اطلبي الشريك ولو في الصين

8 صور

لأن الفتاة الفلسطينية هي فتاة غير عادية، بثقافتها ووعيها وإيمانها بقضيتها كامرأة وإنسانة، فهي قد آمنت بحقها في اختيار شريك حياتها كذلك، وتحدت كل الصعاب أمام خيارها، ووقفت أمام العادات والتقاليد لتصل في النهاية إلى من اختاره عقلها وقلبها، حتى لو كان في الصين أو الهند، أو أي بلد آخر، ولترفع شعار: اطلبي الحب ولو في الصين.

إيمان أسبيتان والشاب الصيني موسى
التقت إيمان أسبيتان وهي في الخامسة والعشرين من عمرها مع الشاب الصيني موسى في مدينة غزة في العام 2010؛ حيث قدم إلى غزة ليعمل كمترجم، وكان وقتها يتعلم اللغة العربية في جامعة دمشق، وقد جمعهما الحب والتفاهم، وقد أحبت فيه إيمان تدينه الشديد، فهو يحافظ على الصلاة ويحفظ عشرين جزءاً من القرآن الكريم، ولم يتوقف يوماً عن إيقاظها لصلاة الفجر، رغم فرق التوقيت بين غزة والصين.

وعن الصعوبات التي واجهت زواجهما تقول إيمان: اعترضت عائلتي في البداية، ولكن أمام إصرارها وافقت العائلة، بشرط أن يتزوجها حسب التقاليد الفلسطينية، وبالفعل فقد أقيم لهما عرس فلسطيني، وأقامت عائلة «موسى» عرساً صينياً صميماً عند وصولهما للصين، حيث ارتدت الثوب التقليدي الأحمر الذي ترتديه الفتيات الصينيات.

إيمان تؤكد أن الإسلام هو الأمر المشترك الذي سهل كل شيء، وذلل كل العقبات أمام نجاح زواجها، فرغم اختلاف العادات الصينية عن العادات العربية عموماً، فإن إيمان تأقلمت مع هذه العادات بسبب حبها لزوجها وبدأت تتعلم اللغة الصينية في معهد خاص في مدينة «كوانزوا» الصينية التي تقيم بها الآن مع زوجها، وتعلم عائلة زوجها وأقاربه القرآن الكريم؛ لأنهم يتلونه بعربية ركيكة، ولا تخفي «إيمان» شوقها لوطنها، ولكنها كما تقول إن ما يخفف عنها نار الغربة هو التواصل اليومي والمستمر على مدار الساعة مع عائلتها عن طريق تقنيات الاتصال الحديثة.

مفاز يوسف والشاب الهندي
ولأن التواصل عبر الإنترنت بين الشباب أصبح سمة العصر، فقد تواصلت مفاز أحمد يوسف مع الشاب الهندي بدر خان من خلال شبكة الإنترنت، ولكن قبل ذلك كان لهما لقاء على أرض غزة، وعن ذلك تقول مفاز: «كنت أعمل صحافية وأقوم بتغطية أخبار ونشاطات القوافل التي تصل للتضامن مع غزة، وقد وصل بدر مع إحدى هذه القوافل في العام 2011 والتقيته وبدأت أزوده بمعلومات عن غزة وما يحدث فيها، كان يسمع عن فلسطين ويريد أن يراها على الواقع، خاصة أنه كان يعد لرسالة الماجستير عن السلام وحل النزاعات في مركز نيلسون مانديلا في الهند، وبعد عودته لبلده بقي التواصل بيننا عن طريق الإنترنت؛ لأنني كنت أزوده بكل الفعاليات التي تحدث في غزة، والتي تستحق أن ينظم من أجلها مظاهرات في الخارج، وتطورت علاقتنا من علاقة العمل إلى علاقة خاصة توجت بالزواج؛ بعد أن تقدم لخطبتي، وتم زواجنا رسمياً حسب العادات الفلسطينية، وقدم لي مهراً بالقدر المتعارف عليه، ولم أقدم له مهراً حسبما تقتضي العادات الهندية.


وتعيش مفاز وبدر خان أسعد أيامهما حالياً في الهند، وتتواصل مع عائلتها باستمرار، وتعتقد أن السعادة ممكن أن تجدها الفتاة في أبعد بقاع الأرض، حتى لو كانت في الهند التي تبعد آلاف الكيلومترات عن فلسطين.
وتشير مفاز إلى أن شقيقتها قد تزوجت من شاب تركي ويعيشان معاً في غزة، حيث يعمل مراسلاً لوكالة أنباء تركية، فيما تؤكد أيضاً على الصعوبات التي واجهت زواجها، والتعليقات التي كانت تسمعها من الناس حول استغرابهم على إقدامها على هذه الخطوة، وما بين مؤيد ومعارض لم تتوقف مفاز عن مشروع زواجها؛ لأنه تم عن رضا وقناعة تامة، ويؤكد أن والدها قد سأل الجالية الفلسطينية في الهند عن بدر وأشادوا به، كما تقتضي العادات، حيث يجب السؤال عن سلوك العريس وأخلاقياته.
مفاز التي تنفي كون اسمها هنديا، ولكنه مشتق من القرآن الكريم تتواصل مع بدر خان باللغة الإنجليزية، فيما يعكف كلاهما على تعلم لغة الآخر.


ياسمين سنونو والشاب السنغالي عثمان
التقت ياسمين الشاب السنغالي في الولايات المتحدة الأميركية، وتزوجا في غزة، وقد انتظر العريس السنغالي «عثمان» لمدة عامين؛ حتى تمكن من دخول غزة المحاصرة، حيث رفض أهلها أن يتم زواجهما في الولايات المتحدة.
وقد كان لقاء ياسمين بالشاب عثمان في الغربة، حيث كانا يدرسان، لافتاً عثمان أن شخصية ياسيمن قد جذبته بالتزامها وأخلاقها وبأنها ابنة فلسطين، وقد عشق طهيها للأكلات الفلسطينية أيضاً، مما جعله يتقدم لذويها لخطبتها أثناء تواجدهم في الولايات المتحدة.
ويؤكد أن اليأس لم يتملكه لحظة وهو يحاول دخول غزة المحاصرة ولمدة عامين؛ حتى تمكن من الوصل لفتاة أحلامه، وتم عقد القران في المحكمة الشرعية، لافتاً أنه يحفظ القرآن الكريم، وأن الإسلام هو القاسم المشترك بينه وبين إيمان.

عريس انتحاري
وعلى الجانب الآخر قدم شاب يمني إلى غزة ليطلب يد حبيبته التي تعرف إليها عن طريق الإنترنت، ولكن والدها رفض بشدة، ما جعله يرابط أمام بيتها ولمدة شهرين وينام في العراء، حتى وافق والدها بالنهاية على زواجهما، خاصة بعد تدخل الناس من حولهما في إقناع الأب ليتمم هذا الزواج، وبالفعل سافرت العروس مع عريسها إلى اليمن؛ لتعيش أجمل أيام حياتها.

موافقة حذرة
من جانبها أكدت منى إسماعيل «ناشطة نسوية» أن زواج فتيات فلسطينيات من غزة، خصوصاً من شباب ليسوا فلسطينيين يعتبر غير مقبول اجتماعياً، ولكنه يتم، وبعض الأسر تشجعت على زواج بناتها خارج غزة بعد سماعهم عن نجاح هذه الزيجات والترويج الإعلامي الذي تحظى به، ورغم اختلاف العادات والتقاليد واللغة بين العروسين في كل حالة، إلا أن القاسم المشترك وهو الديانة التي تؤدي إلى تذليل الصعوبات، ووضع أركان صحيحة لكل حالة زواج.