في عصرِ السرعةِ، والتوتُّرِ المتواصل، لم تعد العطلةُ فرصةً للهرب من العملِ فقط، بل أصبحت ضرورةً ملحَّةً لإعادةِ الاتِّصال بالذات، وتجديدِ الطاقة، واسترجاعِ السلامِ الداخلي. ووسطَ زحمةِ الحياةِ الرقميَّة، وكثرةِ الالتزامات، بات الكثيرون، يبحثون عن نوعٍ مختلفٍ من الإجازات، تلك التي لا يُفعَلُ فيها «أي شيءٍ»، لكنَّها تفعلُ كلَّ شيءٍ للنفسِ والجسد. في هذا اللقاءِ، تحاورُ «سيدتي» سمر سابا، مالكة مشروع LipHe Wellness Retreat المتخصِّص في أسلوبِ الحياةِ الصحيَّةِ والراحةِ الذهنيَّة، حول مفهومِ «سياحةِ الاسترخاء»، وأهميَّةِ تبنِّي هذا النهجِ بوصفه جزءاً من أسلوبِ حياتنا العصري.
فن العطلة التي لا نفعل فيها شيئاً
فنُّ العطلةِ الخاليةِ من الأنشطةِ المكثَّفة، هو باختصارٍ فنُّ الاستسلامِ للسكينة. إنها لحظةُ توقُّفٍ حيث نمنحُ أنفسنا فرصةً للانفصالِ عن الضغط، ونسمحُ «بأن نكون» بدلاً من «أن نفعل».
بهذه الكلماتِ، بدأت سمر حديثها، مبيِّنةً أن سياحةَ الاسترخاء، باتت ترنداً في أيَّامنا الجارية. تقولُ عن ذلك: «أصبحت سياحةُ الاسترخاءِ توجُّهاً عالمياً نتيجةَ ارتفاعِ مستوياتِ التوتُّرِ في الحياةِ الحديثة. الناسُ، تسعى اليوم لإجازاتٍ صحيَّةٍ، تتضمَّنُ الوجودَ في الطبيعة، وتناولَ طعامٍ مغذٍّ، والانخراطَ في أنشطةٍ، تُعزِّز الجسدَ، والروحَ، والعقل. هي على العكسِ تماماً من الملل، والهدفُ الأساسُ منها إعادةُ التوازنِ من خلال الانفصالِ عن الضغوط، والتأمُّل، ما يعيدُ شحنَ الطاقةِ الذهنيَّة والنفسيَّة».
وتلفتُ سابا إلى أن «الطبيعةَ بكلِّ عناصرها سرُّ الاسترخاء. البحارُ، والجبالُ، والهدوء، وحتى العزلةُ المؤقَّتةُ جميعها تمنحنا فرصةً للهروبِ من الضجيج، واستعادةِ السكينة. نحن في حاجةٍ للانفصالِ عن التكنولوجيا، ومواقعِ التواصلِ الاجتماعي خلال الإجازة. نعم، يُنصَحُ بذلك بشدَّةٍ. الانفصالُ الرقمي، يساعدنا في عيش اللحظة، وتذوُّقِ التجربةِ بالكامل دون تشتيتٍ، أو ضغطٍ من العالمِ الخارجي».
بعد هذا التوضيحِ، استفسرنا منها عن نوعيَّةِ الأنشطةِ التي تفرِّغُ الطاقةَ السلبيَّة، وتمنحنا الراحة؟ فأجابت: «إنها مزيجٌ من عناصرَ عدة، نذكرُ منها الوجودَ في الطبيعة، وممارسةَ اليوغا، والمشي الهادئ، وتناولَ طعامٍ صحِّي، والاستمتاعَ بجلساتِ مساجٍ، إضافةً إلى السباحةِ في بركٍ حيويَّةٍ، والتأمُّل، والسكينة». واستطردت: «خلال سياحةِ الاسترخاء، نحن نهربُ من حالةِ الانشغالِ الدائم. الهدفُ، هو الانتقالُ من حالةِ القيامِ إلى مجرَّد الوجودِ، وهو ما يسمحُ للذهنِ بالهدوء، والجسدِ بالاسترخاء. الجسدُ، والعقلُ، يرسلان إشاراتٍ واضحةً، منها التعبُ المزمن، والتقلُّباتُ المزاجيَّة، وقلَّةُ التركيز، والتوتُّرُ الداخلي. كلُّها علاماتٌ على أن الوقتَ قد حان لأخذِ استراحةٍ حقيقيةٍ». وتشيرُ سمر إلى أن «سياحةَ الاسترخاءِ Wellness Tourism، أو ما يُعرَفُ بسياحةِ العافيةِ الجسديَّةِ والنفسيَّة نوعٌ من أنواعِ السياحة التي يهدفُ فيها المسافرُ إلى التنعُّم بالراحةِ النفسيَّةِ والجسديَّة، والابتعادِ عن الضغوطِ اليوميَّة وضوضاءِ الحياة. يركِّزُ هذا النوعُ من السياحةِ على التجديدِ الداخلي، والهدوءِ، والعنايةِ الذاتيَّة، وعادةً ما يتضمَّن وجهاتٍ طبيعيَّةً، ومنتجعاتٍ صحيَّةً».
من المفيد التعرّف الى تأثير السعادة على الصحة النفسية وأين نجدها؟... اختصاصية تُجيب
تحقيق الراحة النفسية والجسدية

توضحُ سابا، أن سياحةَ الاسترخاءِ غايتُها تحقيقُ الراحةِ النفسيَّةِ والجسديَّةِ عبر الانخراطِ في أنشطةٍ، تُخفِّف التوتُّر، وتعيدُ التوازنَ الذهني، وتُحفِّز الشفاءَ الداخلي، وهي تختلفُ عن السياحةِ التقليديَّةِ التي تُركِّز على الترفيه، أو الاستكشاف، إذ تهتمُّ بالهدوءِ، والبطءِ، والاستجمامِ العميق.
سألناها عن الأفضلِ لخوضِ سياحةِ الاسترخاء، هل هو التوجُّه إلى مكانٍ هادئ، أم مليءٍ بالأنشطة؟ فردَّت: «الأفضل، هو السياحةُ في مكانٍ، يُتيح الفراغَ الذهني مع أنشطةٍ بسيطةٍ، وغير مرهقةٍ. الهدفُ، هو توفيرُ بيئةٍ، تسمحُ للذهنِ بالهدوء لا إغراقه بالمحفِّزات، لذا يُوفِّر مركزُ lipHe تجربةً شاملةً، تبدأ من 385 دولاراً أمريكياً لليلةٍ واحدةٍ، تشملُ الإقامةَ، والوجباتِ النباتيَّةَ الصحيَّة، وجلسةَ مساجٍ، إلى جانبِ استخدامِ المرافقِ الصحيَّة، وخوضِ الأنشطةِ اليوميَّة. هذه التجربةُ متكاملةٌ، ومصمَّمةٌ، لتمنحَ الضيفَ الأدواتِ التي تُعزِّز راحته النفسيَّةِ حتى بعد العودةِ للحياة اليوميَّة»” مضيفةً: «هذه السياحةُ بلا شكٍّ، لا تقتصرُ فقط على توفيرِ الراحةِ الجسديَّةِ، بل وتتضمَّن أيضاً أنشطةً متكاملةً للعقلِ والجسد مثل اليوغا، والتأمُّل، والبيلاتس، والمشي في الطبيعة، وجلساتِ الأكواجيم. كلٌّ ذلك، يهدفُ لإعادةِ التوازن الداخلي».
وتتابعُ سمر: «أمَّا المدَّةُ المثاليَّةُ للشعورِ بتجديدٍ فعلي للطاقة، فهي أسبوعٌ كاملٌ، لكنَّها قد تبدأ بعد يومين. خلال الإجازةِ، ينعمُ الضيفُ بمساحةٍ للتأمُّلِ والتفكيرِ في أهدافه وحياته بعيداً عن الضوضاءِ اليوميَّة، لذا من الأمورِ الأساسيَّةِ التي تساعدُ في الاسترخاءِ، والهروبِ من التوتُّر الهدوءُ، والطبيعةُ، والغذاءُ الصحِّي، والتأمُّلُ، والابتعادُ عن الضجيجِ الخارجي. بالتأكيد سياحةُ الاسترخاء، تساعدُ في تصفيةِ الذهن، واتِّخاذِ قراراتٍ مهمَّةٍ. حين نهدأ، نستطيعُ أن نرى الأمورَ بوضوحٍ أكبر، بالتالي تعدُّ وقتاً مثالياً للتفكيرِ العميق، واتِّخاذِ قراراتٍ مصيريَّة».
وتكشفُ سابا عن أن «أهدافَ سياحةِ الاسترخاء، يتقدَّمها الهروبُ من ضغوطِ الحياةِ اليوميَّةِ والعمل، واستعادةُ النشاطِ والطاقةِ بعد فتراتِ إرهاقٍ طويلةٍ، والشفاءُ الجسدي والنفسي عبر علاجاتٍ طبيعيَّةٍ، وتحقيقُ التوازنِ بين الجسدِ والعقل، وإعادةُ الاتِّصالِ مع الذات».
وتختتمُ سمر حديثها بالقول: «في النهايةِ، العطلةُ الحقيقيَّةُ، ليست تلك التي نملأها بالأنشطةِ، بل التي نعودُ منها ونحن أخفُّ، وأهدأُ، وأقربُ لأنفسنا. فنُّ الاسترخاء، ليس رفاهيَّةً، وإنما حاجةٌ إنسانيَّةٌ، وأسلوبُ حياةٍ، نحتاج إلى أن نُعيدَ تعلُّمه في خضمِ هذا العصرِ الصاخب».
يمكنكِ متابعة الموضوع على التسخة الديجيتال على هذا الرابط
4 أنشطة شائعة ضمن سياحة الاسترخاء
- اليوغا والتأمُّل.
- المشي في الطبيعة.
- المساجُ العلاجي.
- الغذاءُ الصحِّي العضوي.
5 أنواع لسياحة الاسترخاء
- المنتجعاتُ الصحيَّة Wellness Resorts: وتقدِّمُ باقاتٍ، تتضمَّن المساجَ، والساونا، واليوغا، والغذاءَ الصحِّي.
- الرحلاتُ التأمُّليَّة Meditation Retreats: وتهدفُ إلى تصفيةِ الذهنِ من خلال التأمُّلِ، والصمتِ، وتمارين التنفُّس.
- سياحةُ السبا Spa Tourism: وتعتمدُ على العلاجاتِ بالمياه المعدنيَّةِ، والزيوتِ، والحرارة.
- السياحةُ الطبيعيَّة Eco Retreats: وتعتمدُ على الإقامةِ في الطبيعةِ، والغاباتِ، والجبال، أو إلى جوارِ البحرِ مع الحدِّ الأدنى من التفاعلِ مع التكنولوجيا.
- سياحةُ اليقظة الذهنية Mindfulness Tourism: وتُركِّز على العيشِ في اللحظة، والتأمُّلِ في الذات.
الفوائد النفسية الـ 9 لسياحة الاسترخاء
- تقليلُ مستوياتِ القلقِ والتوتُّرِ، وتصفيةُ الذهن.
- تحسينُ جودةِ النومِ، والمزاجِ العام.
- تعزيزُ التركيز، وصفاءُ الذهن.
- تحفيزُ التفكيرِ الإيجابي، والإبداع.
- تحسينُ المرونةِ الجسديَّةِ، والصفاءِ الدهني.
- تعزيزُ الإحساسِ بالسلام.
- تحسينُ الصحَّةِ العامَّة.
- استعادةُ الاتِّصال بالذات.
- تخفيفُ التوتُّرِ العضلي والنفسي.
ينصح بمتابعة تأثير التدليك على تخفيف التوتر والقلق لدى النساء وفق اختصاصية.