mena-gmtdmp

إعادة برمجة الدماغ للتغلب على الألم: كيف تتم؟ إليكِ إجابة علم النفس

إعادة برمجة الدماغ لا تعني إنكار الألم
إعادة برمجة الدماغ لا تعني إنكار الألم

الألم تجرِبة معقدة لا تتعلق فقط بالجسد؛ بل أيضاً بالعقل والمشاعر. ورغم أن الإحساس بالألم يبدأ من الإشارات العصبية في الجسم، إلا أن الدماغ هو مَن يفسّرها ويحدّد شدّتها. هذا يعني أن الدماغ يلعب دوراً محورياً في تكوين تجرِبة الألم. وبالتالي يمكن إعادة برمجته للتغلُّب على الألم، أو على الأقل تخفيفه بشكل كبير. في هذا المقال، سوف نتعمق في كيفية حدوث ذلك، وما هي الأساليب النفسية والعصبية التي تساعدنا على إعادة تشكيل طريقة دماغنا في التعامل مع الألم؛ وفقاً لاختصاصية في علم النفس الاجتماعي والبرمجة اللغوية العصبية والعلاج الإيحائي والعلاج بخط الزمن- لـ«سيدتي».

الاختصاصية في علم النفس الاجتماعي أزنيف بولاطيان

كيف يعمل الدماغ مع الألم؟

عندما يتعرّض الجسد لجرح أو التهاب أو أيّة مشكلة، ترسل الأعصاب إشارات كهربائية إلى الدماغ. لكن الدماغ لا يستقبلها بشكل محايد؛ بل يضيف إليها تفسيرات نفسية وعاطفية. إذا كنتِ في حالة توتر أو قلق، سيتضاعف شعوركِ بالألم. إذا كنتِ في حالة هدوء وثقة، قد يقل إدراككِ لحدة الألم رغم وجوده. هذا يوضح أن الألم ليس مجرد إحساس جسدي؛ بل هو تجرِبة نفسية- جسدية متكاملة.

ما المقصود بإعادة برمجة الدماغ؟

إعادة برمجة الدماغ تعني تدريب الجهاز العصبي على تكوين روابط جديدة ونماذج مختلفة للتعامل مع الإشارات العصبية المرتبطة بالألم. بفضل ما يُعرف بـ"اللدونة العصبية" Neuroplasticity، يمكن للدماغ أن يغيّر من طريقة استجابته؛ فيتوقف عن تضخيم الألم، ويبدأ في معالجته بشكل أكثر توازناً.
من المهم التعرّف إلى كيف أتعامل مع القلق؟ إليك الطرق الناجحة

6 طرق لإعادة برمجة الدماغ في مواجهة الألم

ممارسة التأمّل بانتظام تغيّر من طريقة نشاط الدماغ
  1. التنفس العميق وتقنيات الاسترخاء: عندما نركّز على التنفس البطيء والعميق، يتحوّل الجهاز العصبي من حالة "القتال أو الهروب" إلى حالة "الراحة والهضم". هذا التغيير يقلل من إفراز هرمونات التوتر التي تضخّم الإحساس بالألم، ويعيد للجسد توازنه الطبيعي.
  2. التأمّل واليقظة الذهنية (Mindfulness): الأبحاث أثبتت أن ممارسة التأمّل بانتظام، تغيّر من طريقة نشاط الدماغ؛ خصوصاً في المناطق المرتبطة بالألم مثل القشرة الحزامية الأمامية. التأمل يساعد على مراقبة الألم بوعي من دون الانغماس فيه؛ مما يقلل من حدّته ويخفف من المعاناة المرتبطة به.
  3. التنويم الإيحائي وإعادة صياغة التجرِبة: من خلال التنويم الإيحائي (Hypnosis) يمكن إدخال العقل في حالة وعي مختلفة، تسمح بإعادة صياغة العلاقة مع الألم. عبْر اقتراحات ذهنية وصور تخيلية، يتعلم الدماغ أن يربط الإحساس بالأمان بدلاً عن المعاناة؛ مما يؤدي إلى تخفيفٍ كبير في شدة الألم.
  4. العلاج المعرفي السلوكي (CBT): الأفكار السلبية مثل: "لن ينتهي هذا الألم" أو "حياتي انتهت بسبب مرضي"، تضاعف الشعور بالألم. من خلال العلاج المعرفي السلوكي، يتعلم الشخص أن يستبدل بهذه الأفكار السلبية، أنماط تفكير أكثر واقعية وإيجابية؛ مما يعيد ضبط الطريقة التي يفسّر بها الدماغ إشارات الألم.
  5. استخدام التصوُّر الذهني (Visualization): عندما يتخيل الشخص صوراً مهدّئة، مثل: أشعة شمس دافئة على منطقة الألم، أو تدفُّق ماء بارد يخفف الالتهاب؛ فإن الدماغ يستجيب لهذه الصور وكأنها حقيقية. هذا النوع من التمارين الذهنية، يعيد برمجة الدماغ لتقليل الإحساس بالألم.
  6. الحركة والتمارين الخفيفة: قد يبدو غريباً أن الحركة تساعد على تقليل الألم، لكن الدراسات أثبتت أن النشاط البدني يحفّز إفراز الإندورفينات (المسكنات الطبيعية للجسم). ومع التكرار، يتكيّف الدماغ على تفسير الألم بشكل أقل تهديداً.

لماذا ينجح هذا النهج؟

الدماغ مثل جهاز كمبيوتر، والبرمجة التي يتلقاها من تجارِبنا وأفكارنا تحدّد كيفية استجابته. عندما نكرّر تمارين ذهنية أو سلوكية معيّنة، يكوّن الدماغ مسارات عصبية جديدة تصبح أقوى مع الوقت. هذا ما يجعل السيطرة على الألم ممكنة من دون الاعتماد فقط على الأدوية.
إعادة برمجة الدماغ لا تعني إنكار الألم أو تجاهُله؛ بل تعني تغيير الطريقة التي نعيش بها مع الألم بحيث لا يسيطر على حياتنا. هذه العملية تحتاج إلى: صبر، ممارسات منتظمة، وأحياناً دعم من مختص نفسي أو معالِج. لكن النتيجة تستحق: حياة أكثر راحة، وألم تحت السيطرة.
يُنصح بمتابعة أطعمة تَزيد السعادة وتقلل الشعور بالاكتئاب لا تهمليها لصحة نفسية أقوى

* ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، تجب استشارة طبيب مختص.