل والطب الحديث
قد تبدو الفروقات واضحة من التعريف السابق، ولكن لمزيد من التحديد والتوضيح، يمكن حصر الفرق بين الطب البديل والطب الحديث في التالي:
الأدلة العلمية
هذا الفرق هو ركيزة الاختلاف بينهما، ويعني أن الطب الحديث يعتمد بالأساس على العلم والمختبرات والتجارب السريرية التي يتم ملاحظتها بدقة، كما يعتمد الطب الحديث كذلك على الدراسات طويلة الأمد التي قد تكون السبيل لتأكيد فعالية أي علاج وسلامته، في المقابل، فإن الطب البديل لا يعير أهمية للأدلة العلمية بالدرجة نفسها من الصرامة، فبعض الممارسات مدعومة بدراسات جيدة، لكن الكثير منها يستند إلى خبرات شخصية أو تقاليد أو تجارب محدودة وضعيفة الدليل.
السلامة والرقابة
في حالة الطب الحديث لا يمكن إصدار دواء دون رقابة صارمة في ما يخص معايير السلامة وحدود الآثار الجانبية، لذلك يخضع هذا المجال لهيئات دولية على رأسها منظمة الصحة العالمية، فضلاً على هيئة الغذاء والدواء؛ وهذه الهيئات منوطة بمنح التراخيص وشهادات الجودة قبل اعتماد أي دواء أو علاج، أما الطب البديل، فكثير من العلاجات فيه ليست مختبرة علمياً بصورة كاملة، بل إن الأعشاب رغم أنها طبيعية إلا أنها قد تحتوي على ملوثات ما قد يحمل بعض المخاطر، كما أنه في حالات مرضية معينة، حتى المواد الطبيعية يجب أن تُختبر قبل الاستخدام لتجنّب آثارها الجانبية.
طريقة العلاج
يركز الطب الحديث في طريقة العلاج على المرض من حيث الأعراض والنتائج، وعادة ما يتم تحديد علاج موحد إذا تم تحديد التشخيص الدقيق، لكن يعتمد الطب البديل على الحالة العامة للمريض من حيث الجسد والعقل وربما الروح، ويعتمد على ممارسات مثل التأمل، التنفس العميق، والتوازن الغذائي التي تأخذ في الاعتبار الأبعاد النفسية والبيئية والعاطفية.
اقرئي أيضاً ما الأمراض المزمنة التي يمكن الوقاية منها؟ اختصاصية تجيب
النتائج
الطب البديل يستهدف الراحة النفسية بشكل عام، حيث يركز على تحسين جودة الحياة من خلال تخفيف الأعراض لكنه قد يكون متأخراً في النتائج الجسدية مقارنة بالطب الحديث.
توصيات لاختيار الطب الحديث مع الطب البديل
المصادر تؤكد أن الجمع بين الطب الحديث والطب البديل ضمن إطار الطب المتكامل يمكن أن يكون مفيداً إذا تم بحذر:
- عندما تُستخدم ممارسات بديلة آمنة، مدعومة ببعض الأدلة، بجانب العلاج الطبي، قد تساهم في تخفيف الأعراض الجانبية أو تحسين الراحة النفسية.
- من المهم جداً أن يخبر المريض الطبيب بأي علاجات بديلة يستخدمها، لأن هناك إمكانية لتداخلات بين الأعشاب أو المكملات وبين الأدوية الحديثة.
* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.