التقدم في العمر يؤثر على الدماغ، ويُحدِث فيه بعض التغييرات، مثل باقي أعضاء الجسم تماماً. هذا التأثير يطلق عليه الأطباء مسمى "شيخوخة الدماغ". نلاحظ مع كبار السن تراجعاً للوظائف المعرفية والذاكرة، لكن قد لا تعني هذه الحالة فقداناً كاملاً لهذه الوظائف، بينما يكون هناك تراجع تدريجي وبطء نسبي في العمليات الذهنية. إنما حالة شيخوخة الدماغ يصاحبها اضطرابات معرفية واضحة؛ مثل الخرف وتراجع القدرات الإدراكية، وهذه الحالة رغم أنها مرتبطة بالعمر، إلا أن هناك مجموعة من الأسباب التي قد تسرعها أو تجعل الحالة أكثر سوءاً.
إعداد: إيمان محمد
أسباب شيخوخة الدماغ
حدد الخبراء مجموعة من الأسباب التي تدفع إلى شيخوخة الدماغ، ومنها:
التغييرات البيولوجية الطبيعية
مع العمر، يقل حجم الدماغ تدريجياً، خاصة في الفصوص الأمامية والحصين (Hippocampus) المسؤول عن الذاكرة، كما تتراجع كفاءة بعض الناقلات العصبية؛ مثل الدوبامين والسيروتونين، ما يؤثر على المزاج والقدرة على التركيز. حسب ما ورد في تقرير عن هذه الحالة في Medical News Today.
انخفاض تدفق الدم والأكسجين
خلايا المخ مثل أي خلايا في الجسم؛ تتغذى على الأكسجين، ومع التقدم في العمر قد يتعرض الشخص لارتفاع ضغط الدم؛ الحالة التي تؤثر على وصول الأكسجين بالشكل اللازم إلى الدماغ، كما أن تصلب الشرايين أيضاً يؤثر على وصول الأكسجين للدماغ.
العوامل الوراثية

في بعض الحالات قد يكون السبب جينياً؛ لأن بعض الجينات ترتبط بمعدلات أسرع من التدهور المعرفي، مثل جين APOE-e4 المرتبط بمرض الزهايمر. وجود هذه العوامل الوراثية لا يعني حتمية الإصابة، لكنه يزيد من القابلية.
أسلوب الحياة
الطريقة الذي يعيش بها أي شخص تؤثر على صحة الدماغ في وقت لاحق؛ مثل النظام الغذائي ومدى الالتزام بالنشاط الرياضي والتدخين، وغيرها من السلوكيات التي ربما لا يكون لها أثر سريع، لكنها بشكل تراكمي تؤثر على الصحة العامة، ومنها صحة الدماغ. إن نمط الحياة غير الصحي يُضعف الدماغ ويسرع من عملية الشيخوخة.
أعراض شيخوخة الدماغ
تشمل أعراض شيخوخة الدماغ، بحسب ما ورد في Healthline، الآتي:
ضعف الذاكرة قصيرة المدى
من العلامات المبكرة أن ينسى الشخص تفاصيل صغيرة؛ مثل مكان المفاتيح أو اسم شخص التقى به مؤخراً، وهنا يجب أن نفرق بين الضغوط اليومية التي قد تؤثر على القدرات الذهنية بشكل مؤقت، وبين شيخوخة الدماغ.
تراجع القدرات الذهنية
ما يعني أن يصاب الشخص ببطء ملحوظ في الاستجابة للأسئلة أو حل المسائل، حتى وإن كان الجواب معروفاً.
الاضطراب عند تعدد المهام
في حال الإصابة بشيخوخة الدماغ، لا يستطيع الشخص أن يقوم بأكثر من مهمة في نفس الوقت، ويصبح الأمر أصعب مع التقدم في السن.
تغييرات في المزاج والسلوك
زيادة القلق أو الميل إلى الاكتئاب والانطوائية، يمكن أن تكون مرتبطة بانخفاض بعض الناقلات العصبية.
مشكلات التواصل
عند الإصابة بحالة شيخوخة الدماغ لفترة، قد يعاني الشخص من التواصل واستدعاء الكلمات المألوفة، حتى إن البعض قد يواجه أزمة في متابعة المحادثات الطويلة.
تراجع القدرات البصرية
هذه الحالة تعني أن يجد الشخص المصاب صعوبة في تقدير المسافات أثناء القيادة أو فقدان الاتجاهات في أماكن غير مألوفة.
طرق الوقاية من شيخوخة الدماغ
شيخوخة الدماغ ليست مرضاً حتمياً، بينما جزء كبير من أسبابه يتعلق بنمط الحياة غير الصحي، لذلك هناك طرق قد توفر الوقاية المبكرة، مثل:
الرياضة
ممارسة التمارين الهوائية (مثل المشي السريع أو السباحة) 3-4 مرات أسبوعياً؛ تُحسن تدفق الدم إلى الدماغ، وتزيد من إفراز بروتينات النمو العصبي، التي تحافظ على صحة الخلايا العصبية.
النظام الغذائي الصحي
ما يأكله الفرد يؤثر على الحالة الصحية، ربما لمدى أبعد بكثير مما نتصور، وفي هذا الصدد؛ ينصح الخبراء باتباع نظام البحر المتوسط الذي يركز على الخضروات، الفواكه، الأسماك، زيت الزيتون، والمكسرات. إن هذه المجموعة الغذائية تعزز بطء خطر التدهور المعرفي، كما ينصح الأطباء بالتقليل من الدهون المشبعة والسكريات؛ لحماية الأوعية الدموية، وبالتالي الدماغ.
النوم الجيد
النوم العميق يسمح للدماغ بالتخلص من السموم المتراكمة، مثل بروتين "بيتا أميلويد" المرتبط بالزهايمر. قلة النوم المزمنة تزيد من معدل الشيخوخة الدماغية.
النشاط الذهني
ينصح الأطباء كبار السن بممارسة لعبة "البازل" والكلمات المتقاطعة أو تعلم لغة جديدة، ليس من باب التسلية وقضاء الوقت، إنما كون هذه الأنشطة الذهنية تحافظ على مرونة الشبكات العصبية.
التواصل الاجتماعي
العزلة الاجتماعية عامل خطر مهم للتدهور العقلي. الحفاظ على شبكة اجتماعية نشطة يوفّر دعماً نفسياً ويحافظ على نشاط الدماغ.
إدارة الأمراض المزمنة
صحيح أن كثيراً من كبار السن يعانون من الأمراض المزمنة، مثل ضغط الدم والسكري، لكن يجب إدارة هذه الأمراض؛ حتى لا تسبب تدهوراً في قدرات الدماغ. إن السيطرة على هذه الحالات، عبر الدواء أو نمط الحياة السليم، يحمي الدماغ.
الحد من التوتر
الإجهاد والتوتر المستمريْن يؤثران على الدماغ، ليس على الحالة النفسية فقط؛ لأن هذه الحالة ترفع هرمون الكورتيزول الذي يضر خلايا الحصين. وهنا ينصح الأطباء بممارسة تقنيات الاسترخاء؛ مثل التأمل واليوغا والتنفس العميق؛ لتقليل الآثار السلبية للتوتر.
* ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب مختص.