الهواتف الذكية وشاشات الكمبيوتر وغيرها، وأجهزة الألعاب باتت جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية؛ فهي في منازلنا وغرف نومنا ومكاتبنا وسياراتنا وجيوبنا وحقائبنا، وبالتالي يصعب علينا الاستغناء عنها ولو لفترات محدودة.
لكن ورغم أن هذه الإلكترونيات قد تكون مفيدة ومسلية، إلا أن الوقت الذي نقضيه عليها قد يتحول إلى مشكلة حقيقية إذا لم نتعامل مع الأمر بجدية.
إليك تجربة السيدة نبال (48 عاماً) مع الشاشات ورأي الخبراء:
تجربة شخصية في تقليل وقت استخدام الشاشات
استهلت السيدة نبال الحديث عن تجربتها قائلة: "غالباً ما أُلح على أولادي وزوجي وبشكل دائم ليضعوا أجهزتهم المحمولة جانباً أثناء تناول العشاء، وفي المساء، وفي عطلات نهاية الأسبوع، خصوصاً وإنني أشعر بالإرهاق بعد قضاء وقت طويل أمام الشاشات في نهاية يوم العمل، بصراحة لم أكن أعرف كيف يمكنني تشجيع عائلتي على قضاء بعض الوقت بعيداً عن التكنولوجيا وتقليص الوقت الذي يقضونه أمام الشاشة؟، خصوصاً وأنني عندما أستخدم أو أحد أفراد عائلتي أحد هذه الأجهزة، ننفصل تماماً عن أي أمر آخر قد يكون مهماً بالنسبة إلينا".
وتتابع السيدة نبال:" بدأت أبحث في المواقع الموثوقة عن السبل التي تساعدني وعائلتي في التخلي عن الشاشات لبعض الوقت خلال الفترة المسائية على الأقل، وبالفعل بعد أن اطلعت على مخاطرها وسلبها وقتاً مهماً وممتعاً من حياتنا مثل اللعب مع الأولاد، قضاء وقت ممتع مع الشريك، ممارسة الرياضة أو الهوايات المفضلة، التواصل مع العائلة والأصدقاء، والذي يمكن أن يحسّن من الصحة النفسية والوقاية من أعراض التوتر والاكتئاب والقلق، تبادلت هذه الأفكار مع عائلتي، وقررنا أن نجرّب التخلي عن الشاشات لبعض الوقت مساءً.
وبالفعل كانت فكرة رائعة ووجد الأولاد متعتهم في الحديث عن يومياتهم ومشاكلهم الصغيرة، واستعتموا بتناول وجبة العشاء سوياً وتبادل الأحاديث والنكات، وصرنا نخصص بعض الوقت للتنزه في الحيّ الذي كان أكثر من رائع بالنسبة لجميع أفراد أسرتي".
4 فوائد لتقليل الوقت أمام الشاشات الإلكترونية
يقدم خبراء "مايو كلينك" أربع فوائد صحية عديدة لتقليص الوقت أمام الشاشات الإلكترونية المختلفة:
تحسين الصحة الجسدية
لا يختلف اثنان على أن ممارسة الرياضة والأنشطة الجسدية مفيدة للصحة، ولكن قضاء الوقت أمام الشاشات قد يقلل من الوقت المخصص للرياضة، وقد يصعُب الحفاظ على العادات الصحية عند قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات، وتشمل الفوائد ما يلي:
- الوقاية من السمنة والأمراض المتصلة بزيادة الوزن، وتشمل تلك الحالات السكري من النوع الثاني وأمراض القلب، والأطفال الذين يشاهدون التلفاز لفترات طويلة أكثر عرضة للإصابة بزيادة الوزن.
- تخصيص مزيد من الوقت للرياضة، بإمكانك إضافة الأنشطة البدنية لملء الفترات الشاغرة الجديدة في جدولك.
- زيادة مدة النوم، يواجه الأطفال الذين يقضون وقتاً أطول أمام التلفاز صعوبة في الخلود إلى النوم أو البقاء نائمين، كما قد يشعرون بالتعب ويتناولون المزيد من الوجبات الخفيفة لتعويض ساعات النوم المفقودة.
- تقليل الوجبات الخفيفة التي تُؤكل دون وعي، كونها تؤدي إلى زيادة الوزن، فقد يؤدي تناول الوجبات الخفيفة أو الوجبات الأساسية أمام الشاشات إلى تناول الطعام دون وعي، مما قد يؤدي إلى استهلاك حصص أكبر، بينما يتيح الابتعاد عن المشتتات إيلاء الانتباه إلى إشارات الشبع، عندما يصبح الجسم ممتلئاً بالطعام.
تخصيص وقت للاستكشاف واللعب
استكشاف العالم والتعرف إليه جزء لا يتجزأ من الحياة، والأطفال فضوليون بطبيعتهم، لكن بإمكان البالغين المشاركة في الاستكشاف أيضاً، فبدلاً من قضاء الوقت أمام الأجهزة، قد يكون بإمكانك أنت وعائلتك تجربة أنشطة جديدة، مثل ركوب الدراجات أو المشي أو الذهاب إلى المتنزهات أو زيارة المتاحف أو استكشاف أماكن ممتعة للتسوق، فالأنشطة التي لا تنطوي على استخدام الشاشات ممتعة بقدر متعة الأشياء التي تظهر عليها، يُمكن تجربة التلوين أو القراءة أو الأشغال اليدوية أو غيرها.
تقوية الروابط الاجتماعية
التواصل مع الآخرين أمر بالغ الأهمية حتى نشعر باهتمام الآخرين بأمرنا، وباستطاعة الأجهزة تدمير هذه العلاقات.
فعندما ينشغل الآباء بالشاشة، قد يشعر الأطفال بأن عليهم التنافس مع الأجهزة للحصول على الانتباه، لكن عندما يضع الأهل أجهزتهم جانباً، يصبحون حاضرين بعواطفهم، وهذا من شأنه تقوية الأواصر العائلية.
وقد وجدت دراسة أن الأطفال الذين تخلوا عن أجهزتهم الإلكترونية لخمسة أيام أظهروا قدرة أفضل في تمييز تعابير الوجه والتقاط الرسائل غير اللفظية مقارنةً بهؤلاء الذين يعيشون الحياة على المنوال نفسه.
ويمكن أن يُحسِّن تقليل وقت استخدام الشاشات مهاراتهم الاجتماعية الخاصة بالتواصل وجهاً لوجه.
إن تشغيل التلفاز، حتى لو كان بمثابة مجرد خلفية صوتية، سوف يصرف تركيزك إليه، بدلاً مما يحدث حولك.
تحسين الحالة المزاجية
إن ترك الهاتف جانباً والخروج أو القيام بنشاط ممتع يمكن أن يعزز الحالة المزاجية، لأنه قد يمنحك شعوراً بالإنجاز ويحسّن صحتك العامة.
علماً أن الاكتئاب والقلق، قد يدفعان الشخص إلى الانطواء والانعزال عن الآخرين. بينما يساعد الانخراط في الأنشطة الاجتماعية على التواصل مع الآخرين وتقليل أعراض هذه الحالات.
والأطفال الذين يمضون وقتاً أطول في النظر إلى الشاشة أكثر عرضة للمشكلات السلوكية وتشتت الانتباه؛ وتقليلها يحسّن من تركيزهم، وقد تسبب مشاهد العنف القلق والاكتئاب للأطفال وتدفعهم للاعتقاد بأن العنف طريقة مقبولة للتعامل مع المشكلات.