منذ أن أطلقت المملكة العربية السعودية رؤية 2030، وكان للصحة أولوية خاصة، ليس فقط لتحسين صحة المواطن السعودي، بينما تستهدف المملكة كذلك أن تتحول إلى واجهة صحية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.
وعلى مدار السنوات الماضية قطعت المملكة شوطًا في تعزيز ورفع جودة القطاع الصحي، سواء من خلال دعم الأطقم الطبية بالتدريب والتطوير، أو من خلال شراكات عالمية ودمج نظم حديثة في القطاع الصحي.
إعداد: إيمان محمد
إنجازات القطاع الصحي في المملكة
الحديث عن ريادة سعودية في القطاع الصحي جاء نتاج مجموعة من الإنجازات التي تحققت بالفعل على أرض المملكة، وفي التالي نستعرض أبرزها:
إطلاق منتديات صحية عالمية
برعت المملكة في إطلاق مجموعة من المنتديات الصحية التي برزت عالمياً، ومنها منتدى نموذج الرعاية الصحية السعودي 2025 الذي يعد أبرز تجسيد لهذا النموذج، حيث عُقد هذا العام تحت رعاية وزارة الصحة السعودية، وركز على قصص النجاح في الرعاية الشاملة، ودمج الخدمات، والابتكار، واستدامة الخدمات الصحية. المنتدى أتاح كذلك تبادل الخبرات، عرض تجارب ملموسة، ومعايير جودة تحكم الأداء. وبحسب الموقع الرسمي للمنتدى، فإن نموذج الرعاية هدف إلى التالي:
- تحسين تجربة المريض.
- التقليل من الفوارق الجغرافية في الحصول على الخدمة.
- تحسين كفاءة الإنفاق الصحي.
ويعكس هذا النموذج مسار المملكة نحو التحول من التركيز على التوسع الكمي للرعاية إلى التركيز على جودة الرعاية وتكاملها وسلامتها.
الاهتمام بالصحة الوقائية والتوعية
تعير السعودية مزيداً من الاهتمام إلى إطلاق المبادرات بهدف التوعية، ونذكر منها مبادرة "يوم التعزيز الصحي" و التي تؤكد أن المملكة لا تنظر إلى الصحة كخدمات علاجية فقط، بل كبُعد مجتمعي يحتاج جهودًا استباقية. وفقًا لما ذكرته وزارة الصحة السعودية، تهدف هذه الحملة إلى:
- إبراز دور التعزيز الصحي في الوقاية من الأمراض المزمنة والمعدية.
- تسليط الضوء على جهود ومبادرات أخصائيِّي الصحة العامة، والتعزيز الصحي.
- تشجيع تبني أنماط الحياة الصحية من خلال التوعية المجتمعية.
- رفع مستوى الوعي لدى أفراد المجتمع حول العوامل المؤثرة على الصحة العامة.
- دعْم وتفعيل المبادرات الوطنية في مجالات الصحة العامة والتعزيز الصحي.
- بِناء شراكات فعالة بين القطاعات الصحية والتعليمية والمجتمعية؛ لتعزيز الصحة.
- تعزيز البحث العلمي والابتكار في مجاليْ: التثقيف والتعزيز الصحي.
وفي إطار المبادرات يُذكر أيضًا جهود المملكة في إطلاق "اليوم الوطني للمشي"، و الذي يدلل على رغبة المملكة في تشجيع النشاط البدني، الذي يمكن أن يقلل من مخاطر السكري، السمنة، أمراض القلب، وغيرها. هذه المبادرات تُظهر فهمًا عميقًا بأن الصحة تبدأ من المجتمع والبيئة اليومية من خلال:
- تعزيز الصحة العامة.
- نشر ثقافة المشي، وزيادة عدد ممارسي رياضة المشي.
- التحفيز على المشي بمشاركة جميع فئات المجتمع في مناطق المملكة كافة؛ وبما يواكب تطلعات الوطن: نحو جسم سليم في وطن طموح.
البنية التحتية الصحية والتكنولوجيا الطبية
المملكة العربية السعودية تسير نحو البناء، ومن بين أولوياتها المجال الصحي؛ لذلك استحوذت البنية التحتية الصحية وتعزيز القطاع الطبي بالتطور التكنولوجي على اهتمام كبير من قبل القيادة السعودية.
وتشير وزارة الصحة في هذا الصدد إلى ما حققته المملكة في مجالات تحسين البنى التحتية الصحية، والتي شملت المستشفيات، مراكز البحوث، والاستثمار في تقنيات الرعاية الصحية المتقدمة.
ونتيجة لهذه الجهود، فإن المستشفيات السعودية دخلت قوائم دولية في الجودة، وتحسين الخدمات في المناطق الريفية. حسب تقرير نشر في Arabisk London المملكة، أتيحت فيها خدمات الرعاية الصحية الأساسية لنحو 97.4% من السكان، حتى في المناطق النائية.
مركز الإحالات الطبية الوطني والاستجابة للطوارئ الصحية
خرجت المملكة بابتكارات جديدة الهدف منها رفع جودة الخدمة الصحية، ويُذكر في هذا الصدد مركز الإحالات الطبية الوطني الذي يُشرف على مهام طبية وإنسانية متعددة منها نقل المرضى جواً أو تنسيق عمليات التبرع بالأعضاء، والمساعدة الصحية للسجناء، والاستجابة للطوارئ. تمكن هذا المركز من إنقاذ حياة كثير من الحالات الحرجة والطارئة؛ ولذلك تولي المملكة أهمية لتطويره وتعزيزه بكافة التقنيات الطبية.
الشراكة مع المنظمات العالمية
جهود المملكة لم تقف عند حدودها المحلية، بينما كانت الشراكات العالمية على رأس أولويات رؤية 2030، وفي هذا الصدد قامت السعودية بجهود عالمية مثل ما قام به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والذي نفذ حملات طبية في بنغلاديش، اليمن، ولبنان، شملت عمليات جراحية، توزيع نظارات طبية وفحص آلاف المرضى، حسب ما ورد في Arab News.
الشراكات لم تكن بهدف العطاء فحسب، بينما نجحت المملكة في نقل الخبرة، والابتكار، وتعزيز ودعم قدرات المجتمعات المتضررة لتكون قادرة على العناية بصحة أفرادها. هذا النوع من المبادرات يكرس الصورة السعودية كدولة مسؤولة إنسانيًا وصحيًا على الساحة الدولية.
اقرأي أيضًا مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية بالرياض تحقق إنجازاً طبياً جديداً.. تعرفي عليه
برامج صحية مستدامة
ما قامت به المملكة في القطاع الصحي هو جزء من رؤية بعيدة المدى، ويمكن القول أن رؤية 2030 هي الإطار الذي يجمع كل هذه المبادرات معًا والتي تستهدف:
- الربط بين الصحة وجودة الحياة، بحيث لا يكون الهدف علاج الأفراد فقط، بل تحسين مستويات المعيشة، البُنى التحتية الاجتماعية، البيئة النظيفة، والرفاهية العامة.
- تشجيع الاستثمارات الخاصة في الصحة، الابتكار الطبي والبحث، والتنظيم الصحي الذي يراقب الجودة والمسؤولية.
- التركيز المتزايد على الأداء والنتائج من خلال مؤشرات واضحة، تقييمات دورية، شفافية في تقديم الخدمات ورضا المستفيدين.
هذا النموذج يعني تنمية مستدامة في القطاع الصحي، وعلى المدى البعيد ينعكس ذلك على تحسين نمط حياة المواطن السعودي.
الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية

من أبرز إنجازات السعودية في مجال الرعاية الصحية هو إدراج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بهدف تحسين سبل الكشف المبكر عن الأمراض وعلاجها، وتتمثل إنجازات المملكة في التالي:
- استخدمت السعودية الذكاء الاصطناعي في تحليل الصور الطبية، مثل الأشعة، التصوير بالرنين المغناطيسي، والفحوص السريرية، لتشخيص أمراض مثل القلب، السكري، والأمراض المزمنة بشكل مبكر وأكثر دقة.
- تطبيق نماذج تنبؤية (Predictive Models) تستطيع التنبؤ بحالات الدخول إلى العناية المركزة، ومتابعة تطور المرض، مما يُسهم في تحسين سرعة الاستجابة وتخصيص الموارد.
- أطلقت السعودية كذلك مبادرات قائمة على تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل المستشفى الافتراضي “Seha Virtual Hospital” التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في متابعة المرضى عن بعد وتقديم استشارات متخصصة؛ وهذا الاتجاه جاء بغرض تخفيف العبء على المرافق التقليدية كما يسهل وصول المرضى للرعاية الصحية المناسبة.
لماذا أصبحت السعودية نموذجاً عالمياً؟
تمكنت السعودية من أن تبرز عالميًا في مجال الصحة ويعود ذلك إلى الالتزام بالتالي:
- الالتزام القيادي: القيادة وضعت الصحة كأولوية وقدمت رؤية شاملة من حيث التخطيط و الدعم المالي.
- التخطيط والتنفيذ: اتبعت السعودية نموذج التخطيط والتنفيذ معًا بحيث لا مبادرات معزولة، بل إطار متكامل ترتبط فيه الصحة بالتعليم والاقتصاد و البيئة.
- استخدام التقنية والابتكار: كان للتكنولوجيا حضور بارز في رؤية 2030 التي أطلقتها المملكة، ما انعكس على تعزيز القطاع الصحي سواء من حيث المشاركة في التجارب العالمية، الابتكار في الخدمات، استخدام الصحة الرقمية، أو التواصل الصحي المجتمعي.
- التوسع في التغطية وجودة الرعاية: من المناطق الحضرية إلى البعيدة، من الرعاية الأولية إلى التخصصات الدقيقة، مع تحسّن ملحوظ في نسب التغطية، ورضا المرضى.