معدل الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في تزايد حول العالم. ورغم أننا في أوطاننا العربية نتعامل معه كمرض مزمن عادي، غير أن مضاعفاته خطيرة، فقد يسبب فقدان البصر والفشل الكلوي، كما يؤثر على الأعصاب بشكل لافت، فضلاً عن النوبات القلبية، والسكتات الدماغية، والبتر، والعدوى، بل وحتى الوفاة المبكرة.
أكثر من 80% من الأشخاص المصابين بمقدمات السكري لا يعرفون ذلك، وواحد من كل أربعة مصابين بالسكري لا يعرفون أنهم مصابون، ورغم كل هذه الخطورة يمكن اتباع نمط حياة يمنع حدوث السكري من البداية، بل ويعكس تقدمه.
هل يمكن لنمط الحياة الصحي أن يمنع السكري؟
برنامج الوقاية من السكري (DPP)، وهو دراسة كبيرة وطويلة المدى، طرح السؤال التالي: نعرف أن النظام الغذائي غير الصحي ونمط الحياة السيء، يمكن أن يسببا السكري من النوع الثاني، لكن هل يمكن للنظام الغذائي الصحي ونمط الحياة السليم أن يمنعا المرض؟
بحسب ما أورده health harvard الإجابة: نعم. يمكن الوقاية من الغالبية العظمى من حالات السكري من النوع الثاني ومقدماته عبر تغييرات في النظام الغذائي ونمط الحياة، وقد أثبت ذلك 20 عاماً من الأبحاث الطبية.
في الدراسة السابق الإشارة إليها، تم تقسيم المشاركين المعرّضين للإصابة بالسكري إلى ثلاث مجموعات: مجموعة خضعت لتدخل مكثف في النظام الغذائي ونمط الحياة لمدة 24 أسبوعاً، مجموعة تناولت دواء الميتفورمين، ومجموعة ثالثة تناولت دواءً وهمياً. التدخل في النظام الغذائي ونمط الحياة شمل 16 فصلاً لتعليم أساسيات التغذية واستراتيجيات سلوكية لفقدان الوزن والنشاط البدني، مدربو حياة يتواصلون بشكل منتظم مع المشاركين، جلسات نشاط بدني تحت إشراف مختصين.

جاءت النتائج مبهرة كالتالي:
- بعد 3 سنوات: المشاركون في برنامج نمط الحياة، كان لديهم خطر أقل بنسبة 58% للإصابة بالسكري مقارنةً بالمجموعة الوهمية.
- منْ تجاوزوا 60 عاماً: انخفض الخطر لديهم بنسبة 71%.
- بعد 10 سنوات: ظل الخطر أقل بنسبة 34% مقارنة بالمجموعة الوهمية.
أما المجموعة التي تناولت الميتفورمين فانخفض الخطر لديهم بنسبة 31% بعد 3 سنوات، و18% بعد 10 سنوات. ورغم أن الدواء كان فعالاً، إلا أن التغيير في نمط الحياة كان أكثر تأثيراً، والجمع بين الاثنين أعطى نتائج أفضل.
توصيات للوقاية من السكري
بحسب الدراسة العملاقة السابقة، فهناك مجموعة من النصائح التي من شأنها الحد من فرص الإصابة بالسكري، بل وتحقيق الوقاية الكاملة، مثل:
النظام الغذائي
من أبرز ما توصلت إليه الدراسات أن الغذاء هو الركيزة الفاصلة بين الصحة والمرض. تناول السكريات المضافة والمشروبات الغازية والعصائر المحلاة يشكل خطراً مباشراً، بينما الاعتماد على الحبوب الكاملة والخضروات والبقوليات، يمنح الجسم قدرة أكبر على تنظيم السكر. خبراء هارفارد يؤكدون أن نصف ما نتناوله يومياً ينبغي أن يكون من الفواكه والخضروات غير النشوية، خاصة الأنواع الغنية بالألياف مثل التوت والبروكلي. أيضاً أشارت التوصيات، إلى خفض تناول اللحوم الحمراء المصنعة؛ لأنها تزيد من خطر الإصابة بنسبة تفوق 50%، بينما الامتناع عنها أو تقليلها بشكل كبير يُعد إحدى أهم الطرق الوقائية.
قد يعجبك أيضاً تحديات الشيخوخة والوقاية الممكنة.. نصائح وإرشادات علمية
النشاط البدني
الرياضة ليست رفاهية، بل علاج ووقاية. في برنامج DPP، ساهم النشاط البدني المنتظم بإشراف مدربين في تعزيز نتائج الحمية الغذائية، حتى أن الجمع بينهما أثبت فعالية تفوق استخدام الدواء وحده. فالمشي السريع، أو السباحة، أو حتى صعود السلالم يمكن أن يحدث فارقاً ملموساً في ضبط مستويات السكر.
خطة الدواء
الدواء مثل الميتفورمين له دور مهم، لكنه أقل فعالية من الحمية والنشاط البدني. بعد عشر سنوات، انخفض خطر السكري بنسبة 18% فقط لدى منْ اعتمدوا على الدواء وحده، مقابل 34% عند منْ غيروا نمط حياتهم. لكن الدمج بين الاثنين أثبت أنه الأكثر فعالية، ما يعني أن الحمية والرياضة هما الأساس، والدواء يمكن أن يكون داعماً.
برنامج CDC للحماية من السكري
مراكز السيطرة على الأمراض (CDC) طوَّرت برنامجاً وطنياً طويل الأمد للوقاية من السكري. يقوم البرنامج على التغيير التدريجي والمستدام، لا على الحميات المؤقتة. المشاركون يتعلمون كيف يأكلون بشكل صحي، يتعاملون مع الضغوط، ويزيدون من نشاطهم البدني، ضمن بيئة داعمة يقودها مدربون متخصصون.
البرنامج يمتد لعام كامل، لكنه أثبت فعاليته في مساعدة المشاركين على خسارة الوزن، تحسين مستويات الطاقة، والتمتع بحياة أكثر نشاطاً. كما أن نتائجه تتجاوز الأفراد؛ لتشمل المجتمع كله، عبر خفض التكاليف الصحية وتحسين الإنتاجية.
رحلة الوقاية إلى التعافي
الأمر اللافت أن هذه التغييرات لا تمنع فقط ظهور السكري، بل يمكنها أيضاً عكس مساره في بداياته. فقد أثبتت الدراسات أن كثيراً من المصابين بمقدمات السكري أو حتى بالسكري المبكر نجحوا في استعادة مستويات طبيعية للسكر عبر الالتزام بنمط حياة صحي. وعليه، يمكنكِ اتباع النصائح المثبت فعاليتها علمياً؛ لتفادي مضاعفات السكري، والتي قد تُعطل الحياة أو تسبب الوفاة.
* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، تجب استشارة طبيب مختص.