"كنت أظن أن تصفحي لهاتفي قبل النوم عادة غير ضارّة، حتى بدأت أدرك أنني أنام، لكن لا أشعر بالراحة والاسترخاء المطلوب”.. بهذه الكلمات بدأت ريم علاء الدين (35 عامًا)، حديثها عن تجربة شخصية قررت فيها اختبار أمر يبدو بسيطاً، وهو “ماذا يحدث إذا توقفت تمامًا عن استخدام أي جهاز إلكتروني قبل النوم؟”.
هناك دراسات عديدة حذرت من عادة تصفح الهاتف الذكي قبل النوم بسبب تأثير الضوء الأزرق على الحالة الذهنية، ومن ثم على جودة النوم. وفي هذا الموضوع نستعرض تجربة ريم، وكذلك رأي الاختصاصيين في التوقف عن تصفح الهاتف قبل النوم.
إعداد: إيمان محمد
تجربة ريم مع الهاتف قبل النوم
ريم، مثلها مثل كثير من النساء العاملات، تنشغل نهارًا بمهام العمل والأسرة، ولا تجد وقتًا لنفسها إلا بعد أن ينام الجميع. تقول: “كنت أتصفح وسائل التواصل الاجتماعي وأتنقل بين التطبيقات المختلفة، معتقدة أنني أستمتع بلحظات هادئة قبل النوم، ولكنني في الحقيقة كنت أزيد من توتري". وأردفت “إن تصفح الهاتف قبل النوم لم يكن مجرد دقائق بينما قد أفقد شعوري بالوقت وأستهلك عدة ساعات في التصفح ومشاهدة الفيديوهات الترفيهية والتحفيزية”.

تصف ريم حالتها قبل خوض التجربة قائلة: “كنت أنام عددًا كافيًا من الساعات، ومع ذلك أستيقظ مرهقة، ذهني مشتت، ومزاجي مضطرب. وبعد نقاش مع صديقة تعمل في مجال العلاج السلوكي، اقترحت الأخيرة عليّ الامتناع عن استخدام الهاتف والتلفاز قبل النوم بساعة على الأقل، لمنح الدماغ فرصة للتهيؤ للنوم العميق.
رغم ترددي في البداية، إلا أنني قررت أن أخوض التجربة بدافع الفضول، لا سيما بعد أن لاحظت أثراً واضحاً على تركيزي وطاقتي خلال النهار".
مواجهة تحديات التوقف عن تصفح الهاتف قبل النوم
بحسب تجربة ريم، فإن الأمر لم يكن بسيطاً كما يبدو، وتصف أولى الملاحظات قائلة: "في الليلتين الأوليين، شعرت بأن هناك شيئًا مفقودًا. كان من الصعب أن أغلق هاتفي دون أن أشعر بأنني أفقد شيئاً. بدا لي الأمر كما لو كنت أفقد وسيلة تسليتي الوحيدة وسط يوم مليء بالضغوط.
لكنني قررت أن أملأ هذا الوقت بقراءة كتاب كنت قد بدأت به منذ أشهر، والاستماع إلى موسيقى هادئة".
نتائج التجربة مع التوقف عن الأجهزة الإلكترونية
بعد أيام قليلة، بدأت ريم تلاحظ تغييراً حقيقيًا حددته كالتالي:
- أصبحت تغفو بسرعة أكبر دون أن تتقلب في الفراش لوقت طويل.
- نومها أصبح أعمق واستيقاظها صار أكثر راحة.
- لاحظت تحسنًا ملحوظًا في حالتها المزاجية وقدرتها على التركيز خلال ساعات النهار.
رأي العلم في تصفح الهاتف قبل النوم
يبدو أن الأمر ليس مجرد ملاحظة من ريم، بينما العلم عزز النتائج الإيجابية للتجربة. بحسب مؤسسة النوم الوطنية الأمريكية Sleep Foundation، فإن التعرض للضوء الأزرق الصادر من الأجهزة الإلكترونية قبل النوم يمكن أن يُضعف إفراز هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم النوم، مما يؤدي إلى تأخير الغفوة وتقليل جودة النوم العميق.
وتؤيد هذه الفرضية دراسة نشرتها مجلة Sleep Medicine، حيث أشارت إلى أن استخدام الهواتف الذكية قبل النوم يزيد من اضطرابات النوم ومعدلات القلق، خاصة لدى النساء، ويؤثر سلباً على طاقتهن في اليوم التالي.
تقول ريم إنها، وللمرة الأولى منذ أشهر، شعرت بأن وقت النوم لم يعد مجرد استسلام جسدي للإرهاق، بل أصبح لحظة هدوء وصفاء ذهني. وتشرح “كان علي فقط أن أمنح عقلي الفرصة لينفصل عن صخب اليوم، دون أن أملأ تلك الساعة الأخيرة بالمحتوى السريع والمشتت". وتضيف “لم أكن أدرك أن التوقف عن تصفح الهاتف قبل النوم ليس حرمانًا، بل هو استرداد لحق طبيعي في الراحة والهدوء".
اقرأي أيضًا تجربتي مع زيت اللافندر والاسترخاء العميق
نصائح للتوقف عن تصفح الهاتف قبل النوم
بناءً على تجربتها، تقدم ريم نصائح لأي امرأة ترغب في تحسين جودة نومها والحصول على استرخاء أفضل وطاقة ونشاط وقت الاستيقاظ:
ابدئي تدريجيًا
لا تيأسي من أول محاولة، فإن تصفح الهاتف قبل النوم عادة، لذلك حاولي إيقاف استخدام الهاتف قبل النوم بمدة 30 دقيقة وزيديها تدريجيًا.
اختاري نشاطاً بديلاً
طالما اعتدتِ على فعل شيء قبل الخلود إلى النوم، فإنه من الصعب أن تنامي دون إيجاد عادة بديلة، يمكنكِ تجربة هوايات مثل القراءة أو الكتابة أو الاستماع إلى موسيقى مريحة.
هيئي البيئة المناسبة للنوم
الخلود إلى نوم هادئ يتطلب عوامل مساعدة، وأهمها البيئة المحيطة. لذا، اجعلي الغرفة مظلمة، هادئة، وباردة نسبيًا.
ضعي الهاتف خارج غرفة النوم
في الأيام الأولى ربما تلاحظين ميلكِ لسحب الهاتف دون سيطرة، لذلك من الأفضل تقليل الإغراء وتجنّب التنبيهات من خلال ترك الهاتف خارج غرفة النوم.
ثبّتي وقت النوم والاستيقاظ
الاستقرار في الجدول الزمني للنوم يساعد الجسم على التكيّف وتحسين جودة النوم.
وتختم ريم الحديث عن تجربتها قائلة: “لم أعد أنظر إلى هاتفي قبل النوم كما كنت من قبل. أصبح لدي تقدير أكبر لتلك الساعة التي أبتعد فيها عن العالم الخارجي، وأقترب فيها من ذاتي. نعم، سأستمر على هذا النحو".
*ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.