يعد التهاب القولون التقرحي من بين الحالات الصحية المزعجة التي يلازمها الألم بعد تناول كل وجبة، لذلك فالإصابة به تعني صعوبة ممارسة الحياة بشكلها الطبيعي.
وللتعرف عن قرب إلى حالة التهاب القولون التقرحي، التقت "سيّدتي" الشابة سارة محمد، 29 عاماً، التي أُصيبت بهذا المرض منذ سنوات، وخاضت رحلة طبية طويلة مع التهاب القولون التقرحي، الذي يقول عنه الأطباء إنه ليس مجرد اضطراب هضمي عابر، بل مرض مزمن غير معروف السبب حتى اليوم. يصيب بطانة القولون والمستقيم مسبباً التهابات وتقرحات، ويؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة.
إعداد: إيمان محمد
تجربة سارة مع التهاب القولون التقرحي
تروي سارة رحلتها قائلة: "في بداية الأمر، كانت الأعراض خفيفة وغير منتظمة، مثل مغص متقطع، شعور مستمر بالانتفاخ، وإسهال متكرر". وأضافت: "ظننتها أعراض القولون العصبي الشائعة، واعتدت تجاهلها. لكن مع الوقت، بدأت الأعراض تتفاقم، وبدأ يظهر دم في البراز، مصحوباً بتعب عام، وخسارة تدريجية في الوزن، وانخفاض في الشهية".
بعد فترة من محاولة التجاهل، كان لزاماً على سارة أن تذهب إلى الطبيب. وبعد عدة تحاليل وفحوص شملت فحص البراز، ومنظار القولون، اكتشفت أنها تعاني من حالة طبية تسمى التهاب القولون التقرحي، الذي يطلق عليه بالإنجليزية "Ulcerative Colitis"، وهو مرض مزمن من أمراض الأمعاء الالتهابية.
ما هو التهاب القولون التقرحي؟

بحسب موقع "مايو كلينك"، فإن التهاب القولون التقرحي هو مرض يؤدي إلى التهاب طويل المدى في القولون والمستقيم، يصاحبه ظهور تقرحات على الجدار الداخلي للقولون، أما أعراضه فتشمل الآتي:
- الإسهال المصحوب بالدم أو القيح.
- آلام البطن والتقلصات.
- فقدان الوزن.
- الشعور بالتعب المستمر.
ويضيف المصدر أن هذا المرض يمرّ بفترات ما بين الألم الشديد أو السكون، حيث تخمد الأعراض تماماً وربما لفترة طويلة، حتى يظن المريض أنه قد تعافى، ليعود الالتهاب من جديد وربما بقوة أكبر، ما يصعب التنبؤ بمساره.
تحديات يواجهها مريض التهاب القولون التقرحي
بالعودة إلى تجربة سارة، فتقول إنها واجهت كثيراً من التحديات خلال فترة المرض، وتوضح: "خلال الأشهر الأولى بعد التشخيص، واجهت تحديات كثيرة. كان الإسهال المفاجئ يفرض عليَّ البقاء في المنزل أغلب الوقت، وتجنّب أي مناسبات اجتماعية". وتضيف: "شعرت بالعزلة، وتراجعت حالتي النفسية. لم يكن من السهل أن أشرح للآخرين أنني لا أستطيع السفر، أو حضور مناسبة، لأنني لا أضمن متى وأين ستفاجئني الأعراض".
علاج التهاب القولون التقرحي
قالت سارة: "إن الخطة العلاجية شملت العلاج بالكورتيزون، ثم مضادات للالتهاب التي تستهدف بطانة القولون، ثم دخلت مرحلة ثالثة من العلاج؛ تمت إضافة أدوية مناعية تساعد على عدم عودة الالتهاب المرتبط بنشاط المرض".
ويشير موقع Cleveland Clinic إلى إن خطة علاج التهاب القولون التقرحي تعتمد على شدّة الحالة ومكان الالتهاب، ولا تشمل الخطة العلاجية الأدوية فقط، بينما تشمل اتباع نظام غذائي يحدده الأطباء يُسهم في علاج الالتهاب والحد من تبعاته.
في حالة سارة، تقول: "أوضح لي الطبيب أن الجراحة تبقى خياراً أخيراً في حال فشل العلاج الدوائي أو ظهور مضاعفات مثل النزيف الشديد أو الانسداد. ولحسن الحظ، استجابت حالتي تدريجياً للعلاج، وبدأت مرحلة الاستقرار".
اقرئي أيضاً: الأكل الممنوع لمرضى جلطة الساق لتقليل المخاطر وفق اختصاصية
أسباب التهاب القولون التقرحي
صحيح أن السبب الدقيق لالتهاب القولون التقرحي لم يتم تحديده من قبل الأطباء، لكن يُعتقد أن هناك مجموعة من العوامل والأسباب التي ارتبطت بارتفاع فرص الإصابة، ومنها:
اضطراب جهاز المناعة
جزء من الإصابة بهذا المرض يعود إلى اضطرابات المناعة، وفي هذه الحالة يُعتقد أن الجهاز المناعي يهاجم بطانة القولون عن طريق الخطأ، نتيجة استجابة غير طبيعية لفيروس أو بكتيريا.
العامل الوراثي
الوراثة تلعب دوراً بارزاً في فرص الإصابة بالتهاب القولون التقرحي، هناك ميل أكبر للإصابة لدى من لديهم تاريخ عائلي للمرض، ولذلك يصعب تجنبه في هذه الحالة.
العوامل البيئية
مثل النظام الغذائي الغني بالدهون والسكريات، واستخدام بعض الأدوية (مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية)، والتعرّض للإجهاد، جميعها عوامل قد تسهم في تحفيز المرض أو تفاقمه.
خلل في ميكروبيوم الأمعاء
عندما يحدث خلل ما في توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء، ففي هذه الحالة تصبح فرص الإصابة بالتهاب القولون التقرحي واردة بقوة، لذلك يجب دائماً اتباع نظام غذائي يحقق التوازن في ميكروبيوم الأمعاء.
أنواع التهاب القولون التقرحي
يصنّف الأطباء التهاب القولون التقرحي بناءً على مكان الالتهاب داخل القولون. وعادةً ما يبدأ الالتهاب في المستقيم، وهو الجزء السفلي القريب من فتحة الشرج، ثم قد يمتد ليشمل أجزاء أخرى أو كامل القولون، وتشمل الأنواع الرئيسية:
- التهاب المستقيم التقرحي (Ulcerative Proctitis): يقتصر الالتهاب على المستقيم فقط.
- التهاب السيني والمستقيم: يشمل الالتهاب المستقيم والقولون السيني، وهو الجزء السفلي على شكل حرف "S" من القولون.
- التهاب القولون الأيسر (Left-sided Colitis): يمتد الالتهاب ليؤثر على الجانب الأيسر من القولون.
- التهاب القولون الكامل (Pancolitis): يصيب الالتهاب القولون بأكمله.
تتراوح شدّة الإصابة بالتهاب القولون التقرحي بين خفيفة ومتوسطة وشديدة، حسب الأعراض الظاهرة. وتُعد أكثر أشكاله خطورة التهاب القولون التقرحي الخاطف (Fulminant Colitis)، وهو نوع نادر، لكنه قد يؤدي إلى مضاعفات تهدد الحياة وتتطلب علاجاً طبياً عاجلاً.
* ملاحظة من "سيِّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، تجب استشارة طبيب مختص.