أعداد مرضى السكري في ارتفاع مستمر في كافة أنحاء العالم، حيث يؤثر اليوم على 589 مليون شخص على الصعيد العالمي وعلى 20% من سكان المملكة العربية السعودية الذين هم بعمر 40 سنة فما فوق، وعلى حوالي 439,700 شخص في لبنان على سبيل المثال.
لمناسبة اليوم العالمي للسكري، استضافت الجمعية اللبنانية للغدد الصم والسكري والدهنيات (LSEDL) وبدعم من شركة "نوفو نورديسك"، مؤتمراً صحفياً في بيروت، بهدف تسليط الضوء على الحاجة الملحة للوقاية من داء السكري والتدخل العلاجي المبكر.
"سيّدتي" التقت، على هامش المؤتمر، رئيسة الجمعية الدكتورة ميراي العمّ، وكان معها الحوار الآتي.

ما أسباب وأبرز عراض الإصابة بمرض السكري؟
يُصاب الشخص بمرض السكري عندما لا ينتج البنكرياس لديه كمية كافية من الأنسولين و/أو عندما يعجز جسمه عن الاستفادة من هذا الأنسولين بفاعلية.
تشمل أعراض مرض السكري الأكثر شيوعاً: العطش الشديد، جفاف الفم، كثرة التبول، الجوع المتزايد، التعب، ضبابية الرؤية، بطء التئام الجروح، خدر أو وخز في اليدين أو القدمين. بالإضافة إلى الالتهابات المتكررة.
ما الأضرار التي يسببها ارتفاع السكر في الدم؟
يتسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم في تلف الأوعية الدموية بشكل تدريجي في كافة أنحاء الجسم، مما يؤدي إلى مجموعة كبيرة من المضاعفات الصحية.
وعندما يتم تشخيص الإصابة بالسكري من النوع الثاني، يكون 50% من المصابين بالمرض قد بدأوا بالفعل يعانون من إحدى المضاعفات التي تشمل: أمراض القلب والأوعية الدموية، أمراض الكلى، مضاعفات العين المرتبطة بداء السكري والاعتلال العصبي.
ولعل التحول الذي طرأ على إدراة مرض السكري، هو الانتقال من التركيز على خفض مستوى السكر فقط، إلى استهداف المضاعفات.
لأن مرضى السكري البالغين، سوف يعانون من خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية بنسبة تتراوح بين مرتين إلى أربع مرات مقارنة بالبالغين غير المصابين بمرض السكري.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات أنّ الأمراض القلبية الوعائية هي السبب الرئيسي للوفاة بين المصابين بمرض السكري من النوع الثاني.
ولا تقتصر تداعيات مرض السكري على القلب فحسب، إنما يعدّ هذا المرض السبب الرئيسي لأمراض الكلى المزمنة؛ حيث يصاب نحو 40% من مرضى السكري من النوع الثاني بمرض الكلى المزمن خلال حياتهم.
هذا ويعتبر اعتلال الشبكية السكري شائعاً لدى مرض السكري من النوع الثاني، من هنا وجوب خضوع المرض لفحص العيون الدوري بهدف الوقاية من التداعيات الأكثر خطراً والتي تهدد سلامة البصر.
قد يكون من المفيد قراءة هذا الموضوع كيف يمكن أن نُغير نمط حياتنا للتعافي من مرض السكري؟
ما مدى أهمية إبقاء مستوى السكر ضمن المستويات الصحية؟

يمكن إبقاء مرض السكري تحت السيطرة من خلال الفحوص الدورية التي يُجريها الأطباء الاختصاصيون (قلب، شرايين، أعصاب، عيون..)، فضلاً على اعتماد نمط حياة صحي والالتزام بالعلاج الموصوف من قبل الطبيب المعالِج؛ لأن التدخل المبكر وتلقي العلاجات المطلوبة يساعد مرضى السكري على إدارة مستويات السكر في الدم لديهم على نحو أفضل والحؤول دون حدوث مضاعفات خطيرة. كما وتحسين نوعية الحياة بشكل ملحوظ، وتحسين نتائج علاج المرض.
ونحن كأطباء، لم نعد ننظر فقط إلى أرقام السكر بمفردها، إنما بنظرة شمولية لأرقام مختلفة لدى المريض، مثل: ضغط الدم، الكولسترول، الدهون..)، لتقديم خطة علاجية خاصة وفقاً لكل حالة، ووفقاً للأرقام التي تم تسجيلها من خلال فحوص الدم وفحص الضغط.
أي أن علاج مرض السكري من النوع الثاني، لا يخضع لبرتوكول موحّد للجميع، بل وفقاً للحالة الصحية لكل مريض.
ما الخيارات العلاجية المتاحة لمرض السكري من النوع الثاني؟
خيارات العلاج الدوائية كثيرة ومتنوعة وباتت متطورة كثيراً عن السابق، وكما سبق وأشرت فإنها توصف لكل مريض سكري وفقاً لحالته الصحية الخاصة.
وقد يكون من المهم دائماً خضوع المريض لفحص سريري لدى الطبيب مع المتابعة الدورية، وعدم الاكتفاء فقط بنتائج فحوص الدم، لأن مهمة الطبيب أيضاً تقديم التوجيهات اللازمة للحفاظ على مستوى مستقر من السكر في الدم، لتجنّب حدوث المضاعفات الخطيرة، والتي قد تصل إلى حدّ بتر الأطراف، قصور عضلة القلب، قصور الكلى، وحدوث جلطة دماغية أو سكتة قلبية.
وهنا أشير الى حقن GLP-1 التي باتت رائجة، والبعض يلجأ إليها من دون وصفة طبيب، وهذا أمر مرفوض وقد يعرّضهم لمشاكل هم في غنى عنها.
هذه الحقن بشكل أساسي هي مخصصة لعلاج السكري من النوع الثاني، وتُستخدم بشكل متزايد لعلاج السمنة تحت إشراف الطبيب المعالج الذي له القرار في وصفها وفقاً لمعايير محددة يجب أن تتوفر في المريض؛ فتعمل على تنظيم مستويات السكر في الدم عن طريق تحفيز إفراز الأنسولين، وإبطاء عملية الهضم، وتقليل الشهية، كما يمكن أن تساعد في فقدان الوزن، وفي حماية شرايين الكلى وشرايين الساقين..
ما مدى أهمية نمط الحياة الصحي في منع حدوث و/أو إدارة مرض السكري؟
نوعية نمط الحياة على قدر من الأهمية لمنع حدوث مرض السكري من النوع الثاني و/أو إدارته. هنا نشدد على أهمية السيطرة على الوزن وتجنّب البدانة والتدخين، وممارسة الرياضة والنشاط البدني بوتيرة مستمرة.
مع الإِشارة إلى أن النظام الغذائي الموصوف لمريض السكري، هو نفسه الذي يوصف لأي شخص سليم، ويقضي بتقليل النشويات، التركيز على الخضروات الطازجة، الفواكه باعتدال، البروتينات الصحية بكميات تناسب وزن الشخص ونشاطه (الدجاج واللحوم الحمراء الخالية من الدهون، الأسماك والحبوب). بالإضافة إلى تجنّب الدهون المشبعة الموجودة في المقالي والحلويات الدسمة، والأطعمة الجاهزة والمصنّعة الغنية بالدهون والملح أو السكر ايضاً والفقيرة بالفيتامينات والمعادن.
ماذا عن مرحلة ما قبل السكري؟ هل يمكن العودة بها إلى الوراء؟
مرحلة ما قبل السكري يمكن التحكم بها وإرجاعها إلى الوراء، من خلال اتباع نظام غذائي صحي، خفض الوزن وممارسة الرياضة؛ لأن الوصول إلى مرض السكري ليس أمراً حتمياً في هذه المرحلة إذا ما تم التعاطي مع الأمر بجدّية وبالطرق السليمة.
هل تودين توجيه كلمة أخيرة في مناسبة اليوم العالمي للسكري وختام حوارنا عن المرض؟
أود أن أشير الى أن مرض السكري عدوه الوقت، لذلك من المهم دائماً السرعة في الكشف والعلاج، وتعديل نمط الحياة، لتجنّب المضاعفات الخطيرة التي تهدد الحياة.
كما أشدد على ضرورة الالتزام بنوعية الطعام الصحي، وتناول الوجبات في أوقاتها وعدم التخلي عن أي وجبة حددها الطبيب، لتجنّب هبوط السكر في الدم.
وفي اليوم العالمي للسكري أقول إن الوقاية من المرض و/أو إدارته بالطرق الصحيحة وتحت إشراف الطبيب المعالج على قدر من الأهمية.
*ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.





