mena-gmtdmp

دراسة تشير إلى أن الصيام المتقطّع يسبّب أمراض القلب: اختصاصية تشرح

الصيام المتقطّع وصحة القلب
الصيام المتقطّع وصحة القلب

ا في السنوات الأخيرة، أصبح الصيام المتقطّع أحد أكثر الأنظمة الغذائية شهرة وانتشاراً، ليس فقط كوسيلة لفقدان الوزن، بل كنهج شامل لتحسين الصحة العامة، يعتمد هذا النمط الغذائي على تنظيم وقت تناول الطعام، وليس على نوعية الطعام فقط، أي أنه يُركّز على "متى نأكل" بدلاً من "ماذا نأكل"، من خلال تخصيص فترات محددة خلال اليوم أو الأسبوع يتم فيها الامتناع عن الطعام (الصيام)، وأخرى يُسمح فيها بالأكل (نافذة الأكل) يُعتقد أن الجسم يدخل في آليات حيوية تعزز من قدرته على حرق الدهون، تنظيم سكر الدم وتحسين وظائف الخلايا.
لكن، ورغم فوائد الصيام المتقطع المثبتة في العديد من الدراسات، لا يزال يُثير تساؤلات كثيرة، خصوصاً في ما يتعلق بتأثيره على صحة القلب، الهرمونات وعلى صحة النساء تحديداً.
اختصاصية التغذية جنى حرب تشرح لقراء وقارئات "سيّدتي" عدة نقاط مهمة يجب أخذها بالاعتبار قبل الاعتقاد بأن الصيام المتقطع "يسبّب أمراض القلب.

اختصاصية التغذية جنى حرب

هل الصيام المتقطّع يسبّب أمراض القلب؟

إن الدراسة التي أشارت نتائجها إلى أن الصيام المتقطع يسبب أمراض القلب، هي:

  1. دراسة رصدية (Observational Study)، أي ليست تجريبية ( (Randomized Controlled Trial)، بل تعتمد على بيانات جمعها الباحثون من استبيانات وسجلات، وهذا يعني أنها تُظهر ارتباطاً وليست دليلاً على علاقة سبب مسبّب، قد يكون هناك عوامل خفية (Confounders) مؤثرة.
  2. مصداقية المعلومة - استدعاء الطعام (Recall bias): الاعتماد على استدعاء المشاركين لما أكلوه خلال 24 ساعة في مرتين فقط يمكن أن يكون غير دقيق: قد لا يعكس السلوك المعتاد، وقد يحدث خطأ في التذّكر أو تغيّر في الأوقات بناء على ظروف اليوم.
  3. اختيار المشاركين والسبب في تطبيق الصيام: بعض المشتركين ربما اختاروا الصيام المتقطع لظروف صحية موجودة أصلاً (مثل السمنة، مرض قلبي أو عوامل اكتسبوها)، أو لأن لديهم نمط حياة خاصاً، هذا قد يؤدي إلى ما يُعرف بـReverse causation أي أن الحالة الصحية أو العوامل الأخرى تؤثر على نمط الأكل، وليس نمط الأكل هو سبب الحالة.
  4. مدة المتابعة (Follow-up Period) متوسط: المتابعة كان حوالي ثماني سنوات تقريباً، هذا جيد، لكنه ليس زمناً طويلاً جداً للتأكد من الآثار الطويلة المدى، خصوصاً وأن صحة القلب تتأثر بسنوات عديدة من العادات.

جودة الطعام المتناول مهمّة جداً

  • الدراسة بدا أنها تركز على "متى" الأكل (النافذة الزمنية) دون تحكّم دقيق في ماذا يأكل الأشخاص داخل هذه النافذة، أو جودة الطعام، أو حجم الوجبات، أو طرق الطبخ، أو النشاط البدني، أو النوم؛ هذه العوامل تؤثر بدرجة كبيرة على صحة القلب.
  • العضلات وكتلة الجسم (Lean mass): من الملاحظ أن أصحاب النافذة الزمنية القصيرة كان لديهم كتلة عضلية أقل مقارنة بمن يأكلون عبر فترات أطول، انخفاض الكتلة العضلية يمكن أن يكون عامل خطر على المدى الطويل، لأنها تؤثر في الأيض، التحكم في الجلوكوز وأيضاً كثافة العظام.

كيف يمكن أن يسبّب الصيام المتقطّع مخاطر على صحة القلب؟

كيف يمكن أن يسبّب الصيام المتقطّع مخاطر- مصدر الصورة: user14908974 on Freepik


هناك بعض الآليات المقترحة في المقالات، رغم أنها ليست مؤكدة:

  1. الصيام المتكرر لفترات طويلة قد يشكل ضغطاً فسيولوجياً، خصوصاً إن كان الشخص لديه أمراض سابقة أو من كبار السن، هذا الضغط قد يزيد من إفراز هرمونات التوتر (مثل الكورتيزول) ما يؤثر على ضغط الدم، الدهون والإنسولين.
  2. انخفاض الكتلة العضلية كما ذكرنا، مما قد يؤدي إلى ضعف الكفاءة الاستقلابية.
  3. ربما الأشخاص الذين يتبعون صياماً متقطعاً "قاسياً" يفوتون وجبات مهمة، مما يؤثر على التوازن الغذائي، الفيتامينات والمعادن، مما يمكن أن يساهم في تدهور بعض المؤشرات الصحية إذا لم يتم التعويض جيداً.
  4. ربما نمط الأكل داخل النافذة الزمنية يكون غير صحي: مثلاً تناول كميات كبيرة من الأطعمة المصنّعة أو السكريات أو الدهون المشبعة، مما يؤدي إلى أضرار رغم أن النافذة الزمنية قصيرة.

ما رأيكِ باكتشاف ما هي مشروبات مسموح بها في الصيام المتقطع استعيني بها.

ما هي حدود الدراسة حول ضرر الصيام المتقطع وما الذي لا تشير إليه؟

  1. كما سبق وذكرنا، الدراسة لم تثبت السببية: أي أنها لا تقول "الصيام المتقطّع تسبّب أمراض القلب" بشكل قطعي.
  2. لم تُنشر بعد كبحث كامل في مجلة محكّمة، بعض المصادر تشير إلى أن هذه النتائج قُدّمت كمُلخّص في مؤتمر الجمعية الأمريكية للقلب.
  3. لم يتم التحكّم بدقة في جميع العوامل المشتركة (المربكة) مثل النشاط البدني، التدخين، النوم، حالة الجمهور من حيث صحة القلب، النظام الغذائي الكلي والضغوط النفسية، هذه العوامل يمكن أن تُغيّر النتيجة كثيراً.
  4. التعريف الدقيق للصيام المتقطّع فضفاض في هذه الدراسة، فالأشخاص لم يُطلب منهم اتباع بروتوكول موحّد، بل تمّ تصنيفهم حسب المدة التي يقولون إنهم يأكلون فيها. هذا يخلق تنوّعاً كبيراً ضمن كل فئة.

هل يجب أن نقلق من الصيام المتقطع؟

الصيام المتقطع ليس خياراً آمناً دائماً للجميع


بصفتي اختصاصية تغذية، أرى أن هذه الدراسة مهمة ومثيرة للاهتمام، وتُشير إلى أن الصيام المتقطع ليس "خياراً آمناً دائماً للجميع" دون مراعاة الحالة الصحية والتطبيق الصحيح. لكن لا أرى أنها دليل يدفع إلى التوقف عن الصيام المتقطع لكل من يستخدمه، بل دعوة للحرص والتخصيص.
إليك بعض الإرشادات:

  • استشيري طبيبكِ أو اختصاصي تغذية خصوصاً إذا كان لديكِ حالات صحية مثل أمراض القلب، السكري، أو تاريخ عائلي قوي لمشاكل القلب.
  • ابدئي بتدرّج في نافذة الأكل: قد يكون البدء بـ12- 14 ساعة نافذة أفضل من نافذة 6- 8 ساعات كبداية.
  • ركّزي على جودة الطعام داخل النافذة: لا يكفي أن تأكلي خلال نافذة زمنية قصيرة؛ الأهم ما تأكلينه، كأن تكون العناصر الغذائية متوازنة، غنيّة بالألياف، بروتين كافٍ، دهون صحية، قليل السكر والدهون السيئة.
  • اعتني بالنشاط البدني والعضلي: تمارين المقاومة مهمة للحفاظ على الكتلة العضلية، لأن انخفاضها قد يكون عنصراً خطراً في هذا السياق.
  • راقبي النوم، التوتر، أنماط الحياة، لأن هذه العوامل تؤثر بشكل كبير في صحة القلب.
  • راقبي العلامات الفعلية في جسمكِ كضغط الدم، الدهون، مستوى الجلوكوز، إن أمكن، ثم قارنيها بالحالة قبل الصيام المتقطع إن كنتِ تمارسينه.

وأخيراً إن الدراسة تُظهر علاقة ملاحظة بين الصيام المتقطّع (نافذة أكل أقل من 8 ساعات يومياً) وخطر متزايد للوفاة بأمراض القلب، خصوصاً لدى من لديهم حالة صحية موجودة مسبقاً، لكن ليس هناك دليل قاطع حتى الآن أن الصيام المتقطّع هو سبب مباشر لهذه الأعراض، العلاقة قد تكون معقدة ومتداخلة مع عوامل أخرى.
الصيام المتقطّع قد يكون مفيداً لأشخاص معينين، لكن ليس هناك طريقة واحدة تناسب الجميع، ويجب التخصيص بناءً على الحالة الصحية والغذائية والنمط الحياتي.
ينصح بمتابعة للصيام المتقطع عدة طرق إليكِ الأفضل لخسارة الوزن وتجربتي معه.

*ملاحظة من "سيّدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.