mena-gmtdmp

في اليوم العالمي للصحة النفسية.. كيف تُفرغين عقلك من الضغوط وتنعمين براحة داخلية؟

 امرأة تنعم بصحة نفسية جيدة
امرأة تنعم بصحة نفسية جيدة

في عالمنا السريع والمتغير باستمرار، أصبح العقل البشري معرضاً يومياً لكمية هائلة من الضغوط النفسية. سواء كانت ناتجة عن العمل، الدراسة، المسؤوليات العائلية أو حتى ضغط وسائل التواصل الاجتماعي، فإن هذه الضغوط تتراكم وتؤثر سلباً على صحتنا النفسية والجسدية إذا لم نتعامل معها بوعي.
وفي اليوم العالمي للصحة النفسية الذي يُحتفى به كل عام في العاشر من شهر أكتوبر، طرحنا السؤال "كيف يمكن للإنسان أن يُفرغ عقله من كثرة الضغوط، ويصل إلى حالة من التوازن النفسي والراحة الداخلية؟" على اختصاصية علم النفس فانيسا حداد، وكانت الإجابة في الموضوع الآتي.

اختصاصية علم النفس فانيسا حداد

فهم طبيعة الضغوط

الخطوة الأولى للتعامل مع الضغوط هي إدراك أن الضغوط ليست بالضرورة سلبية دائماً. فهناك ضغوط تدفعنا للعمل والإنتاجية، ولكن عندما تتجاوز الحد المعقول، وتتحول إلى توتر مزمن، هنا تبدأ المشكلة. العقل مثل الوعاء، إذا امتلأ فوق طاقته لن يعود قادراً على الاستيعاب، وسينعكس ذلك على صحتكِ النفسية والجسدية.
قد تهمك قراءة أثر السوشيال ميديا على الصحة النفسية لا تستهيني به أبداً

قوة التنفس العميق والتأمل

لعل أبسط الطرق لتفريغ العقل هي ممارسة التنفس العميق. خصصي بضع دقائق يومياً للجلوس في مكان هادئ، خذي نفساً عميقاً من أنفك واحبسيه لثوانٍ، ثم أخرجيه ببطء من فمك. هذه الممارسة تساعد على تهدئة الجهاز العصبي وتخفيف حدة التوتر.
أما التأمل أو ممارسة "اليقظة الذهنية" (Mindfulness) ، فهي أداة فعالة لتصفية الذهن. من خلال التركيز على اللحظة الحالية دون الحكم على الأفكار، تتاح لكِ فرصة الانفصال عن دوامة التفكير المفرط وإيجاد مساحة من الصفاء الداخلي.

الكتابة كوسيلة لتفريغ المشاعر

الكتابة تعد من أقوى الأدوات النفسية لتفريغ الضغوط. خصصي دفتراً صغيراً تكتبين فيه مشاعرك وأفكارك اليومية، حتى لو كانت عشوائية. عندما تضعين ما في داخلك على الورق، تشعرين وكأنك أفرغت حملاً ثقيلاً من ذهنك.
الدراسات أثبتت أن الكتابة التعبيرية تقلل مستويات القلق والاكتئاب، وتزيد من القدرة على التحكم بالمشاعر.

الحركة والرياضة

الجسد والعقل مرتبطان ارتباطاً وثيقاً. ممارسة الرياضة لا تقتصر على تحسين اللياقة البدنية فحسب، بل تساهم أيضاً في إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين. يمكنكِ اختيار النشاط الذي يناسبك: المشي، الجري، الرقص، أو حتى اليوغا. نصف ساعة يومياً كافية لإحداث فارق ملحوظ في حالتكِ المزاجية.

تنظيم الوقت وتحديد الأولويات

من أكثر مصادر التوتر شعورنا أننا لا نملك السيطرة على وقتنا. هنا يأتي دور التنظيم. جربي كتابة قائمة يومية تحددين فيها مهامك، وميّزي بين ما هو عاجل وما هو مهم. عندما تديرين وقتك بوعي، يقل شعوركِ بالارتباك، وتستعيدين الإحساس بالتحكم في حياتك.

قوة الامتنان والتفكير الإيجابي

العقل البشري يميل بطبيعته إلى التركيز على السلبيات، وهذا ما يضاعف الإحساس بالضغط. تمرني على كتابة ثلاثة أمور تشعرين بالامتنان لوجودها في حياتك كل يوم. هذا التدريب البسيط يعيد برمجة العقل تدريجياً نحو رؤية النصف الممتلئ من الكوب، ويمنحكِ شعوراً بالراحة والرضا.

العلاقات الداعمة

التواصل الإنساني العميق من أهم عوامل الصحة النفسية. لا تحتفظي بكل مشاعرك داخلك، بل شاركيها مع شخص تثقين به: صديقة، فرد من العائلة أو حتى معالج نفسي. التحدث عمّا يزعجك يساعدكِ على رؤية الأمور من منظور جديد، ويخفف عنك ثقل الأفكار.

الحد من التعلق بالهاتف ووسائل التواصل

الانغماس المستمر في العالم الرقمي يزيد من التشتت والضغط النفسي. حاولي تخصيص أوقات محددة لاستخدام الهاتف، وأبعديه تماماً عنك قبل النوم. استبدلي هذا الوقت بالقراءة، التأمل أو حتى الجلوس بهدوء مع نفسك.

العناية بالنوم والتغذية

العناية بالنوم
النوم العميق والمنتظم يعيد شحن طاقتك العقلية


النوم العميق والمنتظم يعيد شحن طاقتك العقلية والجسدية. احرصي على النوم بين 7-8 ساعات يومياً في أجواء هادئة.
كذلك، التغذية المتوازنة الغنية بالفواكه، الخضروات، والمكسرات، تساعد الدماغ على العمل بكفاءة وتقلل من تقلبات المزاج.

قبول ما لا يمكن تغييره

جزء كبير من الضغوط يأتي من محاولة السيطرة على كل شيء. عندما نتعلم فن القبول، وندرك أن هناك أموراً خارج نطاق تحكمنا، نشعر براحة أكبر. هذا لا يعني الاستسلام، بل يعني التركيز على ما يمكن تغييره، وتخفيف التعلق بما لا نستطيع تغييره.

تفريغ العقل من الضغوط

تفريغ العقل من الضغوط ليست مهمة تُنجز مرة واحدة، بل هو أسلوب حياة يحتاج إلى ممارسة يومية ووعي ذاتي. من خلال التنفس العميق، التأمل، الكتابة، الرياضة، تنظيم الوقت، الامتنان، العلاقات الداعمة، والحد من الانشغال الرقمي، يمكننا بناء روتين يحمينا من التوتر المزمن ويقودنا نحو صحة نفسية متوازنة.
إن الاهتمام بعقلك لا يقل أهمية عن الاهتمام بجسدك، بل هو الأساس الذي ينعكس على كل تفاصيل حياتكِ. وعندما يصبح صفاء الذهن عادة لديك، ستجدين أن التعامل مع تحديات الحياة أصبح أسهل، وأن سعادتك الداخلية لم تعد مرهونة بالظروف الخارجية.

*ملاحظة من "سيّدتي" : قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج استشارة طبيب مختص.