يشعر الكثير من الناس بالجوع مجدداً بعد مدة قصيرة من تناول وجبة كبيرة، ويعتقد بعضنا أن السبب هو تمدد المعدة بسبب الإفراط في تناول الطعام؛ ما يفسح مجالاً لتناول المزيد من الطعام، فهل هذه هي الحقيقة؟
ما الإحساس بالجوع؟ ينجم الشعور بالجوع، وهو الألم الذي يحثنا على تناول الطعام، عن عدد من التغيرات الفيزيولوجية داخل أجسامنا، حيث يتغير حجم المعدة عند الجوع أو الامتلاء؛ فتنقبض في أثناء الهضم للمساعدة على تحريك الطعام نحو الأمعاء، وتتسع مرة أخرى استعداداً لتناول الطعام، لكن الطعام نفسه لا يمدد المعدة.
تُعتبر المعدة مرنة للغاية وتعود إلى سعة الراحة "1-2 ليتر" بعد تناول وجبة كبيرة، إلا أن سبب الشعور بالجوع حتى بعد الإفراط بتناول الطعام يُعزَى لما يعرف بـ"هرمونات الجوع".
الجوع يتعزز بفعل ما يعتاده الجسم
على الرغم من أن للمعدة نظاماً هرمونياً لإخبار الدماغ متى تكون فارغة؛ فإن الشعور بالجوع يتعزز بفعل ما يعتاده جسمكِ عن أوقات تناول الطعام، فإذا اعتدتِ تناول العشاء؛ فستشعرين بالجوع في الليل حتى لو تناولتِ وجبة كبيرة على الغداء، وإذا اعتدتِ تناول الشوكولا على الأريكة بشكل متكرر؛ فسيربط جسمكِ بين الأريكة والشعور بالجوع، حتى لو كانت مخازن الطاقة لديكِ ممتلئة -حسبما جاء في موقع Cleveland Clinic.
عندما نتعلم ربط لذة أطعمة معينة، وخاصة التي تحتوي على السكر، بأوقات محددة وروائح وأمكنة، أو حتى بأمزجة محددة مثل السعادة أو الحزن؛ فستنشط ذاكرة التوق لها، وهذا لن يثير ردود فعل نفسية فحسب، بل فيزيولوجية أيضاً مثل إفراز اللعاب. وللتخلص من عادات الأكل السيئة؛ يساعدنا فهم آلية تكوين الروابط بين العادات والشعور بالجوع على تناول الطعام بشكل صحي أكثر، فإذا تناولتِ طعاماً لذيذاً في يوم ما؛ لا ينبغي لكِ تكرار الأمر في اليوم التالي، فكسر عادات الأكل الصحي مرة واحدة يكفي للحصول على عادة أكل سيئة.
من الأسباب التي قد تشعركِ بالجوع الدائم ما يلي:

الجوع هو الوسيلة التي يخبركِ جسمكِ من خلالها أنه يحتاج إلى تناول الطعام. لكن ماذا لو شعرتِ بالجوع على الرغم من تناولكِ الطعام تَواً؟! يشير موقع Healthline إلى أنه في كثير من الأحيان يكون الشعور بالجوع ناتجاً فقط عن عدم كفاية النظام الغذائي للشخص؛ فقد تفتقر الوجبات اليومية المتناولة إلى البروتين أو الألياف، ما قد يسبب الشعور الدائم بالجوع، لكن في بعض الحالات الأخرى، قد يكون الأمر ناتجاً عن نمط الحياة أو بعض المشكلات الهرمونية. من الأسباب التي قد تشعركِ بالجوع الدائم ما يلي:
- ماذا تتناولين؟ للتعرف إلى سبب شعوركِ الدائم بالجوع يجب أن توجهي أولاً هذا السؤال لنفسكِ؛ فالوجبات التي تحتوي على نسبة كبرى من البروتين تؤدي إلى الشبع والشعور بالامتلاء بدرجة أكبر من الوجبات التي تحتوي على نسب أكثر من الكربوهيدرات أو الدهون؛ وذلك لأن الوجبات الغنية بالبروتين لديها قدرة أفضل على تحفيز إطلاق هرمونات الشبع.
- إذا كان نظامكِ الغذائي يفتقر إلى الألياف؛ فقد تجدين نفسكِ تشعرين بالجوع بشكل دائم بخلاف البروتين، إذا كان نظامكِ الغذائي يفتقر إلى الألياف؛ فقد تجدين نفسكِ تشعرين بالجوع بشكل دائم، وذلك لأن الألياف تستغرق وقتاً أطول للهضم، وهو ما يمكنها من إبطاء معدل إفراغ معدتكِ.
- مستقبلات المعدة: العامل الثاني بخلاف نوع الطعام الذي تتناولينه هو مستقبلات المعدة، تتكون المعدة من أنسجة عضلية، هذه الأنسجة تُمكن المعدة من التمدد في أثناء تناول الطعام، وبعد انتقال الطعام إلى الأمعاء لإتمام عملية الهضم، فإن المعدة تعود إلى حجمها الطبيعي.
- تحتوي المعدة على مستقبلات للتمدد، هذه المستقبلات تلعب دوراً رئيسياً في تعزيز الشعور بالامتلاء في أثناء الوجبة وبعدها مباشرة، حيث ترسل إشارات مباشرة إلى الدماغ للحث على الشعور بالامتلاء وتقليل الشهية. لكن هذه المستقبلات لا تعتمد في مهمتها على نوع الطعام الذي تتناولينه، بل على الحجم الإجمالي للوجبة. يجب أن تأكلي كمية معينة من الطعام حتى تُشعركِ المستقبلات بالشبع، وعدم تناول هذه الكمية قد يجعلها تسبب لكِ الشعور الدائم بالجوع حتى في أثناء تناول الطعام وبعده. هنا يمكن خداع هذه المستقبلات من خلال تناول الأطعمة التي تميل إلى الاحتواء على محتوى أكبر من الهواء أو الماء مثل معظم الخضروات والفواكه الطازجة والفشار المنفوخ بالهواء، كما أن شرب الماء قبل أو مع الوجبات يسهم في زيادة حجم الوجبة.
- عدم الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم كل ليلة من شأنه أن يزيد من احتمال الشعور بالجوع المستمر؛ فقد تؤثر اضطرابات النوم في هرمونات الجسم التي تتحكم في الجوع. عندما لا تنامين بما فيه الكفاية، فإن جسمكِ يصبح غير قادر على تنظيم توازن الهرمونين اللذين يحددان شهيتك؛ فهما اللذان يقللان من الشعور بالجوع عندما يكون لدى جسمكِ ما يكفي من الطاقة، واللذان يزيدان من شهيتكِ عندما يحتاج جسمكِ إلى المزيد من الطاقة.
- النساء اللواتي يعانين من الأرق والحرمان من النوم قد يجدن صعوبة في إدارة هذين الهرمونين. هذا بخلاف أنهن قد يشتهين تناول الأطعمة التي تزيد من الشعور بالجوع بدرجة كبيرة، مثل الأطعمة الغنية بالدهون والأطعمة السكرية التي تحتوي على سعرات حرارية عالية.
- التوتر: ربما تكونين قد قابلتِ أحد الأشخاص الذين يتناولون الطعام بنهم عندما يتعرضون للضيق أو الضغط النفسي أو يعانون من التوتر، وعلى الرغم من كثرة ما يتناولونه من طعام؛ فإنهم لا يستطيعون أن يشعروا بالشبع. هذا ليس غريباً، عندما نشعر بالقلق أو التوتر؛ فإن الجسم يفرز هرموناً يُسمى الكورتيزول. وهذا الهرمون من شأنه أن يزيد من الشعور بالجوع. وكثير من الأشخاص الذين يعانون من التوتر يشتهون أيضاً الأطعمة التي تحتوي على نسبة عالية من السكر أو الدهون أو كليهما.
- مشكلات الغدة الدرقية: فهي غدة على شكل فراشة تقع في الجزء الأمامي من الرقبة، تتولى هذه الغدة المهمة صنع الهرمونات التي تتحكم في معدل التمثيل الغذائي لديكِ، يُقصد بمعدل التمثيل الغذائي السرعة التي تستخدم بها خلاياكِ الطاقة الناتجة عن تناول الطعام. قد تشعرين بالجوع المستمر إذا كنتِ مصابة باضطراب صحي يُعرف باسم فرط نشاط الغدة الدرقية، يحدث هذا الاضطراب عندما تفرز الغدة الدرقية الكثير من الهرمون الدرقي، الذي يعمل على تسريع عملية التمثيل الغذائي في الجسم. أما السبب الأكثر شيوعاً لفرط نشاط الغدة الدرقية؛ فهو اضطراب في المناعة الذاتية الذي يتسبب في زيادة إنتاج الغدة الدرقية للهرمون الدرقي. إلى جانب الشعور بالجوع والرغبة المستمرة في تناول الطعام. تشمل الأعراض الأخرى لهذا الاضطراب: فقدان الوزن، سرعة ضربات القلب، التعرق، تضخم الرقبة والشعور بالتعب.
من المهم التعرف إلى: كيفية احتساب السعرات الحرارية في وجباتك وأهمية ذلك للنساء وفق اختصاصية.
كيف نواجه الشعور المستمر بالجوع؟

إذا كنتِ تشعرين بالجوع بشكل دائم حتى في أثناء وبعد تناول الطعام مباشرة؛ فيجب أولاً استشارة الطبيب وإجراء بعض الفحوصات الطبية الأساسية لاستبعاد أي اضطراب صحي أو للحصول على العلاج المناسب للحالة إذا ثبت وجود اضطراب يسبب الشعور الدائم بالجوع. وفي حال تم استبعاد الاضطرابات الصحية التي تحتاج إلى علاج طبي؛ فهناك بعض الخطوات البسيطة التي يمكنكِ القيام بها والتي تمكنكِ من التعامل مع الشعور الدائم بالجوع بفعالية، ومنها -كما وردت في موقع WebMD:
- حاولي تقييم نظامكِ الغذائي ونمط حياتكِ لتحديد ما إذا كانت هناك تغييرات يمكنكِ إجراؤها لمساعدتكِ على الشعور بالشبع.
- الحرص على اتباع نظام غذائي غني بالبروتين والفاكهة والخضروات الطازجة، مع الحد من تناول الدهون والأطعمة السكرية والمقلية.
- شرب كميات كافية من المياه على مدى اليوم.
- الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم والراحة كل ليلة.
- محاولة إدارة التوتر بفاعلية، إن لم تتمكني من تقليل الضغوط التي تتعرضين لها في الحياة؛ فيمكنكِ أن تمارسي بعضاً من تقنيات الاسترخاء التي منها على سبيل المثال التنفس العميق، جلسات التدليك والاستماع إلى الموسيقى الهادئة.
- باختصار، شعوركِ بالجوع بعد وجبة كبيرة يمكن أن يكون مزيجاً من نوعية الطعام، سرعة الأكل، هرمونات الشبع والجوع والعوامل النفسية.
خطة عملية لتناول وجبات تُشعركِ بالشبع فترة أطول من دون زيادة السعرات بشكل كبير
- ركزي على البروتين في كل وجبة: البروتين يُبطئ الهضم ويزيد هرمونات الشبع.
- مصادر جيدة: اللحوم البيضاء "دجاج، ديك رومي" الأسماك، البيض، البقوليات "عدس، حمص، فاصوليا" منتجات الألبان قليلة الدسم "زبادي، جبن". مثال: طبق سلطة مع صدر دجاج مشوي وعدس مسلوق.
- أضيفي الألياف؛ لأنها تمتص الماء وتملأ المعدة، ما يعطي شعوراً بالشبع.
- مصادر ممتازة: خضار، فواكه، حبوب كاملة "شوفان، أرز بني وخبز كامل". حاولي أن يكون نصف طبقكِ من الخضار في كل وجبة.
- اختاري الكربوهيدرات المعقدة بدل البسيطة؛ لأنها تُهضم ببطء وتمنحكِ طاقة مستمرة. مثال: الشوفان، البطاطس المسلوقة أو المشوية، أرز بني وخبز أسمر.
- الدهون الصحية؛ لأنها تبطئ الهضم وتساعد على امتصاص الفيتامينات. مصادر جيدة: زيت الزيتون، الأفوكادو، المكسرات والسمك الدهني "سلمون وتونة".
- احرصي على شرب الماء قبل الوجبات بنحو 15-20 دقيقة؛ لأن هذا يقلل كمية الطعام ويزيد الشعور بالشبع.
- تناولي الطعام ببطء ووعي وحاولي مضغ الطعام جيداً والابتعاد عن الهاتف أو التلفاز في أثناء الأكل.
- استراحة قصيرة بعد نصف وجبتكِ: أحياناً الدماغ يحتاج 10-20 دقيقة ليتلقى إشارات الشبع.
- الوجبات الخفيفة الذكية: إذا شعرتِ بالجوع بين الوجبات؛ فاختاري وجبات تحتوي على بروتين وألياف مثل زبادي مع فواكه ومكسرات، حفنة من اللوز مع تفاحة أو حبات جزر أو خيار مع حمص.
يُنصح بمتابعة إستراتيجيات لتحسين عادات تناول الطعام وفق اختصاصية.
* ملاحظة من "سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج تجب استشارة طبيب مختص.





