عادة ما تعيش الأم حالة من التوتر والارتباك في الأسابيع الأولى من الولادة، بسبب التغيرات المفاجئة في حياتها اليومية، والاحتياجات المتكررة للمولود. بينما الحقيقة أن المولود لا يحتاج إلا لمجرد روتين بسيط وواضح يساعده على الشعور بالأمان والاستقرار، ويساعد الأم على استعادة السيطرة على يومها الروتيني "سيدتي" لا يعني مواعيد صارمة، ولكنه يعتمد على تكرار نفس الخطوات في نفس الترتيب وبفارق زمني متقارب؛ فالأم لا تُلزم الطفل بوقت محدد بل بتسلسل واضح.
هنا تقدم الدكتورة سامية عبد العاطي أستاذة النساء والولادة نموذجاً لروتين يومي يناسب المولود منذ لحظة ولادته إلى عمر ثلاثة أشهر، مع شرح تفاصيله خطوة بخطوة وأهم فوائده وكيف يمكن تطبيقه بسهولة؟.
اطمئني: الأمور تسير بشكل طبيعي
تولد بشرة الأطفال حسّاسة وتتغير بسرعة، وقد تظهر عليها بقع أو ألوان أو تورّمات تبدو مخيفة، لكنها في الحقيقة مراحل طبيعية في تطور بشرتهم وأجسامهم.
في معظم الأحيان، كل ما تحتاجه الأم هو المعرفة والصبر؛ معرفة العلامات التي تستدعي الملاحظة والثانية التي تستوجب زيارة الطبيب.
فهم هذه العلامات يساعدك على الاعتناء بطفلك بثقة أكبر، ويمنحك الطمأنينة في الأيام الأولى المليئة بالمشاعر والدهشة والتهدئة المستمرة.
علامات طبيعية عند الرضيع: تعرفي إليها ليرتاح بالك هل تريدين التعرف إليها؟
فوائد الروتين اليومي للمولود
- يخلق إحساساً بالثبات والأمان لدى المولود، فالمولود رغم صغر سنه يشعر بالفرق بين الفوضى والتنظيم، ولكن عندما يطبق روتيناً ما، وتتكرر الأحداث نفسها يومياً في مواعيد متقاربة يشعر بالطمأنينة ويتعلق أكثر بالأم.
- يساعد الروتين على تقليل نوبات البكاء؛ لأن الطفل يكون أقل توتراً، فهو يعرف بالتدريج أن هناك وقتاً للأكل ووقتاً للنوم، وبالتالي لا يدخل في حالة صراخ وبكاء.
- يساهم في تحسين نوم الطفل ليلاً؛ لأن ثبات العادات اليومية يقود إلى تنظيم الساعة البيولوجية للمولود، ومع الوقت ينام ساعات أطول.
- يقدم للأم فرصة لتنظيم يومها بين بيتها ووقت راحتها واهتمامها بنفسها، ومع التكرار يصبح اليوم أسهل وأكثر راحة ووضوحاً.
- يدعم النمو العقلي والحسي للطفل؛ لأن الروتين يشمل أوقاتاً للرضاعة وأخرى للحركة والتلامس والتواصل، وكلها عناصر تؤثر في تطور المخ في الأشهر الأولى.
روتين الأسابيع الأولى
يقوم الروتين في الشهر الأول على: الرضاعة. النوم. وقت اليقظة الهادئ. وبتكرار هذه الثلاثية طوال اليوم تشعر الأم أن يومها أصبح متوقعاً ويشعر الطفل بالاستقرار.
الساعة الأولى بعد الاستيقاظ
عندما يستيقظ المولود عادة يكون جائعاً، لذلك تبدأ حركة اليوم بالرضاعة مباشرة، وتكون مدة الرضعة بين عشر دقائق إلى أربعين دقيقة حسب نوع الرضاعة وقوة الطفل.
بعد الانتهاء من الرضاعة، تحمله الأم لفترة ليخرج الهواء، ثم تبدأ مرحلة اليقظة الهادئة التي تأتي بعد الشبع، وقد تستمر من عشر دقائق إلى نصف ساعة.
وهنا تكون الفرصة للتواصل ولمس الوجه وتغيير الحفاض والملاطفة، وبمجرد أن تظهر علامات النعاس، تبدأ الأم في وضع الطفل للنوم قبل أن يبدأ البكاء.
نوم المولود خلال النهار
النوم النهاري عبارة عن قيلولات متعددة من ثلاثين دقيقة إلى ساعتين، وحتى يكون النوم هادئاً ومنتظماً يجب أن تكون بيئة الغرفة مريحة، الضوء الخافت، درجة الحرارة معتدلة، فراش ثابت، صوت هادئ.
يفضّل أن يتم اللف الخفيف؛ لأن اللف يعطي شعوراً مشابهاً للرحم، ويقلل ارتجاف الأطراف الذي يوقظ الطفل، ثم يبدأ جزء مهم جداً من يوم الأم، وهو استغلال هذا الوقت في الراحة أو تناول الطعام أو الاستحمام.
الرضعات المتكررة خلال اليوم
المولود في الشهر الأول يحتاج إلى رضعة كل ساعتين إلى ثلاث ساعات وقد تزيد المدة ليلاً، والثبات في توقيتات الرضاع مهم؛ لأنه يعلّم الطفل أن هناك جدولاً محدداً للطعام.
هذا الروتين يساعد على تجنب المغص والغازات؛ لأن الطفل يأكل قبل أن يصل إلى مرحلة الجوع الشديد، ويمكن للأم أن تتبع تقنية بسيطة وهي: رضاعة، استيقاظ هادئ، نوم، وبتكرار هذه الدائرة طوال اليوم، يصبح الطفل أكثر هدوءاً ويقل بكاؤه و صرخاته بشكل واضح.
أهمية وقت اليقظة القصير
الكثير من الأمهات يعتقدن أن المولود يحتاج إلى اللعب أو الحركة لفترات طويلة وهذا غير صحيح. فالطفل في أسابيعه الأولى لا يتحمل أكثر من عشرين دقيقة يقظة بين النوم والنوم. وتشمل فترة اليقظة أنشطة بسيطة مثل:
- تغيير الحفاض.
- تحميم سريع إذا كان الوقت مناسباً.
- حديث هادئ بصوت منخفض.
- لمس اليدين والقدمين.
- أغنية قصيرة.
- وقت النوم على البطن لمرة واحدة يومياً، ولمدة دقيقة إلى ثلاث دقائق.
هذه الأنشطة القصيرة تقوي عضلات الطفل وتحفز ذكاءه وتجعله أكثر ارتباطاً بالأم، ولكن يجب أن تتوقف فور ظهور علامات الإرهاق حتى لا يدخل الطفل في نوبة بكاء.
الروتين المسائي وتهيئة المولود للنوم الليلي
حتى وإن كان الطفل حديث الولادة ولا يستطيع التفريق بين الليل والنهار، يمكننا تدريبه تدريجياً من خلال روتين مسائي ثابت، وتبدأ خطواته من الساعة سبعة أو ثمانية مساء وتستمر لمدة نصف ساعة تقريباً وتشمل:
- حمام دافئ.
- تبديل ملابس النوم.
- جلسة رضاعة هادئة.
- إضاءة خافتة.
- كلام هامس.
- تحمله الأم لفترة بسيطة.
وبعد ذلك يوضع الطفل في الفراش وهو شبه نائم وليس نائماً تماماً؛ حتى يتعلم الربط بين سريره والنوم.
مع تكرار هذا الروتين يومياً يبدأ الطفل في فهم أن هذه الخطوات تعني وقت النوم
كيف تتعامل الأم مع الفترات العصيبة؟
في بعض الأيام قد يبكي الطفل بلا سبب واضح وقد يصبح أكثر تعلقاً بالأم، وقد يرفض النوم أو يتأخر في الرضاعة وهذا طبيعي؛ فالأسابيع الأولى فترة انتقال كبيرة بالنسبة للطفل والأم، ومن المهم ألا تيأس الأم أو تشعر بالفشل؛ فالروتين لا يعني المثالية بل يعني التكرار.
ومن الطبيعي أن تكون هناك أيام فوضوية وأخرى هادئة، وكلما واصلت الأم المحاولة عاد النظام تلقائياً، لأن الطفل يتعلم بسرعة وبشكل مدهش.
علامات نجاح الروتين مع المولود
- نوبات بكاء أقل خلال اليوم.
- مدة نوم أطول خصوصاً في الليل.
- عدد رضعات متقارب ومنتظم.
- تحسن في مزاج الطفل وقت اليقظة.
- سهولة في تهدئته عند حمله.
- زيادة الوزن بشكل صحي.
كل هذه المؤشرات تعني أن الطفل يشعر بالاستقرار والأمان نتيجة ثبات الخطوات اليومية.
أخطاء تفسد الروتين يجب تجنبها
- ترك الطفل يستيقظ لفترات طويلة مما يؤدي إلى الإرهاق.
- إرضاع الطفل كلما بكى دون التأكد من السبب.
- الاعتماد على الهز الشديد للنوم مما يجعل الطفل غير قادر على النوم إلا بهذه الطريقة.
- النوم في مكان مختلف كل يوم.
- عدم التفرقة بين الليل والنهار.
روتين يوم كامل للمولود :
الساعة السابعة صباحاً استيقاظ ورضاعة.
الساعة السابعة والنصف وقت يقظة بسيط ثم نوم.
الساعة التاسعة أو العاشرة رضاعة جديدة.
الساعة الحادية عشرة وقت يقظة ثم قيلولة.
الساعة الواحدة ظهراً رضعة.
الساعة الثالثة قيلولة جديدة.
الساعة الخامسة رضاعة.
الساعة السادسة وقت يقظة ثم استحمام.
الساعة السابعة روتين النوم المسائي.
الساعة الثامنة نوم الليل مع رضعات متقطعة عند الحاجة.
هذا ليس جدولاً ثابتاً بل نموذجاً للتسهيل ويمكن تعديله حسب طبيعة الطفل.
*ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.
